فاتح الخطيب
الحوار المتمدن-العدد: 1191 - 2005 / 5 / 8 - 07:46
المحور:
القضية الفلسطينية
اذا كانت معالم وحدود الدولة الفلسطينية قد تاهت بين اتفاقية اوسلو والجدار العنصري الفاصل , فان وضوح القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في تشكيل دولته يصرخ بوجه كل من حاول او يحاول اخفاء الحقيقة. ولما كانت القضية الفلسطينية تحظى بتاييد معظم شعوب العالم ان لم اقل كلها , فان وجوب تفعيل كل العوامل المؤثرة في هذه القضية بكل اشكالها والتي تؤدي في النهاية الى تشكيل هذه الدولة لهو مطلب جوهري. وهنا اود ان استعرض ركنا مهما في هذه المسالة الا وهو دور السفراء الفلسطينيين .
لقد قرأت مؤخرا للسيد فاروق القدومي بان السفراء الحاصلين على جنسية البلد المضيف سوف يحالوا للتقاعد, وها هو السيد ناصر القدوة سفيرنا في الامم المتحدة يجتمع مع كل سفراء فلسطين في رام الله لهذا الغرض . ومما لا شك فيه بان الاهتمام بمسالة سفراء فلسطين, واعادة النظر بآلية عمل السفارات مسالة تصب في صلب القضية الفلسطينية, هذه القضية الحية التي تحتاج لمتابعة يقظة لكل صغيرة وكبيرة وبشكل يومي للاحداث على الساحة الفلسطينية والعالمية على حد سواء. وبما ان سفراءنا هم الرئة التي يتنفس بها الفلسطينيون وجب عليهم ان يكونوا بالمستوى المطلوب لمتابعة الاحداث وايجاد الرد السريع والمناسب لها وبشكل مواظب.
كم يحزنني ان استذكر بعض الاحداث مثل المقتل المأساوي للناشطة الامريكية في حقوق الانسان راشيل كوري قبل عامين في مدينة رفح , وهي تحمي بجسدها بيت فلسطيني من جرافة عسكرية اسرائيلية, ومقتل زميلها البريطاني وهو يحاول ابعاد مجموعة اطفال حاصرتها نيران الجنود اسرائيليين, ومقتل المصور الصحفي البريطاني جيمس ميلر، برصاص جنود الاحتلال وفي نفس المدينة , والكثير من الاحداث الاخرى التي تترك لتمردون الحد الادنى من التوظيف لصالح القضية.
وهنا لا يفوتني الحديث عن الدراسة التي اجريت في اوروبا وكان هدفها معرفة اي الدول تشكل خطرا على السلام العالمي, حيث كان المتوقع ان تصوت شعوب هذه الدول على العراق اوايران او كوريا الشمالية وكانت النتيجة محرجة للساسة الاوروبيين وبمثابة صدمة للدولة الاسرائيلية , حيث اعتبرت جميع شعوب اوروبا الغربية بلا استثناء, اسرائيل كأخطر دولة على السلام العالمي وبمعدل 60% , وفي هولندا والتي كنا نعتقد انها امتداد للسياسة الامريكية في المنطقة وحليفة لاسرائيل 74% , وهنا يتاكد خطا المعتقد المتداول بان اسرائيل كسبت المعركة الاعلامية ضد الفلسطينيين , فالشارع الاوروبي يعرف حجم الخطر الناجم عن تعنت الدولة الاسرائيلية في تنفيذ كل القرارات الدولية التي اصدرت بحقها, وللاسف ان معرفة المواطن الاوروبي لهذه الحقيقة لم توظف بالشكل المناسب لكي تؤثر هذه الاصوات على سياسة دولهم في ذلك المضمار.
تاكد تماما لو ان الدراسة جاءت لمصلحة الاسرائيلين, لسارت الامور بشكل مختلف تماما. من حق المواطن هنا ان يشكك بالكفاءة الاكاديمية والسياسية للسفراء الفلسطينيين بدليل غيابهم عن معظم الفعاليات التي تقوم بها جاليتهم بالتعاون مع الاشقاء العرب والناشطين الاوروبيين, وانعدام المبادرة من طرفهم ,وندرة حالات ظهورهم الاعلامي وتكاد ان تكون معدومة في كثير من الاحيان, واذا اضطراحدهم للظهورعلى شاشة البث التلفزيوني لذلك البلد, طل علينا بلغة هشة ركيكة, لا تتناسب مع مستوى ثقافة الشعب الفلسطيني التي حققها رغم كل الحرب والضغوط التي تمارس عليه, اذ انه ليس من المعقول ان نرى سفيرا في بلد ما لا يتقن لغتها.وليست اللغة فحسب , بل المنطق العام الركيك الذي لا يحتاج لعبقرية من اجل صياغة افكاربسيطة لتاكيد حقه في المقاومة والنضال من اجل قيام الدولة الفلسطينية , والتي اصبحت الان مطلبا دوليا .
لا شك ان السفارات الفلسطينية وموظفيها تكلف الخزينة مبالغا باهظة , وبالطبع فان مصاريف سفراءنا تعتبر فلكية اذا ما قارناها بالحالة الاقتصادية لاهلنا في فلسطين حيث متوسط دخل الفرد دولارين فقط لليوم الواحد.
ان من نتائج الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين, تشريد ملايين الفلسطينيين في جميع دول العالم. ومن الجدير بسفرائنا ان يستفيدوا من هذه الثروة السياسية والفكرية والاعلامية الهائلة, وان تكون ادامة الاتصال مع تلك الجاليات, وغيرها من الجاليات العربية والمنظمات المحلية مسألة مركزية يحاسب السفير عليها وعلى كفاءة ادائه فيها, ولنا هنا ان نسترشد بالكفاءة العالية التي تدير بها اسرائيل جالياتها المختلفة في العالم لخدمة سياستها.
ان الشعوب العالمية تتعاطف مع قضيتنا بشكل واضح ,ولدينا الكثير من الكفاءات الفلسطينية , وفي هذه المرحلة الحرجة نحن بامس الحاجة لسفراء للقضية لتوظيف كل صغيرة وكبيرة من اجل حشد كل الدعم لتحصيل اكبر قدر ممكن من حقوقنا في تشكيل دولتنا الفلسطينية .
فاتح الخطيب
05-05-05 /هولندا
#فاتح_الخطيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟