أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لمودن - مع الروائي محمد شكري في خلوده














المزيد.....


مع الروائي محمد شكري في خلوده


مصطفى لمودن

الحوار المتمدن-العدد: 4159 - 2013 / 7 / 20 - 20:22
المحور: الادب والفن
    


دخلت إحدى المكتبات أبحث عن كتاب بعينه لم أجده، وفي نفس الوقت أتصفح العناوين، فقد أتصادف مع كتاب أحتاجه أو يروقني.. وإذا بي أجد بضعة نسخ من "الخبز الحافي" وهي تحمل الطبعة الحادية عشر، جميل فعلا أن تطبع في المغرب مثل هذه الرواية التي خلفها الفقيد محمد شكري أكثر من عشر مرات في مجتمع يقال عنه إنه غير قارئ!.. شكري انتصر على خصومه، انتصر على كل "المحافظين" الذين يتقمصون شخصية القرصان الذي يغطي عينا بالسواد.. فلا يرون إلا جانبا واحدا من الوجود، لا يرون إلا ما يرغبون في رؤيته، وينكرون أن يكون العالم مختلفا ومتنوعا.. انتصر شكري على كل الذين ضايقوه وحاصروه.. كان شكري يطبع كتبه من جيبه، وأي مال يتوفر عليه شكري؟
مرة شارك شكري في برنامج ثقافي متلفز وقد وصف "ناشر" ما يكتبه شكري بأبخس وأقذح الأوصاف دون أن يرف له جفن، وقال إنه لن ينشر مثل هذا الأدب في إشارته لما يكتبه شكري.. ها نحن الآن يا شكري شهود على هزمك لذلك الناشر الذي لا يفرق بين نشر الغسيل على السطح ونشر الكتب.. وكتباك "الخبز الحافي" على رأس قائمة الكتب المغربية المترجمة للغات العالم، فقد ترجم إلى ما يناهز أربعين لغة حسب ما جاء في غلاف الرواية نفسها في طبعة "الفنك" ماي 2007.. لقد ظل شكري (1935ـ 2003) يحمل معه مسودة الرواية في جيبه لأزيد من عقد، ولم يجد من ينشرها. ولما ظهرت أولا مترجمة إلى الفرنسية على يد الطاهر بنجلون في أوربا، ولما توالت الترجمات والدراسات والتنويهات والنقد والدراسات لهذه الرواية "المفازة" في شساعة بيداء تحمل الغموض الواضح والوضوح المبهم.. حينها ظهر "لزوما" نشر الرواية الأصل بالعربية!
سأظل ممتنا لأحد أساتذتي في مادة الفرنسية وهو منحدر من أصل بلجيكي وقد أمدني بنسخة من رواية الخبز الحافي بعدما قبل طلبي، لكنه اشترط علي أن التحق به في داره ليمدني بها.. ف"الخبز الحافي" بمثابة علبة الهيروين ممنوع تصفحه أو حمله علانية.. وقد بقي الكتاب ممنوعا تداوله في المغرب لسنوات طوال، لنتصور فداحة الأمر، دولة بكاملها تشن الحرب على كتاب!.. إلى أن جاءت "حكومة التناوب" فأفرجت عن الكتاب. وانتصر من جديد محمد شكري على كل خصومه.. قرأت شكري ابن بلدي في وطني المغرب بالفرنسية أولا.. يا للفداحة وقد بقينا صامتين على ذلك، كما ما نزال صامتين على فداحات ترتكب هنا وهناك.
شكري بحسه النافذ جاء برواية قبل زمانها، ليس ذلك مرتبطا بما قد يعتقده البعض عرضا بورنوغرافيا (Pornographique) حينما يتحدث عن المغامرات الجنسية وعن علاقاته مع خادمات الجنس، أو أن يتحدث بكل تلك القساوة عن والده حيث كتب "كثيرا ما كان أبي يباغثني في الشارع من الخلف ويقبض علي من ياقة قميصي أو يلوي ذراعي إلى ظهري بيد وباليد الأخرى ينهال عليّ ضربا حتى يسيل دمي.." (نفس المرجع ص 75)، أو أن يثير كل تلك المأساة التي لاقتها أسرته وهي ترتحل بين مدن المغرب والجزائر (وصلنا إلى وهران ليلا . ص:53)، قبل أن تستقر في طنجة وكيف يرى إخوته يتضورون جوعا أو يموت أحدهم والمتهم هو أب شكري؛ "يلوي اللعين عنقه بعنف. أخي يتلوى. الدم يتدفق. أهرب خارج البيت تاركا إيّاه يسكت أمي باللكم والرفس." (ص9).. ليس في كل هذا التوصيف القاسي فقط، بل في تلك المحاكمة التي رفعها ضدنا، ضد كل المجتمع.. هنا تكمن عبقرية شكري في "الخبز الحافي"، إنه يوجه رسالة قوية إلى كل من يدعي العفة والنزاهة والمسؤولية أن ينظر في هذه الرواية (البيان) بكل ثقلها التعبيري الواضح حول تحدي الجميع، تحدي القيم التي تمجد النفاق دون أن تفصح عنه، من خلال الرواية (السيرة الذاتية) شكري ليس ممتنا لأحد، حتى تعلمه حروف اللغة وقع في السجن.. وليس خارجه، لنتصور هذه المفارقة، تعليم اللغة بما تعنيه من بحث عن الحرية والانطلاق والرغبة والتواصل تتم بين جدران مغلقة.. لولا طموح شكري بذاته لما وصلنا كاتب في قيمة شكري.. تلك هي الخلاصة الثانية.. عصامية الرجل في كل شيء، لهذا سعى أن يقيم محاكمة ضدنا عبر معاناة أسرته ونذوب جسده وطموحاته وإخفاقاته، بل حتى عبر طبعه لكتبه من ماله الخاص.. شكري ليس حالة فريدة في المعاناة، لكنه تخلص من معاناته بالكتابة، وبذلك خلد بيننا وبين الأحياء اللاحقين.
ألف تحية لك أيها الريفي البدوي الذي شق له في سماء الأدب اسما لامعا.
أيها الشباب اقروا الأدب، كل الأدب، أدب شكري، ولا تلتفتوا لمن يرفع لواءات التحجير على عقول الناس، ولا ينفك يفصح عن غيرة مرضية من الفن لما يحمله من إبداع وحرية وتواصل وانطلاقة..



#مصطفى_لمودن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعلم حمار الطاحونة كما يراد له بالمغرب!
- لن تقوم للتعليم في المغرب قائمة في ظل سيادة منطق العقول المت ...
- رشيد الغنوشي يستقبل السلفيين في تونس ويعلن الحرب على العلمان ...
- احتفالات الجزائر بالذكرى الخمسين لاستقلاها؛ الحاجة لتفعيل ال ...
- بنكيران رئيس الحكومة المغربية يلقي بيانه!
- -الجزيرة- بين الدعوة والدعاية: تدخل في الشؤون الداخلية للدول ...
- رسالة إلى الرئيس الفرنسي السابق: لقد فرطتم!
- الانتخابات الرئاسية الفرنسية؛ اليسار يتجه نحو الإليزيه
- كيف تتحول البارصا إلى -لعبة- لدى دولة نفطية
- الإعلان عن تأسيس -المجلس الوطني للصحافة- بالمغرب
- كي يكون لقطر -مقعد- دائم في مجلس الأمن!!!
- -كاتبة- مغربية تصف أدب محمد شكري بالقذارة!!!
- تصريح الحكومة المغربية الجديدة أمام مجلس النواب: وعود معلقة
- الحاجة إلى حزب يساري قوي في المغرب(*)
- الحزب الاشتراكي الموحد المغربي يعقد مؤتمره الثالث
- الجزيرة- سائرة في محاولة إحكام طوق العمائم على شمال إفريقيا
- وضعية النشر الإلكتروني في المغرب
- تعليق أمريكا لعضويتها من اليونسكو ضدا على فلسطين والضحية الم ...
- أي دور للمدرس في تحقيق جودة التعلمات؟
- هل هي حرب باردة جديدة في أجواء المغرب الكبير؟


المزيد.....




- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...
- “تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش ...
- بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو ...
- سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لمودن - مع الروائي محمد شكري في خلوده