ثامر ابراهيم الجهماني
الحوار المتمدن-العدد: 4161 - 2013 / 7 / 22 - 09:51
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
المسكوت عنه في الثورة السورية (2)
=======================
تلوح في أفق الثورة مثبّطات قديمة متجددة ، مسألة الانتماء ورفض الوطنية تحت معايير أقل شمولية وما دون الوطنية .
تتنازع النفس البشرية لوثة الذات منذ الأزل . وتظهر وتتفاقم هذه اللوثة وتتقدم الى الواجهة عند الازمات والنكبات .
نرجع ونؤكد أن أولى تلك اللوثات هي الجريمة الكبرى التي ارتكبها النظام الاسدي في سوريا وهي إفساد المجتمع ككل . لم تسلم الاخلاق والمثل والمعايير والمبادئ و حتى القيم المطلقة التي لم تصمد أمام الجريمة الممنهجة التي أعد لها ونفّذها هذا النظام على مدار العقود الاربعة الماضية .
ما لبثت أن تراجعت هذه العورة مع انطلاقة الثورة في 18 آذار 2011 . أو تحوّلت الى حالة الكمون السلبي وحلّت مكانها خلق الثورة الأولى التي سارعت الى الانحسار بذاتها بعد خفوت وهج الجذوة الاولى للثورة بفعل داخلي أو خارجي أو عامل ذاتي مجتمعي مؤسس وعامل إقتصادي مرعب ، تفاعلت تلك العوامل حتى أفرزت المسخ المخيف من عشائرية مقيتة وطائفية عفنة وشيطنة للثورة ساعد على بلورتها وإظهار مخاطرها تشتت المعايير الفكرية والانتماءات القومية والمذهبية والحزبية بل وتنازعها .
إن انتقال الفرد السوري من مرحلة منع السياسة بالمطلق بالتفكير والممارسة الى واحة شاسعة من الفعل والكلام والممارسة بحرّية بلا شطآن ولا قيود أوقعه بمطب المصلحية الذاتية للفرد ثم للعشيرة أو الحزب او القومية أو الطائفة أو الفكر الديني المذهبي ..شتّت الجهود أكثر مما هي مشتّتة وغير ممنهجة فضاعت الطاقات وفقدت البوصلة . ولعب المال السياسي الداعم والمتواطئ مع كل تلك النزعات الدور الأكبر لتهميش الفكر الواعي والضمير الحي للثورة أو الفكر الثوري ، حتى انقلبت معايير الوطنية وفلتت أهداف الثورة من عقال السيادة الوطنية إلى الفاعل الخارجي الداعم بالمال ...حتى أصبح القرار الثوري السوري يخرج من مشكاة غير سورية ..والفعل الثوري السوري موجّه من منبر غير سوري الا ما ندر ورحم ربي .
قد يُستَفز البعض من هذه المكاشفة الفجّة ، رغم أن كل الآراء والكتابات تتناولها بشكل مجتزأ إلا أن لحظات الحقيقة مرّة ومؤلمة ..وقد يرى بعض الموالين للطغمة المجرمة أو المخدوعون ما يشفي غليلهم من هذا الطرح المتشائم ..فليكن. لان الثورات النقية ليست هي الثورات التي لاتخطئ بل الثورات التي تصحح مساراتها وتبر بأبنائها وتغربل فواجعها ...ليس هناك أدنى شك بالنصر لكن لنكن واقعيين فنصرنا سيكون مؤلم ومكلف أكثر مما بين أيدينا من فواجع وآلام مريرة .
#ثامر_ابراهيم_الجهماني (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟