أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كامل حسن الدليمي - ذياب شاهين بين المرأة والوطن















المزيد.....

ذياب شاهين بين المرأة والوطن


كامل حسن الدليمي

الحوار المتمدن-العدد: 4162 - 2013 / 7 / 23 - 10:57
المحور: الادب والفن
    


قراءة في نصوص
ذياب شاهين بين المرأة والوطن

لا شك إن المتتبع لنتاج الشاعر والباحث في الشأن الأدبي " ذياب شاهين" يجد أن حنينه للوطن قد احتل حيزا في نتاجه الشعري ، وقد يكون مرد ذلك للظروف التي عاشها داخل وخارج هذا الوطن الطارد لأبنائه بسبب السياسات الرعناء للحكام عبر تاريخه الطويل، شأنه في ذلك شأن مبدعين وعلماء اضطروا تركه مكرهين أو مختارين بحثا عن الذات المفقودة داخل أسواره، وليس الغربة الا جرح نازف خصوصا عند الأدباء عموما ليس لخصوصية سوى الرؤية الناقدة والناقمة من السائد الفاسد ، وقد استثمر " شاهين" الضغوطات المترتبة تلك الغربة ليعبر عنها في نصوص شعرية عكست الانفعالات النفسية التي تنتاب المرء وهو يطأ أرضاًُ ليس فيها أي ذكرى أو شاهد على الانتماء الروحي إذا ما عرفنا أن ميزة جلّ اهل العراق الالتصاق بوطنهم رغم كل ما يجدون من قسوة وظلم من لدن السلطة الباحثة عن البقاء وتدجين الشعوب، وهنا تظهر الحاجة ملحة لمنظومة علائق اجتماعية تشبه منظومته الأم تربطه بأبناء بلده ومدينته وقريته أو حارته وكل هذه الإرهاصات نتلمسها جلية في شعر شاهين خصوصا في مجموعته (كف تسبح في الماء) والتي حاول من خلالها العمل على متغيرين شعريين غالبا ما ينزع إليهما الشعراء في حلهم وترحالهم ،فبعد موضوعي ينطلق من معاناة تتشكل فاءاتها من معاناة الناس يترجمها الشاعر على الألسن متقمصا الأدوار وفقا للموضوعات التي يرصدها، ولعل المتغير الثاني او ما يمكن الاصطلاح عليه بالبعد الذاتي والذي يختص بالحديث عن تجربة ذاتية مطلقة ومعانات تدخل ضمن أطر ذاتية تنطبق أو تتغاير مع الآخرين ويظل الشاعر بين الأمرين (الموضوعي والذاتي) محكوم بثقافته وسعة اطلاعه وخصب خياله وكلما تقمص الشخصيات الموضوعية كلما اقترب من ذائقة الناس لأنه تحدث بلسانهم وكذا الأمر حينما يتصدى لطرح موضوع ذاتي فانه يقينا يتطابق مع تجربة مماثلة من الهم الإنساني الجمعي ، وبذلك نستطيع القول ان الفرق بين النص الموضوعي والنص الذاتي هو ما يحمله الشاعر من صدق انتماء للنص وقدرة على التعبير وفق مشتركات تحول ماهو ذاتي شخصي إلى موضوعي عام، ففي النص الأول من المجموعة والذي عبر عنوانه عن متغيرات سلبية لمدينة الشاعر وتراجع مشهود على كافة المستويات (مهلا فقد هربت مدينتي) نصا تراجيديا ما تواطىء مع الواقع الخراب بل انتقده بشكل معبر عن الأسى لما آلت إليه تلك المدينة الجميلة وهي تحتضن شطها وتقرأ كل يوم وجوه الأمهات الثاكلات فتتلمس الحزن والمعاناة والفاقة التي غيبت الفرح وعطلت الحياة وشوهت كل الوجوه الجميلة ، والحقيقة ان هذا النص رصد حقيقي وشاهد على تراجعها إلى الوراء بمسافات بعيدة عن الهيأة التي ترك المدينة عليها يقول :
" أمامي أبصر المدينة هاربة
إلى الوراء السحيق" /ص5
وهنا "الحلة الفيحاء" لم تتقدم إلى الأمام خطوة واحدة بل إنها هرمت وشاخت بيوتها وحاراتها وغطى الحزن ملامحها ومفاتن جسدها واصطبغت شوارعها بدم فقرائها .
(بينك وبيني
سيف يصبغ دمك بدمي
اشد على شفتيك
بخطافات شفتي)/ص8 .
لقد كانت مدينة شاهين من قبل تحدثه وتقص له حكايات عن عشقها الأزلي لأبنائها واليوم يلفها الصمت ويطبق الموت على جهاتها فهي كصخرة صماء لهول ما مرت به:
أمد لك يدي/ فلا امسك إلا معصما نازفا/
ببنات أصابعي/ فمتى تندمين ؟ /ص12.
اختصر "شاهين" في هذه القصيدة مصائب المدينة وقد هطلت على رأسها كما المطر، وهذا ما ينطبق على كل مدن البلاد النازفة حد الموت.
ولو غادرنا الأسى الوطني الذي مثلته مدينة الشاعر ، لوجدنا النصوص الأخرى قد رسمت لنا لوحات شعرية جميلة منطلقة من ذات الشاعر وتجربته الحافلة بالمتغيرات عبر أجواء مغايرة للواقع وكانت حضور المرأة في بقية النصوص غالبا فقد تجلت بطلة لمعظم القصائد وفي حواره :" أنثى النار" يقول: آه فاتنتي دعيني أنام/ أو كوني بردا وسلاما/ في قلبي ما زلت صقيلة وحشية /ص13. وليس هذه القصيدة وحدها التي اشتغلت على المرأة بل أن معظم نصوص المجموعة قد تشاكست مع الانثى متخذة من "الزمكان " محطات انطلاق للوصف المعبر عن وقع متسارع في أوضاع المرأة عموما مبتعدا بذلك عن الصورة النمطية لها. ولا يفوتني أن أذكر ان ثمة رؤية فلسفية تسللت لهذه النصوص معبرة عن وعي المقصد الشعري. فمرة تكون المرأة "انثى النار، ومرة سدرة الرياء، ومرة تشكل وهما أو نخلة ..)
حملت المجموعة في رأيي كقارئ نصوص غاية في الأهمية كل نص منها يستحق تأملا وتأويلا فكريا بالمستوى الذي جاءت عليه ، وسنتوقف على احد ابرز هذه النصوص وهو نص (رغبات) الذي حمل بين مفرداته عنصر المفاجأة للمتلقي وعبر عن إمكانية لغوية بالشكل الذي يجعل المفردات سلسة مستساغة بطريقة تشد القارئ اليها يقول :
ليتني اطوب جسدك/ بناياتي الصادحات /كما يطوب بدائي/ معبدة بعمود شاهق للسماء/ ليتني اغمس مناراتي/ بابارك العذبات/ص86 .
ولقد بدى ذلك الهمس المضمر والظاهر للأنثى في مخيلة شاهين من خلال نص "رغبات" يقول:
ليتك تشدين ضفائرك باوتار قلبي/ كما يشد شاعر كلماته بايقاعات بحور الخليل/ص87.
و( لينتي، ليتك، ليتنا ، قد تكررت في هذا النص ستة عشر مرة بشكل قصدي محسوب بدقة وأسلوب التمني الذي غالبا ما يطرحه الشاعر تعبيرا عن صعوبة المنال وعن وعورة الطريق لبلوغ الهدف وان كانت هذه الأمنيات قد شكلت لدى الشاعر أهدافا متخيلة لا يستطيع بلوغها وكفاه التصريح عنها فان منها ما يكون في متناول اليد ومنها ما يكون خيالات ليس له أن يبلغ شيئا منها، فلا يستطيع هو أن يطوّب جسدها لكنه ربما يستطيع أن يغمس مناراته بآبارها العذبات ولا تستطيع أصابعها الحالمات أن تفرك أحلامه أو تضمها بيد أنها تستطيع أن تشد ضفائرها بالمكان الذي يريد وهذا الأمر يحيلنا لحقيقة أن هذا النص قد تضمن أماني قريبة بإمكانه بلوغها وأخرى لا يمكن الظفر بها وهذا يعني أن المزاوجة بين الواقع والخيال قد اخذ حيزا في معظم النصوص التي كونت لنا صورا ولوحات مختلفة بين الواقع والخيال مما أضفى على النصوص جمالية وزاوج بين ما تحدثنا عنه في بداية الأمر أي بين الواقع والذات وبين المضمر والظاهر وبين الحقيقة والخيال وقد شكلت هذه المتناقضات جدلا قد تعود جذوره إلى ما أورده الشعراء العرب من نصوص جدلية إذا ما عرفنا أن الجدل في الشعر هو من الأساليب المتبعة التي يستطيع الشاعر من خلالها تجسيد موضوع معين من خلال الجدل فالجدل بمعناه المبسط هو الوصول بالأخر إلى عكس ما يؤمن به وقد ورد الجدل في القرآن الكريم وفي السنة النبوية وفي الشعر العربي عموما وهو يحاول طرح حقيقة وتفنيدها بالحجة حتى تصل بالمتلقي إلى الترجيح لفكرة دون أخرى أو لرأي دون آخر وصولا إلى ما هو حقيقي.
وبشكل عام فان ما تضمنته هذه المجموعة نصوصا ناضجة تستحق التوقف والدراسة وهي تحاكي في معظمها واقعا مريرا قد عاشه الشاعر ذاتيا أو موضوعا فجاءت سياقته بشكل جميل معبر عن عمق تجربة وقدرة لغوية فلم ترد في نصوصه ركاكة أو وهن نتمنى للمبدع ذياب شاهين المزيد من العطاء .



#كامل_حسن_الدليمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إمارة البنفسج
- قراءة في مجموعة صادق الطريحي
- مصائد المغفلين
- قتل أباه وكبّر
- مياسة الحفافة والثقافة
- كوثر وحقوق الانسان
- كوثر والحلاقة
- خبّازة من حيّينا
- يتقاطع وسياسة صحيفتنا
- من ابي ضرغام لابن آوى
- لا سفير ولا سياسي شلون أحطك على راسي
- زفرات شيخ: حكمت شبّر بين جمود الطبيعة وحركيتها
- قراءة في كتاب عامر عبد زيد والمتخيل السياسي
- تثقيسيا- قراءة في أولية المتن-
- صناعة المثقف
- شاعر العرب الهولندي


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كامل حسن الدليمي - ذياب شاهين بين المرأة والوطن