رائد محمد نوري
الحوار المتمدن-العدد: 4162 - 2013 / 7 / 23 - 21:44
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
نجمتنا الثّانية مطلعها من محلّة (الدّهانة).
محلّة (الدّهانة) /لمن لا يعرفها- إحدى محلّات بغداد القديمة، تقع في جانب الرّصافة بين محلّات رأس القرية؛ وصبابيغ الآل؛ ومحلّة سوق الغزل، يرجع تأريخها للعصر العبّاسي، يوم كانت جزءاً من محلّة المأمونيّة التي سكنها الخليفة المأمون وجنوده بعد انتصاره على أخيه الأمين.
اكتسبت المحلّة اسمها هذا (الدّهانة) في العصر العثمانيّ؛ وذلك بسبب انتشار باعة الدّهن /السّمن- فيها.
فقدت المحلّة ألقها، وخبا بريقها، وعانت من الإهمال، وتعرّضت للتهميش والتغييب ، /في أيامنا- على الرّغم من أنّ بعض الذين لمعت نجومهم في عراقنا الثّقافي والسياسي /في عصرنا الحديث- كانوا ممن خرجوا منها؛ أو مرّوا بها*
من هناك، حيث كان يقف (أبو عيدان) في خمسينيّات وأوائل ستّينيّات القرن الماضي بين سوق (الدّهانة) وحسينيّة (آل الرّسول) /كلّ شتاء- لبيع الشّلغم تطلع نجمتنا الأولى.
في تلكم المحلّة عاش د.خليل محمد إبراهيم /وهو مثقّفٌ باحثٌ مفكّرٌ عرف بشغفه بتتبع الظّاهرة الثّقافيّة للكشف عن النّقاط المضيئة فيها، والدّفاع عنها، وأديبٌ كتب الرواية والقصّة القصيرة والشّعر- سنوات صباه، واختلف إلى الكتّاب؛ لحفظ القرآن؛ قبل دخوله معهد المكفوفين. وقد روى لي قصّته مع (أبي عيدان) هذا قائلاً:
-كنت أحبّ الشّلغم، وفي طريقي إلى الملّة؛ كنت أتوقّف /كلّ يومٍ- عند (أبي عيدان) لآكل من شلغمه، وحين أعود من الملّة؛ أتوقّف عنده أيضاً.
كان (أبو عيدان) رجلاً مكفهرّ الوجه حزيناً لم يُرَ باسماً في وجه أحدٍ قط!
المرّة الوحيدة التي رأيته فيها يضحك ويغنّي ويرقص كانت في مطلع ستّينيّات القرن الماضي!.
قلت له: ها يا (أبا عيدان)، أراك تضحك وتغني وترقص؟!
قال: موش الزّعيم أنطانا كويعة وراح نبني فيها بويت من طابوق ونكعد بيه مثل الأوادم مو مثل هذا الجينكو.
كانت تلك المرّة الأخيرة التي رأيته فيها*
ومعنى عبارة (أبي عيدان) أن حكومة ثورة الرّابع عشر من تمّوز ممثّلةً بشخص الزّعيم عبد الكريم قاسم؛ منحته قطعة أرض سكنيّةً، وسيبني فيها بيتاً، ويغادر للأبد بيت الجينكو (الصّفيح)*
#رائد_محمد_نوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟