الملك فاجأ الإسرائيليين..السم في الدسم

أسعد العزوني

الحوار المتمدن-العدد: 4161 - 2013 / 7 / 22 - 17:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

لا يترك الإسرائيليون مناسبة صغيرة ولا كبيرة ،إلا ووجهوا سهامهم المغموسة بالسم والحقد إلى الأردن وقيادته ،ظنا منهم أننا لا نحسن قراءة ما بين السطور وتسطيح النوايا وما أسوأ نواياهم....ألم يقولوا مرات عديدة أن جلالة الملك عبد الله الثاني هو آخر الملوك الهاشميين ؟ وقد قالوها عن الملك الراحل الحسين أيضا رغم ما فعله من أجلهم...إنهم يهود ولا أمان لهم.
قبل أيام خرجت علينا صحيفة هآرتس الإسرائيلية بخبر أمني مفاده أن جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين فأجأ الإسرائيليين وأدهشهم بقدرته على الصمود والمناورة والبقاء في السلطة لعامين ونصف وهي بطبيعة الحال فترة الحراك الأردني الذي بدأ يخفت لظروف عديدة.
هنا لا بد من التنويه أن جلالة الملك عبد الله الثاني لم يكن هدف الحراك الأردني كما كان عليه الوضع في الدول العربية الأخرى ،وإن خرجت علينا بعض الشعارات الرنانة ،فالصراع في الأردن كان بين الشعب وبين الحكومة والبرلمان ولم يكن الملك طرفا فيه ،لذلك فإن خبر وتحليل الإسرائيليين وتصوراتهم مردودة عليهم.
في أول سني طفولتي قرأت كتاب "حق النقض" الفيتو ،وما يدور في الأمم المتحدة ،وفي سني شبابي الأولى قرأت كتب كولن ويلسون وما أصعبها وفي مقدمتها "المنتمي "و"واللامنتمي" وبعد ذلك غصت بين دفات كتب "لعبة الأمم "و"أحجار على رقعة الشطرنج" و"بروتوكولات حكماء صهيون"و"الماسونية" بكافة عناوينها وكثير من أمهات الكتب كي أثقف نفسي ،ولم اجد صعوبة ولا أكثر قذارة من هذا الخبر ومن كتبه .
معروف أن الحروف والكلمات تكتب بالحبر أيا كان لونه ،لكن هذا الخبر كتب بالسم الزعاف،فإسرائيل عموما وبقيادتيها اليمينية واليسارية إن صح التعبير ،لا تكن حبا للأردن ولا للأردنيين بل تسمينا مملكة البدو،وقال الإرهابي شارون إبان غزوه للبنان صيف العام 1982 أن بإمكانه إرسال برقية للملك حسين ينذره خلالها بضرورة مغادرة الأردن مع العائلة المالكة وأنه سيمهله ساعتين فقط .
هذه هي نظرة إسرائيل للأردن ،كما انها تعمل ليل نهار على عرقلة مساعي جلالة الملك عبد الله الثاني في المحافل الدولية ،وتعطل عليه مشاريعه في الولايات المتحدة الأمريكية خاصة وانه أحرج يهود أمريكا وبين لهم أن إسرائيل هي التي لا تريد السلام،لذلك فإن أي أوهام بغير ذلك إنما هي ضرب من خيال وتخيل لا نتيجة من ورائه.
من تمعن في ذلك الخبر الأمني الذي جاء بعد وساطة قام بها جلالة الملك مع السلطة الفلسطينية للعودة إلى المفاوضات ،يجد كم هي إسرائيل ماهرة في وضع السم في الدسم،إذ قال الخبر أن التنسيق الأمني بين الأردن وإسرائيل مستمر ولكن سرا وبعيدا عن الإعلام ،وكذلك قال ان جلالة الملك هاجم نتنياهو بشكل مخفف وجامل إسرائيل مرات عديدة،وأن ذلك بحسب الخبر يعد إنعكاسا لقوة العلاقات الأردنية –الإسرائيلية،وإختتمت الصحيفة بالقول أن جلالة الملك عبد الله الثاني سيحصل على الكثير من المساعدات الممكنة للبقاء في السلطة.
لعل ذلك يفسر إعادة ضخ المساعدات الخارجية للأردن وفي مقدمتها حصوله على 340 مليون دولار أمريكي بعد الإعلان عن إجتماعات عمان التي قادها وزير خارجية امريكا السيناتور كيري مع وزراء خارجية عرب معنيين بتنشيط المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية،وكذلك رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الكيان الإسرائيلي الثعلب الماكر صديق الحكام العرب شيمون بيريس الذي أقنع عباس بالموافقة على الشروط الإسرائيلية كي يوافق نتنياهو على العودة للمفاوضات.
نجاة الأردن من تبعات ما يطلق عليه "الربيع العربي"الذي أزهر ورودا مسمومة ،تتطلب من الأردن الرسمي العمل وبجد على تنظيم حوار وطني مفتوح غير مشروط يصل إلى مرحلة العصف الذهني ،وأن يشطب من قاموسه مصطلحات :الحرس القديم والموالاة والمعارضة والليبيبرالية والخصخصة،وأن يبدأ جديا بمكافحة الفساد وإستغلال الأموال المستردة للتنمية وإقامة مشاريع في المحافظات،وفتح حوار مع الشرق وفي مقدمته إيران وفق تصور أخوي ،وعدم الخوف من التشيع لأن الآخر هو الذي يتشيع لنا فعندنا عميد آل هاشم،ووقف هجرة السلفيين الأردنيين إلى سوريا للإسهام في القتال هناك،والعمل على تبريد الوضع الحدودي مع الجارة الشقيقة سوريا وألا تكون لنا في سوريا أياد سوداء ملطخة بالدماء،وعلينا أن نتبع سياسة وإستراتيجية جديدتين قائمتين على عدم إقصاء وتهميش الآخر ،تجمعان ولا تفرقان ،وأن نباشر بزرع بذور الحب والوئام في المجتمع وإقتلاع أشجار الكراهية والحقد ..عندها سنضمن أردنّا آمنا مطمئنا بنوايا شعبه لا بأعمال الدرك ،فنحن نفتخر أنه لم ترق نقطة دم واحدة خلال سني الحراك رغم بعض الأحداث هنا وهناك.

#أسعد_العزوني (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات