|
لبشر وكائنات السماء الأخرى في الكون المرئي : معضلة الاعتراف والإنكار؟
جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي
(Bashara Jawad)
الحوار المتمدن-العدد: 4158 - 2013 / 7 / 19 - 23:56
المحور:
الطب , والعلوم
الكون المطلق بين اللامتناهي في الصغر واللامتناهي في الكبر البشر وكائنات السماء الأخرى في الكون المرئي : معضلة الاعتراف والإنكار؟ د. جواد بشارة [email protected]
هل نحن وحيدون في هذا الكون؟ كان هذا السؤال هو عنوان لأحد فصول كتابي الأول الذي حمل عنوان: الكون: أصله ومصيره، ثم ذهبت إلى أبعد ما أمكنني في هذا الموضوع في كتابي الثاني الذي حمل عنوان: الكون الحي بين الفيزياء والميتافيزياء، وكان عنوان الفصل المخصص لهذا الموضوع هو : السر الكبير، وفيه تفاصيل عما تخفيه الدول العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي السابق وأوروبا الغربية من حقائق عن الاتصالات بين سكان الأرض وسكان السماء أو الكائنات الفضائية الذكية، واليوم أعود مرة أخرى لمعالجة الموضوع نفسه من جذوره حتى آخر الاكتشافات والحقائق العلمية المتصلة به في فصل كامل من كتاب : الكون المطلق بين اللامتناهي في الصغر واللامتناهي في الكبر تحت عنوان البشر وكائنات السماء الأخرى ومعضلة الاعتراف والإنكار وما يترتب عليهما من نتائج وتداعيات. ولنبدأ بالسؤال التالي: هل من المعقول أن يكون البشر من سكان الأرض هم الكائنات الحية الوحيدة العاقلة والذكية والمفكرة في هذا الكون المرئي أو المنظور والشاسع بما يحتويه من مليارات المليارات من الأكداس والحشود المجرية والمجرات والنجوم والكواكب التي تتواجد داخل هذا الحيز الزمكاني الشاسع اللامتناهي الأبعاد تقريباً؟ قلنا سابقاً ونكرر اليوم أن كل الأديان والشرائع والمعتقدات الدينية السماوية والأرضية أشارت إلى وجود مخلوقات أخرى غير البشر ووصفتهم بأنهم أرقى من البشر منتشرين في كافة الأركان الفسيحة لهذا الكون المرئي الرحب ووضعت لها أسماء وتسميات مختلفة، أقربها للذهن الإنساني والمخيلة البشرية هم الشياطين والعفاريت والجن وغير ذلك وكلهم أقوى وأرقى من الإنس رغم تفضيل الإله للإنس على باقي المخلوقات السماوية كما تقول الأساطير الدينية. لاننسى إن فكرة أننا نحن البشر لسنا وحيدين ولسنا المخلوقات الذكية والعاقلة والمفكرة في الكون المرئي ليست جديدة بل قديمة قدم الإنسان نفسه. لقد سبق لجون ميلتون John Milton أن قدر بأن تكون النجوم أو الكواكب أو الأقمار المحيطة بها مسكونة من قبل كائنات ومخلوقات فضائية، إما أن تكون لها نفس فسيولجية ومقومات وخصائص وصفات وماهيات ومكونات البشر الأرضيين أو تختلف عنهم اختلافاً جذرياً وجوهرياً وفي كل شيء تقريباً. ومن الطريف ذكره أن كتاب روايات الخيال العلمي من جول فيرن Jules Verne إلى إسحق آسيموف Isaac Asimov ومعهم مخرجي أفلام الخيال العلمي منذ نشأة السينما إلى اليوم، تخيلوا مختلف أصناف وأشكال الشخصيات والمخلوقات الفضائية أو اللابشرية، من الأكثر شبها بالبشر إلى الأكثر غرابة Les Extraterrestres التي عجت بها أفلام ومسلسلات شهيرة مثل حرب النجوم وستار تريك وبوابات النجوم وغيرها، لذلك لم تكن فكرة وجود مخلوقات تختلف عنا أو تشبهنا قادمة من الفضاء الخارجي غريبة بل يمكننا القول أنها باتت مألوفة بعض الشيء للكثيرين من سكان المعمورة المسماة الأرض. لقد تصدى في الآونة الأخيرة علماء مرموقين وعلى مستوى عالي من الجدية والصرامة العلمية لهذه الأطروحة، وانتقل أكثرهم من مرحلة التجاهل والتردد إلى مرحلة القناعة والاهتمام وراحوا يبحثون عن الكواكب المأهولة بالسكان او القابلة لاحتضان الحياة فيها سواء في شكلها الخليوي البدائي الأولي أو في شكلها المتطور. بل إن بعض العلماء قدر عدد الحضارات الفضائية المتطورة بأكثر من مليون حضارة في مجرتنا وحدها وهي مجرة درب التبانة. بدأت مقاربة العلماء لموضوع الحضارات الفضائية أو الكونية الذكية والمتطور تتغير بين أعوام 1959 و 1962 وتحولوا من اللامبالاة والاحتقار إلى الاهتمام والبحث العلمي الجدي وفق تنامي تطور العلوم والتقنيات في كافة المجالات. كانت أول إشارة على هذا التحول في 19 أيلول ـ سبتمبر 1959 وهو تاريخ ظهور مقال في مجلة الطبيعة Nature العلمية الجادة الإنجليزية Natur ذائعة الصيت والمعروفة بجديتها وصرامتها وكان المقال تحت عنوان : بحثاً عن إمكانية للاتصالات ما بين النجمية à la recherche de communications interstellaires وبالإنجليزية Searching for interstellar communications وبتوقيع عالمين معروفين ومرموقين هما فيليب موريسون philip morrison و هو أستاذ الفيزياء في معهد ماسوشوسيت للتكنولوجيا Massachusetts Institut of Technology والمعروف بــ MIT وغيوسيب كوكوني Giuseppe Cocconi العالم الفيزيائي والباحث في المركز الأوروبي للأبحاث النووية Centre européen de la recherches Nucléaire المعروف باسم سيرن CERN بالقرب من جنيف على الحدود الفرنسية السويسرية ، ولقد ورد في فحوى المقال حرفياً التساؤل التالي: لو وجدت في مجرتنا درب التبانة حضارات فضائية متطورة ومتقدمة تكنولوجياً، وإنها ترغب في الاتصال بنا أو بمجتمعات أخرى على الأرض أو خارج المجموعة الشمسية فمن المحتمل أنها ستقوم بإرسال إشارات كهرو ــ راديوية أو إشعاعات كهربائية Radio électriques وعلى طول موجة معروفة ومنتشرة في الكون المرئي ألا وهي طول موجة الهيدروجين المحايد الذري émission radio de L’ Hydrogène neutre atomique بتردد 21 سم . وهي التقنية التي كانت معروفة سنة 1959 لذلك اختارها العلماء كوسيلة للتواصل والاتصال المحتمل والممكن مع الحضارات الفضائية الذكية المتطورة وليس الاكتفاء بالتخمينات بشأنها. وهكذا ولد مشروع أوزما projet ozma وفي نفس تلك الفترة الزمنية كان هناك عالم آخر معروف هو فرانك دريك Frank Drak يتابع في مرصد ناشنيونال راديو الفلكي في غرين بنك National Radio Astronomy observatory of Green Bank نفس الجهود خاصة بعد نصب أول تلسكوب راديوي عملاق على تلال فرجينيا الغربية حيث أعتقد العالم دريك أن من السهولة استخدام هذه الآلة للالتقاط أو تلقي إشارات إشعاعية راديوية من النجوم القريبة. وفي أعقاب الاهتمام الذي أثاره مقال موريس وكوكوني ومساهمة دريك شرعت الأوساط العلمية للمرة الأولى سنة 1960 ، وفي إطار مشروع أوزما، بمحاولة للالتقاط إشارات تدل على وجود أشكال من الحياة المتطورة في الفضاء الخارجي قد ترسل لنا عمدا أو على نحو غير مباشر وغير مقصود إشارات تشعرنا بوجودهم أي أن البشرية كانت متيقنة بوجود تلك الحضارات وإلا ما أنفقت كل تلك الأموال والأجهزة والعلماء بغية إجراء الاتصالات معها. قام الفريق العلمي المكلف بالمهمة بنصب التلسكوب الراديوي العملاق وتوجيهه نحو نجم توستي Tau Ceti وهو نجم قريب إلينا ويشبه نجمنا الشمس. واستمر فريق دريك إلى يومنا هذا بالبحث عن الإشارات الفضائية، وكانت أول جولة قد استغرقت ثلاثة أشهر من العمل المتواصل والدؤوب ولكن لم يستطع الفريق التقاط أية إشارة صريحة أو مشفرة من الفضاء الخارجي من الحضارات الفضائية المتقدمة. وتوسع البحث حيث شمل نجم إبسلون إيردان Epsilon Eridane وهو أيضاً قريب ويشبه الشمس كذلك. وبعد جهد كبير تم تلقي إشارة واضحة ومنتظمة صناعية وليست طبيعية إلا أن التحليل المعمق للإشارة بين أنها جاءت من طائرة كانت تحلق فوق المنطقة. ومنذ العام 1960 انطلقت برامج أبحاث أخرى عديدة في هذا المجال إلى جانب مشروع أوزماOzma بيد أن نتائجها كانت سلبية مما عرضها لتقليص التمويلات المالية التي كانت مخصصة لها. وكانت ذروة تلك الجهود الحثيثة في مجال البحث عن الحضارات الفضائية قد تكللت بتنظيم مؤتمر دولي حول الموضوع في نوفمبر 1961 في مرصد غرين بنك Green Bank شارك فيه أحد عشر من فطاحل علماء الفيزياء والفلك للبحث في مسألة الحياة الذكية خارج الأرض La vie Extraterrestre intelligente وقدمت في ذلك المؤتمر أبحاث علمية في غاية الأهمية. كان من بين المشاركين فرانك دريك وكارل ساغان Carl Sagan اللذين صاغا معادلة رياضياتية غدت شهيرة في جميع أنحاء العالم عن العدد المحتمل للحضارات العاقلة والمتطورة التي يمكن ان تكون موجودة في مجرتنا درب التبانة وعرفت تلك المعادلة بمعادلة دريك ـ ساغان L’équation Drak-Sagan أو المعادلة الجوهرية L’équation fondamentale. كما عرفت تلك المعادلة العلمية أيضاً بإسم معادلة غرين بانك L’équation de Green Bank والتي شارك في وضعها العالم الحائز على جائزة نوبل ملفين كالفن Melvin Calvin برفقة علماء معروفين ممن يتمتعون بمكانة علمية رفيعة مثل كارل ساغان Carl Sagan و أوتو ستروف Otto Struve و فيليب موريسون Philip Morrison و سو شو هيونغ Su Shu Huang وكانت غايتها أن تحسب الحد الأقصى والأدنى للحضارات الكونية التي تحوي حياة عاقلة وذكية متطورة ومتقدمة تكنولوجياً وقدرت تلك المعادلة العدد الأدنى بـ4 آلاف والعدد الأقصى بـ 50 مليون في مجرتنا درب التبانة وحدها حسب نتيجة هذه المعادلة N = R*x Fp x Ne x Fl x Fi x Fc x L حيث يرمز كل عنصر من عناصر المعادلة إلى مايلي: N: يشير إلى عدد الحضارات القادرة على الإتصال. R*: يشير لمتوسط عدد النجوم المشابهة والمعادلة لشمسنا التي تولد كل سنة في مجرتنا (يعتقد ان عدد النجوم في المجرة يقارب من125 إلى 200 مليار). Fp: ويشير إلى عدد النجوم القابلة لاحتواء كائنات حية.أي عدد النجوم التي حولها كواكب(التعداد الحالي يضع النسبة بين 20% و 50%). Ne: يشير لمتوسط عدد الكواكب التي تدور في فلك شموسها والتي توفرت فيها الشروط اللازمة لنشوء وتطور الحياة فوقها. طبعاً الحياة كما نعرفها وندركها نحن البشر على الأرض. وهو يشير إلى عدد الكواكب الممكن تواجد حياة عليها(لكل نجم ذي مجموعة كوكبية يمكن ان يتراوح عدد الكواكب الداعمة للحياة بين كوكب واحد و 5 كواكب). Fl: ويشير إلى متوسط عدد الكواكب التي يمكن أن تتطور فيها الحياة . (النسبة تتراوح بين 100% وتتدنى إلى أعلى من 0% بقليل). Fi: ويشير لمتوسط عدد الكواكب التي يعيش فيها أقوام وكائنات ذكية بلغت حداً من الاستقلالية في الفعل والعمل (التعداد يتراوح بين 100% ويتدنى إلى أعلى من 0% بقليل). Fc: ويرمز لقسم من الكواكب التي تحتوي على شعوب متطورة توصلت إلى مرحلة متقدمة وحضارة تقنية رفيعة والراغبة أو القادرة على الإتصال بغيرها. L: ويشير إلى متوسط عمر حضارة ، نظراً إلى أن حضارتين متشابهتين ومتعادلتين لاتمتلكان أية فرصة للتلاقي والاتصال فيما بينها ـ بسبب المسافات الكونية الهائلة التي تفصل بينهما ـأي أن هذا الحرف يرمز إلى الفترة الزمنية التي خلالها يكون للحضارة الذكية القدرة على إرسال إشارات في الكون قبل أن تفنى (يمكن أن تكون الإجابة جزء في مليار من حياة الكوكب المتواجدة عليه تلك الحضارة و يمكن أن يكون جزء في المليون). كانت المشكلة تكمن في الأعداد والأرقام التي توضع بدل الحروف لمعرفة التقديرات والاحتمالات لذلك لجأ العلماء لمبدأ البساطة أو التبسيط principe de simplicité في اختيار الأبسط والأسهل وليس الأصعب والأكثر تعقيداً. وكانت النتائج تقريبية قابلة للتقليل أو الزيادة. وكان فيرنر فون براون Warner Von Braun مخترع القنبلة الذرية وعالم الفيزياء النووية الشهير قد أعرب في كتاب " وجود الكائنات الفضائية عن وجهة نظره بهذا الصدد قائلاً" أننا لا يمكن أن نكون المخلوقات الوحيدة العاقلة في هذا الكون ولا يمكن أن يكون هذا الكون الشاسع خالي من الحياة الذكية عدا ما هو موجود في كوكب الأرض الذي لا يمثل أكثر من ذرة غبار في صحاري الأرض مقارنة بعظمة وحجم الكون وبالتالي لا يمكن أن يكون الكون عبثياً ومجرد أكسسوار للأرض والحياة البدائية فيها وإنما يحتوي بكل تأكيد على حيوات عاقلة وذكية ومتطورة جداً وتسبقنا بملايين السنين" ويقول علماء آخرون أن تلك الحضارات الكونية المتقدمة تراقب كوكبنا وترعاه عن بعد وتسجل كل ما يجري فيه من تطورات وأحداث على مر الزمن وتقوم بأرشفة تاريخه، وسوف تعرض علينا تلك الوثائق Documentations السمعية ـ البصرية والمجسمة لتكشف لنا كل شيء بما في ذلك سر الحياة وأصل المادة ومصير الوجود ولكن بعد أن ينضج الإنسان بما فيه الكفاية ويصبح عقله جاهزاً لتقبل الحقائق كما هي لا كما وردت إليه بأقلام البشر والمنتفعين وأصحاب المصالح وعقولهم القاصرة، والذين قاموا بتشويه ومسخ حقيقة ما جرى منذ ملايين السنين إلى يوم الناس هذا. فالحضارات الكونية العديدة التي زارت الأرض منذ ملايين السنين وحتى عصرنا الحاضر تكتفي بالمراقبة عن بعد وبالاتصالات المحدودة والمنتقاة بعناية فائقة مع نخبة من البشر، من العباقرة والعلماء والمفكرين، والتدخل لإنقاذ الإنسانية من تدمير نفسها بنفسها في حالات الضرورة القصوى ولكن بصورة خفية وغير معلنة. نحن والآخرون
في 20 آيار مايو سنة 1950 تساءل العالم الفيزيائي الإيطالي الحائز على جائزة نوبل للفيزياء سنة 1938 أنريكو فيرمي Enrico Fermi هل نحن حقاً الحضارة العاقلة والذكية المتقدمة تكنولوجيا الوحيدة في هذا الكون؟ لذلك قرر تحليل إمكانية وجود حضارة فضائية خارج الكرة الأرضية، وتخيل وجود حضارة متمكنة تكنولوجياً من السفر بين النجوم بسرعة أدنى من سرعة الضوء وتكون قادرة على استعمار كواكب خالية أو غير مأهولة والاستيطان فيها بعد تغيير ظروفها المناخية لكي تصبح ملائمة للعيش فيها ومن ثم اعتبار تلك الكواكب المستعمرة بمثابة قواعد للانطلاق نحو كواكب أخرى أبعد فأبعد، أي التقدم على شكل قفزات متتالية وملاحقة في الفضاء. وحسب تقديرات وحسابات العالم الإيطالي فإن كل مرحلة تستغرق بضعة مئات أو آلاف السنن، وبالتالي لا بد من وجود حضارة متطورة دً بما فيه الكفاية من الناحية العلمية والتقنية وتتفوق علينا بمراحل كثيرة تكون قادرة على استعمار المجرة بأكملها خلال بضعة ملايين من السنين وهو زمن يعتبر قصير بالمقارنة بعمر الكون المرئي الذي يقدر بمليارات المليارات منذ نشأته ولغاية موته. لقد تبين لهذا العالم من خلال حساباته أن هناك مفارقة paradoxe اقترنت باسمه وصارت تعرف بمفارقة فيرمي ومختصرها يقول لو إننا افترضنا وجود مثل هذه الحضارة المتطورة لكان من البديهي أنها ستهتم بنا وبنظامنا الشمسي وبكوكبنا القابل لاحتضان الحياة فلماذا إذاً لم تبادر للاتصال بنا ولماذا لا نملك لحد الآن أي أثر أو دليل مادي ملموس لا يقبل الدحض على وجودها أو مرورها في نظامنا الشمسي؟ فلم يعثر البشر على أية مسبارات أو إشارات راديوية او مركبات أو أجهزة أو اتصالات ضوئية أو صوتية تأتينا من تلك الحضارة المفترضة؟ الجواب وببساطة يكمن في كبر المسافات الفاصلة بيننا وبينهم والتي تستغرق آلاف أو ملايين السنين أو ربما لأسباب أخرى يجهلها البشر تعوق أو تمنع مثل تلك الحضارة من إجراء أو إقامة الاتصال الفعلي الملموس والمباشر بنا. استغل المناوئون لظاهرة الأجسام المحلقة مجهولة الهوية ovni هذه المفارقة لتسقيط وتسخيف المؤمنين بوجود الأطباق الطائرة وبأنها مركبات فضائية لحضارات فضائية متطورة تزور الأرض بين الفينة والأخرى وتقوم بمراقبة البشر عن بعد خاصة في منتصف القرن المنصرم وسنوات السبعينات على نحو أخص. حاول بعض العلماء دحض المفارقة عن طريق تفكيك المعطيات والمعايير التي استخدمها فيرمي وقادته إلى هذا الاستنتاج الخاطئ حسب زعمهم. وربما بملايين السنين لا مصلحة لها بالاتصال والتواصل الجنس البشري الذي لا يعدوا بنظرها موضوعاً لإجراء التجارب عليه كما الحال مع الفيروسات أو البكتريا أو الحيوانات البدائية التي تجرى عليها التجارب في المختبرات كالجرذان والضفادع مقارنة بالمستوى العلمي والتقني الذي بلغته تلك الحضارات، فنحن لا نحاول الاتصال تكنولوجيا مع الحشرات والتواصل مع البكتريا والتحدث مع الفئران ومراعاة مشاعرها بل نجري عليها التجارب فحسب لا أكثر لمعرفة تأثيرات عقار أو إشعاع أو ما شابه ذلك. وربما لا ترغب تلك المخلوقات الفضائية المتطورة التدخل في شؤوننا الداخلية كمت نفعل نحن مع بعض المحميات الطبيعية المتوحشة حتى لا نؤثر على توازنها البيئي، وبالتالي قد يكتفون بدراستنا عن بعد بفضل وسائلهم العلمية المتقدمة والمتطورة جدا مقارنة بما لدينا من تكنولوجيا تعتبر بدائية بالنسبة لهم. وربما لا ترى تلك الحضارات الفضائية المتطورة ضرورة أو حاجة لاكتشاف أشكال حياة وحضارات بدائية لا تفيدهم بشيء ويعرفون بوجودها لكنها لا تهمهم فهم ليسوا بحاجة لنا ولا لمصادرنا لأنهم يسيطرون ويستغلون مصادر طاقة المجرة بأكملها. وربما يتطلب الاتصال فترة زمنية تتجاوز العمر المفترض لحضارة ما نظرا لبعد المسافات الفاصلة بين النجوم داخل المجرة الواحدة أو المسافات الهائلة التي نعجز عن تخيلها الموجودة بين المجرات. فحتى لو تمكنت بعض تلك الحضارات السفر بسرعة الضوء فمن الطبيعي أن تكون هناك شبه استحالة لإرسال أو تقلي إشارات ضوئية أو راديوية لأنها ستستغرق آلاف أو ملايين السنين لكي تصل. لقد أشارت دراسة علمية جادة نشرت في موقع ArXiv العلمي المهم الذي يقوم بأرشفة لأهم المقالات، إلى وجود 200 حضارة ذكية ومتطورة على الأقل موزعة على نحو غير منتظم داخل مجرتنا درب التبانة ولا يعرف أحدها بوجود الآخر بل ولا حتى يسعى للاتصال المباشر مع أي منها كما هو الحال معنا فحتى لو رغبنا بذلك إلا أننا لا نمتلك الوسائل التقنية اللازمة لتحقيق مثل هذه الغاية. عندما سئل أحد العلماء المشهورين عن موضوع الحضارات الفضائية على ضوء مفارقة فيرمي أجاب بلا تردد عليكم بمعادلة دريك ـ سأغان. كانت تقديرات دريك ضئيلة وفي الحدود الدنيا الممكنة لكي لا يتهم بالمبالغة والخروج عن الموضوعية العلمية فلقد أعطى للرمز R قيمة 10 و للرمز Fp قيمة 0,5 وللرمز Ne قيمة 2 و للرمز Fl قيمة 1 ز للرمز Fi قيمة 0,01 وللرمز Fc قيمة 0,01 وللرمز L قيمة 10000 وكانت النتيجة بناءا على هذه القيم التقديرية المتدنية جداً حتمية وجود ما لا يقل عن 20 حضارة فضائية متطورة جداً وقادرة على الاتصال والسفر بين النجوم وامتلاك مصدر لا ينضب للطاقة في مجرتنا وكانت هذه النتيجة قد أعلنت سنة 1961، واليوم وبفضل التقدم العلمي والتكنولوجي أعيد النظر في تلك القيم التي أعطاها دريك بمعادلته وكانت النتيجة وجود أثر من 5000 حضارة فضائية متقدمة وذكية مما يعني أن استنتاج دريك يقع على النقيض تماماً من استنتاج فيرمي. نلاحظ أنه باستخدام أصغر الأرقام في كل المتغيرات أعلاه الواردة في معادلة دريك ساغان سنجد أن احتمال وجود حضارات ذكية في مجرتنا يبقى معقولا. فالحضارات الكونية العديدة التي زارت الأرض منذ ملايين السنين وحتى عصرنا الحاضر تكتفي بالمراقبة عن بعد وبالاتصالات المحدودة والمنتقاة بعناية فائقة مع نخبة من البشر، من العباقرة والعلماء والمفكرين ، والتدخل لإنقاذ الإنسانية من تدمير نفسها بنفسها في حالات الضرورة القصوى ولكن بصورة خفية وغير معلنة . وكان مدير العلاقات العامة في وكالة الفضاء الأمريكية ناسا NASA وهو آلبرت شوب Chop قد كتب سنة 1965 " مما لاشك فيه أننا مراقبون من قبل حضارات كونية خارج الأرض . وقد علق عليه مك غوان Mc Gowan " كان عليك أن تقول نحن محكومون من قبل تلك الحضارات وليس مراقبون فقط . وأعقب عليه بالقول الأب المخترع للصواريخ البروفيسور أوبيرث Pr Oberth بالقول " إن أطروحتي تثبت أن حضارات كونية متقدمة تكنولوجياً جداً ومتفوقة علينا كثيراً تعرف الأرض وتراقبها باستمرار وقد قامت بزيارات عديدة منذ آلاف السنين بمركبات فضائية ذات تقنيات ومحركات دفع لايمكن تخيلها من قبل الإنسان وهي قادمة من خارج مجرتنا ولديها محطات وقواعد على بعض كواكب مجموعتنا الشمسية وهي تعرف كل شيء عنا لأنها هي التي أوجدتنا على الأرض". ويخطط الإنسان اليوم لإنشاء محطات فضائية دائمة في الفضاء وعلى سطح القمر تكون نقاط انطلاق لرحلات فضائية أبعد لاكتشاف تخوم الكون ويسعى للقيام باتصالات كونية مع حضارات أخرى حين تتهيأ له الفرصة والقدرة التكنولوجية لذلك. وهكذا انتقلت فرضية وجود حياة وحضارات كونية خارج الأرض من مجال الخيال العلمي والأطباق الطائرة Ovnis إلى مجال العلوم التطبيقية والمختبرية والقيام بالأبحاث الجوهرية سيما داخل منظمة سيتي Search for Extraterrestrial Intelligence- SETI للبحث عن حياة ذكية لا أرضية أو خارج الأرض التي أسسها دريك لالتقاط الإشارات القادمة من الفضاء الخارجي، والقيام باتصالات صوتية لاسلكية بأجهزة راديو تلسكوبية radiotélescopes ضخمة في كل مكان على الأرض في محاولة لتسلم أو تلقي رسائل صوتية تأتينا من حضارات أخرى من عمق الفضاء. الهدف المعلن للبرنامج هو مسح السماء والفضاء الخارجي في جميع الاتجاهات بغية العثور على إشارات مبثوثة عن قصد أو مصادفة من قبل حضارات كونية متطورة قد تدلنا على أصلها أو عنوانها الفضائي وتموضع كواكبها حول إحدى النجوم التي نعرفها أو لا نعرف عنها شيئاً وهي فكرة طموحة جداً ومبنية على مبدأ تحليل الطيف الكهرومغناطيسي القادم من الفضاء الخارجي والفصل بينها وبين الإشارات الصناعية التي يبثها البشر. وقد بدأ العمل في هذا المشروع منذ أواسط الستينات وثبتت الأجهزة على تردد الهيدروجين 1420 ميغاهيرتز. ولقد عمل القائمون على المشروع منذ مطلع سنوات الألفين على إشراك الناس العاديين ممن يمتلكون أجهزة كومبيوتر بيتية شخصية للبحث والتنسيق مع برنامج سيتي من خلال برنامج خاص مجاني يجري تنصيبه على الحاسوب ليقوم بتحليل المعطيات المستلمة من الفضاء الخارجي واستغلال القدرة الحسابية الهائلة لمجموع الحواسيب الشخصية المنتشرة في العالم وكأنها حاسوب عملاق واحد ولقد بدأت هده الخطوة منذ 7 آيار مايو 1999. ولقد أثمرت تلك الجهود في أيلو سنة 2004 عندما أعلن رسمياً عن تلقي إشارة فضائية غير أرضية وغير بشرية من مصدر راديوي هو SHG02+14aRadio Source ويكرس فريق من العلماء جهودهم لتحليل تلك الإشارة الفضائية منذ ذلك الوقت بغية التوصل إلى الدليل القاطع عن أصلها الفضائي العاقل غير البشري لكونها ستدل بما لا يقبل الشك على وجود حياة عاقلة على شكل ما في الفضاء الخارجي. ووفق مبدأ اللامركزية الكونية، لم تعد الأرض، مركزاً للكون كما كان يعتقد الإنسان في الماضي وما أدخلته في ذهنه الأديان السماوية من مفاهيم عن مكانته وأهميته في الوجود، وبات بمقدور أي كوكب يدور حول نجم أن يبدع نمطاً حياتياً في إطار اشتراطات معينة، عبر معادلة دريك-ساغان عن هذه الإمكانية، إذ ربطت احتمالها بعدة عوامل كسرعة ولادة النجم في مجرتنا وتواجد كوكب يحقق اشتراطات دنيا لإيواء الحياة واحتمال إقلاع ظاهرة الحياة عليه وارتقائها من ثم إلى حضارة، وأخيراً وليس آخراً العمر المتوسط للحضارة التكنلوجية، لكن المعادلة على الرغم مما جرى حولها من مناقشات لم تفلح في حسم معضلة الكائنات الحية غير الأرضية، لقد تعزز مبدأ اللامركزية إثر الاكتشافات المثيرة التي حدثت مؤخراً والتي أكدت وجود المواد الضرورية للحياة في الفضاء الكوني حيث تنخفض الحرارة إلى ما دون 270 تحت الصفر المئوي، وكأنها بتلك المواد تنتظر الظروف الملائمة كي تنتشر وتبعث بنمط جديد إلى مسرح الحياة، لربما أنها تساقطت على الأرض في أزمان موغلة في القدم وبرزت الحياة على الأرض من ميتات النجوم المنتمية إلى الجيل الأول من النجوم الكونية منذ عدة آلاف من ملايين السنين، لقد حقنت السحابة البدئية الجنينية مجموعتنا الشمسية وبغزارة بتلك المواد وكان أن دخلت تلك المواد في خلايانا ونسجينا، ويمكننا القول حقاً أننا من الغبار الكوني أتينا وإليه نعود، لا بل إن فروقنا الفردية قد تعزى إلى الأصول المتباينة لتلك المواد، الحديد في دمائنا مثلاً يرجع إلى تفجر النجوم القديمة الأكبر كتلة من الشمس، فكلما كان النجم أعظم كتلة مزق نفسه بسرعة ملحوظة، يقودنا ما تقدم إلى احتمال أن يكون الكون بأسره كائناً حياً هائلاً وأننا لسنا فيه إلا خلايا صغيرة مفصولة، وما هم فيه أيضاً إلا خلايا مشابهة، يبسط هذا الافتراض الإشكالية المتعلقة بمبدأ الشمولية للقوانين الفيزيائية حيث تعزى الشمولية في حالة هذه القوانين إلى ضرورة اتساق وتآلف الأجزاء المختلفة للمتعضية الحية.
البشر وشركائهم من الخطأ أن نسأل عما إذا كنا وحيدين في هذا الكون بل الأصح أن نسأل هل من المعقول أننا وحدنا في الكون المرئي أو المنظور بكل محتوياته التي نعجز عن تخيلها مهما بلغنا من مستوى علمي وتقني فالمسافات مهولة والمكونات من الغرابة بحيث لا يمكن لعقل بشر أن يتصورها فهل كلها موجودة عبثاً وسدى، أو من أجل كوكب تافه لا قيمة له ويوجد هناك مليارات المليارات مثله في الكون ؟ بعبارة أدق، هل يمكن أن نكون الكائنات الذكية والعاقلة والمفكرة والواعية الوحيدة في هذا الكم اللامتناهي من الأكوان المتعددة؟ لقد بات واضحاً وبحكم البديهي تقريباً، حسب آراء عدد كبير من العلماء والباحثين المعاصرين، في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، أن كوننا المرئي والمنظور ليس سوى مكون أولي أو بمثابة جسيم صغير لا يذكر في أهميته وحجمه من بين مليارات المليارات من الأكوان المتوازية والمتداخلة والمتجاورة المتعددة الأشكال والقوانين والماهيات تدور كلها في نطاق وجود حي أكبر وأشمل، هو الوجود المطلق أو الكون المطلق ولن نتمكن ولا حتى بعد مليارات السنين أن نلج أطرافه، بل ولا حتى أن نخرج من نطاق كوننا المرئي ، لأن الوجود المطلق يتواجد بين دفتي اللامتناهي في الصغر حيث هناك ما تحت أو ما دون أصغر جزيء أو جسيم مادي معروف ، أي أصغر من الكوارك، توجد أكوان مأهولة لامتناهية في الصغر يمكننا أن نسميها الأكوان الكوانتية أو الكمومية univers quantiques ، مثلما توجد على الأرض مملكة النمل التي لا تعرف عن مملكة النحل شيئا كثيرا ولا مملكة النحل التي لا تعرف الكثير عن مملكة السمك وهذه بدورها لا تعرف حتى بوجود ممالك البشر فوق وخارج سطح المياه التي تشكل عالمها، وفي اللامتناهي في الكبر يوجد عدد لانهائي من الأكوان المتعددة المتباينة بالحجم والخواص والماهيات والمكونات والقوانين والخصائص. فكوننا المرئي الذي يقدر عمره اليوم بــ 13.8 مليار سنة وهو قطعاً أقدم بكثير من هذا العمر التقديري، يحتوي على مئات المليارات من المجرات التي تبعد عن بعضها مليارات المليارات من السنين الضوئية، لا يعدو كونه إلكترون أو بروتون أو أصغر منهما من مكونات وأساسيات الوجود المادي التي نعرفها في كوننا المرئي بالقياس لحجم ومحتويات الكون المطلق، وهذا التعدد اللامتناهي في الكبر له خصائصه الفيزيائية والميتافيزيائية وهو يعج بالحضارات الكونية المتطورة علمياً وتقنياً بمستوى لا يمكن للبشرية أن تتخيله. ففي كل لحظة كونية تحدث اصطدامات وتفاعلات وتداخلات وانفجارات على غرار الانفجار العظيم البغ بانغ الذي أولد كوننا المرئي وعلى مدى الدهر بلا بداية ولا نهاية فهناك مليارات المليارات من الأكوان الوليدة المتفاوتة الأعمار منها الأكوان الطفولية bébés univers المستقلة التي لا تعي وجودها ولا تعي وجود غيرها من الأكوان الأكبر سناً والأقدم عمراً وهناك العوالم أو الأكوان الفقاعات univers Bulles حسب تصور العالم والفيلسوف أورليان بارو Aurélien Barrau الذي لخص رؤيته في مقال مذهل عنوانه " حقيقة الأكوان المتعددة" وذكر فيه أن كوننا المرئي لا يشكل سوى جزء ضئيل جداً من وجود متعدد الوجوه والصفات مثلما هو الحال مع ذرة غبار أرضية داخل مجرة درب التبانة لا يمكن لعالم الفيزياء الحالي أن يصفه أو يسبر أغواره ويكشف ماهيته، فمثلما توجد كواكب عديدة متنوعة ومتفاوتة الأحجام والتركيبات، وتوجد حشود وأكداس مجرات مختلفة الأشكال والأحجام والأعمار، يحق لنا أن نتخيل وجود أكوان مختلفة ومتنوعة . وهذه الفرضية في طريقها لأن تصبح نظرية علمية وربما ستغدو حقيقة علمية بديهية بعد بضعة عقود من يدري؟ ... إن مفردة كون univers قد تؤخذ بمستوى نسبي وتعني الكون المرئي المنظور المادي الذي نعيش فيه وندرسه، أو بمستوى كلي أو مطلق وتعني كل ما هو موجود، مرئي أو غير مرئي، مادي أو غير مادي، نعرفه أو لا نعرفه، مرتبط بنا أو مستقل عنا، فكل شيء في حالة تطور مستمر وعملية خلق دائمة مستمرة منذ الأزل وإلى الأبد، فكلما تحصل عملية نشوء كون جديد تأتيه كائنات من أكوان أخرى لتعده لاحتضان الحياة فيه وتنتشر الحياة داخل الكون النسبي في كافة المجرات والنجوم وأنظمتها الشمسية من خلال التفاعل الحتمي فكل حياة عاقلة تتطور إلى حضارة متقدمة علمياً تقوم باستغلال طاقة المجرات وزرع حضارات مماثلة لها في كافة أركان الكون النسبي مثل كوننا المرئي المنظور لذلك هناك تنوع لامتناهي من الأجناس والمخلوقات والكائنات منها ما هو على شكل طاقة مجردة يمكنه التنقل في أرجاء الكون المرئي، الذي ترصده مسباراتنا و تلسكوباتنا ومراصدنا الأرضية والفضائية، إلا أنه كون محدود، وفيه نموذج لحياة ذكية وعاقلة وواعية نعرفها هي حياتنا وحضاراتنا المتعددة عبر التاريخ، والتي ظهرت وتطورت على مر الزمن على إحدى كواكبه المسمى كوكب الأرض، ومن البديهي أن هناك تجارب مماثلة لتجربتنا الأرضية ظهرت وتطورت على سطح كواكب أخرى في أنظمة شمسية مشابهه لنظامنا الشمسي، وبالتالي ما لذي يمنعنا من القول أن الصيغة التي نجحت في كوننا المرئي ليست مكررة من قبل في أكوان أخرى موازية أو مجاورة أو متداخلة معه؟ لا ينبغي أن ننسى أن الاكتشافات العلمية الأخيرة في مجال الفيزياء الفلكية والكوزمولوجيا هي التي غيرت بعض الثوابت الجوهرية للفيزياء المعاصرة ودفعت العلماء للتساؤل عما لو كان كوننا المرئي ليس وحيداً وإنما واحداً من بين عدد لامتناهي من الأكوان الشبيهة له أو المختلفة عنه في كل شيء ومن ثم تساءلوا هل يمكننا السفر والتنقل بين الأكوان، وليس بين فقط بين الكواكب والنجوم والمجرات داخل الكون الواحد. مما يعني في نهاية المطاف إحتمالية وجود مخلوقات مثلنا أو مختلفة عنا تقطن تلك الأكوان وما هي أوجه الشبه والاختلاف بيننا وبينهم؟ لذلك تجرأ بعض العلماء من أمثال ميشو كيكو على تخطي حدود العلم والولوج إلى عوالم الخيال العلمي والميتافيزيقيا وتطوير فرضيات ونظريات علمية سابقة لأوانها على أمل التمكن من إثبات صحتها في يوم من الأيام. وبعضهم أصبح مستشاراً علميا لبعض شركات الإنتاج السينمائية والتلفزيونية المتخصصة بإنتاج أفلام الخيال العلمي فعلى سبيل المثال استند المسلسل الشهير المنزلق slider على فرضية علمية نابعة من نظرية تعدد الأكوان والأكوان الموازية والتي تقول أن في كل كون منها نظائر أو توائم لنا فلكل شخص على الأرض قرين يشبهه في كل شيء ويعيش على كوكب توأم لكوكب الأرض والاختلاف الوحيد بينهما هو مستقبل كل منهما. تجدر الإشارة إلى أن فرضية الأكوان المتعددة والمتوازية قديمة جداً وقد سبق أن فكر فيها فلاسفة الإغريق القدماء من أمثال آناكسياماندر Anaxiamandre وديموقريطيس Démocrite وآبيقورEpicure وغيرهم، وتصوروا أن هذه الأكوان أو العوالم المتعددة تظهر وتختفي في حركة أبدية أزلية mouvement éternel فبعضها يولد والآخر ينمو وغيره يحتضر وآخر يموت ويندثر في نفس الوقت مثل النجوم والكواكب في كوننا المرئي ومثل الخلايا في الجسم المادي الحي. ولنتذكر أننا لا نعرف من كوننا المرئي والمنظور سوى جانبه المادي الملموس الذي لا يشكل سوى 5% من مكوناته في حين أن 95% منه مجهول وضعت له تسميات أو مسميات عديدة لم تتعد عتبة الفرضيات كالمادة المظلمة أو السوداء matière noire أو الخفية أو غير المرئية المجهولة الماهية ، والطاقة المعتمة أو المظلمة énergie sombre التي يعتقد أنها هي التي تقف وراء سر توسع الكون حسب افتراض العلماء وهي أيضاً مجهولة الماهية رغم جهود العلماء الحثيثة لمعرفة أسرارها وخصائصها وهم لم ينجحوا بعد حتى في إقامة الصلة والجمع بين ثقالة أو جاذبية آينشتين كما نصت عليها نظريته النسبية العامة وبين فيزياء الكموم أو الكوانتا ، وكل المحاولات والمشاهدات والتجارب المختبرية والحسابات الرياضياتية وتجارب المحاكاة الكومبيوترية والأجهزة والمعدات التكنولوجية المتطورة والمتوفرة بين أيدي العلماء تطرح المزيد من الأسئلة أكثر مما تقدم من أجوبة . النماذج الكونية : هناك عدة نماذج او موديلات لتعدد الأكوان univers multiples أو multivers تقترحها الأوساط العلمية وكل واحد منها يستند على عدد من الفرضيات والنظريات العلمية التي تتعاطى معها الفيزياء المعاصرة . لقد صنف العالم ماكس تغمارك Max Tegmark من معهد ماسوشوست للتكنولوجيا Massachussetts institut of technology-MIT هذه النماذج للأكوان المتعددة في أربعة أصناف catégories : فهناك الأكوان المتوازية من الصنف النوع الأول type 1 وهي التي لا يوجد اعتراض كبير على وجودها في أوساط الفيزياء النظرية فكما هو الحال في كوننا المرئي حيث يوجد لكل مادة مادة مضادة، يوجد في كل واحد من هذه الأكوان المتوازية نظير أو مثيل أو شبيه لنا كأنه توأم قد يتشاركان بنفس الماضي لشخصيتنا على الأرض في كوننا المرئي ولكن ربما سيختلف عنه في مستقبله فالمستقبل دائم التغير فهو قد يقرأ نفس الكتاب الذي يقرأه قرينه في الأرض لكنه قد يتوقف ليفتح الباب أو يرد على رنة الهاتف بينما يستمر الكائن الأرضي في كوننا المرئي في القراءة.لا يمكن لعلماء الأرض البحث عن هذا الكوكب القرين أو التوأم لكوكب الأرض ، و لا يمكن لأقوى التلسكوبات مهما كانت متطورة وقوية أن ترصده لأنه وببساطة يقع وراء الأفق الكوني horizon cosmique لكوننا المرئي الناجم عن الانفجار العظيم أو الكبير البغ بانغ Big Bang حيث وكما هو معروف أن هذا الكون المرئي بدأ من نقطة لامتناهية في الصغر والشديدة الكثافة والحرارة قبل حوالي 14 مليار سنة ثم تطور إثر مرحلة توسع انفجاري هائل وفجائي عرف باسم مرحلة التضخم الكوني phase d’inflation cosmique ومن ثم تباطأ إلا أنه استمر في التمدد se dilater ولو بإيقاع أبطأ، ومع ذلك أثبت علماء كبار مثل الحائز على جائزة نوبل ساوول بيرلموترSaul perlmutter وآدم ريس Adam Reiss وبريان شميت Brian Schmidt أن الكون المرئي عاد ليتسارع ويتمدد مرة أخرى بإيقاع أسرع . فالضوء القادم من أبعد الأجسام التي نرصدها استغرق حوالي 14 سنة ضوئية لكي يصل إلينا حيث كانت تلك الأجسام تقع على حدود الأفق الكوني المرصود إلا أن تلك الأجسام أصبحت أبعد بكثير عنا اليوم بسبب تسارع التوسع والتمدد الكوني حيث يقدر العلماء أن المسافة التي تفصلنا عنها تقدر بــ 42 مليار سنة ضوئية. فمحدودية سرعة الضوء التي فرضتها نسبية آينشتين العامة وهي 300000 كلم/ثانية ، يضاف إليها معدل التوسع المتنامي للكون المرئي يعني أن هناك حيز مكاني هائل في الزمكان الذي لن نتمكن من رصده مطلقاً ولا التأثير عليه لأنه يقع وراء الأفق الكوني المتباعد دوماً وفي ما وراء هذا الأفق الكوني يمكن أن تتواجد الأكوان الموازية لكوننا وهي من النوع أو الصنف الأول حيث أظهرت الحسابات الكومبيوترية والرياضياتية والمحاكات ثلاثية الأبعاد عن توزع المجرات والمواد والنجوم والكواكب في مناطق متخمة بمجرات شبيهة بمجرات وحشود مجرات كوننا المرئي وأقربها لأفقنا الكوني تقع على بعد عشرة أس عشرة أس ثمانية وثلاثون 1038 10سنة ضوئية وهو رقم لا يمكن تخيله. النموذج الثاني لتعدد الأكوان يتجاوز الأول، فهو يفترض أيضاً وجود عدد لا متناهي من الأكوان من النوع الأول السالف الذكر وأغلبها له خصائص وثوابت فيزيائية مختلفة عن ثوابت كوننا المرئي. ويذهب عالم الفيزياء المعروف أندريه ليند Andrei Linde إلى أبعد من ذلك في اقتراحه نظرية التضخم الأبدي الدائم العشوائي أو الفوضوي inflation éternelle chaotique فهو يفترض أن الزمكان وافضاء يتمدد ويتسع باستمرار وبلا توقف وفي كل زاوية وموقع فيه تحدث انفجارات عظيمة من نوع البغ بانغ وتؤدي إلى نشوء أكوان على غرار ولادة كوننا المرئي، وإن كل انفجار من تلك الانفجارات الكبيرة اللامتناهية العدد، تتولد فقاعة كونية Bulle تبدأ بالتمدد والتوسع او الانتفاخ هي بدورها على نحو مستمر مكونة كوناً قد يكون مرئي أو مخفي غير مرئي مثل الفقاعات المتولدة من جراء فتح قنينة شمبانيا وهذه الظاهرة تتكرر باستمرار وعلى نحو دائم إلى ما لا نهاية أي أن هناك توسع ليس في كون واحد بل في كل الأكوان فكل فقاعة تولد عدد لا متناهي من الفقاعات الأكوان وبمجموعها يكون الكون الأم المطلق multivers-gigogne المتداخل بعضه ببعض وبهذا ننتهي من معضلة ما قبل البغ بانغ التي تؤرق العلماء فليس هناك زمن يسبق أو يعقب البغ بانغ هناك زمن مطلق تحدث فيه الانفجارات العظيمة في كل مكان وزمان من الأزل إلى الأبد ولكل واحد منها صفات وماهيات وقوانين وثوابت وخصائص فيزيائية تختلف عن غيرها وتختلف قطعاً عن مميزات وخصائص وقوانين وثوابت كوننا المرئي. قد يتصور البعض أن هذه الفرضية هي نتيجة لخيال جامح لعدد من العلماء المجانين إلا أن التطورات العلمية الأخيرة التي أجريت على نظرية الأوتار الفائقة الشهيرة la théorie de la super cordes عززت هذه الرؤية المذهلة، إذ أن نظرية الأكوان الفقاعات من النوع الثاني تشرح لغز دقة الثوابت الفيزيائية وقيمها الحسابية الثابتة في كوننا المرئي . فلو كانت شحنة الالكترون أقوى ثلاث مرات مما هي عليه الآن فسوف لن يكون بوسع عنصر الكاربون أن يتكون وهو العنصر الأساسي في نشأة الحياة، أي لما وجدت حياة، ولو كانت شحنة الالكترون أضعف بثلاث مرات لما كان بوسع النوى في الذرات المحايدة أو عديمة الشحنة Atomes neutres أن تولد أو توجد ، ولو كانت التفاعلات النووية interactions الشديدة أقوى أو أكبر مما هي عليه الآن لكانت جميع ذرات الكون المرئي إشعاعية radioactifs وبالتالي ما كان بوسع الحياة التي نعرفها أن تظهر وتعيش وتتطور. فالنظريات الحالية، ما عدا نظرية الأوتار، لم تتمكن من شرح الأسباب التي جعلت تلك الثوابت الفيزيائية تتخذ قيما محددة ودقيقة للغاية هي التي أتاحت إمكانية وجودنا الحي. إلا أن فرضية وجود أكوان أخرى التي أفرزتها نظرية الأوتار الفائقة وأبعادها الأحد عشر أو الستة والعشرون، ونظرية وجود أكوان ــ فقاعات بأعداد لا متناهية هما اللتان قدمتا التفسير من خلال مبدأ الأنثروبي principe anthropique، فمن بين هذا العدد اللامتناهي من الأكوان الفقاعات هناك عدد محدود منها ممن احتوى على ثوابت فيزيائية تسمح بنشوء وظهور الحياة والدليل على ذلك هو وجودنا الحي ونحن ندرس ونحلل هذا الوجود ونطرح مثل هذه التساؤلات الوجودية. العالم الفيزيائي لي سمولن Lee Smolin اقترح فكرة مختلفة تقول أن المادة بعد إنهيارها على نفسها وابتلاع الثقب الأسود لها سوف تقذف من جدد من الجهة الأخرى للثقب الأسود مكونة كوناً جديداً ولكن في الطرف الآخر للثقب الأسود أي في أفقه المناقض للأفق المرئي الجاذب horizon de trou noir بحيث لن يكون للكون الجديد أي تأثير على كوننا المرئي وإن هذه الأكوان الوليدة الناجمة عن تقيء الثقوب الأسواد للمواد المبتلعة تقودها وتسيرها قوانين وثوابت فيزيائية مختلفة عن قوانين وثوابت كوننا المرئي. وهذه الفرضية العلمي هي أيضاً ليست وليدة خيال جامح فهي تتيح القيام بتوقعات وتنبؤات حقيقية وتجريبية أو قابلة للاختبار والتجريب حقاً véritables expérimentalement Des prévisions خاصة فيما يتعلق بالكتلة المحدودة masse-limit-e للنجوم النيوترونية étoiles à neutrons. النماذج المذكورة أعلاه ناجمة عن عدة نظريات علمية تصف أو تبحث في الجاذبية أو الثقالة العامة gravitation générale وهي إحدى القوة الكونية الجوهرية الأربعة التي تعمل في المستويات الماكروسكوبية الكبرى أي في اللامتناهي في الكبر في الكون المرئي لكنها لا تأخذ في الحسبان مباديء الميكانيك الكمومي أو الكوانتي principe de la mécanique quantique في المستوى الميكروسكوبي أو اللامتناهي في الصغر أي ما دون الذرية مما دفع العلماء لتخيل صنف ثالث من الأكوان المتعددة. لنتذكر أولاً إن أحد أسس الفيزياء الكمومية أو الكوانتية physique quantique يقول انه من أجل توقع أو تنبوء نتائج بعض التجارب بشكل صحيح يتعين علينا إجراء حسابات تعمل كما لو أن جسيم ما يمكنه أن يتواجد في موضعين أو حالتين مختلفتين في نفس الوقت. قد يبدو هذا الأمر عبثياً للوهلة الأولى لأننا لايمكن أن نتصور منطقيا تواجد جسم مادي في مكانين في آن واحد، إلا أنها الوسيلة الوحيدة التي تمكننا من أن نتوقع على نحو صحيح ودقيق عدد كبير من النتائج التجريبية. ومن هنا اعتبر بعض العلماء أن ذرة مشعة atome radioactif يمكن أن تكون في آن واحد سليمة وكاملة intact ومفككة و مفتتة أومحطمة ومدمرة كلياً désintégré وبالتالي يبدو غريباً أن القوانين التي تتحكم وتقود سلوك الذرات لا تطبق على الأجسام الماكروسكوبية الكبرى كما أظهر العالم شرودينغر Schrö-;-dinger في مفارقته الشهيرة المعروفة باسمه عندما صرح: إذا كانت نظرية الكم أو الكوانتا تصف ذرة سليمة ومدمرة في آن واحد فبإمكانها أيضاً أن تصف قطة حية وميتة في نفس الوقت, وهذه الصيغة هي التي اشتهرت وعرفت بقصة قطة شرودينغر علما بأنه لا يمكن أن يوجد في واقع الحال المادي الذي ندركه بحواسنا مثل هذا الكائن الحي والميت في نفس الوقت، وهو الأمر الذي تصدى له العالم هيغ إيفرت Hugh Everett وتخيل أن الكون ينقسم إلى فرعين مختلفين ومتميزين عن بعضهما وفي كل مرة تعرض ظاهرة كوانتية أو كمومية ما هذا الكون للاختبار والاختيار حيث يحصل تداخل في الحالات superposition d’état وبالتالي فإن قطة شرودينغر لم تكن أبداً وحدها في وضع تداخل الحالات بل الكون برمته ينقسم إلى قسمين أو فرعين يتواجد فيسهما حالتي القطة ففي أحدهما تكون القطة حية وفي الآخر تكون القطة ميتة . وهكذا حسب إيفرت، كلما وقع حدث كمومي أو كوانتي événement quantique ينشق الكون برمته إلى عدة نسخ وكل نسخة تحتوي واقعاً خاصاً بها متميزاً عن الواقع الأصلي وبالتالي فإن كل السيناريوهات ممكنة تقع للحدث نفسه ففي كل مرة نتخذ قراراً تتقرر نتيجته تبعاً لذلك في مختلف الأكوان المتفرعة عنه. طبعا من الصعب إن لم نقل من المستحيل إدراك واستيعاب مثل هذه الأطروحات الفنتازية في واقعنا الحالي. اعتاد العلماء وضع النماذج الكونية أولاً بصيغ ومعادلات رياضياتية نظرية قبل وضعها في قوالب لغوية لذلك نجد هناك عدة تركيبات أو بنيات رياضياتية structures mathématique للنظريات الكوزمولوجية لذلك لم يتوان عالم الرياضيات ماكس تيغمارك في وضع نموذج رابع للأكوان المتعددة يبدو أكثر راديكالية من سابقاته النماذج الثلاثة المذكورة أعلاه وذلك استناداً على التركيبات الرياضياتية البحتة وبالتالي فهو يعتقد أن كل النظريات تشرح كافة الظواهر الفيزيائية المعروفة وتربط بينها في الحقيقة بتركيبات وصيغ رياضياتية قبل كل شيءفكل ما وجدت الصيغة أو البنية الرياضياتية توفرت إمكانية وجود كون يتناسب معها فعلياً وعملياًولقد سبق لآينشتين أن اقترح صيغة رياضياتية لتصور كوني لكوننا المرئي سنة 1915 وجاء لغوياً بصيغة النسبية العامة relativité générale ومفهوم الزمكان l’espace-tempsذو الأبعاد الأربعة . واليوم فإن العلماء الذين يبحثون عن وسيلة للتوحيد بين النسبية العامة والميكانيك الكمومي أو الكوانتي يقترحون أولاً صيغ وبنيات أو تركيبات رياضياتية متنوعة خرجت من رحمها نظرية الأوتار الفائقة والنظرية أم ونظرية كل شيء. فالأولى تتعامل ليس فقط مع ثلاثة أبعاد مكانية وبعد زماني فحسب بل وكذلك مع ستة أبعاد مكانية أخرى إضافية ليصبح مجموع الأبعاد أحد عشر بعداً إلا أننا لا نستطيع رصد أو مشاهدة تلك الأبعاد الإضافية لأنها منطوية على نفسها enroulées sur elles-mêmes على المستوى الميكروسكوبي ومادونه إلا أنها ضرورية ولا غنى عنها حسابياً ورياضياتياً لبقاء وجود النظرية على قيد الحياة رغم أننا لا تعرف لحد الآن بالضبط لماذا انطوت الأبعاد الإضافية على نفسها وغدت عصية على الرؤية بيد أن ذلك يتيح لنا تصور أكوان أخرى ذات أبعاد مكانية وزمانية أو زمكانية منطوية هي الأخرى في مجاهل عصية على الولوج والرصد أو الكشف. الجدير بالذكر أن البرامج الحاسوبية أو الكومبيوترية هي شكل من أشكال الصيغ أو التركيبات الرياضياتية ويمكننا تصور كون ماكس تيغمارك من خلال التعبير السينمائي لنظريته في فيلم الخيال العلمي الرائع ماتريكس Matrix بأجزائه الثلاثة، مما يعكس الفعالية الغامضة للرياضيات داخل العلوم الطبيعية حسب تفسير العالم الحائز على جائزة نوبل أوجين واينرEugène Wigner. وإذا اعتبرنا أن كوننا المرئي ليس سوى إحدى تلك الصيغ أو التركيبات والبنى الرياضياتية الممكنة والعديدة فلا يوجد سبب يجعلنا نندهش من قدرة المعادلات الرياضياتية على وصفه بدقة متناهية. السؤال الذي يفرض نفسه بعد هذا العرض لنماذج الأكوان المتعددة هو: هل هي فعلاً نظريات علمية أم تخيلات ميتافيزيقية imaginations métaphysiques؟ لا ننسى أن الحدود بين الفيزياء والميتافيزياء رفيعة أو نحيفة جداً فما كان يدخل في نطاق الميتافيزيقيا بالأمس أصبح اليوم من المعطيات العلمية المتينة التي لها تطبيقات عملية مذهلة في العلوم والتكنولوجيا والأجهزة والمعدات، وكذلم مانعتبره اليوم ميتافيزيقيا سيكون في الغد القريب أو البعيد بديهياً فالأمر يعتمد على الزمن والتطور والتقدم العلمي والتكنولوجي . فكل نظرية يجب أن تقوم بتوقعات وتنبؤات ثم تأتي التجارب العلمية والمختبرية لإثباتها أو دحضها والحكم ببطلانها أو بصحتها وصلاحيتها. ولكن فيما يتعلق بنظرية الأكوان المتعددة من المستحيل علينا اليوم إثبات صحتها أو خطأها بسبب أن تلك الأكوان لا تتفاعل مع كوننا المرئي أو لأننا غير قادرين على اكتشاف تأثيرها عليه ونوع مثل هذا التأثير المفترض بسبب بدائية أجهزتنا ووسائلنا التقنية وقد نتمكن في المستقبل من تصنيع أجهزة متطورة جداً تكون قادرة على رصدها ومراقبتها أو دراستها ولو تم ذلك فهذا يعني أنها تتفاعل مع كوننا المرئي إذا أننا نعيش داخل هذا الكون ونتعاطى معها من خلاله بطريقة أو بأخرى مما يعني أنها لم تعد تعتبر أكوان متوازية بل جزء غير مرئي في الوقت الحاضر من كوننا أو امتدادا له خارج أفقه الكوني الحالي. وهناك بعض العلماء من يعتقد أنه إذا تعذر في الوقت الحاضر رصد تلك الأكوان على نحو غير مباشر إلا أن النظريات التي تدرس تلك الأكوان يمكن أن تقدم لنا توقعات وتنبؤات رياضياتية ستكون يوما ما قابلة للخضوع للتجربة وإخضاعها للاختبارات المستقبلية خاصة بواسطة الحواسيب الكمومية أو الكوانتية الفائقة القدرة في مجال المحاكاة العلمية وهي تقنية أصغر مليون مرة من أصغر حاسوب محمول صنعه البشر اليوم. وفي هذا السياق قال علماء في الفيزياء ان كاشفاً ضخماً للجسيمات وضع على متن المحطة الفضائية الدولية يحتمل أن يعثر على دليل على وجود الكون المضاد الذي يكثر الحديث عنه في قصص الخيال العلمي. وبينما كان يجري وضع مقياس الطيف المغناطيسي ألفا الذي يبلغ وزنه 8.5 طن على متن طائرة شحن تابعة لسلاح الجو الاميركي بمطار جنيف قال العلماء ان برنامج الابحاث الذي سيستمر 20 عاماً سيكون خطوة عملاقة الى الامام نحو فهم الكون المرئي وما حوله. وقال العالم الاميركي صامويل تينغ الفائز بجائزة نوبل خلال مؤتمر صحفي "اذا كان يوجد كون مضاد ربما سيكون متواجداً هناك بعد حافة كوننا أي ما وراء الأفق الكوني فيحتمل جداً أن يتمكن كاشفنا الموجود في الفضاء من جلب علامات على وجوده. الكون هو المختبر النهائي". وتينغ البالغ من العمر 73 عاماً والاستاذ بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا هو الباحث الرئيسي في المشروع الذي يشارك فيه زهاء 500 عالم وفني من جميع أنحاء العالم. ويقول علماء الكون ان المادة والمضاد المادة اللذين يفني أحدهما الآخر عند التقائهما لتنتج عن ذلك طاقة لا بد أن الانفجار العظيم أوجدهما بكميات متساوية قبل 13.8 مليار سنة، لكن الكون المرئي الذي انبثق اختل فيه التوازن حيث تغلبت المادة على تكوينه. ويأمل العلماء أن يكتشف مقياس الطيف المغناطيسي ألفا أدلة توضح ما حدث لمضاد المادة وما اذا كانت ثمة أماكن أخرى مكونة بالكامل تقريباً من مضاد المادة موجودة على حافة الكون المرئي المعروف ومطابقة لكوننا ولكل ما فيه بما في ذلك الحياة بشكل ولكن بشكل معاكس مثل سالب الصورة الفوتوغرافية أو انعكاس المرآة. والهدف الرئيسي للكاشف المزود بمغناطيس فائق القوة في قلبه هو البحث عن المادة السوداء أو"المعتمة" الغامضة غير المرئية التي تكون مع الطاقة المعتمة أو الداكنة قرابة 95 في المئة من الكون المرئي أو المنظور. ويأمل العلماء أيضاً أن يتمكن مقياس الطيف المغناطيسي ألفا من تقديم معلومات تفصيلية عن الاشعة الكونية المشحونة بالطاقة وهو مجال للبحث لم يتم سبر أغواره ولا يمكن استكشافه الا في الفضاء ، لكنه ربما يجيب على أسئلة لم تحظ باجابات بعد. وقال روبرتو باتيستون عالم الفيزياء الايطالي وعضو الفريق "قد يكشف عن مفاجآت عديدة. لم نكن قط أكثر ادراكاً لجهلنا فنحن نعلم أننا لا نعرف شيئاً عما يتكون منه كل شيء ما عدا خمسة في المئة من كوننا". وقال جون ايليس عالم الفيزياء الافتراضية البريطاني الذي يصفه تينغ بأنه الاب الروحي لفكرة المشروع انه كان دائماً يسعى "للتفكير في أمور ليبحث عنها الذين يجرون التجارب ويأمل أن يكتشفوا أمراً آخر". ولقد نقلت الطائرة الاميركية من طراز سوبر غالاكسي مقياس الطيف المغناطيسي ألفا الى مركز كنيدي لأبحاث الفضاء في فلوريدا لإخضاعه لمزيد من الفحوص، وبعد الانتهاء من هذه الخطوة وضع في شباط الماضي على متن مكوك فضائي ونقل الى المحطة الفضائية في رحلة خاصة وافق عليها الكونغرس الاميركي في أعقاب مساع حثيثة لتينغ وزملائه. ومقياس الطيف المغناطيسي ألفا طوره الفريق المتعدد الجنسيات الذي يعمل في المنظمة الاوروبية للابحاث النووية "سيرن" بالقرب من جنيف والذي يسعى من خلال مصادم الهدرونات الكبير الذي طوره الى كشف أسرار أخرى تتعلق بالكون. وتمول 16 دولة معظمها في أوروبا ومنها ايضاً الولايات المتحدة والصين مقياس الطيف المغناطيسي ألفا الذي قدرت تكاليفه حالياً بنحو ملياري دولار. وبعد كل ما ذكرناه أعلاه هل نحن وحدنا في هذا الكون الشاسع ؟ ليس هناك جواب علمي قطعاً بل سيكون هناك جواب منطقي. فالعقل والمنطق السليمين يقولان لنا أنه من العبث أن يوجد كون نهائي الأبعاد لا نعرف ماذا يوجد خارجه ،أو أن هناك عدد لامتناهي من الأكوان، خالية من الكائنات عدا الجنس البشري الذي يعيش فوق كوكب تافه لاقيمة له بالنسبة لما يوجد في كوننا المرئي المكون من مئات الآلاف من مليارات المجرات والنجوم والمجموعات الشمسية والكواكب وتوابعها من الأقمار ناهيك عن الأكوان التي ليس بمقدرونا رصدها وإثبات وجودها علمياً. شهود الفضاء كان هناك شهود عيان لا يمكن الطعن أو التشكيك بمصداقية ما شاهدوه، وأغلبهم من المتخصصين في مجال المراقبة والملاحة الجوية ومنهم رواد فضاء astronautes وفلكيين astrophysiciens ومشرفين على الملاحة الجوية ومراقبين للأجواء الأرضية contrôleurs aériens ومسؤولين سياسيين وطيارين عسكريين ومدنيين ، وغيرهم كثيرون شاهدوا في سياق حياتهم المهنية ظواهر سماوية غريبة وكان بعضهم شجاعاً في تقديم شهاداتهم الشخصية علناً وصرحوا لوسائل الإعلام أنهم شاهدوا بأم أعينهم أجساماً محلقة مجهولة الهوية OVNIs رغم تجاهل الوسط العلمي والمؤسسات العلمية لشهاداتهم علماً بأن هؤلاء الشهود يقدمون الدليل القاطع والدامغ عما تخفيه الحكومات عن شعوبها من حقائق تتعلق بالأصل الفضائي origine extraterrestre لتلك الأجسام الغريبة وبأنها تظهر باستمرار في أجواءنا وسماءنا وهو ما قد يشكل تهديداً يحاولون إخفاؤه عن الجمهور الواسع بكل والوسائل والسبل خوفاً من انتشار حالة الهلع الجماعي وإظهارهم بمظهر العاجز عن الدفاع عن البشرية. القوة الجوية الأمريكية US Air Force والبحرية الأمريكية US Navy تمارسان بانتظام وصرامة سياسة الحفاظ على السر مهما كلف الأمر ويبتعهما في هذه السياسة العديد من دول العالم . فلقد فرض الجيش الأمريكي منذ عقود طويلة الصمت على هذا السر وعلى كل ما يتعلق بالمخلوقات الفضائية ومركباتها وتكنلوجياتها حتى دمغ البعض هذه السياسة بالمؤامرة العسكرية ــ الصناعية على مستوى الكوكب برمته بغية إخفاء حقيقة وجود كائنات تتفوق علينا بكل شيء وباستطاعتها التنقل في الفضاء الخارجي وداخل غلافنا الجوي الأرضي بواسطة مركبات طائرة ذات قدرات تتجاوز بكثير آخر وأفضل ما صنعه البشر من طائرات في مجال النقل الجوي المدني والعسكري. ويكفي أن ندقق النظر في بعض ما جاء في شهادات كبار الضباط في القوة الجوية الأمريكية وفي البحرية الأمريكية الذي كشفوا في أواخر خدمتهم المهنية عن التهديدات والضغوطات التي مورست عليهم من قبل القيادات العليا والمراتب العليا الكبيرة في الجيش والبحرية بغية ردعهم ومنعهم من التحدث علنا لوسائل الإعلام عما رأوه وشاهدوه بأعينهم من أطباق طائرة OVNIs. فقد أكد السيرجنت sergent ليونارد بريتكو Léonard Pretko في شهادته قائلاً:" في الجيش يعرضونك للسخرية والاستهزاء مثلما تعرضت أنا شخصياً للسخرية والتوبيخ لأني تحدثت مع رؤسائي عن الأجسام المحلقة مجهولة الهوية OVNIs وهددوني بأني لن أصبح رئيساً للعرفاء sergent-chef إذا واصلت التحدث بمثل هذا الهراء وكان المسؤول المباشر عني قد هددني بأنه سيأمر بطردي من الجيش إذا أصررت على كلامي وشهادتي"، وقد أيد هذا لكلام مراقب الرحلات الجوية العسكرية ميكائيل سميث Michael Smith الذي يعمل في القوة الجوية الأمريكية والذي قال في شهادته:" تقوم القوة الجوية بالبحث والتنقيب الدقيق في ملفك الشخصي وأسرارك الشخصية والحياتية الخاصة وتاريخك كله لكي يتمكنوا من تسقيطك كلياً وسلبك أية مصداقية تماماً وتتفيه كلامك مثل الادعاء بأنك مدمن على الخمر وتهلوس أو متعاطياً دائماً للمخدرات إلى حد الإدمان ولديك خيالات وهلوسات أو أن أمك شيوعية أو أية ذريعة مهما كانت سخيفة من أجل الاستهزاء بك وبالطبع لن يمنحوك أي ترفيع في المناصب وربما نفيك كما حدث لزملاء لي إلى القطب الشمالي لمدة ثلاث سنوات تحت خيمة تحت البرد القارس لمراقبة بالونات الأنواء الجوية والمناخية كنوع من العقوبة الرادعة، إذا لم يتمكنوا من إسكاتك أو طردك ولن يتم ترفيعك أبداً، فالرسالة واضحة وقوية ورادعة ولا تقبل اللبس فعليك كمجند الاكتفاء بالصمت وألا تقول أي شيء لأي شخص وإلا". فالإجراءات العقابية الصارمة والرادعة التي تفرض على كل من يتجرأ على انتهاك أو تجاوز أو خرق الأورميتا oser briser l’ormeta أي سر الدولة الأعظم المفروضة على الظواهر الجوية والفضائية غير القابلة للتفسير inexpliqués قد انتشرت داخل القواعد العسكرية، إلى جانب السيطرة التامة على تسلسل وسياق المعلومات والتعامل مع وسائل الإعلام والاتصال الحديثة كالإذاعات ومحطات التلفزيون الرسمية والخاصة والصحافة والإنترنيت، ولقد نجح العسكريون إلى حد ما في التغلغل داخل وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية وغوغول وشبكات التواصل الاجتماعية كالفيسبوك وتويتر وغيرها ومراقبتها والتلاعب بها خاصة في حالة حصول تسرب fuite لسر أو معلومة سرية خطيرة في هذا المجال كما أكد ذلك الدكتور روبرت وود Robert Wood وهو مهندس فضائي يعمل في القوات الجوية الأمريكية في تقرير له لمرؤوسيه :" فمن أجل امتلاك السيطرة التامة والفعالة على هذا الموضوع ينبغي السيطرة والإشراف والمراقبة التامة وعلى كافة المستويات وبالذات على وسائل الإعلام média الموجودة كالأفلام والمجلات والجرائد والصحف والمجلات المتخصصة والانترنيت وأفلام الفيديو والأشرطة أو الأقراص المدمجة الدي في دي DVD وكل ما يتعلق بها إذ بسبب انتشار التكنولوجيا الحديثة وتوفرها بين أيدي الناس العاديين بات على المشرفين والمتحكمين بها بذل المزيد من الجهد والابتكار والتكيف مع متطلبات العصر والبحث عن سبل أخرى أكثر نجاعة وفعالية للسيطرة على الأسرار العليا الغامضة المتعلقة بهذا الموضوع الحساس". ولقد وصل الأمر لردع ومنع العسكريين من الكشف عن أية معلومات وصفت بالسرية المطلقة ومن أسرار الدولة العليا بشأن الـ OVNIs أن تم تعريضهم للتهديد بالاعتداء الجسدي والنفسي والتصفيات الجسدية والقتل وتدبير الحوادث المميتة لهم إذا اضطر الأمر . يتذكر ميرل شين Merl Shane، وهو قائد عسكري أطلنطي في حلف شمال الأطلسي commandant atlantique في البحرية الأمريكية ، كيف زاره شخصان مريبان:" جاءا لاستجوابي حول الموضوع أو الحدث الفضائي الغريب الذي شاهدته بنفسي وأعترف أنهما كانا عنيفين وفظين وتصرفا بشراسة بهذا الشأن وفي لحظة توتر رفعت يدي منبهاً أنني لست خصماً ولا عدواً لهما وإنني أقف إلى جانبهما في نفس المعسكر لأنهما لم يكونا ودودين على الإطلاق ولقد أبديا منذ البداية سلوكاً عدوانياً تهديدياً تجاهي وأفهماني بوضوح أن لا شيء مما رأيت يجب ألا يخرج من هذا المبنى وإلا فالعواقب ستكون وخيمة علي وعلى عائلتي ". وغالبا ما يشير الشهود العسكريون إلى مثل هذين المحققين الشرسين اللذين يستجوبان بخشونة وعنف وفظاظة لا مثيل لها ويستجوبون كل الشهود العسكريين الذين شاهدوا أجساماً محلقة مجهولة الهوية OVNIs. من هنا تأتي أهمية شهادة رئيس العرفاء sergent-chef دان موريس Dan Morris فلقد اعترف ضابط القوة الجوية الأمريكية هذا بأنه كان ضمن الفريق المتخصص بتنظيم حملات الإعلام المضلل أو الإعلام المضاد les désinformations :" لقد أصبحت عضواً في فريق مهمته التحقيق بكل الوسائل وجمع المعلومات وكذلك علي أن أذهب بنفسي لاستجواب الناس الذي يدعون أنهم شاهدوا أشياء غريبة محلقة في السماء وتهبط على الأرض ومحاولة إفهامهم وإقناعهم بأنهم لم يروا شيئاً حقيقياً وما شاهدوه ليس سوى وهم بصري أو ظاهرة طبيعية يجهلون طبيعتها أو أن يكون قد حصل لهم نوع من الهلوسة المؤقتة hallucination " كما ذكر في شهادته أن الأمر قد يتعدى مجرد التحذير اللفظي والاضطرار إلى إرسال فريق تحقيق أكثر خشونة وشراسة وعنفاً إذا أصر الشهود على ترديد وتصديق ما شاهدوه والتحدث به مع الآخرين وعبر وسائل الإعلام فإذا لم يرتدع مثل هؤلاء الأشخاص يأتيهم فريق آخر من المحققين ليشهروا أمامهم كل أنواع التهديد نحوهم شخصياً ونحو أسرهم وعائلاتهم ونسائهم وأطفالهم إلى جانب تسخيفهم وتسقيطهم والسخرية منهم وبث الإشاعات من حولهم ونزع المصداقية عنهم وطردهم من مناصبهم ووظائفهم . وإذا لم تنجح كل تلك الوسائل الرادعة سوف يلجؤون إلى وسائل أخرى أشد من بينها التصفية الجسدية والاغتيال عن طريق تدبير حوادث مميتة للشهود العنيدين". وبالرغم من كل هذه الإجراءات العقابية الرادعة والخطيرة إلا أنها لم تمنع بعض العسكريين عن الحديث ولم تفلح في إجبارهم على الصمت والسكوت عما شاهدوه من ظواهر غريبة وأجسام محلقة في الفضاء مجهولة الهوية وليست أرضية ولا بشرية وهم الأعرف بذلك بسبب اختصاصاتهم في هذا المجال. فبعض أفراد القوة الجوية من كبار المراتب والطيارين وضباط الرادارات فضلوا الانتظار سنوات طويلة واستغلال فرصة إحالتهم على التقاعد وهم في خريف العمر بعد عقود من الصمت القسري وتأنيب الضمير ليقوموا في آخر المطاف بالإدلاء علنا بشهاداتهم والتحدث بجرأة وصراحة بعد أن انتهت وسائل الضغط المسلطة عليهم أثناء خدمتهم العسكرية. وهذا هو حال الضابط ومسؤول المراقبة الجوية contrôleur aérien ميكائيل سميث Michael Smith الذي انتظر عدة عقود ليتمكن أخيرا من الحديث عن تجربته الشخصية الغريبة التي تحولت إلى هاجس يقض مضجعه ويسكنه منذ العام 1970 ولقد قال في شهادته:" في ربيع سنة 1970 عندما كنت في موقعي في قاعدة كلاماث فالس Klamath Falls في الأوريغون Oregon وصلت إلى محطة الرادار لتسلم مهمتي المسائية فوجدت بدل الشخصين أو الثلاثة المعتادين عدد كبير من الأشخاص من مختلف الرتب والاختصاصات وهم يراقبون جسماً محلقاً مجهول الهوية OVNI ويتابعونه على الرادار وكان ذلك الجسم الفضائي مستقراً في وضعيته في الغلاف الجوي الأرضي ولا يتحرك وفجأة هبط ببطء وبهدوء تام إلى أن وصل إلى ارتفاع منخفض واختفى خلف الجبل وفقدنا الاتصال به عبر الرادار ثم بقي في مستوى منخفض لمدة خمسة عشر دقيقة ثم ارتفع فجأة وبسرعة 80000 قدم أو 24000 متر . ثم صار يتحرك ببطء ويراوح بحركته في مكانه وقام بنفس الحركة ثلاث مرات وأنا أراقبه على الرادار وأستطيع أن أؤكد لكم أنه لا توجد أية طائرة يمكنها أن تتسارع وتتباطأ بهذه السرعة وهذه الكيفية مما كنا نعرفه ونصنعه نحن البشر في تلك الفترة الزمنية لأنه من المستحيل التحرك بهذه الصورة بسبب الجاذبية لذا كان من البديهي القول أنه جسم فضائي لا يشبه ما نملكه من الطائرات في ذلك الوقت.: ثم اختتم شهادته بالقول أن هناك المئات بل الآلاف من الشهادات لهذا النوع من الظواهر الفضائية شوهدت من قبل أناس موقرين وكفؤين وأهل للثقة سجلوها أثناء أدائهم لمهماتهم ومراقباتهم الرادارية العسكرية والمدنية. قررت السلطات الأمريكية أن تقوم بخطوة من أجل إجراء عمليات رصد عن قرب لهذه الأجسام الغريبة المحلقة في أجواءنا فقررت إرسال عدد من الطيارين لمطاردتها وملاحقتها في الجو والاقتراب منها قدر الإمكان بغية تكوين معرفة أعمق لتكنولوجيا الطيران التي تستخدمها تلك الأجسام الفضائية غير الأرضي وغير البشرية ومحاولة معرفة نواياها . وكان من بين هؤلاء الطيارين الذين درسوا ظاهرة الأجسام المحلقة مجهولة الهوية OVNIs السيرجنت الطيار شوك سورلايس Chuck Sorlis وهو من ضباط الجيش الأمريكي المخضرمين في القوة الجوية لذلك فإن ما يقوله ويعرضه من معلومات حساسة عن تلك الأجسام الغريبة يكتسي أهمية قصوى ولها قيمة ذات دلالة عميقة فلقد صرح قائلاً:" وقعت الحادثة في 7 أكتوبر عام 1965 في قاعدة ادوارد الجوية base aérienne d’Edward حوالي الساعة الواحدة والنصف صباحاً عندما لاحظت ذلك الضوء الساطع المتلألئ اللماع والمتألق شرق البرج الذي كنت فيه، كان ضوءاً أخضر اللون ويوجد تحته ضوء أحمر وكان هذا الأخير من النوع النابض يبعث ذبذبات وكان في قمة الجسم الطائر لمعان لضوء أبيض يبرق وكان مدير نقطة مراقبة لوس أنجلس يتابع المشهد من محطته إلى جانب أربع محطات رادار تتلقى أصداء تلك الإشعاعات وقد تمكن الطيار المكلف بمهمة الملاحقة ثلاث مرات من إجراء ما يصطلح بتسميته " إتصال contact" التي رددها ثلاث مرات ما يعني أنه أجرى اتصالاً مع الجسم الطائر الفضائي الغريب وسجل الاتصال على رادار الطائرة داخل قمرة القيادة في طائرته وهو الأمر الذي أخفي عن الجميع مع إنه كان اتصالاً حقيقياً موثقاً وعند حلول النهار ابتعد الجسم الطائر محلقاً عالياً جداً إلى ارتفاع لن تتمكن أي طائرة بشرية من بلوغه مبتعداً أكثر فأكثر في المجال الجوي " لهذا شعر هذا العسكري المخضرم والمتقاعد بعد تأنيب ضمير دام سنوات طويلة بالارتياح النفسي وهو يبوح بهذا السر دون خشية على حياته المهنية ودون خوف من غضب مرؤوسيه عليه ومعاقبته جسدياً وهو في نهاية عمره تقريباً . وهناك شهادات أهم وأرقى في هذا المجال توفرت من قبل مجموعة من رواد الفضاء Astronautes باعتبارهم شهود عيان من الخطوط الأولى لهذه الظاهرة الغريبة. وبالرغم من التعرض لمخاطر العقوبات ونزع المصداقية عنهم discrédités من قبل زملائهم والسخرية منهم فقد تجرأ عدد منهم ممن على التصريح علنا بما شاهدوه مهما كانت العواقب والحال أنه لا يمكن الطعن بمصداقية ما يقولونه خاصة وهم المدربون على التعامل والتعاطي مع الظواهر الفضائية والجوية والمناخية ومشاهدات وتفسير تلك الظواهر لأنها من اختصاصهم ولا يمكن اتهامهم بالهلوسة أو وصمهم بالتخيل والخلط بين ما شاهدوه مع مذنبات أو شهب أو انعكاسات ضوئية أو كواكب أو ظواهر جوية نادرة أو مألوفة فلا يمكن أن يختلط على رائد فضاء مركبة فضائية مع كوكب الزهرة أو زحل أو المشتري من هنا تعتبر شهاداتهم علمية وذات قيمة علمية قصوى. لقد صرح عدد من رواد الفضاء أنهم شاهدوا خلال تجربتهم المهنية مركبات فضائية غير بشرية وغير أرضية des engins extraterrestres ومن بين هؤلاء الرواد رائد الفضاء الأمريكي غوردن كوبر Gordon Cooper الذي كان ضمن فريق مهمة ميركوري الفضائية mission mercury في سنوات الستينات. فبعد أن نفى وجود الأجسام المحلقة مجهولة الهوية OVNIs تنفيذاً لتعليمات رؤسائه الصارمة اعترف أخيرا بعد تقاعده بوجود مركبات فضائية غير أرضية وغير بشرية متطورة جداً تجول في الفضاء خارج الغلاف الجوي للأرض وأحياناً داخل الغلاف الجوي الأرضي أيضاً. ففي سنة 1985 ألقى غوردن كوبر خطاباً رسمياً في الأمم المتحدة كان من المفترض أن يكون له وقع القنبلة أو الصاعقة على الرأي العام العالمي لو لم يتم خنق تصريحاته برقابة صارمة وتكتم شديدين والتقليل من أهميتها . وكان قد صرح أنه يجب أن نقوم بتقديم معلومات شفافة وصريحة للناس ونبني استراتيجية سلمية تجاه الأجسام المحلقة مجهولة الهوية OVNIs ذات الأصل الفضائي أو المجري الآتية من كواكب وحضارات فضائية بعيدة. وأضاف :" أعتقد أن تلك المركبات Vaisseaux الفضائية اللاأرضية وملاحيها الذين يزورون الأرض بين الحين والآخر قادمين من أعماق الفضاء من كواكب وحضارات أخرى هم على مستوى تكنولوجي وعلمي هائل وأرقى منا بكثير ومتفوقين علينا في كل شيء وأعتقد أننا بحاجة لبرنامج منسق على مستوى عالي جداً من أجل جمع وتحليل المعطيات الفضائية علمياً وأقصد بها المعطيات التي تأتينا منهم وأن يكون هناك تنسيق شامل ودقيق على مستوى الكوكب الأرضي بغية تحديد الكيفية التي يجب اتباعها للتعامل معهم والاتصال بهم سلمياً واتخاذ أفضل السبل للتحاور مع زوار الحضارات الفضائية وعلى نحو ودي وسلمي. وعلينا أن نظهر لهم أننا تعلمنا كيف نحل مشاكلنا بطرق سلمية وليس عن طريق الحروب والتدمير والعنف وإننا لسنا عدوانيين بطبعنا لكي يقتنعوا بقبولنا كعضو كامل العضوية ضمن الفريق الكوني او الكونفدرالية الكونية التي تدير شؤون المجرة بغية الاعتراف بنا كحضارة بشرية متطورة ومن شأن ذلك أن يوفر لعالمنا إمكانيات مذهلة لتحقيق التقدم في كافة المجالات وتوفير الطاقة والسيطرة على كافة مشاكل البشرية. ويبدو أن الأمم المتحدة هي المؤسسة التي تمتلك الأهلية والحق للتعامل والتعاطي باسم الجنس البشري مع هذا الموضوع بالطريقة الملائمة والصحيحة وبالسرعة اللازمة". وأضاف في ختام خطابه التاريخي قائلاً:" لقد عشت سنوات طويلة أخفي في داخلي سراً وهو السر الذي فرض علي وعلى بقية الاختصاصيين ورواد الفضاء من زملائي بصورة قسرية واليوم بوسعي أن أقول أن هناك وفي كل يوم في الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من دول العالم ظواهر فضائية غريبة تكشفها ردارات وتسجل تحليق أجسام محلقة ذات طبيعة مجهولة وهي قطعاً ليست بشرية. وهناك آلاف من التقارير والشهود وكم هائل من الوثائق والصور التي تثبت ما أقوله ولكن لا أحد يرغب بنشر ذلك على الملأ علناً لماذا؟ لأن السلطات تخشى من خوف الناس الشامل وتفشي حالة من الهلع والفوضى الجماعية لأن الناس سيتخيلون نوعاً من الكائنات الفضائية المرعبة ستقوم بغزو الأرض وإبادة الجنس البشري لذلك فإن التعليمات الرسمية تقضي بتفادي حدوث مثل هذا الرعب والذعر الجمعي بأي ثمن حتى لو كان بالقوة".
صلاحية وصحة نظرية الانفجار العظيم البغ بانغBig Bang تمكن العلماء من خلال مهمة التلسكوب الفضائي بلانك LE SATELLITE PLANCK الذي أطلقته الوكالة الأوروبية للبحوث الفضائية سنة 2009 ، من التغلغل عبر الزمن والعودة إلى ماضي الكون المرئي السحيق، إلى الأصول المعلومة ليرسم لنا خريطة للكون البدئي أذهلت الفيزيائيين والفلكيين على السواء, لقد تمكن هذا التلسكوب من رسم صورة مذهلة بين تاريخ اطلاقه في 2009 و نهاية سنة 2012 للإشعاعات الأولية الضوئية الأولى التي أطلقها الكون البدئي منذ نشأته الأولى قبل حوالي 13.8 مليار سنة وبدقة أكبر بعد 380000 سنة من ظهور الكون المادي الذي نعرفه ونعيش فيه. وهذا يعني من بين أشياء كثيرة أن بلانك أثبت وبشكل قطعي علمياً صحة وصلاحية نظرية الانفجار العظيم المعروفة باسم البغ بانغ Big Bang أي أن كوننا المرئي الذي يتخذ الشكل الدائري أو البيضوي la forme d’une sphère قد تشكل في أعقاب انفجار هائل بدأ من نقطة متناهية في الصغر ومن ثم مر بمرحلة التضخم الانفجاري الهائل inflation الذي أثبت تلسكوب بلانك حدوثه فعلاً وبعد ذلك دخل مرحلة التوسع والتمدد بمعدل 67 كلم في الثانية. إلى جانب الإنجازات الإيجابية التي أعطاها تلسكوب بلانك الفضائي إلا أنه كشف عن جملة من الألغاز الغامضة التي تبحث عن حلول. فهناك بقع taches في الصورة يصعب تمييزها من قبل الناس العاديين لكنها ألغاز تحتاج للتفسير والتوضيح بالنسبة للعلماء. ويعتقد العلماء أن المعطيات التي حصدها تلسكوب بلانك سوف تلقي الضوء على المراحل الموغلة في القدم التي سبقت حدث الانفجار العظيم أي في مرحلة ما قبل الولادة. يعتقد علماء أن مفتاح أسرار الكون المرئي سوف يكتشف في السنوات القادمة من خلال الجمع بين نتائج تلسكوب بلانك ونتائج مسرع أو معجل الجسيمات في سيرن l’accélérateur de particules européen، le CERN الذي كشف لنا بوزونات هيغز أو بوزونات الرب Boson de Higgs وهي جسيمات أولية تعتبر مصدر الكتلة للكثير من الجسيمات الأولية الأخرى وهناك اعتقاد بأن بوزونات هيغز كانت موجود قبل وقوع الانفجار العظيم حيث تحولت من كونها مصدر غير فيزيائي إلى مظهر فيزيائي . تكلل قرن من البحوث بالنجاح بفضل مهمة التلسكوب الفضائي بلانك الذي أعطانا صورة دقيقة عن الضوء الأقدم في الكون المرئي. حيث تمكن من العثور على بقايا وآثار الانفجار العظيم ومازال أمام العلماء عمل دؤوب وحثيث وجهد كبير لاستكمال التحليلات والدراسات التي يجروها على هذه الصورة المذهلة لطفولة الكون المرئي والقيام برحلة في الزمان والمكان وسبر أغوار الفضاء للعثور على أجوبة للتساؤلات الوجودية التي طرحتها البشرية على نفسها حول كيفية ظهور الكون وهل كان وليد الصدفة وماذا كان يوجد قبل ظهوره أو ولادته؟ فلقد ثبتت صحة النموذج المعياري modèle standard ومعلومات غنية وكثيرة عما كان عليه الكون قبل وقوع الانفجار الكبير. فبعد التحليل الدقيق للصورة ـ الخريطة cartographie التي التقطها التلسكوب بلانك للكون بعد ولادته مباشرة لوحظ وجود تشوهات وخروج على القياس وبعض الشذوذ des anomalies وتباين ملفت ومدهش في التناظر بين القطب الشمالي والقطب الجنوبي لصورة الكون الأولية أي نوع من اللاتماثل واللاتساوق dissymétrie يشير إلى الشمال كان أبرد من الجنوب حيث يعجز مستوانا العلمي الحالي عن تفسير ذلك رغم أنه يطعن بفرضية الاتساق الكوني l’homogénéité de cet Univers ويعتقد الأخوة إيغور وغريشكا بوغدانوف Igor et Grichka Bogdanov أن ذلك يدل على بقايا لما كان موجوداً قبل الانفجار الكبير أو العظيم مما يعني حسب علماء الوكالة الأوروبية للبحوث الفضائية l’Agence spatiale européenne (ESA) إمكانية وجود مرحلة سابقة لحدث الانفجار الكبير أو العظيم للكون المرئي فالكون الحالي ليس على الصورة التي كنا نتوقعها عنه لكننا وصلنا الآن إلى الحدود القصوى لمعرفنا الكونية. يبدو الكون بعد 380000 سنة من ظهوره في غاية الدقة والتنظيم ويخضع في سيرورته وعمله إلى قوانين فيزيائية غاية في الدقة والحال إن تلك القوانين خاضعة بدورها لقيم وقواعد مرقمة ثابتة غير قابلة للتغيير ومجردة رياضياتية مثل العدد بي chiffre Pi الذي بدونه لم يكن ممكناً لكوننا أي وجود حقيقي . فهذه المعايير والخصائص الرياضياتية ces propriétés mathématiques موجودة قبل البغ بانغ الانفجار العظيم وقبل أن يؤدي هذا الانفجار إلى ولادة المادة. فالمادة والطاقة متمثلة بالضوء والثقالة أو الجاذبية لم يكونا موجودين قبل الانفجار الكبير أو العظيم كما لو أن شيفرة أو كود جيني كوني code génétique سابق للوجود المادي كان موجوداً قبل الانفجار العظيم على غرار الشيفرة الجينية للكائن الحي الموجودة قبل ولادته في الجينات الوراثية لأهله وهي مرحلة المعلومة المكونة من الشيفرة الكوزمولوجية ère de l’information» serait constituée d’un code cosmologique حسب تعبير الأخوة بوغدانوف في كتابهما الأخيرة عن أسرار مهمة التلسكوب بلانك الذي صدر قبل أيام. وكانت تلك الشيفرة من الدقة بمكان بحيث تجعلنا نفكر بأن الكون لم يكن وجوده وليد الصدفة على الإطلاق. ويمكن التحقق من صحة هذا الافتراض بواسطة أداتين علميتين متوفرتين بين يدي العلماء اليوم ألا وهما تلسكوب بلاك الفضائي ومسرع أو معجل ومصادم الهادرونات الكبير في سيرن فالأول يوفر آثار ملموسة ومرئية للمرحلة المعلوماتية التي سبقت البغ بانغ حيث سيكشف عن المزيد من الأسرار والألغاز الغامضة وينتظر الكشف عن القسم الثاني من المعلومات في نهاية عام 2014، والثاني وهو مسرع ومعجل ومصادم الجسيمات العملاق في سيرن CERN الذي كشف عام 2012 عن بوزونات هيغز التي أولدها حقل أو مجال هيغز champ de Higgs وهو مجال أو حقل غير موجه champ « scalaire لا يمكن أن يوجد إلا في مرحلة سابقة للانفجار العظيم، وبالتالي فنحن على أعتاب ثورة في عالم العلوم سوف نلمس آثارها في السنوات القليلة القادمة. فبعد الانتهاء من معرفة كوننا المرئي أو المنظور وسبر أغواره وكشف اسراره سيقودنا ذلك حتماً إلى الخروج منه إلى ما ورائه أو ما حوله الذي قد يتكون من أكوان أخرى متعددة مجاورة أو متداخلة معه أو موازية له. ولكن هل هناك أكوان موازية حقاً؟ وهل نحن وحدنا في هذا الكون؟ بل هل سبق أن طرحت على نفسك مثل هذا السؤال من قبل؟ وماذا لو تساءلت هل هناك أكثر من كون؟ لم تعد مسألة أن هناك أكوان أخرى غير كوننا المرئي الذي نعيش فيه تثير الاستهجان. فالعالم الأمريكي من أصل ياباني ميشيو كاكو يقول : تخيل أن يكون هناك نسخة منك في أكثر من كون وأكثر من أرض..” فأنت في كون تعمل مهندساً ولكنك في الكون الأخر تعمل محامياً أو ربما في محطة بنزين أو غير ذلك". أكوان متعددة ولكن توجد لك أكثر من نسخة مختلفة! في كل كون هذا ما تقوله نظريات الكون المتعدد: هناك أكثر من نسخة “أكثر من كون واحد فهل هناك أكثر من أرض؟ فلنفترض أننا في كون واحد ولكننا في أكثر من أرض، لكن هذه الأرض الأخرى قد تكون أقرب إلينا من القمر، وقد تقع في أسفل أقدامنا في باطن الأرض.. تصور لو أن مركز الأرض ليس إلا عبارة عن طبقات من الأراضي المختلفة، والتي يعيش فيها أناس مثلي ومثلك لهم غلاف جوي مثل كوكبنا بل إنهم يرون ضوء الشمس مثلك تماماً!!! كيف وأين ومتى؟!!.. هذا ما تقوله ” نظرية الأرض المجوفة” .. نظريات العلماء: (1) الكون المتعدد يعني أن هناك “أكثر من كون واحد ” : نظرية تعدد الأكوان أو الـ Multiuniverse هي عبارة عن المجموعة الافتراضية المكونة من عدة أكوان – بما فيها الكون الخاص بنا – وتشكل معاً الوجود بأكمله: - نظرية The Tangent Universe _الكون الموازي Parallel Universe وتعني الكون الموازي لعالم الفلك الشهير ستيفن هوكنغ، وهي نظرية من ميكانيكا الكم والتي يقول فيها أن هناك أكواناً أخرى غير كوننا بأبعاد مختلفة عن التي نعيش فيها، فإذا كان الإنسان يعيش في أربعة أبعاد يشكلها المكان طولاً وعرضاً وارتفاعاً والزمان كبعد رابع فإن نظرية الكون الموازي تفترض وجود أحد عشر بعداً في تلك الأكوان. والبعض يفترض وجود خمسة أبعاد وهناك من يقول أن هناك سبعة أكوان وجميعها أرقام افتراضية . يعتقد العلماء بإمكانية وجود أكوان متوازية وقد يكون هناك عدد لا حصر له من الأكوان المتوازية، ونحن نعيش في واحد منها ونشاركهم مصيرهم. هذه عوالم أخرى تحتوي على المكان والزمان، بل أن بعضهم قد يحتوينا نحن كأشباه لنا بصورة مختلفة قليلاً!! ويعتقد العلماء أن هذه الأكوان المتوازية يمكن أن تبعد أقل من ملليمتر واحد منا أو متداخلة معنا ولكن في بعد خفي غير مرئي، وفي الواقع فإن الجاذبية هي مجرد إشارة إلى ضعف يتسرب من كون إلى آخر! إن الكون الذي نعيش فيه هو مجرد واحد بين العشرة فقاعات الغشائية، وفي تصريح لـبي بي سي قال الدكتور باري جونز وهو أحد العلماء المعروفين “أن هناك عدداً كبيراً من تجمعات الكواكب الموجودة بعيداً عن نظامنا الشمسي، ولقد اكتشف العلماء أن هناك ثمة كواكب مشابهة للأرض منتشرة في كل أرجاء الكون المرئي والحال أن العلماء اكتشفوا مؤخرا مجموعة من الكواكب الشبيهة بكوكب الأرض تدور حول نجوم أخرى شبيهة بالشمس ويعكفون حاليا على دراستها. وهناك أقاويل عن بعض نظريات آينشتاين في هذا المجال التي وجدت في بعض مذكراته، حيث قال أنه قام بحرق ما دونه من هذه الافتراضات، وقال “أن العالم الآن ليس مستعداً لمثل هذه النظريات فلقد افترض آينشتاين أن العالم عبارة عن كتاب مكون من عدة صفحات وكل صفحه عبارة عن عالم “كون” مستقل بذاته، فلو أن عالمنا مدون بالحبر فالعالم الآخر في الصفحة الثانية مدون بالحبر السري أو غيره وبهذا فإننا لانراه لأنه مختلف عنا بمواد تكوينه ومحتوياته وقوانينه. ماهي محتويات ومكونات الكون الموازي المفترض؟ يعتقد بعض العلماء أن في الكون الموازي شخصيات تشبهنا في الشكل تماماً وذلك لتحقيق التوازن في الكون بل إن البعض قد يقول إنك في الوقت الذي تقرأ فيها هذا الكلام الآن قد تكون في الكون الأخر تشاهد التلفاز أو في ملعب لكرة القدم وفي الكون الثالث غارقاً في نومك أو في كون رابع تكون قد توفيت. بينما يرى البعض ان الأكوان الموازية ما هي إلا رديف للكواكب المأهولة الشبيهة بالأرض أو كما تسمى “الكواكب الأرضية”، وهي كواكب تقع في مجرات أو مجموعات شمسية أخرى بنفس الظروف المناسبة لوجود حياة فيها وهي المناطق المأهولة أو الآمنة. ففي عام 2007 عثر على كوكب أطلق عليه اسم Gliese 581 d وفي عام 2009 وجد أنه يقع في المنطقة المأهولة من حيث بعده عن نجمه. اكتشف كذلك كوكب أطلق عليه اسم Gliese 581 g عام 2010 وهو أكثر كوكب شبيه بالأرض حتى يومنا هذا ويبعد عنا 20 سنة ضوئية .هناك رأي يقول بأن الكون الموازي ما هو إلا انعكاس لعالمنا الحالي حتى يحدث التوازن بين العالمين، فلابد من وجود عالم معكوس لنا فما يقع في جهة اليمين في عالمنا يكون بشكل عكسي في العالم الموازي ويقع في جهة اليسار، بل إن الانعكاس قد يكون في الجوانب النفسية أيضاً أي أن مواقع الخير والشر معكوسة أيضاً!! استعان عدد من العلماء المهتمين بموضوع إمكانية السفر والتنقل بين الأكوان المتعددة إلى نظرية العالم لي سمولان Lee Smolin التي تقول أن أكواناً جديدة تولد دائماً من جراء قذف المواد التي ابتلعتها الثقوب السوداء والتي تخرج من أعماقه بعد تعرضها لعمليات غريبة لكي تتلائم مع أبعاد زمكانية وفيزيائية جديدة تقع في الجانب الآخر للثقوب السوداء أي افترضوا أن هناك إمكانية للخروج من الثقب الأسود ولكن ليس داخل كوننا المادي المرئي المحدود بي في أكوان موازية . المبدأ العلمي في كوننا المرئي يقول باستحالة ذلك لأن الثقالة أو الجاذبية الموجودة داخل الثقب الأسود من القوة بمكان تجعل كل ذرات المادة تتفتت علماً بأن هندسة الزمكان الآينشتيني تقدم لنا معادلات رياضياتية تقول أن مثل الرحلة ممكنة وليست مستحيلة لكنها يمكن أن تحدث عبر بعض أنوان الثقوب السوداء الخاصة جداً والتي تشبه إلى حد ما الثقوب الدودية tous de vers التي درسها العلماء بجدية نظرياً والتي افترضوا إمكانية التنقل من خلالها لاختصار المسافات والزمن للسفر بين مناطق ومجرات كوننا المرئي أو السفر بين الأكوان الموازية من النوع الثاني ولقد وصف العالم تيبو آرمور Thibaut Armour ذلك علمياً قائلاً: الثقب الدودي هو عبارة عن تشويه déformation لنسيج tissu الزمكان لكي يربط بين نقطة وأخرى دون الحاجة إلى قطع المسافة كاملة على سطح المكان. فلو تخيلنا كوننا المرئي على شكل صفحة ثنائية الأبعاد أي ذات بعدين فقط فيمكننا تمثل الثقب الأسود بالعنق gorge يربط صفحتنا أي كوننا المرئي بصفحة أخرى أي كون آخر بطريقة مختصرة ولكن لا أحد يعرف كم من الوقت ستستغرق هذه الرحلة فربما ينتهي الثقب الدودي ببدايته أو بمدخله وليس بمدخل كون آخر وقد يكون من نوع خاص بحيث تستغرق الرحلة بداخله مليارات السنين بالنسبة لمراقب من خارجه في قد تدوم الرحلة بضعة دقائق أو ساعات ولكن لا أحد يعرف بالضبط كم من الوقت يمضي على المركبة التي تبحر في داخله. يذكر هنا أن بعض صناع السينما في هوليود قد تبنوا مثل هذه الأفكار في بعض الأفلام منها : فلم للممثل العالمي جات لي بعنوان الواحد الذي أنتج سنة 2001 The One والذي تدور أحداثه بناءاً على فكرة تعدد الأكوان وهروب احد الأشخاص “المجرم بو” من كون لأخر والتسبب في فوضى كونية بسبب قيامه بقتل نفسه في أكثر من كون واحد وهذا حتى يصبح هو الواحد او الوحيد فقط “ويكتسب قوتهم” ويشترك في صراع مع نفسه في كوننا ويطارد من قبل مكتب الشرطة وكذلك “سلطه الكون المتعدد” إلي تحاول القبض عليه واعادته إلى كونه الأصلي. وهناك مسلسل العلوم الهامشية Fringe الذي أنتج سنة 2008 إلا أن قصة هذا المسلسل بعيدة عن الكون المتعدد فهي متعلقة بالعلوم الهامشية وهي النظريات والعلوم غير المقبولة في الأوساط العلمية. الأمر الملفت هو إن أبطال المسلسل ينتقلون إلى عالم موازي آخر وفي هذا العالم نفس الشخصيات ولكنها في موقع العدو ، ومراكز أخرى بل إن البعض يحاول غزو كوننا الحالي قادمين من ذلك الكون الموازي والانتقال إلينا. وسواء كانت هذه النظريات صحيحة أو خاطئة لازلنا نجهل الكثير عن عالمنا ، وأن العلوم التي ندرسها الآن ومازلنا نتعرف عليها ليست سوى نظريات قد تكذبها نظريات أخرى، وأن العلم مازال ولا زال يكشف لنا المزيد من ألغاز هذا الكون الذي لا نشكل منه سوى ذرة من الرمل في صحراء كبرى .. وأخيرا بودي أن أقدم ملخص لمخطوطة كتاب على شكل مسودة مخطوطة بخط اليد كتبه مؤلفه الذي لم يفصح عن إسمه لأحد عدا قلة قليلة لا تتجاوز أصابع اليد من المقربين الموثوق فيهم، ولم يطبعه قبل موته ولا حتى بعد موته، وقد دونه قبل وفاته ببضعة أشهر وعنوانه كنت ضيفا في السماء صب فيه خلاصة تجربته مع الكائنات الفضائية التي أخذته في رحلة لم تدم سوى ثلاث ساعات، كما أشارت ساعة يده، في مركبتهم كما يصفها بدقة مذهلة ومشوقة، لكنه عندما أعيد إلى الأرض كانت قد مضت ثلاث سنوات على اختفائه في ظروف غامضة حتى يأس أهله من العثور عليه وأعتبر مفقودا، لا هو بالحي ولا هو بالميت، لكنه قرر عدم التحدث في الموضوع أو تقديم أي تفسير لغيابه بل ادعى فقدانه للذاكرة وإنه لا يتذكر شيئاً، وبقيت القصة طي النسيان طيلة أربعين عاماً لأنه لا يحتمل ولا يريد أن يكون موضوعاً للسخرية منه والاستهزاء به وتعريض عائلته للمشاكل فترك المخطوطة كما هي دون أن يدفعها للطبع والنشر التجاري لكنه أوصى بها لأحدهم من الذين شاطروه المحنة وتفهموا حالته، وهو رجل عصامي جاد وصارم وصادق وأمين إلى أبعد الحدود ويعمل موظف كبير في الدولة، وكان لي شرف الاطلاع على المخطوطة كما جاء في وصيته ونقل في كتابه المخطوط إجابات للكثير من الأسئلة التي كانت تدور في خاطره كما هو حال الملايين من البشر على الأرض وناقش بعضها مع خاطفيه الذين لم يقدموا له تفسيرا عن اختياره هو بالذات من بين مليارات البشر فما هي خصوصيته وكان جوابهم :لا يمكنك إدراك ذلك أو فهم واستيعاب الشرح والإجابة التي لدينا. فهم لديهم معلوماتهم وتحليلاتهم الجينية والتركيبة الدماغية لكل كائن بشري يعيش على الأرض منذ فجر التاريخ وحتى يومنا هذا لذلك يختارون عينات محددة من البشر يعرفونهم سلفا لإجراء أو استكمال تجاربهم العلمية عليهم بين الحين والآخر. ولكن هل نحن على الأرض بمحض إرادتنا وما هو الهدف الحقيقي لهذا الوجود الحي؟ قيل له هذا سؤال مركب ويخضع لمفهوم القضاء والقدر المنتشر عند البشر فأنتم البشر جزء جوهري ومهم من الوجود الحي للكون المطلق الحي ولكم دور ووظيفة محددة لكنكم في طوركم التطوري الحالي لا تدركون ماهيتها إلا أنكم أساسيون للتوازن والديمومة فهناك الماهية الحية المطلقة التي أنجبت البشر وباقي كائنات الوجود برمته. كما تم إخباره بأننا نحن البشر طورنا من جينات كائنات بشرية تعيش في مجرتنا وتتقدم علينا بملايين السنين وهم الذين أوجدونا على الأرض بعد أن تدخلوا لتحسين وتطوير ظروفها المناخية خلال ملايين السنين وعلى مدى أجيال كثيرة مثلما كان حالهم هم أيضاً حيث أوجدتهم حضارات أكثر تطورا وأقدم بكثير منهم، خلقوهم في كوكبهم الذي يبعد عن الأرض حوالي 20 سنة ضوئية وأخبروه أن البشر سوف يتطورون بدورهم في المستقبل البعيد ويصلون إلى درجة أو مستوى استعمار واستيطان كواكب غير مأهولة بالحياة وتطويرها وتغيير ظروفها المناخية لكي تكون قابلة لاحتواء واحتضان الحياة ثم زرع مستوطنات بشرية هناك بعد السيطرة على ميدان الهندسة الوراثية والاستنساخ البشري والتحكم بالظروف المناخية وهذه العملية مستمرة منذ مليارات السنين. هناك عمر محدود للفرد ولكن لا يوجد عمر محدود للبشرية كجنس فموت خلية في جسم الانسان لا يعني موت الجسم حيث تولد خلية بديلا عنها وهناك دورة حياتية أبدية يفنى فيها الجسد ويدوم الوعي والذاكرة لأنهما جزء جوهري من الوعي الكلي المطلق والذاكرة الكونية الكلية حيث ينتقل الوعي الفردي بعد موت الجسد ليلتحق بالوعي الكلي وتعاد برمجته ليبث في جسد آخر على غرار معتقد تناسخ الأرواح الهندوسي والبوذي ويمكن أن يبقى الوعي الفردي هائما لفترة قد تطول أو تقصر حسب معايير نجهلها لكن الوعي والذاكرة تظلان كامنتين في الأكوان المتوازية التي يستحيل ولوجها إلى أن يأتي دورهما في عملية تحول مادي جديدة. وهذا يعني أن لا شيء متروك للصدفة والعبث والعشوائية وما يتعرض له البشر من كوارث وحروب وأوبئة وأمراض جماعية وظروف حياتية مرفهة أو قاسية ليست سوى حيثيات تفرضها التباينات والتوازنات الطبيعية والمادية والفيزيائية المكانية والزمانية للحفاظ على التوازن الكوني الشمولي فكل جسيم وكل خليه مادية تحمل موروثها الجيني وذاكرتها ووعيها وتعرف دورها ومآلها كأن تكون لسان أو عيناً أو دماغاً منذ الأزل وإلى الأبد فهي كينونة مبرمجة سلفاً. يمكن للبشر لو تطورا قليلا أن يعوا أهمية الحفاظ على البيئة وإنقاذها من التلف والتدهور ويتم ذلك بالوسائل التكنولوجية حيث يمكنهم تكييف كل شيء مع أية بيئة يخلقونها وفي أي مكان في الكون. وسوف يصل الإنسان في المستقبل إلى وضع ومستوى يمكنه من قهر الأمراض والشيخوخة والآلام ومن ثم سيصل إلى حالة الخلود التي وصلتها الأقوام التي خلقت البشرية الأرضية فهم لا يشيخون ولا يموتون ولو انقرض النحل على سبيل المثال فسوف يبتكر البشر وسائل تعوض النحل وتقوم بنفس الدور الذي يقوم به في المرحلة الحالية من التطور البشري فدماغ الإنسان كنز لا ينضب ولم يستغل البشر حاليا سوى جزء ضئيل جداً من إمكانياته، الكون المطلق لم يخلق ولا يوجد هناك إله مطلق خلقه لأن الكون المطلق هو الإله المطلق الذي يحتوي كل موجوداته ومكوناته من أصغر جسيم لامتناهي في الصغر في الكون المرئي وباقي الأكوان الأخرى إلى اللامتناهي في الكبر فنحن أجزاء من جسيمات الكون المطلق الحي التي هي مجموع الأكوان المتعددة التي تمثل خلاياه. يمكن للخلايا أن تموت وتولد بدلها خلايا أخرى ونفس الشيء يحدث للأكوان المتعددة اللامتناهية في أعدادها.
شهادات دامغة
من بين الشهادات القيمة والمهمة عن الأجسام المحلقة مجهولة الهوية OVNIs شهادة أشهر رواد الفضاء الأكثر شهرة وتأثيراً لدى الرأي العام العالمي هي شهادة رائد الفضاء الأمريكي إدغار ميتشل Edgar Mitchell الذي كان سنة 1971 سادس رائد فضاء بشري يمشي على سطح القمر. وهو طيار سابق في البحرية الأمريكية ومن ثم مدرب في القوة الجوية الأمريكية. وقد أعلن إدغار ميتشل أنه لا يشك على الإطلاق بوجود كائنات فضائية، وهو يعلن ذلك بصراحة وعلى الملأ منذ عدة سنوات ولا يتردد في اتهام السلطات الأمريكية بالتعمد في إخفاء الحقيقة عن الناس وصرح بالقول إن هناك عدداً من الوكالات الصناعية العسكرية السرية قد استخدمت أجهزة ومعدات وأدوات ذات أصل فضائي غير أرضي وغير بشري صادروه بعد سقوط وتحطم بعض الصحون الطائرة واستفادوا منها بغية تحسين وتطوير التكنولوجيا الجوية والفضائية البشرية. فمنذ خمسون عاماً تجمعت لدينا آلاف الشهادات والمشاهدات الكثير منها خاطئة أو نتيجة تفسير خاطئ لظواهر طبيعية إلا أن عدداً كبيراً منها أيضاً لم تكن ناجمة عن أخطاء في الرؤية والإدراك البشري بل تعكس مشاهدات حقيقية لأحداث موثقة ومنها موثق بصور تتعلق بأجسام ومركبات محلقة لا علاقة لها بأية صناعات أو طائرات أو مركبات يصنعها البشر وتختزنها ترساناتنا البشرية العسكرية والمدنية في أرضنا ولم يتجرأ أحد على البوح بأن ما تخفيه السلطات هو ذات أصول فضائية غير أرضية وغير بشرية . نعم كانت هناك زيارات لكائنات ومخلوقات ومركبات فضائية منذ أمد طويل ولقد تحطم بعضها نتيجة خلل تقني وليس من قبل السلطات البشرية وتم أخذ معدات ومواد وأجسام وجثث غير بشرية extraterrestres عثر عليها وسط الحطام في أماكن سقوط المركبات الفضائية وحفظها في أماكن سرية جداً مثل المنطقة 51 وهناك عدد محدود من الأشخاص على اطلاع تام بتلك الأحداث ممن حاولوا إخفاء تلك المعلومات حتى عن رؤسائهم السياسيين المدنيين ومنعوا انتشار المعلومات في حين حاول بعض العلماء وبسرية تامة إعادة إنتاج أو ترميم أو تقليد تلك المركبات الفضائية الـ extraterrestres مستوحين نماذجهم من المركبات المتحطمة التي سقطت على الأرض لكنهم لم ينجحوا لحد الآن . ولم يفلحوا سوى باستخدام بعض التكنولوجيا الفضائية المتطورة بطريقة ما في الصناعات العسكرية. فقبل ثلاثة عقود تقبل الوسط العلمي والديني وقسم كبير من الرأي العام أننا يمكن أن نكون وحيدين في الكون وأننا الجنس الوحيد العاقل والذكي الحي في الكون المرئي ولكني أؤكد لكم أن هذا موقف خاطئ فسوف لن يكون هناك من سيصدق ذلك في السنوات القليلة القادمة. وهناك تصريحات لبعض المسؤولين الكبار ومنهم رؤساء وزراء كرئيس وزراء كندا ورؤساء جمهورية أمريكيين قاموا بتصريحات رسمية علنية رغم خطورة الحديث عن مخاطر الأطباق الطائرة OVNIs . لقد سبق للمذيع التلفزيوني الفرنسي الشهير جان كلود بوريه Jean Claude Bourret والمتخصص بموضوع الأطباق الطائرة والذي أصدر عنها عدة كتب، أن أجرى مقابلة مع وزير الدفاع الفرنسي في حكومة بيير مسمير Pierre messmer وهو روبير غالي Robert Galley وبثت المقابلة من على إذاعة فرانس أنتير France Inter في 21 شباط فبراير 1974 حول موضوع الأطباق الطائرة أو الأجسام المحلقة مجهولة الهوية OVNIs وقال في رده على الأسئلة :" أعتقد أننا نجب أن نتحلى بالروحية المنفتحة وأن نتبنى روحية التقبل حيال هذه الظواهر أي يجب ألا ننفي أتوماتيكياً حقيقة تلك الظواهر الفضائية كما سبق لأسلافنا أن أنكروا أشياء صارت تبدو اليوم بأنها طبيعية وعادية ". ونذكر بهذا الصدد تصريح رئيس الاتحاد السوفيتي السابق ميخائيل غورباتشوف Mikhaïl Gorbatchev الذي لم يتردد في القول :" أن ظاهرة الأجسام الفضائية المحلقة مجهولة الهوية موجودة حقاً ووعلينا التعامل معها جدياً" وهناك التصريحات الأشهر من الولايات المتحدة الأمريكية فليس أقل من خمس رؤساء جمهورية أمريكيين أعلنوا أنهم يعتقدون بوجود كائنا وحضارات فضائية متطورة وبعضهم أعرب عن رغبته بإعلام الجمهور بما يوجد لدى السلطات من أسرار ومعلومات حول الموضوع ولكن تم منعهم بطريقة أو بأخرى من قبل خلايا سرية ذات سلطات واسعة تتجاوز أحياناً سلطات القائد العام للبلاد والقائد العام للقوات المسلحة نظريا ألا وهو رئيس الجمهورية الأمريكي ذاته فالرئيس جيرالد فورد Gérald Ford أكد خلال رئاسته أنه يعتقد وبقناعة قوية أن الشعب الأمريكي يستحق توضيحات أفضل مما قدمته له القوات الجوية المكلفة بالموضوع واقترح تشكيل لجنة تحقيق رسمية حول الأجسام المحلقة مجهولة الهوية OVNIs وإلقاء الضوء الكامل حول هذا الموضوع، ولكن لم تنفذ أوامره وجرى تسويفها . ونفس المنحى اتبعه الرئيس جيمي كارتر Jimmy Carter الذي صرح إبان حملته الانتخابية:" لو تم انتخابي رئيساً فسوف أفعل ما من شأنه أن يفرج عن المعلومات السرية المخفية في هذا البلد حول المشاهدات والشهادات والوثائق المتعلقة بالأطباق الطائرة لكي تكون متوفرة بين أيدي الجمهور والعلماء وأنا واثق بأن هذه المركبات الفضائية موجودة لأني شاهدت بنفسي إحداها. وبالرغم من النوايا الحسنة لهؤلاء المسؤولين الذين يفترض أنهم يمتلكون السلطات العليا إلا أن المعلومات السرية حول ظاهرة المركبات والحضارات الفضائية لم يتح لها أن تعلن رسمياً . فهناك رجال أقوياء يقبعون في الظل يتمتعون بسلطات أكبر على ما يبدوا من السلطات الرسمية العلنية المعروفة وهم الذين منعوا ظهور شهادات طيارين ورواد فضاء ومشرفو الرقابة الجوية وضباط الردارات ورجال السياسة بذرائع واهية لكنها مقنعة على ما يبدوا بالنسبة للمسؤولين الذين أقنعوهم بأن الناس ليسوا جاهزين سيكولوجياً وليسوا على مستوى نفسي كافي من التطور وليس لديهم قابلية على التقبل لتحمل حقيقة وجود حضارات فضائية متفوقة علينا تقنياً وعلمياً وعسكرياً يمكنها أن تغزونا وتبيدنا ولو كشف النقاب عن حقيقة وجودها فسوف ينتشر هوس وهلع وذعر جماعي عن البشر لن يمكن السيطرة عليه لذلك لا بد من نفي وإنكار وجودها بكل السبل إلى أبعد مدى زمني ممكن. هناك أطروحة تبناها عدد كبير من العلماء المرموقين في العالم تتحدث عن اتصالات مع كائنات لا أرضية جاءت إلى الأرض من عمق الكون من مسافات بعيدة جداً وهي أقدم منا عمراً وأكثر تطوراً وتقدماً بكثير من الناحية التكنولوجية والعلمية، ومن بين هؤلاء أقوام يسمون أنفسهم بالأوميين Les Ummites يقولون أنهم وصلوا إلى كوكب الأرض لأول مرة في آذار 1950 في منطقة دين Digne في أعقاب تلقيهم بالصدفة لرسالة قادمة من الأرض أرسلتها سفينة نرويجية قبل ستة عشر عاماً من ذلك التاريخ. وقد وجلبت ثلاث سفن فضائية أومية فريقاً إستكشافياً من علماء كوكب أومو UMMOالذي يبعد عن الأرض مسافة 14،6 سنة ضوئية ـ أي مايقطعه الضوء بسرعة 3000000كلم في الثانية الواحدة لمدة 14،6 سنة ـ وأقاموا لهم أول قاعدة سرية في المنطقة الواقعة بين دين Digneو جافي Javie وأمضوا وقتاً يدرسون ويحللون العادات والتقاليد البشرية وتجولوا في باريس ومدن أخرى بلا شك وتفادوا أن يحتكوا بالبشر مباشرة أو أن يلفتوا الانتباه إليهم. ثم ابتكروا طريقة للاتصال والتواصل مع بعض البشر المنتقين بدقة وفقاً لمعايير خاصة وهي طريقة الرسائل. أول من تسلم مجموعة من رسائل الأوميين هو الإسباني فريناندوا سيسما Fernando SESMA وهومنشط في جمعية روحانية كان سبق أن نشر كتاباً ادعى فيه أنه على إتصال بكائنات سماوية أو كونية أخرى ( غير الأوميين ). ومن ثم تلقى آخرون رسائل أخرى منهم 34 إسبانياً وعدد من الفرنسيين المعروفين وكذلك ألمان وأمريكيين وبريطانيين وروس وغيرهم.واستمر تدفق الرسائل والاتصالات عبرها مع أهل الأرض المختارين بعناية ودقة شديدة لغاية سنة 1994، وانقطعت لعقد من الزمن ثم عادت من جديدة في السنوات القليلة الماضية. هناك أكثر من 3850 رسالة يصل مجموع صفحاتها حوالي 160000 صفحة. تروي الرسائل قصة وصول بعثة علمية من الأوميين إلى الأرض لدراسة الكوكب ومحتوياته وكانت دهشتهم كبيرة أمام الفوضى الاجتماعية على كوكب الأرض والروح العدوانية والانتحارية التي يتحلى بها البشر، مقارنة بنظامهم الاجتماعي ـ السياسي التوتاليتاري المتنور والعادل والمنفتح، والتنظيم الاجتماعي والمجتمعي المتطور والمحكم جداً، سيما مايمتلكونه من تكنولوجيا تؤهلهم للسفر والترحال في أرجاء الكون بسهولة ويسر، وتتمكن سفنهم الفضائية من استغلال حدوث فترات إنطواءات وانبعاجات مؤقتة في الفضاء الكوني لطوي المسافات الفلكية التي تفصل بيننا، وذلك من خلال العبور بطريقة التنقل بين الأكوان والأكوان المضادة والموازية أو التوأمية بواسطة التسلل عبر vortex" الثغرة" الفورتكس أو الشرخ الكوني. كما أنهم نقلوا لنا لمحات من أخلاقهم وعاداتهم وممارساتهم المهنية الجنسية وطرق التكاثر عندهم وبحوثهم الجيولوجية والعلمية والكوزمولوجية فضلاً عن المنطق والفلسفة والثيولوجيا المطبقة عندهم. أساس نظام القياس عندهم إثني عشري واكتشفوا بوسائلهم العلمية وأدواتهم وأجهزتهم التكنولوجية الهائلة عدد لامتناهي من الأكوان المتزاوجة أو المتوأمة أو المتعاكسة، وكونين محدودين أو متناهيين في الحدود من نمط نفسي أو متخيل أو افتراضي لايقلان واقعية عن الأكوان المادية الملموسة لكن عقولنا وتركيبتنا الفيزيائية لاتدركهما لأن طبيعتهما روحانية وليس مادية، مكونة من الروح الكلية أو الجماعية التي ترتبط بها كل الأرواح البشرية الفردية مباشرة بفعل جهاز التقاط ذرات الكريبتون الموجود في دماغ الحامض النووي ADN . فكل جزيئاتنا مهما صغرت، ليست سوى ملمح أو جانب من ملامح وجوانب وسمات واقع جوهري من نوع مقرَّنangulaire . لغة الأوميين المنطوقة أو المتكلمة والمكتوبة ذات طبيعيتين تخاطرية وصوتية، مستقلتين ومتميزتين عن بعضهما البعض. وقد تنبأ الأوميون بوقوع كارثة نووية أرضية تنهي الحضارة الإنسانية على الأرض إذا لم يتدارك عقلاء الأرض هذا الخطر في الوقت المناسب قبل وقوعه، وقد تدخلوا بوسائلهم الخفية والناجعة عدة مرات لمنع حدوث هذه النهاية النووية الكارثية من خلال التأثير عن بعد على زعماء الأرض وأصحاب القرار الذين يمتلكون سلطة حياة أو موت البشرية والضغط على الأزرار النووية، والذين يصفونهم بالقادة المجانين والخطرين على أبناء جنسهم. يعتقد الأوميون أن مستوى نضج العقول البشرية وقدرتها على التقبل والفهم والإدراك محدود جداً في الوقت الحاضر، لذلك لايمكنهم الكشف عن جميع أسرارهم التكنولوجية للبشر لأنهم هؤلاء سيسيئون استخدامها حتماً وسيهلكون أنفسهم . وقد أعترف بحقيقة وجودهم علماء كبار ومشهود لهم بجديتهم كجون بيير بتي J-P .PETIT الذي تواصل معهم منذ عام 1975 ونشر عنهم عدة كتب وتلقى العديد من رسائلهم ويعترف لهم بالفضل عليه في تطوير نظرياته بشأن قوة الدفع المغناطيسي ـ الهدروديناميك la propulsion magnéto-hydro-dynamique (MHD) وهي طريقة تقنية تلغي الموجة الصادمة المتولدة عن السرعات الهائلة السوبرسونيك supersoniques والعمل وفق أسس رياضية جديدة رباعية الأبعاد " tétravalente " وكذلك ما يتعلق بأنماط ونماذج وحسابات الأكوان التوأم. ولو تقبلت الجماعة العلمية على الأرض هذه النظرية لقلبت على عقب كافة مفاهيمنا ومعلوماتنا ونظرياتنا عن كوننا، سيما ما يتعلق بالكتلة المفقودة أو الغائبة ، والعجز في النيتريونات neutrinos الشمسية. معتقداتهم الدينية والروحانية تستند إلى معطيات ودلائل علمية ولاتحتوي على طقوس وشعائر قروسطية أو بدائية أو خرافية. سوف يتوفر لنا الدليل القاطع عن وجود هذه الكائنات اللاأرضية والتي تشبه البشر الأرضيين في الهيئة الفيزيائية الخارجية، إما عن طريق إظهارهم لأنفسهم للبشر يوما ما بطريقة لاتقبل الدحض أو الاختلاف ، أو أن يتحقق علمياً على يد البشر عدد من النظريات والحقائق العلمية التي قدموها ولانستطيع بوسائلنا العلمية الحالية إثبات صحتها والتي أشار إليها عدد من العلماء في كتبهم كربيرا Riberaوجون بيير بتي J-P Petit. ويبدو أن المفهوم العلمي والخارطة التي يقدمونها عن الكون تتمتع ببعض المصداقية لدى بعض علماء الأرض مقارنة بالصيغ والتصورات التي قدمها العلماء على الأرض عن الكون لحد الآن والتي هي أقرب للميتافيزيقيا منها للعلم. أعطى الأوميون إسم " نظرية الحقل الموحد" لتصورهم لمجموعة الأكوان التي يعرفونها بوسائلهم العلمية المتقدمة جداً. وهي عبارة عن هيكيلية أو بنية حقيقية للفضاء الفيزيائي القابل للدراسة والرؤية والرصد بكل مكوناته من كتلة، ومادة، ومادة مضادة، وطاقة، ومادة معتمة أو سوداء، وطاقة سوداء أو داكنة، وثقوب سوداء، وجسيمات لامتناهية في الصغر، ومجرات، وفضاءات لامتناهية في الحد، والثقالة والجاذبية، والقوى الكونية المتحكمة بحركة الكون. وهي تختلف عن نظريات علماء الرياضيات في الأرض عن الفضاء ومفهومهم عن الزمكان. الكون الذي يتحدث عنه الأوميون يوجد في فضاء متعدد الأبعاد ويحتوي على عدد من التحدبات والانحناءآت والكتل التي لاعلاقة لها بفضاء ثلاثي الأبعاد أو بالمكان الإقليدي. كما أن كون الأوميين لايعكس بأمانة المفاهيم الكونية الحديثة التي أرسى أسسها علماء مثل ريمان RIEMANN و بولاي BOLYAI و لوباتشبفسكي LOBATSCEWSKY و آينشتين Einstein و زاخاراوف Zakharof و مينكوفسكي MINKOWSKYوغوس GAUSS، الذين نظروا حول كون متعدد الأبعاد حسب النظرية النسبية ونظرية الكم أو الكوانتا .أعد علماء الفيزياء والكونيات وعلماء الرياضيات نماذج كونية نظرية افتراضية انطلاقاً من مفهوم النقطة الهندسية أو الرياضية كمفهوم تجريدي لاواقع فيزيائي له، حيث تكمن نقطة الخلاف الجوهرية بين المفهوم الأرضي للكون والمفهوم الأوميتي للكون في الاختلاف في "مفهوم الأبعاد" الأمر الذي سيساعد علماء الأرض يوماً ما في اكتشاف الطبيعة الحقيقية للكون، وفهم حقيقة المكان والزمان ، والمسافة، والكتلة، اوالجسيمات الذرية ومكوناتها، والطاقة وأسرارها ،وحقول الثقالة أو الجاذبية، ومفاهيم القوة الكهروستاتيكية ELECTROSTATIQUE، والكهرومغناطيسية ELECTRO MAGNETIQUE. تجدر الإشارة إلى أن العالم الروسي أندريه زاخاروف كان قد قدم نظرية عن الكون المتوازي وحصل على جائزة نوبل بفضلها ونسبها لنفسه ولم يتجرأ في الكشف عن مصدر معلوماته العلمية والتي هي في الحقيقة كانت موجودة في رسائل تسلمها زاخاروف من الأوميين وفيها تفاصيل مستفيضة عن مفهوم الأكوان المتوازية Univers Parallèles ، أو الأكوان المتوأمة أو تعدد الأكوان .يصعب على الكائن العاقل على الأرض أن يمتلك وعياً حقيقاً عن طبيعة العالم الفيزيائي الذي يحيط بنا ونعيش فيه . ويبدو أن الصورة الذهنية التي تتولد في عقولنا عن هذا العالم المادي قد تكون خاطئة أو نسبية تقتصر على حواس اللمس والشم والنظر ، بيد أن التحليل العلمي الدقيق كشف للعلماء الأوميون، وكذلك لبعض علماء الأرض، ولعلماء في حضارات كونية أخرى، أن عالمنا ليس كما تقدمه عادة حواسنا. فألوان الزهرة التي نعجب بها ليست سوى حالة إدارك ذهني بسيكولوجي ، وهي غير موجودة في واقع الحال بالضرورة خارج أنفسنا ومداركنا، وهو الأمر الذي تمكن السينمائيون من تشخيصه وتجسيده في بعض أفلام الخيال العلمي الراقية مثل فيلم ماتريكس. مثال آخر عن طبيعة عمل أعضاء الإنسان الفيزيولوجية المكلفة بنقل الحواس، والتي نشعر بها، عندما تلوي الحقيقة وتقنع الأشياء أو تلبسها كساءً وهمياً . فلو أخذنا ولاعة أو قداحة سجائر بين أصابعنا فسوف نشعر بها باردة وبراقة. وعندما نضغط عليها بإبهامنا لتوليد اللهب يغدو الأمر كأنه حقيقة مادية مطلقة وملموسة بينما تقول لنا نظرية الأوميون أن القداحة ليست سوى إدراك حسي ingénue يسيطر على أحاسيسنا ومشاعرنا، ويقول لنا العلماء أننا ربما لانمس أو نلمس في الواقع سطح القداحة رغم الوهم البديهي الذي يتملكنا حيث توجد مسافة ومساحة مكانية نسبية لامتناهية في الصغر موجودة بين ذرات المعدن والغيوم الالكترونية لسطح الجلد الذي يغطي أصابعنا، وذلك ممكن بفعل حقول القوة و الكثافات والتمددات أو التوتراتde Tenseurs والتنافر بين الشحنات الكهربائية السلبية. إن درجة حرارة معدن القداحة المنخفض هو الذي يولد الشعور ببرودة القداحة والناجم عن التمدد amplitude المنخفض لتردد جزئياته ses molécules نسبة لتلك الموجودة في جلد الأصابع. وأن التماسك الصلد الظاهر للمعدن وهمي لأن النوى الذرية منفصلة عن بعضها في نفس النسبة الموجودة بين النجوم داخل المجرة . ويمكن أن يقول لنا خبير الفيزيولوجيا البصرية بأن التألق والبرقان الحقيقي la brillance للقداحة هو أكبر بعشر مرات من البرقان الظاهر ولكن عندما يخترق النور قزحية العين فإن الطبيعة البلورية والرطوبة الزجاجية اللزجة في العين le cristallin et l humeur vitrée يمتصان تقريباً جميع الفوتونات ، والذي يصل العين هو جزء ضئيل جداً من الطاقة المضيئة. وأن الضوء القادم من القداحة ليس هو الذي يصل إلى العين وإلى الـ cortex كورتيكس الدماغي أو بالأحرى قشرة غدة الكظر في الدماغ، بل عند ضرب الضوء لشبكية ألعين سوف يثير دفقات أو ذبذبات impulsions مشفرة تتحول بفعل النورونات ، ـ الأعصاب الدقيقة ـ في العصب البصري إلى شكل من أشكال الرسائل الكهربائية على هيئة مفتاح للمعنى، بصورة يحدث فيها تشابه بين ضوء اللهب الحقيقي والرسالة الحقيقية التي يتلقاها دماغنا من شبكية العين .
لذلك يتعين على الكائن البشري أن يتخلص من المسلمات العقلية الساذجةdes schémas mentaux ingénus والثابتة أو المترسبة في دماغه منذ طفولته فيما يتعلق بالأشياء والألوان والأصوات الخ... بما في ذلك النماذج الرياضية عن الكون التي قدمها العلماء الفيزيائيين والفلكيين في الأرض بالاستناد إلى النظرية النسبية والميكانيك الكوانتي أو ميكانيك الكم والميكانيك الإحصائي la théorie relativiste, la mécanique quantique et la mécanique statistique لأنها لاتقدم صورة أو انعكاس صادق عن الحقيقة، وتسهم في تأخر البشر في فهم العالم المادي الفيزيائي بسبب مفاهيم النقطة، والخط المستقيم، والخريطة، والأبعاد الحسابية التقليدية للمكان والزمان. لأن البشر لايتمكنون من إدراك جسم له أكثر من ثلاثة أبعاد هي الطول والعرض والارتفاع أو العمق أو حتى أربعة أبعاد لو أضفنا الزمن كبعد رابع كما اقترح العالم الروسي مينكوفيسكي والعالم الألماني آينتشين. والحال أن البشر لم يركزوا على التناقض القائم بين الفيزياء النسبية الآينشتينية والميكانيك الكمي، وتراكم تبعات أخطاء المفاهيم الأساسية. البشر يعتقدون بكون واحد شامل ومحدود له بداية وسوف تكون له نهاية حتماً بمشيئة موجده ، بينما يعتقد الأومويون بعدد لامتناهي من الأكوان المتنوعة ، المختلفة والمتشابهة أو المتوأمة، وقد اكتشفوا ما لايقل عن عشرين كوناً بوسائلهم العلمية المتطورة جداً. السمة الغالبة والرئيسية التي تميز تلك الأكوان هي سرعة الكوانتوم la vitesse d’un quantum أو وحدة الطاقة الإلكترومغناطيسية، وكل كون من أكوانهم مكون من زوجين يطغي أحدهما على الآخر وبالضرورة أن يكون كل واحد منهما مكون من المادة أو من المادة المضادة Soit de matière, soit d’antimatière. وبعض الأكوان تمتلك كتلة تتجاوز الحد النقدي مما يدفعها للإنكماش والتقلص ، ومن ثم تدخل في حالة التوسع من جديد، وأحدها وهو كوننا الذي نعيش فيه ومازال في مرحلة التوسع وسيستمر إلى مالانهاية تقريباً إلى أن يصل إلى وضع مستقر حيث تختفي فيه الحياة. وكل الأكوان قابله للمقاربة والاكتشاف والاختراق عدا أثنين منها . وكل كون متعدد الأبعاد أكتشفه علماء الأرض بفضل نظرية الكم الكوانتا ونظرية الحبال، مكون من عشرة أبعاد ولكنهم لايمتلكون دليلاً على وجود أبعاد أخرى. وبالتالي فإن كوننا الذي نعرفه ونعيش فيه له كون توأم موازي وربما متداخل معه في زمكان آخر غير مرئي بالنسبة لنا . وقبل التحدث عن الكونين الممتنعين غير القابلين على الكشف والاختراق، ينبغي لنا أن نعرف بعض مزايا وسمات كوننا غير المعروفة حسب أطروحة العالم الفرنسي جون بيير بتي ـ أحد المحظوظين ممن تلقوا رسائل الأوميين ـ يقول جون بيير بتي :" إن نصف الكون " الظاهر لنا، أو أحد التوأمين ، والذي نعيش فيه اليوم، يتميز بثوابت فيزيائية أحدها هو" سرعة الضوء" ـ حوالي 300000 كلم في الثانية ـ ولايمكن لأي جسم أو كتلة فيه أن تتجاوز هذه السرعة في كوننا النصفي المادي المرئي أو المنظور، ولكي نتمكن من بلوغ هذه السرعة نحتاج إلى طاقة لامتناهية . أما في النصف الثاني لكوننا أي النصف غير المرئي، فإن سرعة الضوء فيه تزيد أكثر من عشر مرات على سرعة الضوء الثابتة في كوننا النصفي. وبالتالي بعملية حسابية بسيطة ، لكي يصلنا الأوميون من كوكبهم أومو الذي يبعد عنا 14.5 سنة ضوئية أرضية، في نصفنا الكوني المرئي، وبنصف سرعة الضوء ألأرضية، أي 150000 كلم في الثانية ، فسوف تستغرق رحلتهم للوصول إلى الأرض 30 عاماً من أعوامنا. لكن الأوميون يمتلكون تقنيات مذهلة شبه خيالية بالنسبة لعقولنا، يستطيعون بفضلها القفز من نصف الكون إلى النصف الآخر أي يتنقلون بين المادة والمادة المضادة للكون الشامل الذي نعرفه من خلال التسلل من شرخ أو ثغرة فورتكس Vortex حيث تتقلص المدة الزمنية إلى 3 سنوات، وفي أوقات معينة ينطوي الفضاء كما تنطوي الورقة التي يوجد على سطحها نقطتان تمثلان كوكبينا الأرض وأومو، ويربط بين النقطين خط مستقيم . تطوى الورقة على شكل كرة وفي هذه العملية توصل النقطتان ببعضهما في عملية الطوي دون المرور بسطح الورقة وإتباع الخط المستقيم الذي يربط بينهما، فتختصر المسافة وبنصف سرعة الضوء التي نعرفها ، وهي سرعة متواضعة في قياسات الأكوان الأخرى والحضارات الكونية الأخرى ، سوف تقل المدة للوصول إلى الأرض من كوكب أومو إلى 6 أشهر من أشهرنا الأرضية وهي غير الستة أشهر الأومية حسب السرعة التي يستخدمها سكان كوكب أومو، أي أن نسبية السرعة هي التي تحدد مدة السفر والتي قد تتقلص إلى بضعة أيام فقط . كل شيء مرتبط ببعضه من اللامتناهي في الصغر إلى اللامتناهي بالكبر، من المرئي إلى غير المرئي، من الممكن رؤيته وكشفه إلى المستعصي على الكشف . هناك سلسلة من ذرات الكربتون، التي لم يكتشفها البشر بعد، موجودة في كل خلية من خلايا الكائنات الحية، تقوم بدور الناقل للمعلومات، تنفيذا لأوامر منظمي التحولات الضرورية المبرمجة مسبقاً. وهذه السلسلة من الجسيمات اللامتناهية في الصغر، موجودة كما يقول الأوميون، في كل سلسلة من تركيبة الحامض النووي للكائن hélicoïdale de l’ADN المروحية أو الحلزونية الشكل، إلى جانب سلسلة أخرى من جزئيات الكربتون اللامتناهية في الصغر داخل جملة الأعصاب، الـ l’encéphale في الدماغ، وتقوم بوظيفة نقل محتويات أدمغتنا وكافة العمليات الشعورية واللاشعورية cognitifs et sensitifs من وإلى الكونين اللذين يتعذر كشفهما مادياً بالوسائل العلمية مهما كانت متطورة. الكون الأول يسميه الأوميون وام ب WAAM-B وهو كون يتعذر خرقه أو الولوج إليه ماديا وفيزيائياً لكنه موجود وقد تمكن الأوميون من معرفة بعض خصائصه . فهو ذو كتلة لامتناهية وينقسم إلى أقسام متساوية على هيئة كتل من المادة وكتل من المادة المضادة masses de matière et masse d’antimatière ، ومداه ثابت، ولايمتلك كتلة خيالية، وسرعة الفوتونات فيه لامتناهية أيضاً. ويمكن تشبيهه بإسفنجة مع عدد لامتناهي من الخلايا وكل خلية هي عبارة عن " روح"، تشكل فيما بينها شبكة، ولكن ليس بالمعنى الذي يفهمه أو يتخيله البشر، فالمفهوم الذي يقصده الأوميون بمفردة " الروح" يصعب تفسيره أو شرحه بلغات الأرض، فنحن البشر وغيرنا من الكائنات في كافة الأكوان نمتلك داخل الـ encéphale أو جملة الأعصاب الدماغية شبكة من جسيمات الكربتون يسمونها الـ OEMBUAW وظيفتها نقل المعلومات والمحتويات بين الدماغ والخلايا الروحية أو " الأرواح" غير الموجود في الأدمغة بل في الكون المستعصي المسمى وام ب WAAM-B والبعيد جداً ـ لايوجد معنى لتحديد مسافات بين الأكوان ـ وكلمة بعيد جداً افتراضية. لو تخيلنا إمكانية " رؤية" أو " الدخول" إلى هذا " الكون الغريب " ـ وهي عملية مستحيلة ـ لأدركنا وجود عجيزات وعقد نواتية شبكية أو سلكية طائرة في الفراغ أو اللامكان filaments et de nodules flottants التي تكون في حالة ترددات مستدامة وبفضل ذلك تكمن قدرة الوام ب WAAM-B في خزن المعلومات الكونية داخل شبكة معقدة hyperspatial ومعالجة المعطيات والمعلومات كما يفعل الكومبيوتر الجبار الذي يقوم بمليارات المليارات من العمليات الحسابية في كل جزء من مليار من الثانية. يحتوي الوام ب WAAM-B على كل ما تختزنه حواسنا وذاكرتنا التي تنقل إليه من أدمغتنا . ويقوم بفك شيفرات جميع العمليات العقلية والنفسية mentaux وإنطلاقاً من تلك المعلومات نرى الأشياء كما هي عليه في ظاهرها أو هيئتها المرئية ، وهو الذي يقود الكائنات المفكرة والعاقلة، سواء البشرية أو ألأوميين أو غيرهم، ولذلك يمكننا القول أن موقع الروح ومستقرها ليس الدماغ بل كون الوام ب WAAM-B والمقصود بكلمة " روح " هنا هو " الوعي" أي أن مقر الوعي الجزئي والجماعي هو الوام ب WAAM-B حيث أن جزئية الروح أو الوعي لكل كائن حي، في جميع الأكوان، ومن كافة أنواع وأصناف الكائنات، تغادر بعد موت حاملها المادي والفيزيائي، أي الجسد، لتلتحق بالروح الكلية أو الجماعية، حاملة معها كل مخزونها من تجارب وذكريات ومعلومات مخزونة في داخلها لتندمج أو تلتحم بالروح الكلية الموجودة في الوام ب WAAM-B . أما الكون المستعصي الثاني وهو المسمى وام ب ب WAAM-BB فهو عديم الكتلة، والضوء فيه لاسرعة له، وخالي من الكون المضاد ’anti-cosmos، فهو في ذاته، وفي آن واحد، كون وكون مضاد، وليس فيه، لاكتلة حقيقية ولا متخيلة أو افتراضية، وكل جسيماته معدمة، وشبكة الوعي فيه ثابتة أو جامدة، وليس فيه زمن ، ولا كتلة، ولا مكان، ولا طول، ولا لحظة، ولا أي شيء ... وهذا الكون هو أعقد وأهم ما تم ابتداعه أو خلقه من قبل المولد الأول ، أو المحرك الأول الذي تسميه الأديان السماوية الأرضية " الله" ، وهو مرتبط بكافة الأكوان، لكنه يستعصي على أية مقاربة أو محاولة لسبر أسراره أو الولوج إليه مادياً أو فيزيائياً، لكنه موجود، ولدى الأوميون دلائل علمية حسابية ورياضية غاية في التعقيد على وجوده، ليس له أبعاد وهو خالد وأزلي. الوام ب ب WAAM-BB هو عبارة عن آلة جبارة أو أداة تحرك وتقود باقي الأكوان MATRIX ويربط به كافة جينات الكائنات الحية أينما وجدت وفي أي كون كان، وهو المولد لجميع المفاهيم والتصورات عن الوجود الكلي. أما شبكة مكونات الكربتون فيه، فلها وظيفة مزدوجة، أولاً الجمع والخزن لكل معلومة منذ خلق الأكوان قاطبة ، سيما داخل الكائنات الحية والكائنات العضوية وكل البيئات، وفيه ذاكرة لامحدودة في طاقتها الاستيعابية وقدرة لامتناهية على فك الشيفرات المتعلقة بأسرار التطور .وفيه تستقر جميع الأرواح البشرية ـ " جزيئات الروح الكلية الجماعية" ـ في مرحلتها الانتقالية بعد مايسمى بالحياة الفانية داخل كوننا المرئي . فالـ وام ب ب WAAM-BB ،وهو لايقوم فقط بخزن ومعالجة الفعاليات العقلية والشعورية والانفعالية للكائنات الحية فحسب ، بل وكذلك يقود تطور الكائنات الحية في فترة وجودها الفيزيائي، من خلال التحولات والقفزات النوعية، واختيار الأمكنة والبيئات الملائمة، ليس بطريقة عشوائية عمياء أو بدائية ،كما اعتقد بعض علماء الأرض ، بل على نحو متناسق ومبرمج ومدروس بدقة لامتناهية. وإن الوام ب ب WAAM-BB مقسم إلى " فضاءات " أو مجموعة حيزات غير مرتبطة بعضها بالبعض، و كل حيز منها مسؤول عن كل كوكب ظهرت فوقه الحياة في جميع الأكوان المذكورة، وماحصل فيه من تطور عضوي بيولوجي أو حيوي . وفيه نجد تفسير مفهوم الوعي الجماعي أو الروح الجماعية بين البشر من جنس واحد كالجنس البشري، وهي بدورها جزء من الروح الكلية لباقي الكائنات من الأجناس الأخرى في الأكوان الأخرى. و يتلقى كذلك كافة التطورات الجينية للكائنات الحية لكل كوكب، ومن ثم يقوم بتوجيه التطورات والتحولات الجينية اللازمة وفقاً لمجموع المعلومات المتجمعة والمتراكمة فيه، بما فيها كافة الإمكانات المتراكمة والممكنة للتعديلات الجينية التي تخزن في ذاكرة الحامض النووي لكل كائن حي. والتحولات الجوهرية تظهر عندما يكون ذلك ضرورياً كل 900 سنة تقريباً فالتطور الوراثي الجيني يبدو ضرورياً ،حسب الأوميون، على هيئة قانون الضرورة والحتمية وليس الصدفة العشوائية عكس ما طرحته النظرية الداروينية للتطور وأصل الأنواع والتي عجزت عن تفسير القفزات في تطور الأنواع، والحلقات المفقودة للانتقال من جنس إلى آخر . كما أن جميع التطورات التي تحصل في جميع الكواكب ، وتطور الأنواع والأصناف فيها ، تقود كلها نحو الجنس البشري مهما كان الأصل الذي تنطلق منه، أي أن النوع البشري هو أسمى الكائنات. والأوميون هم بشر مثلنا يعيشون على كوب مثل الأرض هو كوكب أوموUmmo لكنهم أقدم منها وأكثر تطوراً . من هنا يمكن القول أن جزئية الروح في الكائن البشري ، عند التحاقها بالروح الجماعية البشرية ومن ثم الروح الكلية لجميع الكائنات الكونية والتواصل معها يمكنها حينذاك سبر أدق أسرار الوجود . وفي الختام يمكن القول أن كل " خلية " في الإسفنجة" التي ذكرناها تمثل أحد الأكوان المرئية ومعها قرينها الكون التوأم غير المرئي مما يعوضنا عن الكتلة المفقودة التي لم يجد علماء الأرض تفسير لها لحد الآن في كونهم النصفي المرئي. قد يكون ما ذكرناه أعلاه ليس بالأمر السهل أو الهين القابل للفهم والتقبل بسهولة لكننا نعيش في عالم يزداد تعقيداً يوماً بعد يوم ويجب أن نتكيف مع هذا التعقيد المعرفي أو تراكم المعارف وتعقدها ولايخدمنا أن ننكر كل شيء أو نعتبره محض خيال فصورة الكون الذي نعرفه ونعيش فيه تطورت عبر القرون ، ولم نصل بعد إلى الصيغة الأقرب للحقيقة المطلقة، وهذه هي إحدى المحاولات التي قدمها لنا الأوميون في رسائلهم الغامضة والمجهولة المصدر عند البشر.
الأكوان المتعددة خرافة أم حقيقة علمية؟
يعتبر عالم المستقبليات futurologue وأستاذ الفيزياء النظرية في جامعة سيتي كوليج في نيويورك ميشيو كاكو Michio Kaku أحد أبرز العلماء المعاصرين الذين يهتمون بشغف بأطروحة الأكوان المتوازية ويقول بهذا الصدد:" يمكن أن يتواجد كون كامل داخل ذرة ، وأن تكون المجرات التي نعرفها والمحيطة بنا المكونة لكوننا المرئي ليست سوى ذرة في كون أوسع وأشمل وأكبر لا حدود له". ويضرب لنا مثلاً ذكياً عن هذا الكلام المعبر عن فكرة الأكوان المتعددة univers multiples ويقول:" عندما كنت طفلاً كنت أتردد باستمرار على الحديقة اليابانية لمشاهدة ومراقبات أسماك الكارب Carpes في حوض مياه كبير مخصص لها Aquariums فكرت في أنها تعيش في عالم فنتازي fantastique وغرائبي خاص بها وذو بعدين حيث يمكنها السباحة إلى الأمام والخلف وإلى اليمني واليسار. وتخيلت أنه يوجد بين هذه الأسماك سمكة عالمة ومن المؤكد أنها ستسأل نفسها بأنه لا يوجد أكوان أخرى أو عالم آخر غير الحوض الذي تعرفه ويشكل عالمها وكونها الخاص ". فنحن لا نعترف بوجود إلا بما نراه. وتخيلت أنني لو أمسكت بهذه السمكة العالمة وأخرجها من الحوض لأريها وجود عالم آخر خارج محيط الحوض القليل العمق، فماذا سترى خارج سطح الماء؟ سترى عالماً مدهشاً وفنتازياً غاية في الغرابة ومليء بمخلوقات لا تمتلك مجاديف أو زعانف في أجسامها، وستكتشف قواني فيزيائية جديدة في هذا العالم حيث المخلوقات التي تعيش فيه تتنفس بطريقة مختلفة عنها". إن هذه الصورة المجازية رائعة وتجعلنا نفهم أن إدراكنا ورؤيتنا للكون كبشر قد تكون، على المستوى الكوني المطلق الهائل، ساذجة بقدر سذاجة السمكة العالمة دخل حوض الماء. لذلك يتعين علينا أن نكون منفتحين عند التطرق لنظريات العوالم المتعددة أو المتوازية التي تتواجد وتتطور داخل أبعاد لا ندركها أو نستوعبها بحواسنا وآلاتنا البدائية في الوقت الحاضر لأنها مجهولة وغير محسوسة أو مدركة وغير مرئية، وقد تحتوي في داخلها على حياة تشبه أو تختلف عن الحياة التي نعرفها على الأرض. فالكون المرئي أو المنظور مليء بالغموض والألغاز التي تمنعنا في الوقت الحاضر من فهم واستيعاب طريقة عمله بدقة ومعرفة بنيته الكاملة. ومن بين المحتويات الأكثر غموضاً بالنسبة للبشر هي الثقوب السوداء Trous Noirsبسبب القوة الهائلة تتواجد بداخلها والتي يعجز مستوانا البشري المحدود إدراكها. فهي وحوش فضائية مفترسة تبتلع كل شيء يتواجد في نطاق محيطها أو يكون سجيناً داخل أفقها وفي إطار حقلها الثقالي الجاذب وهو من القوة بمكان أنه قادر على دعك وتشويه الفضاء أو الزمكان. ولكن ما هو مصير المواد والأشياء والأجسام التي تدخل في بطن الثقب الأسود؟ لا أحد يعرف على وجه الدقة. إن بعض العلماء الفيزيائيين يتخيلون ما يسمونه بتأثير النفق effet tunnel وهو تعبير علمي يفترضون وجوده على الطرف الآخر المقابل لمدخل الثقب الأسود الذي يفترضون أنه مخرج الثقب الأسود ويسمونه الثقب الأبيض Trou Blanc المناقض أو المضاد تناظرياً للثقب الأسود symétriquement Opposé ويفترضون أنه هو الذي يقودنا إلى أكوان أخرى يكون بعضها ربما بحجم كوننا المرئي أو أكبر منه. كما توجد هناك دروب أو ممرات مختصرة قد تتيح الولوج إلى عوالم أو أكوان أخرى قد تكون مأهولة ومسكونة بكائنات وحضارات أخرى. وقد تسلك تلك الكائنات الفضائية المتنقلة بين المجرات والنجوم والكواكب تلك الممرات المختصرة ما بين العوالم النجمية espaces intersidérales وتسمى تلك الممرات الافتراضية بالثقوب الدودية Trous de Ver وبالانجليزي Wormholes وهي موجودة في النسيج الزمكاني L’espace-Temps حسب اعتقاد جون ويلرJohn Wheeler سنة 1956 . وهي مسالك أو دروب مفترضة للبحث عن الأبعاد الموازية الخفية. لذلك اعتقد بعض العلماء أن بإمكان الحضارات الفضائية المتطورة صنع مثل تلك الثقوب الدودية بطريقة اصطناعية لخلق نوع من البوابات المتعددة الأبعاد portes dimensionnelles للتنقل والوصول إلى أية نقطة أو موضع في الكون دون الحاجة إلى قطع كل تلك المسافات الهائلة المستحيلة في قياساتها التي تفصل بين النجوم والمجرات distances interstellaires. وهي الفكرة التي استلهمها مسلسل الخيال العلمي بوابة النجوم stargaite SG1 حيث يستخدم الأبطال بوابات النجوم potes des Etoiles لاستكشاف الكواكب الأخرى في مجرتنا وفي المجرات الأخرى. ويعتقد عدد من العلماء أنه من أجل إبقاء تلك الثقوب الدودية مفتوحة لكونها عادة غير ثابتة وغير مستقرة dextrement instables لا بد من وجود مادة غريبة exotique مجهولة الماهية ذات قوة نابذة أو طاردة répulsive تكون ضرورية لإحداث التوازن ولكن لا شيء يدل على وجودها الفعلي كما يقول العالم ستيفن هسو stephen Hsu الباحث في جامعة أوريغون والتي يعتقد أنه لا بد منها نظرياً وحسابياً أو رياضياتياً. وبالتالي لو تمكنت بعض الحضارات الفضائية المتقدمة علمياً وتكنولوجياً وسيطرت على صناعة الممرات أو الثقوب الدودية الاصطناعية فإنها ستتمكن من استخدامها لتزور في لحظات أو وقت محدود أكواناً أخرى ومجرات أخرى وكواكب ونجوم داخل المجرة دون الحاجة لقطع مليارات المليارات من الكيلومترات في الفضاء الخارجي ما بين النجمي وما بين المجري L’espace interstellaires et intergalactiques. وكما ذكرنا في حلقات سابقة فإن النماذج الكونية modèles cosmologiques تتيح تخيل فرضيات جريئة فيما يتعلق بالعوالم المتوازية mondes parallèles إحداها يقول، بل يفترض، أن كوننا ليس وحيداً وإنما يوجد عدد لا نهائي من الأكوان التي هي بمثابة استطالات أو أذرع أو امتدادات لكون مطلق أوسع وأشمل ذو أبعاد لانهائية و لا يمكن تخيلها أو حسابها أو قياسها على الإطلاق inimaginables وقد يكون كوننا المرئي المنظور واحد من مليارات المليارات المليارات من الأكوان الوليدة Bébé Univers غير الواعية بوجود غيرها والمستقلة بعضها عن البعض الآخر، مما يحفز العقل البشري على البحث عن الكون المطلق الذي سمي بــ Méta univers .ولقد سبق لعالم الفيزياء والفيلسوف أورليان بارو أن تساءل حول نظرية الأكوان الفقاعات univers bulles في مقال له تحت عنوان هل الأكوان المتعددة موجودة؟ des univers multiples existe-ils vraiment ? :" ألا يمكن أن يكون كوننا المرئي المنظور ليس سوى جزء تافه من وجود مطلق في سعته Méta Monde؟ أو جزء ضئيل لا قيمة له في كون متعدد أوسع وأعقد وأكثر تنوعاً متعدد الأشكال والألوان من النظام المألوف والموصوف الذي يعرضه ويقدمه علماء الفيزياء اليوم؟ وإذا كان يوجد في كوننا المرئي عدد هائل من المجرات والنجوم والكواكب المتنوعة فلماذا لا نفكر أيضاً بإمكانية وجود أكوان أخرى متعددة ومتنوعة وليس كوناً واحداً هو كوننا المرئي أو المنظور؟ قد لا تمتلك هذه الفرضية من المقومات العلمية حالياً تسمح لها بالصمود على المشهد العلمي ولكن لا شيء يمنع من البحث فيها علها تقودنا إلى فيزياء جديدة وعلم كونيات جديد. بعض العلماء تخيل الكون الكبير والشامل أو المطلق على إنه عبارة عن شكل يشبه جبنة الغروير الفرنسية gruyère sidérale وهي الجبنة المليئة بالثقوب المتداخلة التي يمكن اعتبارها كناية عن أكوان ، حيث تستخدم الثقوب السوداء والثقوب الدودية كنقاط انطلاق ووصول للأكوان الفقاعات الأخرى وبهذا المعنى توجد أكوان لامتناهية العدد وربما يوجد من بينها ما هو مأهول بالحياة والحضارات المتقدمة جدا التي لا تعد ولا تحصى وربما يعتقد كل كون أنه الوحيد الذي يوجد دون أن يعرف بوجود الأكوان الأخرى أو العكس أن تكون الحضارات الكونية متطورة إلى درجة أنها تعرف الكثير عن مكونات الكون المطلق الذي هي جزء حيوي منه أي تكون قد سبرت أسرار الكون الكبير Grand Univers أو المطلق ومساراته ومسالكه. من بين النظريات العلمية التي تتعامل مع إمكانية وجود أكوان أخرى متعددة تتواجد في أبعاد أخرى غير أبعادنا الأربعة المادية أي الأبعاد المكانية الثلاثة والبعد الرابع وهو الزمان، هي نظرية الأوتار الفائقة théorie des super cordes التي تسلط الضوء على المجاج الكونيécume cosmique . لقد تم بالفعل التطرق لمفاهيم الكون المتعدد multivers والكون الفقاعة univers bulle في ثنايا نظرية الأوتار الفائقة التي تحاول التوحيد بين اللامتناهي في الصغر L’infiniment petit واللامتناهي في الكبر L’infiniment grand وهي تستند على فكرة أن الكون مكون من عدد لامتناهي infinité من الأوتار الكونية حيث يكون بعضها منطوياً على نفسه ككوة الصوف والتي لا يمكن رصدها indétectable أي إن الأساس الجوهري أو حجر الأساس للكون المرئي هي الأوتار المهتزة ذات الترددات والذبذبات المتنوعة كوتر الآلات الموسيقية الوترية التي تقدم نغمات متنوعة حسب التردد والذبذبة لكل وتر وبالتالي فإن تلك الأوتار تمتلك ضغطاً أو قوة شد كالمطاط. من الصعب على غير المتخصص تخيل هذه الفرضية لذلك لجأ العلماء إلى مثال رغوة الصابون في الحمام bain moussant حيث يمكن للمرء تصور بانيو حمام مليء برغوة الصابون على شكل فقاعات واعتبار البانيو على إنه الكون الكبير grand univers أو المطلق وحيث كل فقاعة فيه تمثل كوناً قائماً بذاته ككوننا المرئي تديره وتسيره وتحكمه قوانينه الفيزيائية الخاصة به وباستقلالية تامة عن الفقاعات ــ الأكوان الأخرى الموجودة في ذلك المجاج الكوني. ولو ثبتت صحة وصلاحية نظرية الأوتار الفائقة في المستقبل فسوف يكون من الطبيعي افتراض وجود مليارات الأكوان التي تتواجد جنباً إلى جنب أو بموازاة بعضها البعض أو المتداخلة في بعضها البعض ومع كوننا المرئي بالطبع، مثلما توجد مليارات العوالم الخفية داخل كوننا لا تعرف أنها لا تشكل سوى قطعة أو شظية تكوينية لا قيمة لها من الكل الأشمل والأكمل لمجموع المكونات في هيكيلية وبنية الكون المطلق. كما إن هذه الفرضية تسمح لنا أيضا الافتراض وجود حياة داخل عدد لا متناهي من الأكوان ولكن بخصائص وسمات وماهيات فيزيائية وكيميائية وبيولوجية وزمكانية مختلفة كثيراً عما يوجد في كوننا المرئي. فنظرية الأوتار الفائقة تقترح وجود 10 أو 11 أو 26 بعداً زمكانياً حسب المعادلات الرياضياتية المواكبة لها وحدث أن أحدها تميز بأبعاد أربعة ثلاثة مكانية tridimensionnel ورابع زماني ولهذا السبب فإن مداركنا كبشر محدودة جداً مثل السمكة في حوض المياه في مثال ميشيو كاكو وبالتالي ليس بمقدورنا فهم واستيعاب وجود تلك الأكوان والعوالم المتوازية التي ربما قد تكون مسكونة أو مأهولة بالمخلوقات والكائنات المتنوعة حسب ما اعترف به العالم الفذ ستيفن هوكينغ Stephen Hawking. وهكذا فإن التأملات الحالية عن الكون المعاصر تتيح المجال لتصور وجود عوالم وأكوان متعددة بيد أننا لا نستطيع بوسائلنا الرصدية البدائية الحالي رصدها والتي قد تحتوي على أنماط أخرى من الحياة العاقلة الذكية والمتطورة لكنها غير مبنية على عنصر الكاربون كما هو الحال عند البشر وقد يكون الجماد والمعادن هي العناصر الحية والعناصر العضوية هي الجامدة عكس ما يوجد على الأرض وفي هذا السياق أكد كاتب الخيال العلمي هنري توتيف Henri Totev وجود كوكب توأم لكوكبنا الأرض لكنه غير مرئي ومكون من المادة المضادة antimatière ولا يمكننا زيارته إلا من خلال وسائل السفر النجمية ، ويعتقد أن تطور الحياة على الكوكب التوأم لكوكب الأرض حدث على غرار التطور الذي حصل في الأرض حيث تنشأ حضارات وتندثر وتظهر غيرها وتتلاقح وتلتقي وتتصارع ولكن ليس بمقدورنا في الوقت الحاضر صنع مركبات يمكنها بلوغ الكوكب التوأم، وإن العوالم الموازية هي بمثابة نيغاتيف الصورة أو نيغاتيف البطارية الذي يجهل وجود نقيضة الموجب البوزتيف. يتخيل هنري توتيف الحياة على الكوكب التوأم أنها تشبه إلى حد بعيد الحياة على الأرض فالسكان يشبهوننا فيزيائياً ومستوى تطورهم العلمي والتقني والنفسي مقارب لتطورنا على الأرض لكنهم لا يتحدثون نفس اللغات الأرضية وشمسهم مختلفة عن شمسنا والطبيعة هناك قد تتخذ ألواناً أخرى والأيام ليست بطول الأيام الأرضية. قد تقع أحداث كونية استثنائية بسبب خلل وقتي في المعايير بين العلمين التوأمين فتنزلق بعض محتويات أحدهما نحو الآخر وهذا ما يفسر الاختفاء المفاجيء والفوري الغامض من على سطح الأرض أو المحيط أو الأجواء الأرضية لبعض السفن والطائرات والأشياء والأشخاص كما هو الحال في مثلث برمودا أو أماكن أخرى عندما يحدث ضعف في القطبية والمغناطيسية الأرضية في نفس وقت حدوثها في العالم الموازي حيث يحصل اتصال مختصر للحظات بين العالمين عبر ثغرة فورتكس vortex زمكانية واثناء ذلك تتمكن كينونات من التمثل فيزيائياً ومادياً والتجسد داخل عالمنا الفيزيائي المادي رغم اختلاف الشحنات. وكذلك الحال مع الكون التوأم الذي يمكن أن يكون عبارة عن مرآة عاكسة لكوننا المرئي تعيش فيه كائنات ومخلوقات فضائية. وكان هذا الافتراض موضع اهتمام ودراسة بعض العلماء من أمثال فابريس كرشير Fabrice Kircher ودومنيك بيكر Dominique Becker في كتابهما المثير للجدل: " هل المخلوقات الفضائية تأتي من العالم المضاد؟ Extraterrestres viennent-ils de l’antimonde ? تحدثا فيه عن كون غير مرئي أو معتم univers sombre ou invisible يمتلك خصائص معاكس لخصائص وماهيات عالم الأرض حيث اتجاه الزمن أو سهم الزمن معكوساً يتجه من المستقبل إلى الماضي وبالتالي فإن الكائنات الحية التي تعيش فيه تولد بالغة ثم تسير مع مرور الزمن إلى مرحلة الطفولة والنطفة والخلية الأولى وبعدها مستوى الذرة قبل الاختفاء الكامل حتى إن بعض واسعي الخيال اعتبروا إن ذلك هو أحد دوافع ومحفزات المخلوقات الفضائية القادمة من العالم المضاد إلى الأرض بغية إيجاد وسائل لإدامة فترة حياتهم باكتساب سنوات إضافية . ولقد سبق لعالم الفيزياء السوفيتي الحائز على جائزة نوبل أندريه زاخاروف Andrei Sakharov أن قدم سنة 1967 نظرية وجود كون موازي مكون من المادة المضادة بصورة متناظرة symétrique وهي التي طغت على المادة في الكون التوأم عكس ما حصل في كوننا المرئي المادي حيث يكون اتجاه الزمن ايضاً معاكساً هندسياً لاتجاه الزمن في كوننا ويترتب على ذلك العديد من الأمور المعكوسة مثل يجب الركض للبقاء في مكانك وأن يكون المرء واقفاً وغير متحرك للتنقل من كان لآخر وهو أمر يشبه عالم العبث في رواية آليس في بلاد العجائب للويس كارول Lewis Caroll حيث ضرب بعض الفيزيائيين مثال آليس Alice لشرح كون المادة المضادة L’univers d’antimatière. هناك إذن أكثر من نسخة للكون النقيض أو المضاد والمادة النقيضة أو المادة المضادة فى الكون المطلق.. وفي المختبر تعتبر المادة المضادة أكثر المواد تكلفة في الوجود، بتكلفة تقدر ب25 مليار دولار للغرام الواحد من البوزيترون positron و 62.5 تريليون دولار للغرام الواحد من الهيدروجين المضاد وذلك لأن الإنتاج أمر صعب (يتم أنتاج بروتونات مضادة قليلة فقط في ردود الفعل في معجل أو مسرع جسيمات)، ولأن هناك زيادة في الطلب على الاستخدامات الأخرى لمسرعات الجسيمات. وفقا لمسرع الجسيمات التابع لسيرن، قد تكلف بضعة ملايين اليورو لإنتاج حوالي 1 على مليار من الغرام، وهي الكمية المستخدمة حتى الآن للجسيمات. في عام 1928 تنبأ الفيزيائي العالم البريطاني ديريك بوجود المادة المضادة، وقال إن لكل جسيم من المادة العادية جسيما مضادا ذا كتلة مساوية لكتلة الجسيم ولكنه يحمل شحنة كهربائية معاكسة أو مختلفة الإشارة. ويمكن أن تتجمع الجسيمات المضادة لتشكل ذرة مضادة، وتتجمع الذرات المضادة لتشكل أشياء مقابلة لكل شيء موجود في الكون: نجوما مضادة ومجرات مضادة وحتى بشرا مضادين. وعندما يصطدم جسيم بجسيمه المضاد يفنى كلاهما وتنطلق أشعة گاما عالية الطاقة. فلو تصافح إنسان وإنسان مضاد فإن الانفجار الحاصل سيكافئ ألف انفجار نووي قوته ميگاطن يكفي الواحد منها لتدمير مدينة صغيرة.. ولم تمض أربع سنوات على تنبؤ ديريك العجيب حتى اكتشف أندرسون (من معهد كاليفورنيا للتقانة) أول جسيم مضاد. وخلال استخدام أندرسون الغرفة السحابية (الغيمية) لدراسة الأشعة الكونية ـ وهي جسيمات عالية الطاقة واردة إلى الأرض من الفضاء الخارجي ـ لاحظ وجود أثر من البخار أحدثه جسيم له كتلة الإلكترون وعكس شحنته (أي موجب الشحنة). أطلق على هذا الجسيم المضاد للإلكترون اسم البوزيترون. أما العثور على البروتونات المضادة فكان أمرا محيرا، ولم يتحقق إلا عام 1955 عندما شُكِّلت هذه الجسيمات باستعمال مسرّع (معجل) الجسيمات في مختبر لورانس بيركلي. كما استطاع المختبر الأوروبي لفيزياء الجسيمات في العام نفسه تركيب ذرات الهيدروجين المضادة ـ فترة من الزمن ـ بدمج البوزيترونات والبروتونات المضادة في مسرع للجسيمات. وفي السنوات الأخيرة بنى العلماء مختبرات كاشفة معقدة للبحث عن المادة المضادة في الأشعة الكونية. ولما كانت جسيمات هذه الأشعة تتفكك نتيجة اصطدامها بنويات جزيئات الهواء فقد رفع الباحثون مكاشيفهم إلى طبقات الغلاف الجوي العليا حيث تقل الكثافة إلى أدناها. والأوربيون يشاركون في إحدى هذه التجارب واسمها مقراب (تلسكوب) المادة المضادة عالية الطاقة: وهو مقراب محمول على مناطيد عالية الارتفاع للكشف عن البوزيترونات في الأشعة الكونية. وهناك مكاشيف أخرى محمولة تستطيع رصد البروتونات المضادة، وثمة مشاريع أخرى قيد الدرس تطمح إلى وضع المناطيد والمكاشيف على مدارات في الفضاء. وقد تمدنا نتائج هذه التجارب بمعلومات كثيرة عن مصادر المادة والمادة المضادة، وقد تمدنا بمعلومات عما إذا كانت النجوم المضادة والمجرات المضادة موجودة فعلا أم لا. يعتقد الفيزيائيون الفلكيون أن القسم الأعظم من المادة المضادة المرصودة في الأجواء العليا ناتج من الاصطدامات العنيفة للجسيمات تحت الذرية في الفضاء بين النجمي. تبدأ هذه السيرورة على النحو التالي: عندما ينفجر المستعر الأعظم فإن الحقول المغنطيسية الموجودة في موجة الصدمة تُسرّع البروتون (أو نواة الذرة الأثقل) بين النجمي وتحوله إلى شعاع كوني عالي الطاقة ـ عالي السرعة. وعندما يصطدم الشعاع الكوني بجسيم ما في الفضاء بين النجمي يتحول جزء من هذه الطاقة العالية إلى زوج من جسيم وجسيم مضاد. لا يمكن للمادة المضادة الجوالة أن تقطع مسافة طويلة في اتجاه ما، حتى ولو كانت خطوط الحقل المغنطيسي تربط بين المجرات المتجاورة. يتحرك الجسيم المضاد على مسار حلزوني حول خطوط الحقل بين المجراتي ويقفز عشوائيا من مجرة إلى أخرى. أما إذا كانت الحقول المغنطيسية بين المجرّاتية متسقة فقد تمتد خطوط الحقل على استقامة واحدة من مجرة إلى أخرى. وستجري الجسيمات المضادة عندئذ وكأنها في أقماع على طرق طولها ملايين السنين الضوئية. وحتى في هذه الحالة فلن تسير الجسيمات على الخطوط مستقيمة بل ستثب من مجرة إلى أخرى، تماما كما لو أن رجلنا الثمل الهائم قد اقتيد من زاوية شارع إلى الزاوية الأخرى ثم تُرك وحده ليتحرك عشوائيا في المفارق دون إحراز تقدم يذكر. وهكذا فلن تقطع الجسيمات المضادة أكثر من بضع مئات ملايين السنين الضوئية بدءا من نقطة انطلاقها حتى ولو أعطيت كل عمر الكون للقيام برحلتها. وهذه المسافة أقل بكثير من مليارات السنين الضوئية التي تفصلها عن أقرب المجرات المضادة المجاورة. وحتى لو استطاع جسيم مضاد مثابرة الاقتراب من مجرتنا، ولو بمعجزة، فقد لا يستطيع الوصول إلى الأرض. ذلك أن الحقل المغنطيسي داخل المجرة أقوى بكثير مما هو عليه خارجها، وسيعطف أغلب الجسيمات المضادة نحو الداخل. أظهر اكتشاف جديد بأن مجموعة مجرات تتجه منجذبة نحو نقطة معينة وهذه الظاهرة ليست لها صلة بتوسع الكون والذي يشمل جميع المجرات، إذ أنها تلاحظ في تجمعات معينة من المجرات تنحصر في زاوية رؤيا يقدر عرضها بعشرين درجة وتتركز حول محور طوله 2,5 بليون سنة ضوئية يمتد من مجموعتنا الشمسية في جزء من الكون يلاحظ أنه ينجرف في إتجاه مجرات القنطور أو السونتوريوس Centaurus ومجرات الشجاع Hydra بسرعة مليون ميل في الساعة. ولايعرف العلماء حالياً مالذي يسبب هذا الجذب الهائل لهذا الجزء من كوننا، ولكنهم على ثقة بأن هذا التأثير بدأ مبكراً عندما كان الكون في اللحظات الأولى من نشأته. وقد أبدى أليكساندر كاشلينسكي، أحد أعضاء الفريق العلمي في ناسا NASA الذي اكتشف هذه الظاهرة، رأيه لموقع ديسكوفري بقوله أنهم لايعرفون طبيعة الجسم الذي يسحب كوننا لعدم توفر معلومات كافية عن هذه الظاهرة في الوقت الحاضر، ولايعرفون فيما إذا كان هذا الجسم كون آخريقع خارج الأفق الكوني لكوننا المرئي أو نسيج مختلف آخر للفضاء، ولكنه أضاف بأنه في كلتا الحالتين فهذا الجسم بعيد جداً عنا وخارج كوننا المرئي وطبيعته سوف تكون مختلفة تماماً عما نعرفه هنا في هذا الكون.
إن ثبت أن سبب هذه الظاهرة العجيبة هو تأثير وجود كون آخر خارج كوننا هذا، فسوف يكون هذا تأكيد على إستنتاج تشير إليه عدة نظريات حديثة ويتزايد عدد كبار علماء الفيزياء والفلك في قبولها تتعلق بطبيعة الكون ونشأته وهي أن كوننا ليس وحيداً بل يوجد هناك عدة أكوان لامحدودة في العدد تظهر بشكل متكرر ودائم. وفي سياق شيوع أطروحة الأكوان المتعددة فكر بعض العلماء بتطبيق نظرية دارون في النشوء والارتقاء وفق مبدأ الانتخاب الطبيعي والبقاء للأقوى والأصلح، على علم الكون الكوزمولوجيا la cosmologie وذلك انطلاقاً من فكرة أن الكون الذي يحتوي على عدد كبير من الثقوب السوداء يتكاثر كثيراً se produit مولداً عدداً كبيراً من الأكوان ــ الأطفال ، وكل واحد من تلك الأكوان الوليدة يحمل في طياته الإرث الجيني أو الوراثي patrimoines génétiques للكون الأصلي وهناك من يموت في مهده ويندثر من تلك الأكوان وأخرى تنمو وتتطور وتعيد الكرة من جديد في عملية تكاثر أخرى مثل الكائن الحي. وحسب بعض النظريات المتداولة فإن كوننا المرئي الذي نعيش فيه جاء نتيجة لتطور طبيعي وانتخاب طبيعي من بين مليارات الأكوان الأخرى التي ولدت معه من رحم كون أقدم، وهذه فكرة العالم الفيزيائي لي سمولان Lee Smolin الذي كان أول من اقترح تطبيق مبدأ الانتخاب الطبيعي الدارويني على علم الكون الكوزمولوجيا فهو يعتقد أن في كل ثقب أسود ــ ويوجد في كوننا المرئي مليارات الثقوب السوداء ــ يحدث انفجار كبير بغ بانغ Big Bang يؤدي إلى ولادة كون جديد تمتلك فيه الثوابت الكونية الجوهرية قيم مختلفة قليلاً أو متطابقة مع قيم الكون الأم الذي أولدها، وفي حالة وجود اختلافات ولو طفيفة تحدث طفرات تطورية mutations وتحولات تؤثر على الإرث الجيني الوراثي مما يخلق اختلافات بين الأكوان التي بقيت على قيد الحياة كما هو الحال في مبدأ الوراثة البيولوجي principe d’hérédité biologique وعند وقوع الطفرة التطورية يتدخل عامل الانتخاب الطبيعي الذي وصفه دارون في نظريته البيولوجية في كتابه أصل الأنواع. أي أن الانتخاب الطبيعي يستند على نجاح عملية إعادة الإنتاج أو التكاثر. فكلما كان عدد الثقوب السوداء كبيراً كلما كان عدد الأكوان المتولدة كبيراً أي تزدادا عملية التكاثر التي تؤدي إلى نشوء عدد كبير من الأكوان الشقيقة أو التوائم المتباينة أو المتشابهة ذات الإرث الوراثي أو الجيني المتشابه أو المتقارب جداً وبالتالي يكون البعض منها قادراً على إنجاب أطفال ــ أكوان أي التكاثر والنمو وخلق أجيال جديدة من الأكوان حيث يمكن القول أن الظروف الملائمة لنشأة أكوان جديدة تحتوي في طبيعتها على الظروف الملائمة لنشأة الحياة داخل بعض تلك الأكوان مثلما حدث في كوننا المرئي. فالحياة جزء أساسي من التكوين الجوهري الكوني فالبشر ظهروا لأن تطوراً ما ضمن عملية انتخاب طبيعي سبقت ظهور الحياة في كوننا المرئي، كان قد حدث جعل حتمياً ظهور البشر في كوننا المرئي ليس فقط على سطح الكرة الأرضية بل في كل مكان في الكون المرئي تتوافر فيه الظروف الملائمة مما يعني أن ظهور الحياة في أي مكان في الكون المرئي سيكون بالضرورة رديفاً لظهور جنس بشري من نوع ما وبدرجات متفاوتة من التطور. النشأة وعدم التماثل يبدو كل شيء مدرك من الأرض تقريبا أنه مكون من المادة بدلا من المادة المضادة. ويعتقد كثير من العلماء أن زيادة المادة عن المادة المضادة المعروفة باسم (عدم التماثل الباريوني) هي نتيجة لخلل في إنتاج جسيمات المادة والمادة المضادة في الكون في وقت مبكر إبان مرحلة الولادة، في عملية تسمى التخليق الباريوني. إن مقدار المادة التي يمكن ملاحظتها في الوقت الحاضر في هذا الكون يتطلب عدم توازن في الكون المبكر بموجب جسيم واحد من المادة مقابل مليار زوج من جسيمات المادة والمادة المضادة يتم إنشاء المادة المضادة في كل مكان في الكون حيث تتصادم الجسيمات عالية الطاقة. الأشعة الكونية عالية الطاقة التي تؤثر في الغلاف الجوي للأرض (أو أي مادة أخرى في النظام الشمسي) تنتج كميات صغيرة من المادة المضادة ناتجة عن تدفق الجسيمات، والتي تفنى على الفور عن طريق احتكاكها بالمادة القريبة. وبالمثل فإنه قد يتم إنتاجها في مناطق مثل وسط مجرة درب التبانة ومجرات أخرى، حيث تحدث أحداث سماوية نشطة جدا (أساسا التفاعل بين التدفقات البلازما مع الوسائط بين النجوم). ووجود المادة المضادة الناتجة قابل للاكتشاف من خلال أشعة جاما التي تنتج عندما تفنى البوزيترونات مع المادة القريبة. ويشير التردد والطول الموجي لأشعة جاما إلى أن يحمل كل 511 كيلو الكترون فولت من الطاقة وفق الملاحظات الأخيرة التي قامت بها وكالة الفضاء الأوروبية لأشعة جاما (مختبر الفيزياء الفلكية الدولي أشعة جاما) وقد تفسر الأقمار الصناعية منشأ سحابة عملاقة من المادة المضادة المحيطة بمركز المجرة. الملاحظات تظهر ان السحابة غير متناظرة وتطابق نمط ثنائيات أشعة إكس، نظم النجم الثنائي وتحتوي على ثقوب سوداء أو نجوم نيوترونية، معظمها على جانب واحد من مركز المجرة. في حين أن هذه الآلية ليست مفهومة تماما، فمن المرجح أن تنطوي على إنتاج أزواج من الإلكترون والبوزيترون، والمادة العادية تحصل على طاقة هائلة أثناء الوقوع في بقايا النجوم. وقد توجد المادة المضادة بكميات كبيرة نسبيا في مجرات بعيدة بسبب التضخم الكوني في الوقت البدائي للكون. وتحاول ناسا تحديد ما إذا كان هذا صحيحا بالبحث عن الأشعة السينية وأشعة جاما التي تشير الاحداث الى فناءها في اصطدام الكتل العظمى. البحث عن العوالم المضادة كان الفيزيائي ألڤ-;-اريز أول من بادر عام 1960 إلى البحث الشامل عن المادة المضادة الكونية. فقد بدأ بالبحث عن الجسيمات المضادة الثقيلة في الإشعاع الكوني كنواة الهليوم المضاد أو الكربون المضاد أو الأكسجين المضاد. ولا يمكن لهذه الجسيمات ـ نظرا لضخامة كتلها ـ أن تنتج من اصطدامات الجسيمات بين النجمية، خلافا لما هو عليه الأمر بالنسبة للبوزيترونات والبروتونات المضادة. فاكتشاف نواة هليوم مضاد يعني والحالة هذه أن جزءا من المادة المضادة بقي بعد الانفجار الأعظم؛ كما يعني اكتشاف نواة كربون مضاد أو أكسجين مضاد وجود نجوم مضادة، لأن الكربون والعناصر الأخرى الأثقل لا تتكون إلا في النجوم. ومعظم الفيزيائيين الفلكيين لا يعتقدون بوجود نجوم مضادة. صحيح إن الضوء الصادر عن النجوم المضادة لا يختلف عن ضوء النجوم العادية، ولكن اصطدام الجسيمات بين النجمية بالنجوم المضادة يُنْتح دفقا هائلا من أشعة گاما. لاحظت المكاشيف Détecteurs المدارية أشعة گاما منخفضة الطاقة مما يدل على فناء ذؤابة ريش هائلة من البوزيترونات positrons قد تكون آتية من مركز مجرتنا. ومع ذلك لا يعتقد العلميون بصدور هذه البوزيترونات عن نجم مضاد. لأن هذا الأخير، إن وجد، سيبدو كمنبع شديد ومرَكَّز لأشعة گاما ذات طاقة أعلى بكثير من تلك التي رصدتها المكاشيف. وهذا ما يدفعنا إلى القول بعدم وجود نجوم مضادة في المجرة. كما نصل، بالمحاكمة نفسها، إلى القول بعدم وجود مجرات مضادة في أي عنقود (تجمع) مجرات محلي. وماذا عما هو كائن على مسافات أبعد؟ فقد يوجد في الكون مجرات مضادة معزولة تفصلها مسافات شاسعة عن المجرات المؤلفة من المادة العادية. قام الفلكيون في العقد الماضي بدراسات مستفيضة لتوزع المجرات شملت المجرات التي يصل بعدها إلى بليون سنة ضوئية. ولم تظهر هذه الدراسات أي منطقة معزولة يمكن اعتبارها مكونة من مادة مضادة. وعلى العكس من ذلك فقد أظهرت الدراسات وجود نسج (شبكة) من عناقيد (جموع) مجرات محيطة بفضاء خال، كأنه حوض استحمام هائل ممتلئ بالفقاعات المزبدة. ولو كانت أجزاء واسعة من الكون مؤلفة من المادة المضادة لأنتجت المناطق التي تتداخل فيها المادة والمادة المضادة مقادير ضخمة من أشعة گاما في بدء نشأة الكون. ولم يكتشف الفلكيون أي توهج قد يعود إلى هذه الأشعة. وإن كان للمجرات المضادة وجود، فلا بد من أن تكون خارج مدى أفضل التلسكوبات ـ أي على بعد لا يقل عن عدة بلايين من السنين الضوئية. إن الزيادة الطفيفة في عدد البوزيترونات العالية الطاقة التي سجلها التلسكوب توحي بإمكانية وجود مصدر آخر للطاقة المضادة ـ هو الجسيمات الافتراضية الثقيلة الضعيفة التفاعل ومن جهة أخرى تزودنا نظريات الكوزمولوجيا (علم الكونيات) الحديثة بحجج تؤيد تكوّن الكون بكامله تقريبا من المادة العادية. فقد أنتج الانفجار الأعظم، حسب أكثر هذه النظريات شيوعا، فائضا صغيرا من المادة على المادة المضادة في لحظة الخلق الأولى. وقد حدثت هذه الظاهرة بسبب عدم تناظرٍ صغيرٍ في قوانين الفيزياء يعرف باسم انتهاك قاعدة بقاء الندية وشوهد في المختبرات. ففي مقابل كل ثلاثين بليون جسيم من المادة المضادة خلقت أثناء الانفجار الأعظم ظهر ثلاثون جسيما من المادة العادية مضافا إليها جسيم زائد. وبعد مضي نحو جزء من المليون من الثانية على الانفجار الأعظم بدأت الجسيمات والجسيمات المضادة بإفناء بعضها بعضا حتى لم يبق إلا فائض صغير من المادة العادية. وأصبح هذا الفائض النسبي ـ وهو في واقع الأمر عدد كبير من الجسيمات ـ الكون الذي نعرفه حاليا. وعلى الرغم من أن هذه النظرية تبدو مقنعة، فقد تابع بعض العلماء البحث عن الجسيمات المضادة الثقيلة، وهم لايزالون مقتنعين بوجود مناطق واسعة من المادة المضادة، وبأن نوى المادة المضادة الثقيلة السائرة بسرعة تقارب سرعة الضوء تستطيع اجتياز المدى الشاسع الذي يفصل هذه المناطق عن مجرتنا، وفي الستينات والسبعينات نشر ألڤ-;-اريز وعلماء آخرون اكتشافات عديدة وحللوا عشرات الآلاف من صدمات الأشعة الكونية لتحديد ما إذا كان أحد الجسيمات الصادمة مادة مضادة ثقيلة؛ كما جمعت تجارب حديثة ملايين العينات من الأشعة الكونية. وعلى الرغم من هذه الجهود فإنه لم تظهر أية مادة مضادة أثقل من البروتون المضاد. ليس هناك ما يمنعنا من تصور إصدارِ مجرات مضادة بعيدة جسيماتٍ مضادةً ثقيلة تَحُول الحقولُ المغنطيسية في الفضاء بين المجرّاتي بينها وبين بلوغ الأرض. أظهرت قياسات الإشعاع السينكروتروني المار عبر عناقيد المجرات أن شدة الحقل المغنطيسي في العناقيد تساوي جزءا من مليون من الحقل المغنطيسي على سطح الأرض. ولما كانت شدة الحقل تضاعفت نحو ألف مرة أثناء تشكل العناقيد فمعنى ذلك أن شدة الحقل في الفضاء بين المجرات تساوي جزءا واحدا من مليار جزء من شدة الحقل على الأرض. وتجدر الإشارة إلى نظرية بعض علماء الفيزياء في جامعة هارفارد الذين يعتقدون بوجود التوأم المعتم لمجرة درب التبانة Sombre Jumelle de la voie lactée ويوجد على هيئة قرص ملاصق للمظهر المادي المرئي للمجرة لكنه مكون من المادة السوداء مكوناته الأولية من الذرات والفوتونات السوداء أو المعتمة وهي مكونات غير معروفة ومجهولة الماهية وغير مرئية وسموها بالإسم العلمي DDDM – double disk dark mater، ومن بين هؤلاء العلماء ليزا راندال Lisa Randall وهي عالمة مشهورة سبق أن نشرت في مجلة physical Review Letters المتخصصة الذائعة الصيت . فعلى ضوء الأبحاث النظرية والمشاهدات الحديثة، فإن أغلب المادة السوداء matière noire تتوزع على شكل هالة halo حولة المجرات. والمعروف أن هذه المادة الباردة لاتتفاعل لا مع المادة العادية ولا مع نفسها مع حدوث استثناءات نادرة حسب أصحاب النظرية تجعل جزء ضئيل منها يتفاعل في إطار التفاعل النووي الشديدinteraction forte يشتت الطاقة ويبرد ومن ثم ينهار على شكل قرص في حالة دوران حول المجرة المادية الباريونية المرئية matière baryonique أي حول المادة العادية التي نتكون منها مع باقي مكونات الكون المرئي L’univers visible والتي تشكل 5% من مجمل المادة الموجودة في المجرة. وتقدر نسبة المادة السوداء المتفاعلة بــ 5% أيضاً من مجمل المادة السوداء في المجرة. والحال إنه على مستوى الكون المرئي فإن كثافة المادة غير المرئية التوأم يمكن أن يقارن بالباريونات baryons أو المادة الباريونية العادية . إن هذا النموذج يفترض أنه في اللحظات الأولى للكون كانت البروتونات والالكترونات والفوتونات السوداء مختلطة على هيئة بلازما ساخنة Plasma chaud تماماً مثل المادة العادية المرئية matière normale visible ومع تزايد برودة الكون تشكلت الذرات وتكونت المجرات في حين بقيت غالبية الجسيمات السوداء particules noires منفصلة عن أزواجها الجسيمات العادية لذلك نراها توزعت على هيئة هالة حول المجرات. وفي لحظة انتظام الذرات العادية وتجمعها ينظم جزء صغير من الذرات السوداء نفسه أيضاً ويتطور بالتوازي مع المادة المرئية، باعثاً بدوره نوع من الإشعاعات غير القابلة للرصد أي الاشعاعات السوداء Lumières noires التي تعجز أجهزتنا عن كشفها أو رصدها inaccessible وعند برودها تفقد تلك الذرات السوداء نوع من الطاقة وتنها مشكلة قرصاً مماثلاً لقرص المجرة العادي المرئي يدور حوله ومرتبطاً به كالتوأم الملتصق وإن هذا العالم الأسود monde noire يمكن أن يكون متنوعا مثل تنوع عالماً المرئي وبالتالي فإن مجموع المجرات السوداء المتداخلة بالمجرات المرئية في كوننا المرئي يمكن أن تشكل كوناً أسود غير مرئي univers noire invisible متوازي ومتداخل مع كوننا المرئي يحتوي على نفس محتويات كوننا المرئي لكنها غير مرئية.
الطاقة هي سر الخلاص من المؤكد أن البشر سوف يواجهون في المستقبل البعيد مشكلة الانفجار السكاني بالتوازي مع تقلص إمكانيات الكوكب وثرواته الطبيعية من مياه وغذاء وطاقة ومواد أولية والتي لن تكون كافية لاستيعاب استهلاك تلك الزيادات السكانية المطردة. لذلك سوف يفكر البشر بالتأكيد بإيجاد حلول متعددة لمواجهة هذه المعضلة الخطيرة من بينها إمكانية استعمار الكواكب الخالية من السكان أو غير المأهولة والتي تمتلك بعض الشروط لاستيعاب وجود حياتي واحتواء السكان القادمين من كواكب أخرى بعد إجراء بعض التغييرات المناخية والبيئية اللازمة عليها. وفي حال تقبلنا لحقيقة إمكانية تطور المستعمرات الاستيطانية البشرية المستقبلية كحل لإنقاذ النوع الإنساني من الانقراض، فإن مستقبل الإنسانية سيثرى بعامل جديد لا ينبغي تجاهله أو إهماله ألا وهو القدرة على استغلال، ليس فقط طاقة النظام الشمسي فحسب، بل طاقة المجرة بأكملها مشاركة مع باقي الحضارات التي تقطنها. ولا يهم أين سيكون موقع تلك المستعمرات البشرية طالما تتوفر لها مصادر الطاقة والمواد الأولية الضرورية لبقاء الحياة وديمومتها، فلا يهم إذا كانت في مناطق بعيدة عن كوكب الأرض، فقد يكون تواجدها بالقرب من حزام النيازك ceinture des astéroïdes أو الأقراص الكوكبية حيث يمكن الوصول للمواد الضرورية بوسائل رخيصة الكلفة من ناحية الطاقة على وجه الخصوص. بالطبع ستكون هناك عدة أجيال متعاقبة من المستعمرات وكل واحدة منها أكثر تطوراً وكفاءة من سابقاتها. فلو تصورنا على سبيل المثال، مستعمرة من الجيل الثالث يأتي سكانها من المستقبل لزيارة الأرض الأصلية لأسلافهم بفضل امتلاكهم لوسائل اتصال وتنقل متطورة جداً، فإنهم من الناحية الثقافية والعلمية سيأتون إلى كوكب يعرفونه، فهو كوكب أجدادهم وأسلافهم، وإنهم جاءوا للاتصال والتواصل مع الأجيال الحالية من البشر القاطنين على كوكب الأرض والمنحدرين ممن بقي على الأرض ولم يغادرها للعيش في المستعمرات البعيدة، إلا أنهم سوف يتنفسون لأول مرة هواء طبيعي نقي وليس اصطناعي مكررair artificiel recyclé كما هو الحال في مستعمراتهم حيث يجري فلترة وتكرير الهواء المستخدم. وسوف يذهبون لشواطئ البحار للسباحة لكنها لن تكون مريحة بالنسبة لهم لأنهم غير معتادين عليها. فنحن لا نشعر بدوران الأرض حول نفسها وحول الشمس إلا من خلال المناخ وتعاقب الليل والنهار والفصول المناخية ولا نشعر بأنها تقطع مئات الكيلومترات في حركتها ومن المؤكد ستكون هناك محطات فضائية بشرية على غرار المحطة الفضائية الدولية الحالية الوحيدة لكنها أكبر وأكثر تطوراً من الناحية التقنية والتكنولوجية ستستخدم كنقاط انطلاق ومحطات استراحة لتصدير الطاقة والتيار الكهربائي ومنتجات أخرى من وإلى كوكبنا وستكون تلك كأنها رديف للمناطق الصناعية المحيطة بالمدن والمناطق السكنية على الأرض. ستتركز المستعمرات البشرية بالقرب من النيازك والأقمار والحلقات الموجودة في مدارات الكواكب الكبرى الضخمة وستكون مزودة بأقراص أو أطباق أو خلايا لاقطة لأشعة الشمس، وكلما ابتعدت عن الشمس كلما كانت أحجام تلك الخلايا اللاقطة أكبر collecteurs solaires وقد تكون بحجم الكوكب إذا ما كانت موجودة في محيط مدار كوكب بلوتون على سبيل المثال. وبفضل نظام المستعمرات أو المستوطنات البشرية سيتمكن البشر من التنقل والعيش في كل النظام الشمسي كأول خطوة وذلك سيحدث خلال القرون القليلة القادمة. ومع استمرار المشكلة الديموغرافية وتفاقم أزمة التكاثر السكاني في القرون القادمة سيتوجب على البشر اللجوء إلى غزو أنظمة شمسية أخرى مجاورة لنظامنا الشمسي داخل المجرة خاصة تلك الخالية من السكان الأصليين. أي إن على البشر أن يفكروا من الآن بمسألة الرحلات الفضائية ما بين الكواكب والنجوم. من الصعب تصور المسافات الرهيبة والهائلة التي تفصل بين النجوم، ولو حاولنا تمثل هذه المسافة بمثال حسي واقعي واعتبرنا الشمس بمثابة كرة سلة موضوعة على الأرض وعلى بعد 30 متراً منها توجد حبة حمص تمثل الأرض ثم نبتعد مسافة 2 كيلومتر عن حبة الحمص أي الأرض لنرى ذرة رمل تمثل كوكب بلوتون وهو آخر كوكب في نظامنا الشمسي ويمثل الحدود القصوى للنظام الشمسي، ومن ثم نسير مبتعدين عنه 8000 كلم لنرى أقرب نجم لشمسنا. فلو كانت كرة السلة أي شمسنا موجودة في أحد أطراف مدينة مرسيليا مثلاً فإن تخوم النظام الشمسي ستكون في الطرف الآخر المضاد في مدينة مرسيليا في حين يقع أقرب نجم للشمس عبر المحيط في مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية وهذا المثال يعطي صورة تقريبية للمسافات التي تفصل بين نجم وآخر في مجرتنا أما المسافات بين المجرات فحدث ولا حرج إذ يستحيل تصورها أو تمثلها وإدراكها واستيعابها داخل كوننا المرئي الذي نعرفه وندرسه ونعيش فيه فما بالك لو كان كوننا المرئي ليس سوى جسيم صغير في منظومة أكوان لانهائية العدد في الكون المطلق؟ . وبسبب هذه المسافات الخيالية التي يتعين على المركبات الفضائية قطعها واجتيازها استنتج عدد من العلماء استحالة قيام البشر، وكذلك الحضارات الفضائية الأخرى، المقاربة في تطورها العلمي لمستوى البشر أو تفوقه تطورا ببضعة قرون، بل وربما حتى الحضارات التي تسبقنا بملايين السنين مهما كان تقدمها العلمي والتكنولوجي، التجول بين النجوم داخل المجرة الواحدة، ناهيك عن التجوال بين المجرات الذي هو المستحيل بعينه كما يعتقدون. هؤلاء العلماء ينطلقون من إدراك بشري ومحدودية القدرة البشرية في الوقت الحاضر وفي القرون القليلة المقبلة ويستندون لمسلمة فيزيائية تقول أنه لا يوجد ما هو أسرع من الضوء في كوننا المرئي وفق معادلات وحسابات نظرية النسبية العامة لآينشتين ، وكذلك لأن الرحلة بين نجمين ذهاباً وإياباً تستغرق وقتاً يتجاوز عمر الإنسان بكثير ، وهناك مسافات بين النجوم تحتاج لما يزيد عن عمر البشرية برمته . هذه القيود تفرضها علينا قوانين الفيزياء التي تحكمنا حالياً لذلك لا بد من أن نسافر بسرعة تقل بكثير عن سرعة الضوء التي هي 300000 كلم في الثانية الواحدة. تبعد أقرب نجمة لشمسنا 4 سنوات ضوئية أي ما يقطعه الضوء بسرعته الهائلة المذكورة أعلاه لمدة 4 سنوات ذهاباً فقط ومثلها إياباً، والحال أن النجوم الأخرى داخل مجرة درب التبانة تحتاج لملايين السنين الضوئية لبلوغها فلقد قدرت المدة الزمنية اللازمة ذهابا وإياباً بين الأرض ونجمة Tau Ceti إلى 40 عاماً علما بأن الإنسان لا يتوقع أن يصنع مركبة فضائية تسير بسرعة الضوء وكل ما يمكنه فعله في المستقبل المنظور والممكن هو مركبات تسير بسرعة تصل إلى عشر سرعة الضوء لذلك فإن رحلة الذهاب فقط لنجمة آلفا سنطوري Alpha Centauri ستستغرق أكثر من قرن من الزمن أي ما يتجاوز عمر الإنسان. ولكن هل يعني هذا أننا لن نتمكن من السفر أبداً ونزور النجوم البعيدة وما حولها من كواكب داخل مجرتنا درب التبانة على الأقل؟ الجواب هو كلا بالطبع فلا ننسى إنه عندما تصبح الرحلات ما بين الكواكب وما بين النجوم موضع تفكير جدي من قبل العلماء وممكنة التطبيق سيكتشف علماء الأرض وسائل لا تخطر على بال أحد وتتجاوز الخيال لتحقيق هذه الغاية من بينها خلق الثقوب أو الأنفاق الدودية أو تعطيل جاذبية الثقوب السوداء والانتقال من خلال الثقوب السوداء أو شيء من هذا القبيل الذي يبدو مستحيلا في نظرنا اليوم. ومن ثم ستكون هناك عدة أجيال من البشر لم يعيشوا أو يعرفوا أبداً كوكب الأرض الأصلي فبلدان هؤلاء البشر ستكون مستعمرات فضائية يولدون فيها ولا يعرفون غيرها إلا من خلال الوثائق والكتب والأفلام والصور والتاريخ وسوف ينطلقون منها لمستعمرات أبعد فأبعد عبر عدد من الأجيال المتعاقبة من النوع البشري ولن يهمهم أين تتواجد أوطانهم التي سوف لا تعدو كونها مستعمرات أو مستوطنات فضائية عائمة صنعها البشر عبر آلاف السنين بعيداً عن موطنهم الأصلي كوكب الأرض أو فوق كواكب أو اقمار أو مذنبات مجاورة، وربما سيتمكن البشر في المستقبل البعيد جداً من صنع سفن فضائية بحجم مدن تقوم برحلات بعيدة تستغرق قرون طويلة شرط توفير مصادر الطاقة والوقود لها من الفضاء والنجوم المنتشرة حيث يتعاقب على قيادتها أجيال متتالية من الملاحين ورواد الفضاء ومختلف الخبراء والأخصائيين في العديد من العلوم والاختصاصات وسوف يعيشون على متن تلك السفن العملاقة الهائمة في الفضاء ربما لمئات السنين قبل عثورهم على كوكب مؤهل لاستقبال البشر ويكون صالح للحياة على سطحه ليستقروا عليه ومن ثم بعد تمركزهم ينطلقون منه في رحلة مماثلة تقودها أجيال شابة منهم لتستغرق عدة قرون أخرى وعدة أجيال وهكذا دواليك حيث سيستثمرون ويستغلون طاقة النجوم التي تصل أعدادها إلى مليارات المليارات وباستخدام تقنيات وتكنولوجيات عالية ومتطورة جداً وهذا ينطبق على الحضارة البشرية مثلما على غيرها من الحضارات الفضائية التي تعيش فيها كائنات ومخلوقات أخرى غير بشرية داخل مجرتنا درب التبانة وفي المجرات الأخرى التي يستحيل الوصول إليها من قبل البشر حتى بعد مرور ملايين السنين . بالطبع لن يكون بناء السفن الفضائية العملاقة على سطح الأرض لأنه سيكون من الصعب إن لم يكن من المستحيل إقلاعها لكبرها وثقلها بل سوف تبنى في المحطات الفضائية العائمة في المدار الأرضي أو في مدارات الكواكب الأخرى خارج الجاذبية الأرضية وبعيدا عن جاذبية تلك الكواكب أو في الفضاء الكائن بين الكواكب في منظومتنا الشمسية أو الفضاء المحيط بالمستوطنات الفضائية العائمة في الفضاء الخارجي وتكون المواد المستخدم مأخوذة من المذنبات والنيازك وتكون الطاقة المستهلكة والوقود ليس من النوع الكلاسيكي بل النووي من خلال عمليات الاندماج النووي المولد للطاقة الهائلة على غرار ما يجري داخل قرص الشمس حيث تندمج اربع ذرات هيدروجين وينتج عن هذا التفاعل غاز الهليوم مما يعطي للشمس الطاقة التي ينبعث جزء منها خارجها والذي تبعثه لنا لإدامة الحياة فوق الأرض. وسيتمكن البشر في المستقبل البعيد من خزن طاقة التفاعل النووي داخل حقول أو مجالات كهرومغناطيسية يتحكمون بها ومنها يستمدون طاقة أو قوة الدفع للسفن العملاقة بسرعة هائلة لكنها لا تتجاوز ربع سرعة الضوء وفق الحسابات النظرية الكومبيوترية والمحاكاة التي أجراها العالم فريمان دايسون Freeman Dayson سنة 1968 في سياق مشروع أوريون projet orion السري الذي قامت به القوة الجوية الامريكية في سنوات الخمسينات والستينات لكنها وصلت الى انتاج خمسة بالمائة من سرعة الضوء ولكن أي مركبة فضائية بشرية تسير بهذه السرعة البدائية سوف تحتاج الى قرن كامل للوصول الى نجمة ألفا سونطري Alpha Centauri باستخدام عنصر الديوتريوم Deutérium الصلد بعد خزن كمية كبيرة منه في خزان كروي ضخم يحتل مقدمة السفينة الفضائية ويتصل به معاير اسطواني طويل module يصل طوله الى 100 متر أو أكثر وهو الجزء الذي يحتوي على منطقة السكن والعمل لطاقم السفينة وخلفه حيز آخر مختلف الشكل دائري أو مكعب أو بنتاغون للأجهزة والمعدات والآلات المستخدمة لقيادة السفينة من محركات وأجهزة تكنولوجية وكمبيوترات الخ ولكن أقصى سرعة متوقعة لأحدث سفينة فضائية بشرية من الآن ولغاية القرون الخمسة القادمة سوف لن تتجاوز ربع سرع الضوء.
البشر غزاة الكون إن عملية غزو واستيطان كواكب المجرة القابلة لاحتضان المخلوقات الحية الذكية والعاقلة المفكرة كالبشر تبدأ بعمليات تمهيدية مثل إرسال مسابير sondes باتجاه النجوم القريبة وكواكبها بغية تحديد المواقع المؤهلة والمناسبة لإسكان البشر سواء كانت كواكب أو أقمار، بشرط سهولة الحصول على الطاقة والمعادن أو المواد الأولية. ومن ثم تأتي الخطوة التالية بإرسال المركبات الفضائية vaisseaux spatiaux وعلى متنها طواقم ملاحية وفرق بشرية من كافة الاختصاصات العلمية ومختلف الأصول العرقية على مدى بضعة أجيال. وبمرور بضعة قرون من الزمن من تأسيس أول مستعمرة بشرية التي سينتشر منها الجنس البشري إلى كافة أنحاء ومناطق مجرتنا درب التبانة وعلى التوالي، فإن كل مجموعة من أصل بشري سوف تتوسع بنفس الأسلوب لتذهب أبعد فأبعد داخل المجرة إلى تنقطع آخر صلة لها بالأرض الأم حيث سوف لن يكون من السهل العودة إليها إلا بعد مرور آلاف وربما ملايين السنين عندما يتحقق تقدم علمي وتكنولوجي يفوق الخيال من شأنه أن يقهر هذه المسافات الرهيبة والعوائق الكونية. وفي خضم رحلاتهم الكونية قد يتصادف مرورهم بالقرب من أجواء أمهم الأرض في المستقبل البعيد جداً حيث يكون مر عليها ملايين السنين من التطور العلمي أيضاً، وربما سيتاح للأجيال البشرية الاطلاع على مستقبل الأرض إذا بقيت على قيد الحياة ولم تدمرها الحروب الكونية والأسلحة الفتاكة التي تتجاوز قدرتها التدميرية قنبلة هيروشيما بملايين المرات . قدم العالم ورائد الفضاء والجيولوجي والمراقب العلمي في مرصد لوس آلاموس الشهير Los Alamos إريك جونز Eric Jones تقويمات تخيلية افتراضية من خلال برنامج محاكاة متطور جداً في الكومبيوتر بواسطة تطبيق عرف باسم منهجية مونت كارلو méthode monte carlo واتضح له من خلالها أن هناك مواقع كثيرة متناثرة في المجرة على نحو غير منتظم إن لم نقل عشوائي قابلة لاحتضان النوع البشري, وكلما وصل التعداد السكاني والنمو الديموغرافي لإحدى المستعمرات إلى الحد أو المستوى الحرج seuil critique يقوم سكان المستوطنة أو المستعمر البشرية بصنع سفن أو مركبات متطورة لنقل جزء من السكان المتطوعين الى موقع آخر للبدء في تأسيس مستوطنة بشرية جديدة، بعد توفير ثلاث شروط أساسية هي توفر المواقع الملائمة بعد عملية العثور عليها مسبقاً من خلال المسابير غير المأهولة، وحصول التكاثر السكاني الكثيف داخل المستعمرة ، وتوفير سرعة السفر والتنقل الهائلة للمركبات والسفن الفضائية . وكانت الفترة التقديرية التي أعطاها الكومبيوتر تقول إن الحضارة التي تسيطر على برنامج السفر والترحال ما بين النجمي تحتاج إلى 30 مليون سنة لبث مستعمراتها في جميع أرجاء المجرة وهي فترة زمنية لا تذكر مقارنة بعمر الكون. فبعد ما يزيد عن القرن أو القرنين من الآن سيكون بوسع البشر العيش في مستوطنات فضائية قريبة من الأرض ومرتبطة بها بشكل أو بآخر وقد تكون على شكل محطات فضائية مأهولة بالسكان وليس ببضعة أفراد من رواد الفضاء وبعد خمسة قرون أو أكثر بقليل سيتمكن البشر من بناء مستوطنات حقيقية تكون بمثابة كواكب اصطناعية صغيرة أو محطات ــ مدن عائمة في الفضاء وليس بالضرورة على سطح كوكب طبيعي صخري أو فوق الأقمار التابعة للكواكب على أن تكون قريبة من مصادر الحياة والطاقة والمياه والمعادن. وبعد مرور 30 مليون سنة سينجح البشر في التنقل والسفر بين الكواكب داخل المجرة ولا ننسى أن شمسنا تعتبر نجمة شابة وهناك نجوم أو شموس أقدم عمراً منها بكثير وتسبقها ببضعة مليارات من السنين وبناء على ذلك يعتقد العلماء أن قد توجد من الناحية النظرية ملايين الحضارات العاقلة وربما وصل البعض منها إلى مستوى علمي وتكنولوجي يتجاوزنا بكثير. كانت نسبية آينشتين العامة la relativité générale d’Einstein قد فرضت الحدود القصوى التي لا يمكن تجاوزها لسرعة الضوء ولقد تقبل الوسط العلمي هذه المسلمة دون نقاش خاصة بعد التجارب التي أثبتت صحة ثبات سرعة الضوء في كل الاتجاهات ولأن معادلات النسبية العامة أظهرت أن الكتلة Masse لجسم ما تتزايد مع تزايد سرعته وعندما تبلغ سرعة الضوء أي 300000 كلم في الثانية فإن كتلته ستصبح لا نهائية infinie. وهذا يعني أنه يجب أن تتوفر لدينا قوة لا نهائية لتسريع ودفع الكتلة اللانهائية لمركبة فضائية تسير بسرعة الضوء وهذه استحالة بالنسبة للبشر. لذلك جاءت البديهية العلمية الفيزيائية التي تقول لا يوجد شيء يمكنه أن ينتقل بسرعة تفوق سرعة الضوء. إلى جانب أنه لو تمكنا من إجراء اتصال بأسرع من الضوء لبات بوسعنا إرسال رسائل تتجاوز الزمن وتعود إلى الماضي وهو الأمر الذي استغلته روايات وأفلام الخيال العلمي بكثرة. وهنا تبرز أمامنا مفارقة paradoxe causale تتمثل برجل يعود للماضي بفضل سرعة هائلة تتجاوز سرعة الضوء بكثير ويعمل شيئا من شأنه أن يمنع ولادته ومجيئه إلى الحياة كأن يقتل جده أو والده الشاب قبل أن يتزوج وينجبه وبالتالي لن يكون له آب أو لن يتمكن من المجيء إلى الحياة والحال كيف قيض له أن يتواجد في الحاضر ويعبر الزمن إلى الوراء ويعود إلى الماضي الذي سيولد فيه ويمنع ولادته؟ وهذه هي المفارقة المستحيلة لكن فيزياء الجسيمات physique des particules أوضحت أن الفوتونات photons تنتقل بسرعة الضوء دون أن تصبح كتلتها لا نهائية لأنها بدون كتلة، وبالتالي فإن التحليل المعمق والدقيق والصارم للنظرية النسبية أظهر أنه من الناحية النظرية ليس هناك ما يمنع أن يسير جسيم ما بسرعة تفوق سرعة الضوء شرط أن تبقى سرعة التنقل أعلى من سرعة الضوء، فكما أن الفوتون ينتقل بسرعة الضوء وهو جسيم فإن هناك جسيمات افتراضية أخرى لا نعرفها يمكنها الانتقال بسرعة تفوق سرعة الضوء وأطلق عليها إسم التاكيونات tachyons حسب عالم الفيزياء جيرالد فينبيرغ Gerald Feinberg مما يعني إمكانية وجود عالمين متميزين deux monde distincts وهما عالمنا الطبيعي المادي الفيزيائي الذي لا تتجاوز الجسيمات فيه سرعة الضوء، وعالم التاكيونات حيث كل شيء يتنقل بسرعة تفوق سرعة الضوء ويترتب على ذلك أن تتوفر قوة لانهائية لتسريع الأشياء العادية لكي تتجاوز سرعة الضوء وتنتقل إلى العالم الآخر وقوة لا نهائية لكبح السرعة لكي تبطيء سرعة التاكيونات حتى تصبح جسيمات طبيعية تسير بسرعة أدنى من سرعة الضوء إذ أن سرعة الضوء هي الحد المطلق بالاتجاهين الأعلى والأدنى حسب جيرالد فينبيرغ. لذلك لا يوجد ما يمنع منطقياً وجود جسيمات مثل التاكيونات رغم غياب الدليل العلمي والمختبري التجريبي الذي يثبت وجودها. ولكن يمكن في المستقبل، مع تطور آلات وأجهزة الرصد والقياس وتطور مسرعات ومصادمات الجسيمات أن يتم اكتشاف مثل هذه الجسيمات مثلما اكتشفنا بوزونات هيغز سنة 2012 في مصادم ومسرع الجسيمات في سيرن بعد افتراض وجودها نظرياً قبل أكثر من نصف قرن. ومن هنا يفترض العلماء أننا يمكن أن نجري اتصالات مع حضارات فضائية عاقلة ومتطورة في أي مكان في المجرة وبصورة آنية باستخدام التاكيونات كوسيلة للاتصالات بدلا من الموجات الراديوية ondes radio المستخدمة حاليا في حال اكتشاف وجود جسيمات التاكيونات. فوسائلنا الحالية بدائية في مجال الاتصالات الكونية كما لو إننا نريد الاتصال الفوري بين جميع مناطق أوروبا وأمريكيا الشمالية والجنوبية وتخوم آسيا بواسطة الحمام الزاجل والحال انه لا يوجد اليوم من ينتظر أو يترقب وصول رسالة له بهذه الطريقة لذلك لا توجد حضارة كونية فضائية متطورة علمياً تستخدم وسيلة الموجات الراديوية للاتصال بالحضارات الفضائية الأخرى. أمام البشرية خيارين لا ثالث لهما: الأول أن تصل إلى معدل توازن صارم ومبرمج يحافظ على مستوى معين من التعداد السكاني للبشرية على سطح الأرض يتناسب مع قدرة وقابلية الكوكب على الاستيعاب ويكون هناك توازن مدروس بدقة متناهية بين عدد الولادات والوفيات يستمر حتى استنفاذ شمسنا لطاقتها وانطفاؤها بعد بضعة مليارات من السنين عندها سيهلك كوكب الأرض لأن مصيره مرتبط بمصير الشمس التي تمده بالحياة والطاقة، وهذه عملية شبه مستحيلة نظرا للتنوع والتباين البشري والثقافي بين سكان المعمورة. أو أن يتمكن البشر من عملية الهجرة والتوسع والاستيطان داخل المجرة وربما فيما بعد في المجرات الأخرى القريبة والبعيدة. وبعد كشف خريطة الجينوم البشري وفك كودات أو شيفرات الجينات الوراثية الــ ADN أو les codes des structures génétiques قد يتوصل البشر إلى تعديل وتحسين أنفسهم وراثيا والتمكن من عمليات الاستنساخ والقضاء على الأمراض الفتاكة وترميم الخلايا التالفة وتجديدها بدلا من تعديل نمط حياتهم الحالي. ولكن لو قرر أحفادنا بعد ملايين السنين وملايين الأجيال تبني الخيار الثاني وزيارة الكواكب والنجوم والمجرات الأخرى عندها سوف يتعين عليهم إيجاد السبل الملائمة لتنفيذ هذا الخيار وتأمين وسائل النقل الضرورية لذلك لأن السفن الفضائية المستقبلية مهما كانت متطورة فسوف لن تكون كافية حتى لو بلغت سرعة قريبة من سرعة الضوء إلا أنها لن تتمكن أكثر من زيارة نجوم قريبة لشمسنا في المجرة تبعد بضعة سنوات ضوئية عنا تتراوح بين 5 و 10 سنوات ضوئية لا أكثر وإذا لم تبلغ السفن الفضائية البشرية سرعة قريبة من سرعة الضوء فعليها أن تستغرق قرن كامل من الزمن لقطع مسافة 5 سنوات ضوئية أما إذا تعدى الأمر ذلك وتعلق بنجوم داخل المجرة تبعد ملايين السنوات الضوئية أو نجوم في مجرات أخرى تبعد مليارات السنين الضوئية عندها ندخل دائرة المستحيل. فأقرب مجرة لنا تتواجد على بعد مليوني سنة ضوئية ولو سافرت المركبة الفضائية البشرية بسرعة تصل إلى عشر سرعة الضوء فإنها سوف تحتاج إلى أكثر من 20 مليون سنة لتبلغ أطراف أقرب مجرة لنا في الفضاء الفاصل بين مجرتين في رحلة ذهاب فقط والحال أن الفراغ القائم بين المجرات لا تتواجد فيه مصادر للطاقة وبالتالي إذا لم يقهر البشر سرعة الضوء فمن المستحيل عليهم حتى بعد مليارات السنين الخروج من مجرة درب التبانة la voie lactée لذلك تساءل بعض العلماء بجرأة هل الرقم الذي يحدد سرعة الضوء 300000 كلم في الثانية قدري محتوم ومطلق أم نسبي؟ علما إن التجارب أثبتت صحة المسلمة العلمية التي تقول أن الكتلة تزداد بتناسب طردي مع تزايد سرعة الجسم ولا أحد يستطيع أن يعترض على نسبية آينشتين العامة. فما أن تلفظ مفردة سرعة الضوء في نطاق علم الفيزياء بالطبع حتى تأتيك أصوات الآخرين بقوة تنهرك بألا تقترب أكثر فأنت في المحراب المقدس. ويعلو صوت العلماء الآخرين يصرخ لا شيء أبداً أبداً يمكن أن يكون أسرع من سرعة الضوء . إلى جانب أن آينشتين كبلنا بمسلمة أخرى تقول أن الضوء ينتقل بسرعة واحد فقط هي التي نعرفها والتي قسناها عبر مختلف التجارب العلمية. إلا أن فرضية جديدة خرجت قبل عشرة أعوام من جامعة كمبردج على يد العالم جواوو ماغويجو Joao Magueijo تقول أن الضوء قد انتقل فيما مضى من الزمان بسرعة أكبر من سرعته الحالية المعروفة والثابتة على الرقم 300000 كلم في الثانية وذلك في البدايات المبكرة من نشأة الكون المرئي الوليد أو الفتي وقد أعلن ذلك في كتاب مهم تحت عنوان أسرع من سرعة الضوء. غالباً ما يجري البحث في الأفكار الجديدة، ليس من خلال النتائج المستمدة من التجارب العلمية والمختبرية والحسابات الرياضياتية وعمليات المحاكاة الكومبيوترية ، بل وايضاً عن طريق التأمل والافتراض والحدس والظن وخرق المألوف والمسلمات السائدة حتى وإن لم تكن الأفكار موضع الدراسة والتأمل لا تستند على عمل تجريبي منهجي مقرون بمعادلات رياضياتية وحسابية رصينة. وغالباً ما تبدأ العلمية بمجرد خواطر تداعب الذهن انطلاقاً من خلفية متينة من المعلومات العامة في الفيزياء النظرية. وهناك محاولات لا زالت تستوعب مثل هذه الطرق التأملية كمسألة التوسع الكوني الانفجاري المفاجئ المعروف باسم التضخم inflation والذي كان في بدايته حدسي ثم تم إثباته قبل أيام في منتصف عام 2013 بعد تحليل نتائج رصد وتصوير الفضاء الخارجي بواسطة التلسكوب الفضائي بلانك الذي رصد الخلفية الضوئية الماكروية المنتشرة في الكون المرئي عند اللحظات الأولى للانفجار العظيم البغ بانغ Big Bang وما بعدها بقليل حوالي 380000 سنة تقريباً ,اثبت صحة فرضية التضخم . والحال إن نظرية التوسع الانفجاري المفاجئ أو التضخم الانفجاري كان قد افترضها واقترحها العالم آلان غوث Alan Guth من معهد ماسوشوسيت للتكنولوجيا MIT وهي النظرية التي تقضي بأن الكون المرئي كان قد توسع وتضخم فجأة في مراحل نشأته الأولى بسرعة أكبر بما لا يقاس من سرعة توسعه الحالية وهي سرعة تفوق سرعة الضوء الحالية بكثير وهو ما يفسر حجمه المهول الحالي بعد تمدده تمدداً انفجارياً بأسرع من الضوء بكثير. ولو تم إثبات هذه الفرضية العلمية فسوف تفتح أبواب كثيرة أمام العلم والعلماء في مجال الترحال والتنقل ما بين النجوم والمجرات. ففي الوقت الحاضر هناك عقبة تمنع البشرية من الانتقال الى ما وراء النظام الشمسي وهي عقبة سرعة الضوء وبالتالي لا بد من وجود وسيلة تلتف على هذه العقبة وتتجاوزها ولكن ليس بصنع سفن ومركبات تتسارع حتى تبلغ سرعة الضوء أو قريباً منها إزاء استحالة تجاوز سرعة الضوء في الوقت الحاضر، لأن ذلك سيشكل خرقاً لقوانين الفيزياء الكلاسيكية وهنا يتوجب علينا فهم واستيعاب النسيج الفضائي ومعرفة ماهية المكان والزمان وإدراك حقيقة ما يسمى بأقصى الفضاء أو الهيبرسبيس Hyperspace والتمكن من طوي أو انبعاج النسيج الفضائي أو شيء من هذا القبيل مثل اختراق الثقوب السوداء بعد تعطيل جاذبيتها أو ثقالتها المهولة والخروج من أطرافها الأخرى المطلة على أكوان أخرى وعوالم أخرى أو استخدام الثقوب أو الأنفاق الدودية سواء الطبيعية أو الصناعية للسفر والتنقل واختصار المسافات. ولتقريب الصورة لذهن القاري لنتخيل الفضاء عبارة عن سطح ورقة ذو بعدين وعلى طرفي الصفحة الورقية نقطتين أ و ب A et B وإن المسافة بينهم وهي عبارة عن خط يربطهما تحتاج لساعتين ولن لو طوينا الورقة وأوصلنا النقطة أ A بالنقطة ب B دون الحاجة للسير على طول الخط الرابط بينهما فسوف تتقلص المدة الزمنية من ساعتين إلى ثانيتين وربما اقل على أن يتم الانتقال عبر بعد ثالث وليس بعدين فالجسم الموجود على النقطة A سيختفي فجأة ويظهر فجأة بسرعة فائقة في النقطة B دون الحاجة للمرور عبر الخط الفاصل بينهما وهو ممر من نوع البعد الرابع المكاني وليس الزماني . يتبع
#جواد_بشارة (هاشتاغ)
Bashara_Jawad#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مهمة التلسكوب الفضائي بلانك تلقي ضوءاً جديداً على صيرورة الو
...
-
برهان شاوي بعيون باريسية
-
رؤية بانورامية موجزة لتطور النظريات الكونية من بداية القرن ا
...
-
صيرورة الكون المرئي وماهيته من الأصل إلى الكل الحي
-
البنية الهندسية لهيكيلية الكون الكلي
-
عرض لكتاب الدكتور جواد بشارة الكون الحي
-
رحيل الذات
-
رؤية فرنسية غير رسمية للأزمة السورية
-
تراتيل المدينة المقدسة
-
جحيم اللقطاء
-
مقدمة لجغرافية الكون المطلق
-
صرخة المنفى
-
الثنائية الأبدية
-
مقابلة مع الدكتور جواد بشارة أجراها عارف فكري
-
السر الكبير : الحكومة الأمريكية وتكنولوجيا الحضارات الفضائية
...
-
إيران وسورية في ميزان الانتخابات الأمريكية
-
درس في التصوير والإخراج السينمائي أو كيف نقرأ الصورة السينما
...
-
السر الكبير : الحكومة الأمريكية وتكنولوجيا الحضارات الفضائية
...
-
السر الكبير : الحكومة الأمريكية وتكنولوجيا الحضارات الفضائية
...
-
السر الكبير : الحكومة الأمريكية وتكنولوجيا الحضارات الفضائية
المزيد.....
-
كل ما تريد معرفته عن الالتهاب الرئوي عند كبار السن.. الأعراض
...
-
الأعراض الأولى لسرطان القصبة الهوائية والوقاية منه
-
أطعمة ومشروبات تجنبها عند تناول المضادات الحيوية
-
الضغوط تتزايد على عمالقة التكنولوجيا.. ماذا يعني قانون الأسو
...
-
الحكومة الأميركية تطلب من القضاء إجبار غوغل على بيع -كروم-
-
” سجل الآن من هنا “.. التسجيل في مسابقة الشبه الطبي في الجزا
...
-
مخدر الاغتصاب GHB .. مراحل تأثيره السلبى على الجسم وكيف يحدث
...
-
وكالة الفضاء الأوروبية تمول شركات صناعات الفضاء الخاصة بملاي
...
-
نوع من الفطر قد يبطئ نمو الورم السرطاني ويطيل العمر
-
للمرة الأولى.. اصطفاف مجرتين بشكل مثالي يساعد على رؤية الكون
...
المزيد.....
-
هل سيتفوق الذكاء الاصطناعي على البشر في يوم ما؟
/ جواد بشارة
-
المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
-
-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط
...
/ هيثم الفقى
-
بعض الحقائق العلمية الحديثة
/ جواد بشارة
-
هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟
/ مصعب قاسم عزاوي
-
المادة البيضاء والمرض
/ عاهد جمعة الخطيب
-
بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت
...
/ عاهد جمعة الخطيب
-
المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض
/ عاهد جمعة الخطيب
-
الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين
/ عاهد جمعة الخطيب
-
دور المايكروبات في المناعة الذاتية
/ عاهد جمعة الخطيب
المزيد.....
|