داود السلمان
الحوار المتمدن-العدد: 4156 - 2013 / 7 / 17 - 13:06
المحور:
كتابات ساخرة
لا اعتقد ثمة شيء يفرح الطفل بقدر ما تفرحه الملابس الجديدة (الهدوم) ، ولا سيما في العيد ، لان الطفل لا يمكن ان يعذر والديه في حال عدم شرائهم ملابس جديدة له، مهما كانت اعذار الوالدين مشروعة او غير مشروعة . المهم انه يريد ملابس جديدة يرتديها في العيد ويذهب الى المراجيح مع اترابه، كي يلعب ويمرح ، وكلنا قد مر بهذا الدور ، حينما كانت ( الحياة حلوة بس نفهمها ) على رأي المطرب الكبير فريد الاطرش .
لكن ، ذاك الزمان وهذا الزمان ، وكلما فات زمان وجاء آخر تعقدت الحياة وصارت مرّة المذاق كالشري . قبل ثلاث او اربعة ايام ذهبنا انا واهلي لشراء ملابس جديدة لطفتنا الصغيرة (زهراء) والتي تجاوز عمرها سنة ونصف السنة ، فكان سعر الملابس التي اشتريناها للصغيرة كسر بجمع ما بين حذاء الى جواريب الى امور اخرى خمسة وثلاثون الف دينار ، عداً ونقداً ، مع سبق الاصرار والترصد . وانا لدي خمسة اطفال ، وتعال وحل المشكلة . هذا يعني للذي حاله مثل حالي ان يسحب سلفة المئة راتب حتى يستطيع شراء ملابس العيد لكافة الاسرة .
اما الذي عنده اكثر من خمسة اطفال ، فالأحسن له والافضل ان لا يورط نفسه بدخول سوق الملابس الساخنة وفي تموز ودرجة الحرارة قد وصلت الى خمسين درجة مئوية . فالذي يجازف ويدخل السوق ، مع علمه بأسعار الملابس ، هذا يعني انه يشغل منصب وزيراَ في الدولة العراقية ، وعلى شرط ان تكون الوزارة سيادية ، لا كوزارة الثقافة مثلاً (لان الثقافة ما توكل خبز) .وهي عند بعض ساستنا (شرب لحميدة بفلسين), او ان يكون مدير عام في مؤسسة حكومية ، فهذا (ايده بالدهن) حيث الخمط قائم على قدم وساق , وباستطاعته ان يشتري ملابس العيد ليس لأطفاله فحسب ، بل يستطيع ان يشتري ملابس لجميع اطفال العشيرة ، حتى لو كان (ذباب جرش) في تلك العشيرة .
التجار الجشعين بدورهم ، ومن تبعهم بإحسان ينتهزون مثل هذه الفرص ، كمواسم الاعياد وغيرها من المناسبات ، فيحرقون السوق بالنار والبنزين ، وحتى (المايشتري) يتفرج ، المهم انهم يحصلون على السحت وباي طريق كان . دع المواطن يسرق – يديّن – يبيع داره – او حتى يبيع ذهب زوجته ان كانت تملك ذهباً ، خازنته (للدفنة) على رأي احدى النكات العراقية . اما الحكومة فلا تحرك ساكناً ، كونها مشغولة بأمور اخرى ، ان لم تكن هي ضمن التعاون المشترك ما بينها وبين التاجر ، الذي في كل عيد يحد اسنانه على المواطن ويريد ان يتغدى به لا يتركه الى وجبة العشاء .
#داود_السلمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟