|
عبء الزواج المدني فيما لو تم فرضه على المجتمع السوري
راميا محجازي
الحوار المتمدن-العدد: 4163 - 2013 / 7 / 24 - 07:14
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
المدنية كمفهوم تعني الحضارة و التقدم و اتساع العمران و هذا مطلب شرعي و سامي لأي مجتمع يسعى لبناء نهضته و لكن يا ترى هل المدنية بكافة مقاييسها و قوانينها و التي نطالب فيها لسوريا الغد تحمل معاني النهضة حقا أم أنها ستكون وباء على المجتمع السوري بإختلاف مكوناته الأثنية وبالتالي السبب الرئيسي لإنهياره أنا لن أخوض في المدنية بشكل كامل و ما تحمله من قوانين و ما توجبه من أنظمة و إنما أنا بصدد طرح واحد من القوانين المدنية التي فيما لو طبقت في مجتمعنا ستكون عبئأ عليه لعلنا من خلال هذا الطرح نعي بشكل أكبر و أكثر نضجا مطالبنا و طموحاتنا لدولة المستقبل ونستطيع تنظيم مجتمعنا بما يناسبه و يتوافق مع معاييره الأساسية التي هي أساس في بناء نهضته . قانون الزواج المدني : و هو من أحد المطالب التي تحاول أن تفرض و بقوة على لائحة صياغة الدستور المستقبلي لسوريا الغد و التي تنطلق من مطالبنا بسوريا مدنية ديمقراطية حرة تتساوى فيها الحقوق الإنسانية بغض النظر عن الإختلاف في مكونات الشعب السوري وموزاييكه المتميز.
فهل حقا يتناسب مفهوم الزواج المدني مع الشعب السوري بمكوناته المختلفة أم سيكون عبئأ و وباء عليه ؟ دعونا نبدء بلمحة عن الزاوج المدني و بعض بنوده المتفق عليها : الإنطلاقة كانت من أوربا بحيث كان ثمرة من ثمار إنفصال سيادة الكنيسة عن الدولة و كان ذلك منذ عام 1556 ميلادية و مما شجع الدول الأوروبية عليه هو المشكلات التي كانت تعاني منها المجتمعات الأوروبية في تنظيماتها الإجتماعية و صعوبة و تعقيد القوانين التي كانت تفرضها الكنيسة في أمور الزواج و الطلاق و تشددها مما كان سببا أساسيا في إعاقة حركة تنظيم المجتمع و استقراره . من الأراء التي كان لها بالغ الأثر و التي خدمت السلطة المدنية في القرن السادس عشر كانت المعارضة التي أعلنا مارتن لوثر ضد نظرة الكنيسة الكاثوليكية للزواج و أعتباره سر من الأسرار السبعة حيث نادى بأن الزواج نظام طبيعي مدني .
نابليون بونبارت كان يعتقد بأن الأنظمة الرجعية فقط هي التي تقيد الزواج بسلطة دينية و بذلك كان من نتائج الثورة الفرنسية تطبيق الزواج المدني بتشجيع من نابليون بونبارت عام 1804 ميلادية .
اليوم و من مطالب الثورة السورية و التي أيضا قامت لإسقاط الأنظمة الرجعية و الديكتاتورية وبناء مجتمع يعتمد على العدالة و المساواة الإنسانية ظهرت مطالب الزواج المدني . و الذي بعودة بسيطة و بديهية لتاريخه هو فصل سلطة الدين عن الدولة و بالتالي المطالبة بزواج علماني بكامل مقاييسه . و المطالبة بفصل الدين عن الدولة لربما هو إحتياج أكثر منه مطلب في ثورتنا كونه يجنب مجتمعاتنا ثقافة التكفير و الإنقياد الأعمى وراء بعض المتشديدن من رجال الدين الذين استغلوا ارتباطنا كشعب بالعادات و التقاليد الدينة و طبيعتنا العاطفية للسيطرة على مجتمعنا و أدلجتنا بما يمكنهم من فرض نفوذهم و إشباع نهمهم في التسلط , و مع ذلك كل منا يدرك بأننا كشعب سوري شعب معتدل في طبيعته مهما اختلفت إعتقاداتنا وأدياننا وعباداتنا ومفاهيمنا حول الله والخير و الشر , المجتمع السوري بطبيعته مجتمع محافظ منذ بدء تكونه وقطعا من الصعب عليه التجرد عن أعرافه و معتقداته بسهولة وأي محاولة للعبث فيها ستكون بمثابة عمل تخريبي سيدفع مجتمعنا إلى مشاكل كبيرة ربما هي بعض من المشاكل التي تمزق مجتمعات الدول اللأوروبية . دعونا نتسائل نحن السوريين بواقعية وجدية كعائلات محافظه من مختلف الطوائف و الأديان من منا سيتقبل الزواج المدني عند تطبيقه بصياغته الغربية ؟ هل يناسبنا إرتداء هذا الحذاء أم أنه سييعق مسيرتنا ؟ .
يقول دعاة الزواج المدني في تبرير مسوغاتهم له بأن تطبيق التشريعات الدينية المتعلقة بالأسرة و غيرها يقف حجر عثرة دون تكوين الوحدة الوطنيه التي هي أساس لنهضة أي دولة و يقولون بأن إلغاء التشريعات الدينية سيؤدي إلى الوحدة الوطنية و التلاحم المرتجى. يقولون بأن وجود مرجعيات دينية و رعايتها للزواج يحدث إنقاصاً كبيراَ لسلطة الدوله و بأن الزواج سر مقدس و على الدولة كسلطه مدنية أن تتولاه بالتنطيم .
و نحن في سوريا و كشعب يطالب بالديمقراطية و حرية الرأي و التعبير لا يحق لنا أن نصد الآذان و لكن هذا لا يعني إطلاقا بأننا يمكننا أن نتبنى هذا المفهموم أن نتبعه بقالبه الأوروبي فمهما بلغت درجة ثقافتنا و مهما بلغنا من التحرر و التقدم و مهما علت مطالبنا في فصل الدين عن الدولة إلا أننا لا نستطيع فصل الدين عن ثقافتنا و عاداتنا و أيديولوجيتنا لا يمكننا أن نفصل بين مفهومنا عن حرية الآخر و مفهومنا عن حرية ممارسة طقوسنا و عباداتنا و عاداتنا و شرائعنا كشعوب محافظة فطريا .
نحن كشعب في أزمة مع الإستبداد و حكم الديكتاتوريات لم نجد حلا أفضل من فصل الدين عن الدولة و خصوصا مع أزمة التكفيريين من جهة و العلمانيين من جهة أخرى و لكننا بحاجة حقا إلى إعادة صياغة لقوانين المدنية التي تناسبنا قبل تبنيها و عدم استهلاكها كمادة علاجية ربما تكون آثارها الجانبية أشد خطرا من علاجاتها
في سوريا علينا صوغ المدنية التي تجمعنا حقا دون أن تقتل أصالتنا و تفكك أسرنا وتمحي جميل قيمنا وتهدم أخلاقنا أيها السوريون انتفضنا و ثرنا لإسقاط النظم الديكتاتورية الرجعية لا لإسقاط مفاهيمنا الأخلاقية .
دمتم
#راميا_محجازي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنا رايان
-
ربيع الطفولة
-
متى يا أيها العرب ؟
-
وطني المفدّى بالدمِ
-
بلدي محموم القصيدة
-
غربة و حنين
-
النظام الأسدي يريدها طائفية في سوريا .
-
تساؤلات حول ثقافة ما بعد الثورة في سوريا
-
أنشوده لأطفالي و أطفال سوريا
-
حيوا معي سوريا
-
أجيال قادمة ستروي ... ..أساطيرعن سوريا الأمس
-
المرأة العربية ........ إلى أين ؟
-
جامعة النظم العربية لماذا تقتلنا ؟
-
الثورة السورية ما بين أساطير المعارضة و أبضيات البلد
-
أساطير المعارضة وأبضايات البلد
-
الناتو ........بين النعم و ال لا
-
حديدان بلميدان إذا فتعقل يا خدام
-
موائد المعارضة ولائم و غنائم , حقائب و عمائم .
-
جامعة الدول العربية تشارك في قتل شعب سوريا و هدم دور عبادته
-
جامعة النظم العربية و أمل الشعب المفقود
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|