|
مؤسسات السلاح وادامة الحروب
طاهر مسلم البكاء
الحوار المتمدن-العدد: 4161 - 2013 / 7 / 22 - 01:29
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
ما تقوم به الآله الحربية للأمريكان اليوم من فتك بالشعوب لنهب خيراتها والسيطرة على المواقع المهمة لمصالحها بصورة مباشرة أو غير مباشرة،هو امتداد للتاريخ الأمريكي وصورة منسوخة منه ،وهذا ما يفسر الرضا الأمريكي عن المآسي التي يتعرض لها الشعب السوري وغيره من شعوب المنطقة ، وتغذية واستمرار الصراع فيها . لقد قام النازحون من مختلف الجنسيات الأوربية ولحاجتهم للأيدي العاملة بجلب أعداد كبيرة من الزنوج الى امريكا من القارة الأفريقية وقد تعاقب العديد من المستعمرين على أمريكا ،كالأستعمار الأسباني والفرنسي والهولندي ،وفي عام 1776م كان هناك العديد من الولايات على ساحل المحيط الأطلنطي مرتبطة بالأستعمار البريطاني ،وقد حاول الأمريكان الأستقلال عن طريق الثورات المسلحة ،وفي عام 1775م عين جورج واشنطن قائدا" للقوات المسلحة الأمريكية ،وفي العام التالي أعلن الكونكرس الأستقلال ،تلا ذلك توحيد الدويلات القائمة في دولة واحدة سميت ( الولايات المتحدة الأمريكية ) ، وعلى الرغم من حصول مواجهات مع بريطانيا ،غير أن الأنكليز هزموا في معركة نيويورك ،وأعترفت بريطانيا عام 1783م بأستقلال الولايات المتحدة الأمريكية ،ولكنهم أغاروا ثانية مستشعرين قوت أسطولهم البحري وقد أحرقوا البيت الأبيض واستولوا على واشنطن ،ألاّ أن الأحداث سارت في الختام لصالح الأمريكان ،وفي ذلك التاريخ كان هم أمريكا منصبا" على الحفاظ على أستقلالها وصد المعتدين ،ويبدو ذلك واضحا" في البيان الذي أصدره الرئيس الأمريكي ( جيمس مونرو ) : ( نحن لن نتدخل قط في الحروب التي تقوم بين دول أوربا بسبب شؤونها الخاصة ،لأن مثل هذا التدخل يتنافى مع سياستنا ،أما إذا إعتدي علينا أو على حقوقنا أو هددها خطر فأننا حينئذ لانصبر على ضيم ،بل نعد العده للدفاع عن أنفسنا) . وكأي دولة فتية فقد نشبت حروب أهلية عديدة داخل الولايات المتحدة الأمريكية ،وفي العام 1864م تمكن ابراهام لينكولن من أعادة الوحدة كاملة . أميركا بعد أستشعار القوة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ على الرغم من ان الولايات المتحدة الأمريكية عارضت الأستعمار الأوربي ورفعت شعار أمريكا للأمريكيين ،ولكنها ما أن أستشعرت القوة حتى استولت على اجزاء من المكسيك وبنما وكذلك استولت على الأراضي التي كانت تحت سيطرة أسبانيا في أمريكا الشمالية والفلبين ،وقامت بغزو كوبا لمرات عديدة وبورتوريكو وجزر غوام والفلبين عام 1889م ،وأحتلت الهندوراس عام 1905م ثم أحتلت نيكارغوا عام 1912م .وأعطت لنفسها حق التدخل في بلدان نصف الكرة الغربي ،بدعوى منع تدخل أي قوى خارجية غير أمريكية في المنطقة ،وهكذا حلت الولايات المتحدة الأمريكية بالتدريج محل الأستعمار الأوربي التقليدي .
المؤسسات الحربية ومصلحة أستمرار الحرب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ لقد كانت الحروب بين الدول الأوربية المتصارعة ذات فائدة لأمريكا حيث كانت حافزا" لتطوير الصناعات الحربية وعكس أرباحا"ضخمة ،أدت الى أرتفاع معدل التصدير لثلاث أضعاف . وقد أخذت المؤسسات الحربية على عاتقها تنمية الأقناع بسياسة الحرب وكانت تعدها بالرعاية وكانت تسهل وتشجع وصول القادة والإدارات ممن يعتمدون الحرب كسياسة لأخضاع الأخرين ،ومن هنا وجدنا أن الولايات المتحدة الأمريكية على الدوام بحاجة الى أنعاش الحروب والتدخلات العسكرية بهدف إنعاش صناعاتها الحربية والتي تمثل قطاعا ً واسعا ً في الأقتصاد الأمريكي ،وقد شكلت القوة العسكرية وضرورة تفوقها مرتكزا ً ثابتا ً في السياسة الأمريكية . وفي الحرب العالمية الثانية كانت الولايات المتحدة تنتظر اللحظة المناسبة في وقت تكون الحرب قد أنهكت الدول المتحاربة وأخذت مأخذها ،فكان حادث الهجوم الياباني على الأسطول الأمريكي في ميناء بيرل هاربر عام 1941م مبررا" لشحن التأييد الشعبي للدخول في الحرب ،حيث أخرج وكأن الهجوم ضربة أستباقية يابانية أفرزت حالة من المرارة والغضب لدى الجانب الأمريكي ،مع أن الوقائع تثبت أن بريطانيا كانت على علم بالهجوم وقد أبلغت ألأمريكان به قبل وقوعه . وأستخدمت الولايات المتحدة الأمريكية في هذه المواجهة السلاح الذري المدمر الذي فتك بالمدنيين في وحشية لم يعرفها التاريخ من قبل . وأنتهت الحرب العالمية الثانية بتميز أمريكا كقوة دولية بارزة تملك الأقتصاد والتكنلوجيا وسط محيط أوربي أنهكته الحرب ،وبدأت حرب جديدة هي الحرب الباردة خاضتها مع الإتحاد السوفيتي . ويظهر واضحا" في السياسة الأمريكية قدرة تأثير المجمع الصناعي العسكري في صنع القرار السياسي والتاثير بأتجاه الحرب ،حيث أنهم مقتنعون أنهم يجنون الأرباح من الحروب ،ويشير خطاب للرئيس الأمريكي أيزنهاور في عام 1961م الى توقع ما سيؤول عليه الحال والى ما يمثله المجمع العسكري من خطر : (يجب علينا ان نمنع المجمع الصناعي العسكري من الحصول على قدرة قوية في التأثير ،أن الأمكانية موجودة ،وسوف تشهد تلك القدرة تزايدا" غير مبرر ،وبنسب كارثية ،يجب علينا ان لانسمح لهذا المجمع أن يشكل خطرا ً على حريتنا أو أساليبنا الديمقراطية.. لاشئ في الحقيقة مضمون كليا ً ) . ومع أن الحرب الكورية لم تشكل ضغطا" على الأمريكان ،غير ان الحرب في فيتنام قلبت ظهر المجن لهم ، وأبرزت الخسائر الفادحة التي تلقوها ، ردت فعل كبيرة في المجتمع الأمريكي . وقد كانت الحرب الباردة تدور بالنيابة وليس حربا" مباشرة على أراضي الدولتين العظميين ،ولكن حال ما لاحت بوادر ضعف القطب السوفيتي وأنهياره ،سارع دعاة الحرب الى أستغلال الفرصة المواتية ،وبدأت ترى نفسها متسيدة للعالم وبدات تنظر للعالم تابع لها بأسم النظام االدولي الجديد . أقتل واقتل ثم أتهم الأخرين بالأرهاب ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أبادت أمريكا 18 مليون هندي من سكان امريكا الأصليين وأستخدمت كل ما توفر لها من سلاح ضدهم ،بل تظهر افلامهم أحيانا"أنهم يتسلون بقتل الهنود ونقل عن جورج واشنطن قوله : ( أن طرد الهنود من اوطانهم بقوة السلاح لايختلف عن طرد الوحوش المفترسة من غاباتها ) ،أما الرئيس الأمريكي أندرو جاكسون الذي تزين صورته ورقة العشرين دولار ،فقد رعى بنفسه حفلة تمثيل بجثث 800 هندي عام 1814م . وفي الحرب العالمية الثانية أستخدمت السلاح الذري دون التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية ، وفي فيتنام أستخدم الأمريكان غاز الخردل والقوا ملايين الأطنان من القنابل على الشعب الفيتنامي ،ووفر لهم التفوق الجوي والقصف الألكتروني، التسلي بقتل الأفغان والعراقيين ،ففي تعليق لأحد الطيارين الأمريكان ،يصف عمليات القتل للعراقيين بأنها اشبه بصيد السمك ، وألقت آلاف الأطنان من اسلحة القتل والتدميروالخراب على أرض العراق ، وأستخدمت حصارا" لم يكن له مثيل في تاريخ الأنسان ضد شعب العراق ،نال من المدنيين أكثر مما أثر في السلطة الحاكمة ،ودام لأكثر من أثني عشرة سنة ،ومع كل ذلك فهي لاتزال أمريكا الحرية والسلام والعالم الجديد ،أما كلا" من العراقي الذي رفض دمار و تخريب بلاده وسرقة كنوزها وبعثرتها في أرجاء الأرض ،والفلسطيني الذي يدافع عن أرضه السليبة ويتمسك بها ، أرهابيون يجب رفضهم ومحاربتهم .
#طاهر_مسلم_البكاء (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشخصانية والديمقراطية
-
أرهاب الطريق
-
العلمانية لاتعني الألحاد
-
لا حياة لمن تنادي
-
بأنتظار حكاية الفصل السابع
-
معنى السباق مع الزمن
-
الأسلام دين السلام والسماحة واليسر
-
أوباما.. ووترغيت جديدة
-
سنودن يكشف حقوق الأنسان الأمريكية
-
مصر لن تخطأ هذه المرة
-
حدود 67 وحدود 2013
-
مصر من ثورة العولمة الى الفوضى
-
فرحة 1988 وفرحة 2013
-
مصر الجديدة الى أين ؟
-
محنة بلد يملك آخر برميل نفط
-
لحظة السلام يكون الوقت قد فات
-
الديمقراطية في العراق
-
البطل من يربح السلام
-
السياسة والطوبة
-
أزمة ثقة وليست سانت ليغو
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
Express To Impress عبر لتؤثر
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
المزيد.....
|