|
إليكم هذه الرسالة من الفضاء الإلكتروني
توفيق أبو شومر
الحوار المتمدن-العدد: 4159 - 2013 / 7 / 20 - 17:58
المحور:
كتابات ساخرة
يا جماهيرنا الإلكترونية الغفيرة على الأرض نبلغكم تحياتنا وأشواقنا، بعد أن اقتربتم منا واقتربنا نحن منكم، وللحقيقة فإننا صرنا أقرب إليكم من أنفسكم، فصرنا نراكم ولا تروننا، وصرنا نرصد أحاديثكم ولا تعرفون نوايانا، ولم نكن نعلم أن هذا الاقتراب سيجعلكم تظنون أنكم السادة! لقد نفخناكم بما فيه الكفاية، وجعلناكم تعتقدون بأنكم الأقوى والأعظم، بدون أن تعرفوا بأن إبرة بين أصابعنا قادرةٌ على إعادتكم إلى أحجامكم الأولى، لأنكم بطغيانكم وعبثكم أصبحتم تعتقدون عبثا بأنكم تملكون الأكوان وما فيها، تحركون البشر بأصابعكم، وليس بحناجركم وخناجركم كما كان الأولون، وشتان بين ما كان وما يكون! يا زبائننا ورواد مقاهينا الإلكترونية، متى تعلمون بأنكم قطيعٌ في حظيرتنا، تُسيركم أصابعنا، فأنتم عرائس الأراجغوز وخيالات المآتة، فقد سلبنا منكم كل شيء، ولم نُبقِ لكم أي شيء. فقد سلبنا منكم جواهر عقولكم ولظمناها في مسابحنا، وشكلنا من عضلاتكم جيشا يحارب طواحين الهواء، فأركبناكم سياراتنا وطائراتنا ومركباتنا الفضائية، فغدوتم مقعدين وإن كنتم تملكون ملايين الأرجل، وأصبحتم مشلولين وإن كانت لكم ملايين الأيادي، ووضعنا أختامنا السرية على أفواهكم، وعلّمناكم أن تُدمنوا أطعمتنا بألوانها وأشكالها، فأنتم حين تأكلون من أيدينا تبتلعون معها آراءنا وأفكارنا ، ثم ندعكم تظنون أن هذه الأفكار هي أفكاركم! أيها الرقميون الأعزاء لقد أحكمنا لجامنا حول أعناقكم، وليس لكم منه فكاك، وأحطناكم برا وبحرا بلجامٍ من ألياف السيلكون الرقمية لا قِبَلَ لكم بها! يا أهل كوننا الفضائي الأعزاء، لقد نسيتم أننا أصحاب اللجام، وتركناكم تعتقدون وتعبثون كما تشاؤون، فمادمنا لا ندفع أثمان عبثكم، فأنتم اليوم تسيرون وفق المخطط الذي وضعناه؛ اقتتلوا واختصموا وتشاحنوا ولتكن دماؤكم هي أثمان هذه الشحناء، وليكن أبناؤكم هم ضحاياكم، وأوطانكم هي ساحات معارككم، فلم نعد بحاجة إلى احتلالكم من جديد، فقد ولِّى إلى غير رجعة زمنُ الاحتلال، وقد انتهى عصرُ الاستعمار، فما دام لجامُكم بأيدينا- نحن الفضاء الإلكتروني- فليكن لكم من معيشتكم ما نجود نحن به عليكم، فأنتم تأكلون من بقايا جودنا، وتعيشون على فضلات خيرنا. ألا يحق لنا بعدئذٍ أن نتقاضى ارباح خدماتنا الجليلة لكم، بأن يكون الثمن أن يظلَّ لجامُكم في أيدينا؟ ايها العاقون في كوكبنا المعلوماتي احذروا غضبتنا عليكم، فلم نعد نكتفي بدمائكم التي سفكتموها بأيديكم، ولا ببقايا أوطانكم التي دمرتْها أيايكم بمستحضراتنا التي أعددناها خصوصا لكم، واشتريتموها منا بأغلى الأسعار، فما نزال نملك حُزما من العقوبات، جرَّبنا بعضها، وما يزالُ بعضُها الآخر في طور التجريب! انظروا ماذا فعلنا بكم عندما أنقصنا الوقودَ عنكم ، وقودَكم الذي تستخرجونه أنتم من آبار نفطكم، تبيعونه لنا بأرخص الأثمان، ثم نعيده إليكم لتشتروه بأغلى الأسعار، وتبصَّروا مثلا بنتائج قطع الكهرباء والمواصلات عنكم؟ وكانت تلك هي أولى تجاربنا عليكم يا فئران التجارب، لقد كانت النتائج مُبهرة، فقد حولناكم من بشر وادعين هادئين راضين، إلى كائنات أخرى شرسة تهاجم من يقابلها، باللسان والسنان والسيف والقنابل البشرية المتفجرة! أيها المغرورون في فضائنا الإلكتروني اعلموا أن في جعبتنا ما هو أوجع من سلاحنا الأول، فماذا أنتم فاعلون لو حاصرنا أفواهكم ومنعنا عنكم بودرة الدقيق الأبيض ، الدقيق اللاصق القادر على إغلاق الأفواه، وإسكات الألسنة فتراتِ طويلةً بمقدار ما نجود به عليكم؟ فنحن نعلم أن أمعاءكم أكبر بكثير من مساحات الزراعة في أوطانكم، فنحن منذ أمدٍ طويل نزرع أرضنا ونبني أوطاننا بما تحشونه في أمعائكم، وكنا نعلم أنه سيأتي اليوم الذي نبيعكم فيه أمعاءكم. أيها المغفلون يجب أن تستعيدوا وعيكم، فماذا لو انتقلنا إلى العقوبة التالية ؛ بأن نُسكِتْ في حناجركم ألسنتكم، فنوقف هواتفنا ونطفئ عنكم شاشات الفضائيات، ونحرمكم من قنوات التواصل الاجتماعي الإلكتروني، فنوقف عنكم كل الهواتف، ونُلغي بسرعة كوابل الإنترنت البحرية والبرية، أليست هذه العقوبة تشبه إلقاء قنبلة نووية عليكم؟ فما أنتم إلا أرقام في سجلاتنا السرية، فنحن نحسبكم اليوم بعدد طرقات أصابعكم على شبكاتنا الإلكترونية، أما أجسادكم فهي لوحاتٌ نعرض فوقها بضائعنا وأسماءَ شركاتنا، فلستم عندنا سوى أرقامٍٍ مجردة في بطاقات الفيزا كارت، جربوا أن تنسوا بطاقاتكم البنكية وجوازات سفركم وأنتم في أحد المطارات، أو أن تُسرقَ منكم أوراقُنا وأرقامُنا التي جدنا بها عليكم!! فإنكم حينئذٍ تصابون بالرعب و تصبحون فجأة هياكل بشرية مجهولة الهوية!! أيتها (الكلكات) نحن قادرون على تحويلكم من حالتكم الرقمية الإلكترونية الناعمة الوديعة والهادئة، ومن شيفرات بطاقات ائتمان وودائع وعقارات مملوكة لنا، إلى مخالب وأنياب ذئاب تنهشون بها لحوم بعضكم بعضا، لتعودوا من جديد كائناتٍ بدائية وحشية لها –فقط- ملامحُ بشرية!!!!
#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ألعاب رياضية عنصرية في القدس
-
خدمة مالية إلزامية في إسرائيل
-
هل دول العرب دويلات أم شركات؟
-
شباب ملاليم وشباب ملايين
-
رموز عساف الإعلامية والفنية
-
هل ستفقد مصر نيلها؟
-
تضامنوا معها
-
روحانية إيران الجديدة
-
من هو كاره نفسه؟
-
صفعات إسرائيلية على وجه جون كيري
-
كيف تصبح شخصية مرموقة في فلسطين؟
-
مغاوير كتيبة الإنترنت
-
أفقر دولة وأسعد دولة
-
سياسيون يفرقون وفنانون يوحدون
-
كبير المفسدين والشياطين
-
باللغة نحل مشكلاتنا
-
كتيبة إلكترونية في الجيش الإسرائيلي
-
فقوس الحزام الأمني في غزة
-
موسم الإرهاب السنوي
-
نظارات العفة بدلا من النقاب
المزيد.....
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|