|
مستنقع الاقتصاد الحر( النموذج السوري).
معتز حيسو
الحوار المتمدن-العدد: 4157 - 2013 / 7 / 18 - 13:28
المحور:
الادارة و الاقتصاد
إذا كان الاحتكار السياسي يشكّل أحد موجبات التغيير الوطني الديمقراطي،فإن العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة والموارد الوطنية والناتج القومي الإجمالي ومكافحة الهدر والفساد ونهب المال العام وسياسات الإفقار تشكّل الهاجس الأساس لكافة المواطنين السوريين. يعاني الاقتصاد السوري أزمة بنيوية حادة من أسبابها القطع مع التنمية ذات الملح الاجتماعي، واعتماد سياسات اقتصاد السوق الحر يتحمل مسؤوليتها أصحاب القرار والمتنفذين. و رغم أنهم كانوا يحاولون إخفاء هوية الاقتصاد الحر بغربال السمة الاجتماعية التي ألصقوها باقتصاد السوق( اقتصاد السوق الاجتماعي)إلا أن سياساتهم الآنية والإستراتيجية كانت تعبيراً عن إجماع واشنطن وملبية لوصفات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، فكانت تؤسس بشكل واضح إلى تحرير الاقتصاد والأسواق والأسعار والتجارة التي اعتمدها الفريق الاقتصادي المدفوع من قبل النافذين وأصحاب الرساميل كقاطرة للنمو بديلاً عن الإنتاج السلعي الصناعي والزراعي الذي يشكّل جوهر التنمية. وكانت هذه السياسات متزامنة مع تخفيض الإنفاق العام( الجاري والاستثماري) وتراجع دور الدولة الاجتماعي والتنموي في سياق كان يتم فيه تخفيض حجم الحكومة(تخفيض دور الدولة في الناتج الإجمالي أمام تصاعد حصة القطاع الخاص) لقد تقلص حجم الحكومة في من الناتج الإجمالي، من 48،2% عام 1980 إلى 41% عام 1984/ و إلى25% بين عامي 1985/ و1998/ وبالتأكيد فإن حجم الحكومة في اللحظة الراهنة أقل بكثير من 25%. أما فيما يخص حجم الدين الإجمالي حالياً، فإن نسبته إلى الناتج الإجمالي يقدر بـ 65 %، وكذلك يقدر عجز المالية العامّة من الناتج الإجمالي بـ 21.4%. وحسب مدير إدارة التنمية الاقتصادية والعولمة في «اسكوا» عبد الله الدردري:فإن الناتج المحلي في سوريا تراجع منذ اندلاع الأحداث بنسبة 40% وازداد عدد العاطلين من العمل إلى 2.5 مليون شخص، ودمّر 40% من الأصول الرأسمالية المنتجة. ووفق تقديرات «اسكوا»، فإن استمرار القتال في سوريا يزيد في حدّة انخفاض الناتج المحلي بنسبة 58%.. كذلك فإن الاقتصاد السوري انكمش بما يتراوح بين 35 و40 % وسيتهاوى عن مستواه إلى أكثر من60 % . لقد أسس تحرير الاقتصاد إلى أزمة اقتصادية واجتماعية وإنسانية يكتوي بنيرانها غالبية السوريين. فقد تجلت سياسات التحرير الاقتصادي في ارتفاع معدلات الاحتكار، حيث وصل معدل الاحتكار إلى أن 7% يمتلكون حولي 75% من الناتج القومي الإجمالي ، بينما 75% من المجتمع السوري يملكون أقل من 25%. وقد حذرنا مع كثير من الاقتصاديين والخبراء والمتخصصين من خطورة هذه السياسات. لكن للأسف وحتى في ظل الأزمة الراهنة التي تطحن الحجر والبشر،فإن ما يتم اتخاذه من سياسات اقتصادية ومالية يصب في مجرى تحرير الاقتصاد، وما يزيد من الفاجعة أن كثيراً من المسؤولين كان وما زال يدافع عن سياسات الدكتور عبد الله الدردري، وهؤلاء يعلمون قبل غيرهم، أن تلك السياسات، هي من دق المسمار الأخير في نعش الاقتصاد السوري. وكان هذا الميل واضحاً في المؤتمر الاقتصادي الذي عُقد في نهاية عام 2011م. كذلك يجب التنويه، بأن تحرير الاقتصاد لم يكن من بنات خيال السيد الدردري، بل كان تلبية لمصالح أصحاب الرساميل والذين اغتنوا بفعل نهب الشعب والدولة،( لكن بعد تقلّص منافذ النهب والإثراء غير المشروع، فإن هذه الفئات رأت أن الهيمنة على مفاصل الاقتصاد والتحكم بمراكز صنع القرار يشكّل المدخل الوحيد لاستمرار تدفق المال). وأيضاً كانت تلبية لوصفات إجماع واشنطن وصندوق النقد والبنك الدولي التي كانت تؤكد على ضرورة رفع أسعار حوامل الطاقة دون النظر إلى آثار ذلك على ارتفاع أسعار المواد الأساسية لمعيشة الأسرة السورية والتي تقدر بأكثر من (300) سلعة. وأيضاً دون النظر إلى نتائج ارتفاع سعر المحروقات على الصناعة والزراعة، وعلى قدرة الإنتاج الوطني التنافسية في الأسواق العالمية، ومدى صموده أمام الغزو السلعي الخارجي، الذي شكّل تهديداً حقيقياً للصناعات الوطنية التي لم يتم تحصينها وحمايتها قبل اعتماد تحرير الاقتصاد والتجارة الداخلية والخارجية. وتزامنت قرارات رفع سعر حوامل الطاقة مع فتح الأسواق على الاستثمار الخارجي وتحرير التجارة الخارجية والداخلية والاندماج بالاقتصاد العالمي، دون حساب نتائج هذه السياسات على الاقتصاد الوطني والمجتمع الذي يعاني فقراً وبطالة لم يشهد لها مثيلاً من قبل. وفي ذات السياق كان يتم التأكيد على تخفيض الإنفاق العام ورفع الدعم عن المواد الأساسية. كل هذا كان يتم بذريعة تخفيض عجز الموازنة الكلي الذي كان في /2005 ــ 4،66/ بينما نسبة العجز من إجمالي الناتج المحلي لم تنخفض في أسوء التقديرات عن ــ 5% كما كان متوقعاً في عام 2007، وكان فعلياً عام 2005(ـ4،4%)، وهذه النسب ضئيلة بالمقارنة مع ما كان يروج له الفريق الاقتصادي في سياق إدعاءاته بأن الاقتصاد السوري على حافة الانهيار، إن لم تبادر الحكومة سريعاً إلى رفع سعر المحروقات ورفع الدعم عن المواد الأساسية. وكان يدّعي الفريق الاقتصادي إن هذا العجز ناتج عن دعم بعض المواد الأساسية ومنها المحروقات. وللعلم فإن نسبة الدعم بالنسبة إلى الموازنة العامة للدولة تراوحت بين 2،3% ــ2،6% ، في وقت كان يهدر وينهب من المال العام ما يفوق هذا المعدل. وتناسى هؤلاء إن أصحاب مبدأ التحرير الاقتصادي لم يتخلوا في بلدانهم يوماً عن دعم بعض قطاعات الدولة الأساسية. وقد بات واضحاً بأن استبدال الهوية الاجتماعية للاقتصاد السوري بسياسات التحرير الاقتصادي، أسست إلى اعتماد حوامل جديدة وهشّة للنظام ( تجار ومستثمرين، ومقاولين..) بديلاً عن غالبية اجتماعية كانت تشكّل الخزان الرئيسي والحامل الأساس للنظام السياسي واقتصاده الاجتماعي الذي كان للدولة دوراً أساسياً فيه. وكان يتم هذا التحول في سياق إفقار الشعب السوري وإهمال مصالحه الأساسية والضرورية،والعمل على فرض سياسية التجهيل والتعتيم والمواربة. وهذا يستدعي التنويه إلى السلبيات والتناقضات التي سادت حقبة تحكم الدولة بالسياسات الاقتصادية والتي كان من تجلياتها تثبيت الأجور وإهمال القطاع العام وسيطرة البيروقراطية والروتين والفساد وتحكم فئة من السياسيين والمتنفذين على مفاصل القطاعات الإنتاجية والخدمية الأساسية، تخسير القطاع العام وإفشاله وتخليفه بالتزامن مع نهب مقدراته، ولاحقاً تم الاشتغال على إدخاله وهو في أسوء حالاته إلى حقل المنافسة مع القطاع الخاص، إضافة لذلك كان يتم دعم القطاع الخاص وتوفير كافة التسهيلات، في وقت كان يتم فيه محاربة القطاع العام .. وترافق لا حقاً التحرير الاقتصادي مع نهب منظم لقطاعات الدولة الإنتاجية والثروة الوطنية واعتماد سياسات اقتصادية تعمّق الإفقار والتهميش والاستقطاب الاجتماعي والطبقي. وتقاطعت التحولات الاقتصادية مؤخراً مع صراع دموي أعمى. فالعنف الذي يطحن المواطن السوري يتقاطع مع مصالح وأهداف واضعي السياسات الاقتصادية ونهّابين قوت الشعب ومن يغتني على أرواحهم .. وينتزع رمقهم الأخير دون اكتراث من صنّاع القرار، بل نكاد نجزم بأنهم من يحارب المواطن السوري برغيف الخبز الذي بات تأمينه حلماً للكثير من الفئات الاجتماعية. فالقاتل ليس من يطلق النار فقط، بل ومن يحارب الإنسان بمعيشته ويحرمه أبسط حقوقه المعاشية الغذائية والأساسية. ويتحقق هذا نتيجة احتكار التجار لهذه المواد والتحكم بأسعارها في ظل غياب الرقابة الرسمية. وهذا يجعل من أصحاب القرار شركاءً في قتل السوريين. لقد أصبح خبز السوريون مغموس بالدم والقهر. ومع هذا فإن سبب صمت السوريين عن تدهور معيشتهم هو إيمانهم بخطورة ما تمر به سورية من تحديات، لكن صبرهم ووطنيتهم يقابله في الجانب الآخر عجز حكومي، واحتكار ونهب من قبل التجار والمتنفذين وأصحاب الرساميل. إن من يحتكر المواد الأساسية لمعيشة المواطن كي يفرض السعر الذي يريد، ضارباً بعرض الحائط كافة المعايير الإنسانية والأخلاقية، أشد خطراً على الوطن والمواطن، فالأخلاق غابت عن هؤلاء، بل أنها تحولت إلى ألد أعداءهم. إن المواطن السوري يعاني في اللحظة الراهنة عجزاً في أمنه الغذائي،وقد حذرنا مما نحن فيه قبل الأزمة، وأكدنا مع العديد من المهتمين بالشأن العام على أن الأمن الغذائي واجب وطني قبل أن يكون مسألة اقتصادية، لكن لم يكن من يهتم لهذه التحذيرات. والأخطر من ذلك أننا ونحن على حافة الانهيار الاقتصادي والاجتماعي والإنساني لم تزل ثلة من نهابين الشعب تحتكر أسباب معيشته، وتتلاعب بحياته ومصيره. إن قوة وتماسك الوطن لا تنحصر في العسكرة والتسليح، لكنها قبل ذلك في ضمان استقرار معيشة المواطن وكرامته. لهذا فإن إفقار الشعب هو المدخل لانتهاك كرامته،والتهديد الأبرز لوحدة الداخل وقوته. إن الارتفاع الجنوني للأسعار(ارتفعت أسعار المواد الأساسية بالمتوسط العام حوالي 300%)وانخفاض سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الذي تجاوز عتبة الــ 310 ليرات سورية، (وهذا ما فتح الباب أمام انتشار ظاهرة الدولره)، يدلل بداهة على ارتفاع معدلات التضخم. لكن ما ذكره الدكتور أديب ميالة وبعض المسؤولين الاقتصاديون بأن معدل التضخم يتراوح بين 47% ــ 51%، وسعر صرف الليرة تراجع إلى 71،29% ، وارتفاع حجم السوق الحرة إلى 145%.. لا يعكس واقع حركة الأسعار وقيمة الليرة الشرائية وكذلك حجم السوق الحرة بشكل دقيق. فالأرقام التي تقارب الواقع نسبياً أضعاف ما يذكره المسؤولين، وهذا يعني انفصالهم عن الواقع والمجتمع. فالزيادة على الأجور لم تغطي 15% من معدل ارتفاع الأسعار قبل تاريخ إعلان هذه الزيادة، في وقت يلاحظ فيه الجميع أن ارتفاع الأسعار تجاوز كافة الخطوط الحمراء. وهذا يعني استمرر تفاقم الأزمة المعاشية. وفي وقت لا يتجاوز عدد العاملون في قطاعات الدولة 1،7 مليون عامل، يتساءل الكثيرون عن مصير غير العاملين في قطاعات الدولة و من لا يمتلكون فرصة عمل دائمة. وهذا يفترض من أصحاب القرار توجيه اهتمامهم لكافة المواطنون السوريون. ويمكننا في هذا السياق ذكر مقارنة بسيطة: قبل الأزمة كان متوسط الأجور حوالي (12ألف ليرة سورية) والحد الأدنى للأجور( 9975ليرة سورية). بينما كان معدل استهلاك الأسرة السورية في عدد من المحافظات حسب تقديرات المكتب المركزي للإحصاء يتراوح بين 31500و 42000 ليرة سورية. حينذاك أثيرت جملة تساؤلات عن كيفية تأمين المواطن لحاجاته الأساسية، وعن كيفية سد الفجوة بين الدخل الشهري وتكاليف حاجاته الأساسية؟؟؟؟؟ أما الآن فإن متوسط الأجور لم يتجاوز (16000 ليرة سورية) والحد الأدنى للأجور وفق تقديرات أولية يتراوح بين 13000و 13500 ليرة سورية. فيما ارتفعت تكاليف المواد الأساسية والغذائية عن أسعارها قبل الأزمة إلى أكثر من 300%؟؟؟ أي أن حاجة الأسرة المكونة من خمسة أشخاص تحتاج إلى حوالي ثلاثة أضعاف ما كانت بحاجة إليه قبل الأزمة، أي أنها بحاجة في اللحظة الراهنة إلى دخل ثابت يتراوح بين ( 95و126 ألف ليرة سورية) شهرياً، لتأمين حاجاتها من المواد الغذائية والأساسية. فيما 80% من المجتمع السوري لا يتجاوز دخلهم الشهري (30 ألف ليرة سورية). ماذا يعني هذا؟؟ ألا يعني انهياراً اجتماعياً وإنسانياً؟؟ كيف للأسرة السورية أن تغطي نفقات احتياجاتها اليومية في لحظة تتواصل فيه أسعار السلع الأساسية القفز كما الفهد وكذلك معدلات التضخم. إن حجم ارتفاع معدلات التضخم والأسعار الذي يقترن بداهة مع انخفاض القدرة الشرائية لليرة، يفوق أضعاف مضاعفة القيمة الحقيقية لدخل الأسرة، وبالتالي يفوق قدرتها على تأمين احتياجاتها الأساسية. فلم يعد يوجد مجالاً للمقاربة بين دخل المواطن وقدرته الشرائية وبين تكاليف احتياجاته الأساسية. فالتكيف وشدّ أحزمة الفقر وصلت إلى نهاياتها القصوى، لقد بات المواطن السوري مهدداً بحياته وكرامته. وفي ذات السياق أشار رئيس جمعية حماية المستهلك السيد عدنان دخاخني إلى أن الأسرة المكونة خمسة أشخاص تحتاج إلى حوالي (30 ألف ليرة سورية) لتأمين حاجاتها الغذائية، بينما دخل الموظف من الدرجة الثانية لا يتجاوز (27)ألف ليرة سورية.وهذا يعني بأن كافة الأسر التي يتجاوز عدد أفرادها الخمسة أشخاص، وتلك التي يقل دخلها الشهري عن (30 ألف ليرة سورية) غير قادرة على تأمين حاجاتها الغذائية، أي أنها تعاني من النقص والحرمان والجوع. ورغم أن هذا يؤشر صراحة إلى انهيار الأمن الغذائي لغالبية الأسر السورية، إلا أننا نذّكر بأن مكتب الإحصاء المركزي قبل الأزمة عرض أرقاماً تفوق ما عرضه السيد الدخاخني. وفي ذات السياق أيضاً، فقد نشرت منظمة الغذاء العالمية في الأمم المتحدة في تقريرها الأخير، أن أربعة ملايين مواطن سوري غير قادرين على تأمين حاجاتهم الغذائية، ويأتي هذا في سياق تأكيد التقرير على إن إنتاج القمح تراجع من 4،5 مليون طن عام 2012 إلى 2،4مليون طن العام الحالي أي بنسبة 40%، في وقت يتم فيه استيراد حوالي 1،5 طن قمح. وكذلك تراجعت تربية الدواجن بنسبة 50%، إضافة إلى انخفاض حاد في عدد رؤوس المواشي. إن جميع الدلائل والقرائن التي تناولناها تدلل على أن المجتمع السوري يقف على عتبة انهيار أمنه الغذائي، وقد حذرنا قبل الأزمة من ذلك وأكدنا على أن الحفاظ على الأمن الغذائي واجب وطني. وتزداد الأزمة الاجتماعية نتيجة دمار البنى الإنتاجية والقطاعات الخدمية. ففي حين يعاني الإنسان ضنك الحياة، فإن الحرب العمياء تساهم في إيقاف عجلة الإنتاج، وتراجع معدل الصادرت إلى أكثر من 97% وهذا يساهم في انخفاض حجم القطع الأجنبي في الأسواق والمصرف المركزي وخزينة الدولة. وأيضاً يساهم في ارتفاع معدلات البطالة، وانتشار مظاهر الفساد على كافة المستويات والأشكال، وتزامن هذا التراجع مع تهريب حوالي (1500) مصنع إلى تركيا. ويتقاطع من حيث النتائج الكارثية على الأداء الاقتصادي تراجع مستوى إنتاج النفط إلى أقل من 20ألف برميل يومياً، في وقت تم فيه تخريب وتدمير الكثير من الآبار، وسيطرة أطراف غير حكومية على بعضها الآخر وتصدير إنتاجها وفق طرق غير شرعية. وتقدر خسارة القطاع النفطي بـ 4مليارات دولار. بينما توقفت عوائد السياحة التي كانت تقدر بحوالي 8 مليارات دولار سنوياً. إضافة إلى ذلك فإن حجم خسارة القطاع العام فترة الأزمة الراهنة، بلغت حسب تقديرات وزير الإدارة المحلية ونائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الخدمات السيد عمر علاونجي( 7،5 مليار دولار). وأيضاً ما يؤكد أننا على عتبة كارثة اقتصادية وبشرية، تصريح رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية ورئيس غرفة صناعة حلب المهندس فارس الشهابي (جريدة الثورة في الثلاثاء 23-4-2013) بأن ((الإرهاب))(ساهم في تخريب113 ألف منشأة..حصة حلب 35 ألفاً..). لكن هذا لا يعني تجاهل سياسات تحرير الاقتصاد التي شكلت وما زالت تهديداً مباشراً للاقتصاد السوري. وفي ذات السياق، فإن فتح الأسواق المحلية أمام السلع الأجنبية ساهم في تعطيل إنتاج آلاف الورش والمنشآت الصغيرة والمتوسطة نتيجة لانخفاض قدرتها التنافسية أمام غزو سلعي خارجي يتميز بكثافة تكنولوجية تكسبه قدرة تنافسية عالية، إضافة إلى انعدام وجود ضوابط وآليات تحمي الصناعة المحلية وتشتغل على تمكينها وتطويرها. أيضاً يجب عدم إغفال الانعكاسات السلبية لانخفاض رصيد البنك المركزي من العملة الأجنبية، والذي تراجع وفقاً للعديد من الدراسات إلى أكثر من النصف، إذ كان حجم القطع الأجنبي قبل الأزمة وفق بعض التقديرات يتراوح بين 18 و 20 مليار دولار، أما الآن فإنه لا يتجاوز وفق بعض التقارير 9 مليار دولار. وقد صرح حاكم المصرف المركز السيد أديب ميالة بأن التقارير التي تشير إلى أن احتياطي الدولار في البنك المركزي انخفض إلى ( 4 مليار دولار ) غير صحيحة؟؟؟. إن انخفاض احتياطي الدولار في البنك المركزي، يرتبط بشكل مباشر ليس فقط في تراجع دعم الإنفاق العام وتمويل القطاعات الإنتاجية، بل وفي تمويل حركة الاستيراد. ومما ضاعف من أزمة القطع الأجنبي انتعاش ظاهرة المضاربة والتجارة المالية من قبل التجار ورجال المال، هذا إضافة إلى تهريبهم لممتلكاتهم من القطع الأجنبي نتيجة خوفهم من الصراع الدائر، ويقدر ما تم تهريبه إلى لبنان فقط بــ 11مليار دولار. ويزداد تدهور مستوى المعيشة لغالبية الأسر السورية نتيجة فرض المزيد من الضرائب المباشرة وغير المباشرة، في وقت لم تزل السياسات الضريبة تحابي المستثمرين والتجار الذين يتحكمون بحياة الإنسان ويتلاعبون بها، وهذا يساهم في تعميق حدة الإفقار وزيادة شدة التناقض الاجتماعي. ورغم إتباع سياسات الإعفاء الضريبي وتخفيض معدلات التكليف الضريبي على المستثمرين وحركة رأس المال، إلا أن هذا لم يساهم في انخفاض التهرب الضريبي،بل زاد منه وتحديداً في اللحظة الراهنة. إن كافة العوامل والأسباب التي تعرضنا لها تساهم في زيادة تعقيد المشهد الاقتصادي والاجتماعي، وتساهم في ارتفاع حدة المعاناة الإنسانية. لقد وصلت المعاناة لدرجة يصعب فيها على المواطن الحفاظ على بقائه البيولوجي. فقد تجاوزت معدلات الفقر كل التوقعات، حتى باتت تشكل نسبة من هم دون خط الفقر وعليه 80% من الشعب السوري. وهذا يدلل على أزمة وكارثة وطنية ومجتمعية تهدد تماسك المجتمع ووحدته واستقراره وتزيد من إمكانية حصول انفجار اجتماعي. وتشير الدراسات أن حوالي 7،4 مليون شخص كانوا يصنفون قبل الأزمة بين خطي الفقر الأعلى والأدنى أي بنسبة تتجاوز 35،7% أما في اللحظة الراهنة فإن المؤشرات تدلل على ارتفاع مرعب في معدلات الفقر الذي تجاوز عتبة 70% من المجتمع السوري، وأيضاً معدلات البطالة التي تجاوزت تقديرياً وبشكل أولي عتبة 55% من القوى العاملة الحيّة. وهذا ينعكس بالضرورة وبشكل إتوماتيكي ودراماتيكي علي معدلات الاستهلاك وعلى شدة الإنتاج المتباطئ والمتراجع نتيجة للعديد من الأسباب. وتترافق هذه التحولات مع بديات تحلل اجتماعي نتيجة لعجز المواطن عن التكيف الإيجابي مع الأوضاع الجديدة. وتزيد الأزمة الراهنة وتراجع تأثير المنظومة القيمية والأخلاقية، وأيضاً تراجع دور السلطة القانونية من إمكانية التفكك الأخلاقي والقيمي والاجتماعي. وهذا يتقاطع بداهة مع تعاظم ظاهرة الفساد. وقد بات واضحاً بأن تجار الأزمات والمتلاعبين بقوت الشعب يفتقدون إلى أية ضوابط أخلاقية، وهذا يساهم في إغلاق كافة المخارج الإنسانية والأخلاقية والاجتماعية أمام المواطن الذي لم يعد يفقد سبل العيش الإنساني فقط، بل حتى شعوره بالكرامة بات مهدداً. وهذا يشكّل قمة الكارثة الإنسانية. إن الخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الراهنة يستوجب منا التأكيد على ما يلي: ــ القطع مع كافة السياسات الليبرالية والنيوليبرالية.والتوقف عن تحرير الاقتصاد والمال والأسواق والسلع والأسعار، ومراجعة السياسات الاقتصادية السابقة والراهنة. ــ وضع برنامج اقتصادي تنموي استراتيجي يعتمد تطوير ودعم الإنتاج الزراعي والصناعي في إطار خطط تنموية مستدامة تساهم في تطوير القطاعات الإنتاجية ودعم المشاريع الزراعية الكبيرة وتطويرها، ذلك لتحقيق حلقات إنتاجية مترابطة بين الزراعة والصناعة ( ضبط مداخل ومخارج الإنتاج في إطار خطط متكاملة) . ــ القطع مع سياسات مؤسستي النقد والبنك الدوليتين، لأنها لم ولن تساهم إلا في المزيد من التبعية والارتهان والفقر والتخلف للدول التي تعتمد عليهما، وهذا ما تثبته وتؤكده تجارب الدول المدينة التي رهنت مصير اقتصاد شعوبها بهاتان المؤسستان. ــ تمكين تحالفات اقتصادية عربية وإقليمية لتحقيق المزيد من التكامل، وتطوير التعاون مع مجموعة بريكس وآسيان ودول روسيا الاتحادية.. ـ ضمان دور مؤسسات الدولة البحثية المتخصصة لوضع خطط ومشاريع استثمارية تنموية تحافظ الدولة في سياق تنفيذها على دورها في: الإشراف والتوجيه والضبط لآليات اشتغال القطاع الخاص ضمن برنامج تنموي كلي. ــ استعادة الدولة لدورها الرعائي والتدخلي الداعم للفئات الفقيرة والمتوسطة، والحفاظ على المكاسب التي حققتها الطبقة العاملة لأنها تشكّل الحاضن والحامل الأساس للدولة، ووضع سياسة ثابتة للأجور تقوم على سلم متحرك يتناسب مع غلاء المعيشة. ــ وضع آليات لضبط حركة رأس المال وآليات اشتغاله في سياق خطط وسياسات اقتصادية كلّية تعمل على تدعيم التنمية الاقتصادية المستدامة. ــ إعادة هيكلة قطاعات الدولة الإنتاجية لضمان إنتاجية متطورة ذات سمات مقارنة قادرة من خلالها المنافسة في الأسواق الدولية. ــ التوقف عن سياسة خصخصة القطاع العام، كونه يشكّل ضماناً لفئات واسعة من المجتمع السوري، وبذات اللحظة يضمن للدولة الدور المحدد في ضبط وتوجيه الاقتصاد الكلي والسياسات المالية والنقدية. ــ مراجعة السياسات الضريبية المفروضة على الإنتاج والأرباح وإعادة النظر في السياسات الضريبية واعتماد الضريبة التصاعدية على الأرباح و حركة رأس المال. ـ إن تشجيع الاستثمار ولا ينحصر فقط في تخفيض المعدلات الضريبية أو إتباع سياسات الإعفاء الضريبي، بل يستوجب توفّر مناخات سياسية مستقرة وبنى تحتية متطورة(إدارية مصرفية بشرية شبكات طرق مطارات والموانئ ..) ويجب التأكيد على ضرورة العمل على جذب الاستثمارات المنتجة وتوفير ما يلزم لها من تسهيلات ووضعها في سياق الخطط التنموية الوطنية الإستراتيجية لضمان تحقيق إستراتيجية تنموية بشرية واقتصادية مستدامة. وبذات الوقت يجب الحد من توظيف الرساميل الوافدة إلى أسواق المال والمضاربات، ووضع قيود ضريبية صارمة على حركة رأس المال المالي. ــ إشراف الحكومة على إعادة توزيع عوائد التنمية بين الفئات الاجتماعية عبر سياسات ضريبية عادلة ومتوازنة تتيح للخزينة تمويل الخدمات التي تستهدف الفئات الأقل دخلاً( تعليم مجاني متطور، ضمان اجتماعي وصحي، تنمية المناطق المتخلفة، استهداف بؤر الفقر، تمكين المرأة من حقوقها) إضافة لكل هذا يجب التأكيد على ضرورة رفع وترشيد الإنفاق العام . ــ توجيه الاهتمام لتطوير رأس المال البشري، من خلال وضع خطط من أجل التنمية البشرية حتى تواكب وتساهم في تطوير البنى الاقتصادية والمعرفية. ــ المحافظة على ملكية الدولة وعلى إداراتها للمرافق الحيوية والإستراتيجية( مرافئ مطارات قطاعات الكهرباء والمياه ). ــ تنشيط الطلب المحلي من خلال السياسات المالية والنقدية، ودعم الصادرات، وإعادة النظر في بعض بنود اتفاقيات التجارة الحرة وتحسين كفاءة إدارة القطع الأجنبي. ــ ضمان الأمن الغذائي عن طريق دعم قطاع الزراعة والثروة الحيوانية، والاستمرار في تنفيذ المشاريع المائية والإنمائية ( السدود مصانع الأسمدة والأعلاف وإكثار البذار) ومنح التسهيلات لمشاركة القطاع الخاص في إقامة المشاريع الصناعية. ــ زيادة حجم الموازنات الاستثمارية وتوجيهها نحو المشاريع الكبرى والحيوية والإستراتيجية. ــ وضع خطة شاملة لتجفيف بؤر الفقر وخلق فرص عمل جديد يمكنها استيعاب الأعداد المتزايدة من الوافدين لسوق العمل، والتي تقارب في بعض التقديرات(380 ألف طالب لفرصة عمل) وتمكين التعاون من أجل تحقيق ذلك مع المجتمعات المحلية والأهلية. ــ تنمية المناطق الشرقية كونها تشكّل خزاناً بشرياً و مصدراً للثروات الزراعية والاستخراجية،واستثمارها الإيجابي يحقق إسهاماً مهماً في التنمية الاقتصادية الكلية. ــ تطوير الأرياف وتخديمها من أجل إيقاف النزيف البشري إلى المدن، نظراً لخطورة هجرة الأراضي الزراعية وتحوّل مالكيها إلى عاطلين عن العمل في أحزمة الفقر حول المدن الكبرى، وتجلت هذه الظواهر نتيجة لسياسات التحرير التي تجلت نتائجها في ارتفاع أسعار المحروقات والأسمدة والمواد الأولية وانخفاض معدلات دعم المزارعين، إضافة إلى الجفاف وانخفاض منسوب المياه واتساع رقعة التصحّر. ــ العمل على استثمار الطاقات المتجددة والبديلة ( الريحية الشمسية والمخلفات الحيوانية ) وتأمين احتياجات الزراعة والصناعة من حوامل الطاقة بأسعار مناسبة. ــ تحفيز القطاع الخاص المنتج على المساهمة في عملية التنمية. والاهتمام بالشركات الصغيرة والمتوسطة، وبالمصانع الصغيرة والورش والحرف .. ومساعدتها على تأمين مستلزمات الإنتاج من مواد أولية وطاقة، وتسهيل حصولها على القروض المصرفية، وإعفاء بعضها من الرسوم والضرائب عند توفيرها لفرص عمل محددة. وتحفيز اقتصاد قطّاع الظل على التحوّل إلى اقتصاد رسمي وقانوني . ــ إن زيادة استثمارات الحكومة في القطاع العام والتعاون مع القطاع الخاص لتوفير فرص عمل جديدة، وتقديم التسهيلات المصرفية للمهنيين والحرفيين الشباب ودعم الزراعة يشكل أحد أهم الحلول في هذا المجال. يساهم في الحد من تفشي البطالة وخاصة في أوساط الشباب وتحديداً الخريجين. ــ توجيه القطاع المصرفي الخاص للمساهمة في خطط التنمية. ــ تشميل قطاعات اقتصاد الظل في الاقتصاد المرخّص، كونه يساهم ببنيته الحالية في تشويه الاقتصاد الوطني. ومن المعلوم بأنه يشكّل حوالي 40% من الاقتصاد الوطني، لكنه بذات اللحظة لا يوفر أية ضمانات للعمال، ويحرمهم من كافة حقوقهم، وزيادة على ذلك لا يلتزم بمعدل الحد الأدنى للأجور الذي أقرته الدولة، ويلزم العمال بتوقيع عقود الذل والإذعان. ونذكّر أنه في حال تخفيض ساعات العمل في قطاع الظل إلى ( 8 ساعات عمل يومية) فإنه يوفر قرابة مليون فرصة عمل جديدة(كان هذا صحيحاً قبل الأزمة التي طالت تداعياتها تدمير عشرات الآلاف من الورش والحرف والمنشآت والمصانع الصغيرة والمتوسطة). ــ تحرير المنظمات الشعبية والاتحادات والنقابات المهنية من وصاية السلطة والهيمنة الحزبية والأمنية، وتوفير شروط عمل حر مستقل. ــ وضع خطط شاملة وحقيقية لمكافحة الفساد بكافة أشكاله وتجلياته لأنه يهدد بتفتيت النسيج الاجتماعي، ويعطل تنفيذ الخطط التنموية ويحبط آمال الجماهير الشعبية . ــ تمكين المرأة من حقوقها وتوظيف طاقاتها في التنمية الاجتماعية وتذليل العقبات التي تمنعها من ذلك، وتوفير السبل الكفيلة بتحقيق مشاركة واسعة للشباب في جميع ميادين الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية. ــ تطوير السياحة الثقافية والدينية والعلاجية . ــ إن المشاركة الشعبية الديمقراطية شرط أساسي وجوهري لكل توجه تنموي حقيقي، لأن نظريات التنمية القائمة على الرؤية الاقتصادية الرقمية البحتة فشلت في تحقيق العدالة الاجتماعية. ــ لقد أوضحت المرحلة السابقة أن البورجوازية المحلية،عاجزة بقواها الخاصة عن انجاز المهام الوطنية الديمقراطية،وأنه لابد لإنجاز التغيير الوطني الديمقراطي من دور فاعل ورئيسي للطبقة العاملة وأحزابها بالتشارك والتعاون والتحالف مع باقي الطبقات والفئات الاجتماعية وأحزابها ضمن تحالف وطني عريض،والحيلولة دون انحراف المجتمع والوطن في طريق التطور التابع والملحق بالبلدان الإمبريالية،كونه لا يحل أياً من المهام التاريخية للشعوب الفقيرة، بل يخدم مصالح المراكز الإمبريالية وبعض البورجوازية المحلية وينتج الأزمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. إن الطبيعة الطبقية الرأسمالية للنظام، وشكل حكمه الاستبدادي، واستغلاله للدولة والمجتمع، وتسببه في نخر الدولة وقوانينها بآليات الفساد والقمع ومصادرة الحريات السياسية، وإلحاق السلطات القضائية والتشريعية بالسلطة التنفيذية، أدى (بالتكامل مع دور البورجوازية السورية المتحالفة معه) إلى انسدادات وأزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية مستفحلة. ــ إن جملة العوامل المذكورة تستوجب التركيز على ضرورة تكثيف العمل من أجل بناء اقتصاد تنموي اجتماعي يحقق العدالة والمساواة في توزيع الثروة الوطنية والناتج الإجمالي،ويحمي مستويات معيشة الطبقة العاملة وصغار الفلاحين والموظفين وكل العاملين بأجر في قطاع الدولة وخارجه، ويساهم في إيقاف تدهورها المستمر، ويؤمن فرص العمل الكافية، ويحقق رفاه المواطن في مجال التغذية والتعليم والصحة والسكن ووضع سلم متحرك للأجور يستند إلى دراسات فعلية ودورية لنسب التضخم الموجود. إن تنمية القاعدة المادية للإنتاج وتطوير قوى وعلاقات ووسائل الإنتاج،والاستثمار الأمثل للثروات الطبيعية والبشرية والعلمية، وتحقيق تنمية بشرية مستدامة، هو أحد الأهداف الأساسية،ويقع على عاتق الدولة دوراً اقتصادياً وتنموياً واجتماعياً يجب أن تتحمله. لكن جملة السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي رعتها رأسمالية الدولة وبورجوازيتها البيروقراطية خلال العقود الماضية، أدت إلى تركيبة اجتماعية – طبقية جديدة.لقد اشتغلت السلطة على بناء تحالف اجتماعي ـ اقتصادي ـ سياسي جديد، تتنكر فيه لقطاعات واسعة من الطبقات والفئات الشعبية التي كانت تأخذ بعض مصالحها وحقوقها بعين الاعتبار، وتعتمد عليها كقاعدة شعبية، تتحاشى غضبها، وتهتم باستمالتها وكسب ولائها،عبر الاستجابة لمصالحها وحقوقها بالحدود الدنيا. وفي حين يتسارع هذا التنكر لتلك الطبقات والفئات ويشتد إفقارها وسحق مستويات معيشتها،يزداد الاعتماد والتشبيك مع فئات وشرائح من البورجوازية الكبيرة السورية، كما يزداد التشابك والترابط مع قوى الرأسمال الكبيرة، العربية والعالمية، الأمر الذي يحوّل اقتصادنا الوطني إلى اقتصاد تابع يفتح مجتمعنا على الأزمات العالمية، ويهدد بأزمات اجتماعية وسياسية عميقة، تطال آثارها الكارثية غالبية الفئات الاجتماعية. إن تحقيق تنمية مكثفة وجدية للاقتصاد السوري أمر ضروري وممكن فعلاً، بحكم تنوع وغنى بلادنا بالثروات وتوفر القوى العاملة الحية الماهرة، وهذا يشترط تحرير قوى المجتمع، ومحاصرة وإزاحة القوى الطفيلية والبيروقراطية الفاسدة والمعيقة للتطور. وأيضاً فإن هذا المستوى يرتبط مع مناهضة ومحاربة الفساد والنهب البيروقراطي للثروة الوطنية العامة،وكل أشكال المحاباة الاقتصادية والتهرب الضريبي الذي يمارسه بشكل رئيسي أصحاب الثروات الكبيرة. أن ضبط وتطوير السياسات الاقتصادية والتنموية الصناعية والزراعية والبشرية والعلمية هو أحد المسؤوليات العليا للدولة ويتعين على كل القوى الوطنية الاجتماعية والسياسية،أن تراقب وتنقد وتمارس كل ما هو ضروري لتحقيق التنمية الاقتصادية والبشرية التي تحقق مصالح الشعب السوري وتضعه في مصاف الدول المتطورة. كذلك فإن تحقيق مستقبل إنساني يتمتع فيه السوريون بأوسع إطار من الحرية، ويحقق إشباع حاجاتهم المادية والروحية، لن يكون إلا بإقامة نظام ديمقراطي يقضي على الاحتكار السياسي والاقتصادي،وينهي اغتراب الإنسان عن شروط وجوده وعمله واستلابه لحاجات الحياة الأساسية. أخيراً: تشكّل مهمة تحرير الأراضي السورية المحتلة، بكافة الوسائل والطرق الممكنة مسؤولية وطنية عليا،وكذلك تعتبر مناهضة المشاريع الإمبريالية ولاسيما الأمريكية التي تستهدف السيطرة على المنطقة وعلى وطننا السوري ضمناً، لتشديد نهب ثرواتها وتعميق ضعفها وتخلفها عبر تفتيتها القومي والديني والطائفي، شرطاً لازماً لحماية حق الشعب بالسيادة على بلاده ومقومات وجوده ومشروع نهضته. ولا نشك أبداً في أن مواجهة المشاريع الإمبريالية بقدر ما هي مطلوبة وضرورية، تظل غير كافية بحد ذاتها، إذ لا بد من ربطها بصورة عضوية بالتحول الديمقراطي، بحيث يعزز كل منهما الآخر،وهذا بالضرورة يحتاج إلى العمل من أجل بناء تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة ومستقلة عن شروط هيمنة رأس المال العالمي ومؤسساته الدولية (صندوق النقد والبنك الدولي، منظمة التجارة العالمية). ــــــــ انتهى ___
#معتز_حيسو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إشكالية الهوية السورية في سياق الأزمة الراهنة
-
المعارضة السورية من أجل ذاتها تدور حول ذاتها
-
بحث في واقع المعارضة السورية
-
المجتمع السوري على عتبة كارثة وطنية القسم الثاني(الأخير )
-
المجتمع السوري على عتبة كارثة وطنية القسم الأول
-
مساهمة في تحليل بنية وتجليات الصراع السوري
-
العنف .... مدخل لانهيار الدولة والديمقراطية
-
معادلة الرعب
-
الأزمة السورية في سياق التناقض الدولي
-
الحركة الثورية: مدخل نظري سياسي
-
سوريا في عين العاصفة
-
إشكالية وعي اللحظة الراهنة
-
العصبيات الحديثة
-
السوريون بين سندان الصراع السياسي ومطرقة الأزمة الاقتصادية
-
واقع الطبقة العاملة في سياق تطور النظام الرأسمالي
-
انعكاسات الدستور السوري الجديد على الأوضاع في سوريه
-
الثورة السورية في عامها الثاني ((واقع وآفاق))
-
المعارك الاسمية
-
عتبة التحول الديمقراطي ((الاستعصاء السوري))
-
عودة السياسية إلى المجتمع السوري
المزيد.....
-
سعر الذهب صباح اليوم السبت 23 نوفمبر 2024
-
أكبر محنة منذ 87 عاما.. -فولكس فاغن- تتمسك بخطط إغلاق مصانعه
...
-
صادرات روسيا إلى الاتحاد الأوروبي تجاوز 3 مليارات يورو لشهر
...
-
ترامب يرشح سكوت بيسنت لمنصب وزير الخزانة
-
عمل لدى جورج سوروس.. ترامب يكشف عن مرشحه لمنصب وزير الخزانة
...
-
وكالة موديز ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع
...
-
موديز ترفع تصنيف السعودية وتحذر من -خطر-
-
ارتفاع جديد.. بتكوين تقترب من 100 ألف دولار
-
-سيتي بنك- يحصل على رخصة لتأسيس مكتب إقليمي له في السعودية
-
بوتين يأمر بإنتاج كميات كبيرة من السلاح -الذي لا يقهر-
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|