وصفي أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 4162 - 2013 / 7 / 23 - 20:57
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
( الحلقة السابعة )
كانت السياسة البريطانية في العراق , في العشرينيات , تخضع لتأثيرين لا يتماشى أحدهما مع الآخر إلى حد ما . فمن ناحية , ونظراً لظروفهم الاقتصادية العامة , كان على الإنجليز أن يوفروا في انفاقهم ( وقد صدر في 1920 تحذير عن سكرتير الدولة ( البريطاني ) لشؤون الهند جاء فيه : (( ليست لدينا أموال للإنفاق في بلاد مابين النهرين )) ) , وهو ما أدى خلال فترة وجيزة إلى خفض القوات العسكرية البريطانية . ومن ناحية أخرى , فقد كان الإنجليز يكرهون التخلي عن المقاليد الرئيسية للسلطة في العراق . وهذا ما وجد له انعكاساً في معاهدتي 1922 و 1926 , ولهذا , فإن مشكلة السياسة البريطانية كانت في كيفية الابقاء على السيطرة في حالة ضعف عسكري نسبي .
ولتحاشي الاحتياج إلى تشكيلات كبيرة ومكلفة من الرجال المحاربين , كان من الطبيعي أن تكون السيادة البريطانية أقل ما تكون بروزاً . ولهذا أعطي العراق ملكاً وجيشاً . و الملك , الذي كان يدين للإنجليز بالكثير , لم يكن يتوقع منه ببساطة من أجلهم فقط , فقد كانت لديه افكار ومصالح خاصة به .
ومن ناحية أخرى جرى الابقاء على الجيش دون القوة المطلوبة , ومؤلفاً على اساس تطوعي بحت . ومن ناحية ثانية جرى توسيع عدد المرتزقة المجندين محلياً (( مجندي العراق )) بقيادة ضباط بريطانيين . وأخيراً , دخل المشايخ و الأغوات على الخط , فبينما سمح للملك فيصل أن يكون أقوى من أي رئيس عشيرة مفرد , فقد أبقي عليه أضعف من كل أو بعض رؤساء العشائر .
وفي ظل هذه الظروف كان باستطاعة الإنجليز دوماً أن يستخدموا مجموعة أو أخرى من كبار رؤساء العشائر لكبح أي انحراف للملك عن الخط الذي ركزوا فيه ارادتهم .
و المؤكد هو أن التوازن الذي أقامه الانجليز بهذه الطريقة لم يكن دوماً موجهاً ضد فيصل . ولم يكن الانجليز ليترددوا , إذا ما تمرد شيخ أو أغا , في إعادة هذا المتمرد إلى حجمه الحقيقي أو في ازاحته كليا .
ولم تكن تتم المحافظة على حالة التوازن بين الملك ورؤساء العشائر فحسب , بل أيضاً بين شيخ وشيخ , و بين أغا وأغا , وهكذا فقد عملوا على ايجاد العديد من القوى المحلية المتنافسة . ومن المثير للسخرية أن الانجليز جعلوا من أنفسهم شيئا لا يمكن لفيصل أن يستغني عنه , على الأقل خلال العشرينيات .
وصفي السامرائي
#وصفي_أحمد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟