|
مصر : 30 يونيو بالشعب ام بالعسكر /-ضباط أحرار- أم مواطنون أحرار
مراد بن جدو
الحوار المتمدن-العدد: 4155 - 2013 / 7 / 16 - 09:13
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
مصر : 30 يونيو بالشعب ام بالعسكر /"ضباط أحرار" أم مواطنون أحرار
تصدير: إذا فرضت على الانسان ظروف غير انسانية ولم يتمرد ،سيفقد انسانيته شيئا فشيئا- ارنستو غيفارا *سنة من حكم الاخوان: بعد ان أطاحت الجماهير الشعبية برأس النظام ابان 25 يناير سعت القوى المعادية للشعب من كبار ملاكي العقارات وشباكات الجريمة المنظمة ورأس المال المفيوزي محليا ومن قوى الهيمنة الامبريالية الساعية لحماية امن الكيان الصهيوني وشركاتها الناهبة لمقدرات شعب مصر بتحريك ماكيناها الدعائية والاعلامية وأدواتها المحلية للإيهام الجماهير المنتفضة بإنجاز ثورة والتسريع للدخول لترتيبات الانتقال الديمقراطي للحيلولة دون بلوغ المسار الانتفاضي لمداه الثوري بإسقاط النظام والتزاماته المهينة المتمثلة في كامب ديفيد وترسانة من الاتفاقيات الاقتصادية والاستعمارية ... فكان ان حملت الانتخابات –التي ضبطت شروطها ومتطلباتها من قبل الامريكان عن طريق مجلس طنطاوي العسكري بشكل يقلم مخالب قوى الميادين الثورية والفاعلين الجتماعيين ويجردها من الاسلحة التي تصنع النصر بتكريس الارادة الشعبية وتحقيق الاهداف الموثقة في شعارات 25 يناير – جماعة الاخوان المسلمين كحراس جدد للنظام بكل خياراته الاقتصادية و الاجتماعية اللاوطنية واللاشعبية .فكانت سنة حكمها محاولات لتأصيل امتداد نوعي جديد لدكتاتورية العمالة وفوضى السوق المفصلة بثوب ديمقراطي بسند انتخابوي ،او لنقل انتقالا من الاستبداد المتخلف القائم على قاعدتين اللصوصية والتعليمات البوليسية الى الاستبداد الديمقراطي القائم على قاعدة التداول لحراسة نظام الاغتيال الاقتصادي مع العمل على تحزيب مؤسسات الدولة (اخونتها) والمحافضة على البنية الهيكلية لنظام العمالة .
سنة من الحكم تميزت بالعداء والهجوم الشرس على الشبيبة الثورية واغتيال عشرات الشهداء مثل الحسيني و جيكا وكريستي وغيرهم واعتقال المئات الاخرين، وشهدت مصر خلالها ارتفاع الدين الخارجي بشكل صاروخي ليقترب من المعدلات التي بلغها سنة 1990 البالغة 47.6 مليار دولار وهي اقصى معدل وصل له دين الدولة الخارجي ،دين بفوائض مشطة وشروط اقراض مهينة تمس من السيادة الوطنية الشعبية ،خاصة عمليات التكييف الهيكلي للاقتصاد المصري وخاصة للقطاع المالي بالغاء صندوق الدعم وفرض سياسات التقشف على حساب الملايين من محدودي الدخل التي فرضتهم الجهات المقرضة ولاسيما صندوق النقد الدولي ،كما شهدت سنة من الحكم هذه تدهور كبير لقيمة الجنيه المصري مقابل ارتفاع قيمة الدولار ليصل الى اعلى مستوى له في تاريخه متخطيا مستوى 7 جنيهات للمرة الاولى على الاطلاق،اضافة الى عمليات ابتزاز ضخمة وتحيل على طبقة رجال الاعمال تحت مسمى المصالحة،وفي المقابل معادات شرسة للطبقة العاملة وكل العاملين باجر وحرمانهم حتى من قانون يحمي حقوقهم النقابية ،هذا اضافة الى ازمة السولار الخانقة وانقطاع الكهرباء وتوغل الجهاديين في سناء .كما تميزت سنة حكم الاخوان بفشل ذريع في ادارة التلون المجتمي والمذهبي وهو ما فاقم نزعات العنف الطائفي التي انخرطت فيها الجماعة دعاية وتحريضا وتمويلا ضدّ الاقباط و الشيعة والبهائيين وفشل اكبر في السياسة الخارجية التي يقودها الانضباط الصارم لمقررات التنظيم الدولي للاخوان الذين جاهدوا في تطمين الاستعمار على كامب ديفيد والانخراط في مشاريع الوهبنة والتقسيم ،كل هذه المعطيات وغيرها كانت اساسا لتصدع الثقة بين الفاعل الشبابي الثوري من جهة وسلطة الاخوان وشركائها في ما يسمى "الانتقال الديمقراطي" الذين فشلوا في صندوق الشرعية الانتخابوية من جهة اخرى .
*حملة تمرد : تمرد على مرسي ام تمرد على مناوبات حراسة نظام العمالة بكل الوانها:
بعد تمرير مشروع الاعلان الدستوري الذي اسند بموجبه محمد مرسي العياط لنفسه صلاحيات خيالية لنفسه لاقت رفض القوى المدنية والاجتماعية والاحزاب المعارضة بكل تشكيلاتها التي انحازت بدورها الى تكتيل واسع لقواها في ائتلافات وجبهات ابرزها جبهة "الانقاذ الوطني" التي ضمت خليطا ملونا وفتحت ابوابها لقيادات فلول النظام السابق كشفيق و موسى وحتى عكاشة من رجال مبارك او من معارضته الكرتونية التي طردها الميادين والثوار وبعض التشكيلات اللبرايلية وبعض القوى المحسوبة على الانتفاضة الشعبية والتي فشلت في اختبار تمثّل شعارات واهداف 25 يناير وبلورتها في برنامج عملي يكون سقفه اسقاط النظام لا تجميل واجهة شرعيته المشروخة وتأثيث ديكور محفل "الانتقال الديمقراطي" خارج المهام التي طرحتها 25 يناير اي صناديق الاقتراع بعيدا عن المنجز الانتفاضي ،فلا يخفى على احد اليوم ان قوى الانتفاضة باحزابها وتنظيماتها المختلفة لا تمتلك القدرة على الحركة المنظمة والفعالة لمقاومة الانتكاسة الخطيرة للمسار الثوري ومع جمودها على التفاعل مع الرفض الجماهيري لهذه الأوضاع تراكمت عليها طبقات من الصدأ الفكري افقدتها بدرجات متفاوتة الرؤية والحركة وفق جدول اولويات وتحديد واقعي لاتجاه ضرباتها الاساسية وغرقت في دوائر مفرغة يقودها منطق التوافق والمحاصصة مع اعداء الشعب وحوّل الفعل الثوري الميداني الى معارضة ابواق اعلامية وتكتيكات انتهازية دون مضمون اشتباكي من شأنه ارجاع النسق الثوري الى مساره الحقيقي ،فكان بالتالي من الطبيعي ان كوادر متزايدة خاصة من الشبابية من الطاقات الثورية للقوى المحسوبة على الانتفاضة ان صارت تلح على ان تنظيماتها باتت بدرجات متفاوتة تعاني من انكماش متلاحق فب بنيتها وتوقف نشاطها الفعلي وانحصار تأثيرها في المجتمع وجفاف شرايين ارتباطها بالجماهير وافتقاد المصداقية في برامجها وشعاراتها اضافة الى المحدودية المرئية لقدرات هذه التنظيمات على الحشد الجماهيري الحقيقي والفعال في المظاهرات او المؤتمرات حتى الانتخابات وعدم قدرتها على تنظيم واسع للكتلة الجماهيرية الحية ،فكان لزاما على منجزي ملحمة 25 يناير ان يجترحوا من ذات الاساليب التي اسقطت مبارك مسارا جديدا بعيدا عن خيارات المناكفة الانتخابوية وتكتيكاتها المشتغلة من داخل نسق الاختراق الامبريالي وتم الاعلان في أفريل 2013 عن حملة تمرد من ميدان التحرير.
*حركة تمرد شبكة مقاومة شببية لامركزية في بنائها ومرنة في هياكلها وديمقراطية تشاركية في تسيير الحياة الداخلية لهياكلها وغرفها التنفيذية التي كانت بؤرها الكبرى في المدن المنتفضة وخاصة المدن الصناعية كمدينة المحلة وبورسعيد والاسكندرية حيث كان للعمال دور مفصلي ابان 25 يناير والمشكلين لهياكل تمرد في جزء كبير منها التي نجحت في تغطية كامل التراب المصري وحشدت ملايين المصريين وراكمت لجبهة "30يونيو" على قاعدة حزمة من المهام وقاعدتها الحاكمة "اسقاط النظام،وتحقي الاستقلال الوطني الكامل " ورفع هذا الطوفان البشري العصيان المدني والاضراب العام سلاحا لاسقاط النظام والانصياع للإرادة الشعبية الثورية ووضع حد للمزايدات بالشرعية الانتخابية القائمة على التجييش الدعائي والمالي المدعم من دوائر النهب الاقتصادي ووكلائه المحليين في الوطن العربي من امراء البترول.
لكن من جديد عادت قوى المضاربة السياسية والفلول العائدين للمشهد لتحاول الانحراف بالسخط الشعبي وشعار "اسقاط النظام" و "عيش حرة عدالة اجتماعية "الى دعوات لاستدعاء العسكر واستعطاف البوط العسكري التي ما كانت لترتفع لو كان لمعارضة الانقاذ الوطني تواجد حقيقي في الشارع قادرة به على حسم الصراع فبدلا من ان تتجه الى الجماهير في الاحياء والحقول والمصانع والجامعات هرولت في الاتجاه المعاكس ليضعوا يدهم في يد من ثار الشعب ضدهم ،ليتكفل العسكر بمحاولات الالتفاف على الشعارات المركزية للجماهير المنتفضة وحركة تمرد ومحاولة كبح الطوفان البشري عند اسقاط الاخوان وتحديد موعد انتخابات مبكرة مع تبديل واجهة حراسة رأس المال وحفظ السلام مع الكيان الصهيوني وتطمين دول النهب الدولي في استنساخ مشوه لما جرى ابان سقوط مبارك.
*العسكر على الخط مجددا :
لا شك ان خروج ملايين المصريين الى الشارع (سند الشرعية الوحيد) للمطالبة برحيل الاخوان وما انجزته حركة تمرد وجبهة 30 يونيو الثورية بكل مكوناتها من سحب الصلاحيات من مرسي واسقاط المسار الانتخابي هو في الحقيقة نابع من وعي الجماهير الشعبية بأن خلاصها هو بالدفع بالحركة الثورية في اتجاه صاعد منظم نحو اسقاط النظام ووعي بأن لا صديق للشعب المصري سوى حجم التضحيات التي سيبذلها لتجذير المهام الثورية على الارض باصغر انتصار تكتيكي... لكن 30 يونيو ومع حالة الشلل الاقتصادي و السياسي في ظل حكم الاخوان اعاد فتح شاهية العسكر للامساك بكل خيوط السلطة و التصرف في الثورة بشكل مباشر وغير مباشر لتجنب التصادم مع الجماهير والتصادم مع المنتظم الدولي.
*لكن هل الهدف من تدخل العسكر هنا هو الانقلاب على مرسي وشرعيته والانحياز للارادة الشعبية والحفاظ على امن مصر القومي كما تهيّأ للبعض؟
ان تدخل الجيش وبيروقراطيته الفاسدة لم بكن في حقيقة الامر انحياز للارادة الشعبية ولا حفظ لامن مصر القومي كما ورد في بياناته ولا لأنه حامي حمى الوطن والثورة بل لأنه القوة الاكثر مقدرة على الهيمنة باعتبارها الحاملة للسلاح وحراسة مصالح القتلة الاقتصاديين في المنطقة ولأنه يمثل وجه دولة رأس المال الطرفي التابع ذلك ان استراتيجية الجيش المصري المؤتمن على اتفاقية كامب ديفيد هي اساسا حماية النظام وحراسته حتى وان تطلب الامر التضحية بسلطة الحكم وهو ما تم فعلا في حالة مرسي وجماعته ،حيث كان عزله المقدمة الضرورية للانقلاب على الحركة الثورية النامية التي أبدت وضوحا ثوريا مهما من خللا طرح مهام "اسقاط النظام وتحقيق الاستقلال الوطني الكامل " ومن هنا تتوضح حقيقة ما قاله العسكر في بيانه "هناك خطر يتهدد امن مصر القومي" فليس سوى تحقيق الاستقلال الوطني الكامل الهاجس الذي يؤرق البيرقراطية العسكرية المؤتمنة على العلاقة المصرية الصهيونية ديبلوماسيا واقتصادية وخاصة كامب ديفيد وما ترتب عنها بالاضافة الى ضمان الايفاء بالالتزامات تجاه الجهات المقرضة .
ان نجاح حملة تمرد وجبهة 30 يونيو في فك الارتياط مع منطق الحوزات التنظيمية والوفاق والمحاصصة ... كان جليا في فرضها لخارطة الطريق التي طرحتها و فرضتها في اجتماع بحضور العسكر و البرادعي واجهاض تزكية العسكر للبرادعي اضافة الى فرض 4 نقاط رئيسية: 1/تحوير عدد من فصول الاعلان الدستوري الجديد .2/تشكيل وفد يتكفل بتوضيح ان 30 يونيو تكريس لسلطة الشعب في وسائل الاعلام الغربية.3/تشكيل لجنة تعيد فتح ملف المديونية المصرية و تشكيل وفد للمفاوضة حول اسقاط مديونيات مصر والغاء فوائدها كحد ادنى.4/تشكيل صندوق وطني لجمع المساهمات الشعبية ومنح اصدقاء مصر من شعوب العالم الحرة في مواجهة التداين ودعم الاقتصاد المصري.لكن يبقى صمام الامان هو التمسك بالمنجز الثوري وتحصينه بالتعبئة الدائمة للميادين وتسييجه بشعار "لا تتركوا الميادين كل السلطة للشعب" هو السبيل لاسقاط النظام وتحقيق الاستقلال الوطني الكامل وانتصار المعادلة المواطنية الثورية.
... يتبع: شروط و امكانيات تونسة تمرد
#مراد_بن_جدو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|