أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هويدا طه - التصوف: هيجانات نفسية واجتماعية باسم الدين














المزيد.....

التصوف: هيجانات نفسية واجتماعية باسم الدين


هويدا طه

الحوار المتمدن-العدد: 1190 - 2005 / 5 / 7 - 11:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عادة ما تمر(الأخبار الخفيفة)خلال نشرات الأخبار.. دون أن تلفت النظر إلى ما ورائها، لكن ذلك النوع من الأخبار.. ربما يحمل إشاراتٍ إلى ظواهر اجتماعية شديدة التعقيد، كالأخبار عن المهرجانات الشعبية في شتى أنحاء العالم، والأخبار عن الحالات الغريبة لأفراد ذوي مهارات غير عادية، أو أخبار عن بعض عادات غير مألوفة تمارسها الشعوب، كخبر بثته قناة الجزيرة عن الاحتفال بزواج شجرتين في الهند.. مثلا! ومن تلك النوعية من الأخبار.. خبرٌ مفاده أن أكثر من عشرة ملايين متصوف مصري يبايعون الرئيس مبارك! ، ربما لم يلفت الخبر انتباه البعض.. باعتباره ضمن المبالغات المعتادة من جوقة مبارك، لكنه قد يخلق بداخل البعض الآخر ألف سؤال.. فالمثير للدهشة ليس مدى صدق الخبر.. في كون متصوفة مصر يقدمون لمبارك(بيعة سابقة التجهيز)أم لا.. المدهش في الأمر.. هو عددهم! حتى استحق الأمر وقفة.. ليس فقط لأن الصوفية في مصر على هذا القدر من الانتشار.. إذا صح الرقم أو قارب الحقيقة.. إلى درجة أن نحو 15بالمئة من الشعب المصري.. راح وغاب في هذا الطريق. .. وإنما أيضا يحتاج الأمر وقفة أمام التصوف.. كظاهرة ماثلة في التاريخ الإسلامي..
مهما كان التراث الإسلامي غنيا بآلاف المؤلفات الصوفية، ومهما كانت الشخصيات الشهيرة التي انتهجت التصوف.. كموقف ديني أو اجتماعي.. قد اكتسبت احتراما لما أنتجته من أدبيات صوفية.. بعضها غني أدبيا وإبداعيا، فإن التصوف- في نظر البعض- ليس إلا ظاهرة بدأت في التاريخ الإسلامي كتعبير عن حالة(انسحاب لاعقلاني)من الحياة، زهدا فيها أو يأسا منها، لأسباب تتعلق بالوضع الاجتماعي أو السياسي أو المناخ الثقافي أو حتى الحالة النفسية والعقلية للمتصوف وأتباعه، أو كما يسمون.. العارفين بالله.
ومن أشهر هؤلاء(العارفين)أبو المغيث الحسين ابن منصور الحلاج، الذي اهتم به المستشرق لويس ماسينيون، وقضى ربع قرن من حياته يدرسه.. فردا وموقفا وتوجها وحالة تاريخية ودينية إسلامية.. تأثرت بعصرها وإرهاصاته.. والتداخلات الدينية فيه، ثم تأثر برؤية ماسينيون العديد من الباحثين العرب المحدثين، ومن حالة الحلاج- كمثال- تكتشف أن التصوف- كموقف ديني يصبو إلى(التوحد بالله)- ليس تلك الظاهرة الدينية تماما، إنه موقف اجتماعي ضد الظلم الطبقي والاستبداد.. لكنه لجأ- يأسا- إلى الدين، وتحديدا إلى الله البعيد عن الكون، فشلا في التعاطي مع معطيات الأرض بتحدٍ يناسبها، وأسباب هذا الفشل تاريخية وسياسية ودينية وعرقية واجتماعية، لهذا تعاطف الحلاج مع الزنج في العراق، الذين كانوا يعانون حرمانا وظلما مخيفا.. على يد الطبقة الحاكمة في دولة(الخلافة الإسلامية)، وقتل ثمنا لذلك الموقف شر قتلة.
هذه النقطة تحديدا هي التي تلفت الانتباه في التصوف كظاهرة اجتماعية(تتلبس بالدين)، فعلى مدى تاريخ البلدان الإسلامية- بعكس أوروبا- لم تتطور(إلا نادرا)حركات ضد الظلم والطغيان في الأرض بعقلية تتوسل طرائق إنسانية عقلانية، بل كلما عانى الناس.. لجئوا إلى السماء، يبحثون عن التوحد بالله وحلوله في أجسادهم.. بينما شعوب أخرى طورت تحديها للظلم الاجتماعي بتحدي الظالمين أنفسهم.. حتى أنتجوا بكفاح أجيالهم جيلا وراء جيل.. منظومة اجتماعية يحكمها ما يسمى اليوم(سيادة القانون)وحقوق الإنسان والديمقراطية وحرية التعبير وغير ذلك، لكن التصوف بدا عبر التاريخ الإسلامي كخروج ٍ من حلبة الصراع مع الاستبداد.. وراح في غياهب لاعقلانية تتخيل أن الله(يحل)في جسد ذلك العارف بالله.. إذا ما هو انسحب من الحياة وفرض على نفسه حرمانا- أو زهدا- مبالغا فيه، وكأنه تعذيب ماسوشي للذات، ويظل الخيال يشطح بهؤلاء الذين(استقال عقلهم)،على حد تعبير المفكر المغربي محمد عابد الجابري في تعليقه على تلك الظاهرة العرفانية الغنوصية الأصل، فيتخيلون بالفعل أنهم- دون غيرهم- صاروا جسدا لله، وهكذا لن يتطور أبدا مجتمع يشيع فيه ويتفشى.. هذا العقل المستقيل.
ورغم أن مبدأ(وحدة الوجود)الذي لا يعترف بالله مفارقا للكون بعيدا عنه.. انتشر في أوروبا.. إلا أنه كان شطحا فلسفيا.. لم يؤثر على حركة المجتمع في تطوره إلى مرحلة.. سيادة القانون، إلا أن في مجتمعاتنا.. التي يتفشى فيها(التقديس الديني).. يأخذ مبدأ وحدة الوجود منحىً دينيا باسم التصوف، بدلا من كونه شطحا فسلفيا بشريا، مما ينتج عنه(قداسة الأفكار)، فيهيمن هذا الاتجاه اللاعقلاني على حركة المجتمع، ليعمل على مزيدٍ من تعطيل تطوره.
وفي الحالة المصرية.. فإن وجود عشرة ملايين مواطن.. يبحثون عن(حلول الله في أجسادهم)بدلا من البحث عن سبل لمقاومة الظلم الواقع عليهم، ما هو إلا.. كارثة أخرى.. لم تكن مصر الفريسة أصلا لهيمنة دينية تثير اليأس.. بحاجة إليها.
ورغم ذلك... للحلاج إنتاج شعري صوفي رائع! فرغم شطحاته الشعرية التي يبلغنا فيها أن الله حل بجسده.. كما في بيت شعرٍ قال فيه:" أأنت أم أنا هذا في إلهين.. حاشاك حاشاي من وجود اثنين"!! فإنه أيضا.. وفي وصفه لرفضه التدين بالطريقة التقليدية، استخدم كلمة(كفر)تعبيرا عن حبه لله بطريقته هو، ورفضا لطريقة المشايخ التقليديين في الإيمان، فقال: كفرتُ بدين ِ اللهِ والكفرُ.. واجبٌ عليّ.. وعند المسلمين قبيحُ!!!



#هويدا_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات حول البابا الجديد: العلمانية تمنح الدين وجها متسامحا ...
- !الريس يلجأ إلى شعبولا: الشعب اختار مبارك.. من غير نعم ولأ.. ...
- لقطة قصيرة تعبر عن مأساة كبرى
- في مقابل ثلاث رؤى مختلفة للحالة العربية، حشدْ: حركة شعبية دي ...
- أخبار الشارع المصري تفاجأ وكالات الأنباء: القضاة في الشارع و ...
- أحمد ذكي جسّد اغتراب المصري بين الفقر والاستغناء
- دور المصريين في الخارج في الحركة المصرية للتغيير
- نحو حصار القصر الجمهوري في مصر
- هل أنهى الظهور على التليفزيون مكانة هيكل
- حل آخر يقدمه النموذج القرغيزي: هروب الريس وعياله
- البرلمان المصري: نواب لكن ظرفاء
- امرأة أمريكية تؤم المصلين، ليه يزعل ذكور العرب!
- هل تلقى حركة كفاية التأييد من الشارع والمؤسسات المصرية؟
- تفتيش في أوراق القمم العربية.. من المواجهة والتصدي إلى استجد ...
- إدوارد سعيد والرسالة الأخيرة
- عمرو موسى : شاهد مقالش حاجة!
- الثاني من مايو يوم العصيان المدني في مصر
- الأفلام الوثائقية العربية: عقلية ثنائية ترى العالم شرا مطلقا ...
- بعد الأرز في بيروت، النسر المصري يستعد للإقلاع: استغلال الفض ...
- الذهنية العربية الإسلامية تكره الأنثى المتمردة النشطة عقليا ...


المزيد.....




- استقبلها الآن على جميع الأقمار الصناعية “تردد قناة طيور الجن ...
- فيكتوريا ستارمر.. اليهودية الكتومة زوجة رئيس وزراء بريطانيا ...
- تردد قناة طيور الجنة بعد التحديث الجديد 2024 لمتابعة اغاني ا ...
- الرئيس الايراني المنتخب يلتقي مع قائد الثورة الإسلامية
- شهيد ومصابون بالضفة وقيود مشددة على المصلين بالمسجد الإبراهي ...
- الاحتلال يمنع المصلين من دخول المسجد الأقصى ويعتقل مصورا صحف ...
- الإنتخابات الرئاسية الإيرانية.. -نعم- كبيرة للجمهورية الإسلا ...
- وراء الأبواب المغلقة: لقاء سري بين مارين لوبان وممثلي الجالي ...
- الشعب الإيراني قدم نموذجا جديدا من الديمقراطية الإسلامية + ف ...
- “ضحك ولعب وهزار طول النهار” استقبل ترددات قنوات الأطفال 2024 ...


المزيد.....

- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هويدا طه - التصوف: هيجانات نفسية واجتماعية باسم الدين