أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طلال الربيعي - وهم ثنائية الذاتية-الموضوعية في الفلسفة والعلم















المزيد.....

وهم ثنائية الذاتية-الموضوعية في الفلسفة والعلم


طلال الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 4159 - 2013 / 7 / 20 - 20:21
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تعتبر الموضوعية تقليديا احدى القيم الأساسية للعلم. ولكن الموضوعية تعمل فقط عند افتراض أن العلماء يمكنهم أن يروا الأشياء كما هي في الواقع. فالبحث عن الموضوعية يدخل لا محالة شرخا بين العلماء من ناحية، وموضوع الدراسة، كما يتمثل هذا الاخير في شكل نقى او مجرد, من ناحية اخرى.

في مقال عن دور ومكانة الجامعة، يحلل دريدا (1) هذه المسألة بشييء من التفصيل. ان سيادة مبدأ العقل في عصر الحداثة, حسب دريدا, يجب ان يسير جنبا الى جنب مع تفسير ماهية الوجود كاشياء, حيث يتواجد الشيئ على هيئة تصور او تمثيل ذهني قبالة الشخص. فشخص الحداثة, الذي يستطيع قول "انا" (مفهوم "انا" او "النفس" هو اختراع لعصر الحداثة حسب فوكو, عصر الحداثة الذي دشنه ابو العلم الحديث رينيه دكارت بقوله الشهير: "انا افكر, اذن انا موجود"), وهي انا ego متأكدة من نفسها, لان تشكيكها بنفسها يعني لابد تشكيكها بقدرتها على معرفة العالم World, وهو تشكيك مناقض ومدمر لعصر الحداثة. فتأكدها من نفسها هو ضرورة لا غنى عنها من اجل تحقيق مشروع الحداثة.

اذن, حسب ديريدا, يضمن الشخص المتأكد من نفسه السيادة التقنية على ما هو موجود IS . وان تمثيل كهذا للواقع, حسب هايديكر, يعني منح الانسان عيونا صلدة ومنفتحة دوما على طبيعة يهدف الانسان سيادته عليها او حتى اغتصابها اذا اقتضت الضرورة.
لذلك فان التخلي عن نطرية التمثيل Representation يعني تفكيك الجدار الصلدة التي تعزل العلم عن النظرية. فاذا كانت الموضوعية الحقة غير ممكنة, فانه لابد للنظرية ان تتداخل في مختلف مستويات النشاط العلمي. ففقدان التمييز الواضح بين النظرية والتطبيق العملي له آثار ليس فقط على العلم، ولكن أيضا على النظرية. فالنظرية لايمكن ممارستها من اجل نفسها فقط لغرض البحث عن معرفة خالصة.

يعتقد ديريدا بانه كان ممكنا الاعتقاد في السابق بوجود علم نقي pure science غير مثقل باعباء الارتباطات بالدولة او غير محدد بتقييدات مالية. لكن علما كهذا غير ممكن الآن, وايضا لم يكن ممكنا سابقا في اقع الحال.ان مفهوم ديريدا باستحالة الموضوعية الخالصة يحمل شبها كبيرا لمفهوم مارلو بونتي (2) بخصوص العالم المتداخل Interworld للدلالات, اي عدم وجود عالم ذاتي او موضوعي تماما في نفس الوقت.

كما يبدو هنا, ان ديريدا يتفق مع اطروحات الفيلسوف الماركسي آلتوسر الذي كان متأثرا الى حد كبير بافكار المحلل النفسي لاكان. فحسب آلتوسر (3), لا يوجد تمييز واضح بين عالم الخيال وعالم "الواقع"- حسب لاكان, يتكون عالم او سجل الخيال من خلال روؤية الطفل لنفسه, ككائن متكامل, وهو لا يزال بالكاد قادرا على الوقوف على قدميه او التحكم في عضلاته, عند النظر الى نفسه في المرآة التي تحل عينا الام عادة محلها. وهذه النظرة تنسجم ايضا مع مفاهيم ما بعد الحداثة التي تعترف بمواطن ضعف ثنائية الحداثة: الذاتية/الموضوعية.

ان الفجوة بين عالم الخيال و"عالم الواقع", يعتتقد كيركين, تشكل دافعا وحافزا لنا للتطور (4). كتب الفلسوف الالماني فايهنكر800 صفحة (5) لتوضيح كيف ان العلوم المادية يمكنها التوصل الى نتائح محددة او واقعية عن طريق استخدامها فقط لمفاهيم خيالية او وهمية. فمثلا يعزي الفيزياويون وعلماء الرياضيات والمهندسون اهمية عظيمة الى المفهوم الغامض والوهمي "i", اي الجذر التربيعي لناقص واحد (6).

ان الوهم القاتل الذي يقع فيه العديد هو الخلط بين الخريطة Map او الذات من جهة, والارض Territory او الموضوع, تقريبا, من جهة اخرى. وقد شرح, وحذرمن الوقوع في, هذا الخطأ ألانثربولوجي وعالم السيبرنيتك باتسون (7) - صاحب نظرية المأزق المزدوج الشهيرة double bind theory في نشوء مرض انفصام الشخصية, في احد اهم كتبه الهامة في هذا الخصوص.

وقدعالجت من قبل اهمية هذه الافكار في ممارسة العلاج النفسي في احدى الدوريات المختصة(8).

يؤكد ديريدا انه في داخل كل من هذه الحقول (الفيزياء النظرية، الفيزياء الفلكية, الكيمياء، البيولوجيا الجزيئية، وهكذا دواليك) والتي هي أكثر ترابطا مع بعضها البعض من أي وقت مضى, يبرز االسؤال الفلسفي الأساسي الذي لم يعد يتخذ شكلا مجردا او سؤالا معرفيا للظاهرة بعد حدوثها, بل ان السؤال الفلسفي هو جزء مهم لا غنى عنه في مجرى البحث العلمي- وهذا هو ايضا رد على مزاعم بخصوص اضمحلال دور الفلسفة حاليا. لذلك لم يعد يمكن التمييز ممكنا بين التكنولوجيا من ناحية والنظرية والعلم والعقلانية من جهة اخرى.

وفي نفس الوقت الذي يفقد فيه العلم فهما واضحا لمغزى او معنى الموضوعية، تفقد الفلسفة ترف تجنب الصدفة واعتماد الامور على بعضها الآخر. ويشكل هذا صفة مميزة لما بعد الحداثة, وهي أن العلماء والفلاسفة على حد سواء قد فقدوا براءتهم. فنظرية معينة من التمثيل لا بد ان تنطوي ضمنا على نظرية معينة من المفاهيم التي تحدد مسار حياتنا ونعيش بموجبها, وهذا بالطبع له آثار أخلاقية هامة ناتجة عن اختيار مثل هذه النظرية او تلك (9).

تتبخر حيادية العلم المزعومة بذكر مثال او اكثر من الطب:
1-ان الدوريات المتخصصة تفضل كثيرا نشر البحوث ذات النتائج الايجابية على تلك ذات النتائج السلبية, وهذا يسمى انحياز النشر publication bias
2-تخصص شركات صناعة الادوية اموالا طائلة للبحوث في العقاقير المستخدمة بكثرة في الدول الغنية, مثلا العقاقير النفسية, على عكس العقاقير المستخدمة في علاج امراض تنتشر خصوصا في دول فقيرة مثل مرض الجذام.
3- اجبار شركات صناعة العقاقير للباحثين فيها على توقيع عقد يمنعهم منعا باتا من نشر نتائج البحث بدون موافقة ادارة الشركة المحكومة اولا واخيرا بهدف تحقيق الارباح.

المصادر

1- -. Derrida, J. (1983). The principle of reason: The university in the eyes of its pupils. Diacritics, Fall, pp. 3-20

2- Merleau-Ponty, M. (1973) Adventures of the Dialectic. Evanston, III.: Northwestern University Press

3- Macey, D. (1994) Thinking with borrowed concepts: Althusser and Lacan, in: G. Elliot (Ed.), Althusser: A Critical Reader. Oxford: Blackwell

4- Gergen, K. J. (1992). Toward a postmodern psychology, in: S. Kvale (Ed.): Psychology and postmodernism. London: Sage

5- Vaihinger, H. (1924). The philosophy of "as if"--;-- a system of the theoretical, practical and religious fictions of mankind (C. K. Odgen, trans.). New York: Harcourt Brace

6- Watzlawick, P. (1985). Hypnotherapy without trance. In: J. K. Zeig (Ed.), Ericksonian Psychotherapy, Vol. 1: Structures. New York: Bunner/Mazel

7- Bateson, G. Steps to an Ecology of Mind: Collected Essays in Anthropology, Psychiatry, Evolution, and Epistemology. ISBN: 9780226039053
محتويات الكتاب:
http://press.uchicago.edu/ucp/books/book/chicago/S/bo3620295.html

8--. Al Rubaie, T. (1998). Entropy in psychoanalysis and NLP: a comparison. NLP World: the intercultural journal on the theory and practice of neuron-linguistic programming. 5(2): 35-46

9-Cilliers, P. (1998): Complexity and Postmodernism. London: Routledge



#طلال_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (عقدة) اوديب: مقتل الملك فيصل الثاني والشعائر الحسينية وجهان ...
- الداروينية الادبية: تلاقح الادب والعلم 1
- الماركسية والعلم والفن والنفس
- احمد شوقي: الثورة المصرية
- علم اعصاب اللاهوت Neurotheology والشعائر الدينية (الحسينية)
- النبي محمد: تحالف اصابتة بال Dyslexia وحنينه العارم الى والد ...
- الله وعبد الله او بالعكس
- غريزة الموت والفكر الابوي
- الماركسية في خدمة غريزة الحياة او غريزة الموت
- الجنس (الذكورة/ الانوثة) ونشوء الهوية الجنسية (2)
- الجنس/الجندر: جسم وطب ما بعد الحداثة
- الجنس (الذكورة/ الانوثة) ونشوء الهوية الجنسية (1)
- المرشح المنشوري: التجارب النفسية القذرة لوكالة المخابرات الم ...
- احتلال العراق هو امتداد وتحقيق للسياسة الامبريالية
- إن الله ميت ولكنه لايعلم إنه ميت: الإلحاد وصنمية السلعة
- طقوس عاشوراء: ادمان و سادية-مازوخية
- الشخصية الأستبدادية: روبوت ام انسان؟
- الشخصية الشرجية واغواء الجسد او الشيطان
- الجنسية المثلية/ حمورابي وكلكامش
- الشخصية الشرجية وعبادتها للرب والشيطان معا


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طلال الربيعي - وهم ثنائية الذاتية-الموضوعية في الفلسفة والعلم