|
من سنغافورة..الى البندورة..!!
توفيق الحاج
الحوار المتمدن-العدد: 1190 - 2005 / 5 / 7 - 10:14
المحور:
الادب والفن
قبل أعوام قدم لنا الحالمون صورة وردية للمستقبل ... " الأمان والرخاء ... والفَخار والهناء في رُباك موطني ." قالوا : سنكون سنغافورة الشرق ... قلنا : فُرجت .. قالوا : سننافس هونج كونج وستنفتح أمامنا المعابر والأبواب . قلنا : إحلوَّت .. اليوم ..ككل يوم نصحو .... على واقعٍ مر ... موحشٍ كئيب يحمل في طياته حصاراً مرتباً بعناية من إسرائيل والعرب على السواء ... نصحو من فرط مساحة المرارة بين ما حلمنا به وناضلنا من أجله .. وما حصدناه .. نصحو ... لننظر حولنا فلا نملك إلا أن نتثاءب ... وننام من جديد على همومنا ليعلن شخيرنا أن لا شيء تغير . عناوين الصحف باتت مكررة مملة لا تستلفت النظر فالذهاب كالإياب ... والحضور كالغياب ... والتهاني والأماني التى تكاد تلتهم صفحاتها تزلفا لمسئول.. تصلح وصفة مناسبةللقيء والإسهال ... دونما حاجة إلى صيدلي . أنا لا أتحامل على أحد ...إنما أنقل صورة يومية لواقع نعيشه بكل تجرد وموضوعية ... اليوم يدهمنا غلاء فاحش لم يسبق له مثيل ... فأصبح سعر أي شيء يبدأ من 10 شيكل فما فوق ... في وقت أصبحت فيه (العشرة الصَّفراء) صعبة المنال في ظل وقف الحال لقوافل المعدمين و العاطلين من العمال .
الدجاج.. طار سعره ولم يعد أمام الغلابا الذين لا يجرؤن على الاقتراب من الجزار ومغازلة اللحم الضاني او العجل إلا الذهاب إلى (عزرائيل) بأرجلهم من خلال لحوم مجمدة رخيصة نوعاً ما ولكنها ربما تكون فاسدة ولا تصلح للاستخدام الآدمي.
البندورة .. تتعالى علينا رغم أن خدودها لم تعد حمراء وترفض مصاحبتنا إلى المطبخ إلا بعد دفع مهرٍمعجل لا يقل عن 5 شيكل للكيلو وتنسى أنها كانت لا تساوي في أوج الانتفاضة أكثر من شيكل واحد في (البوكسة) وربما اقل ... الآن ..وبعد الأخبارالعاجلة عن توقف تصديرها.. عادت (أم الطبائخ) إلى رشدها قليلاً وتواضعت
وعمنا الباذنجان.. لقي دلاله أخيراً.. و يغني بصوت العندليب (أسمر يا سمراني) وبات لا يدخل بيوتنا إلا نادراً . حتى الفجل.. صار يباع في (صيدليات الخُضار) الرأس بنصف شيكل ... ..لقد أصبح من الجنون الذهاب للتسوق دون التسلح على الاقل بـ 100 شيكل وأعصاب باردة .. لكي نعود بعد عناء بسلام ومعنا الحد الأدنى من طبيخ العيال بدون رفاهية الموز والتفاح طبعا و مع العلم أن بعض الأسر المستورة لا تحصل على ضعف هذا المبلغ شهرياً .. ولولا معونة كوبونات الطحين والزيت من الخيرين وتجار الأصوات الانتخابية لأعلنت إفلاسها وانتحارها الاجتماعي على الملأ .. أعرف أناساً اكتفوا وأولادهم هذا العام برؤية البلح الأصفر فقط لأنهم لا يستطيعوا المغامرة بشراء كيلو واحد بمبلغ 6 شيكل ويتساءلون أين بلح أريحا ؟!
هذه صورة موجزة من سوق الخُضار وإذا أردنا صوراً أكثر قتامة وإيجازاً عن واقعنا الاقتصادي فما علينا إلا الغوص حتى رقابنا في مجاري الغيظ والإحباط والتحسر ... الرواتب في تناقص وتآكل مستمرٍ كمعنوياتنا .. والغلاء في مدٍ مستمر لا يشعر به إلا العائلات المستورة وفقراء الموظفين وطوابير العمال العاطلين عن العمل . الحال الاقتصادي التحتي بكل صدقٍ وأسف لا يقل سوءاً عن حالة الحصار السياسي والنفسي التي نعيشها . الحدود مغلقة .. المعابر لا تفتح إلا في (مانشتات الصحف) !! وأوراق الاتفاقات !! الوجوه مكفهرة .. والشد العصبي يعلن أن الواحد منا (قرفان) من حاله ولم يعد يحتمل حتى ابنه .
لا يحلو لي الندب كما قد يظن البعض .... أتمنى أن أسمع زغرودة فرحٍ حقيقية في الشوارع المنتفضة والتي صامت وأفطرت على بصل..!! أتمنى أن نحيا حقاً في ربيع الدولة التي ناضلنا وانتفضنا من أجلها وحلمنا بها دوماً وهي على مرمى حجر …!! أتمنى أن لا نسمع كل يومٍ عن الوساطة لفلان ... أو المحسوبية لعلان أو امتهان كرامة مواطنٍ من زيد أو التنظير الكاذب عن المستقبل من عمر ، وكيل الوعود بلا حدود وعند الحساب تكون النتيجة مع الرافة صفرا..!! ... الدولة ولو على الورق..يجب و قبل كل شيء .. أن تكسب ثقة المواطن بتحقيق العدالة والكرامة والأمن والأمان . في كل زمانٍ ومكان .بعيدا عن جراثيم الفلتان الامني التي تظهر هنا وهناك لدرجة ان لدى بعض العائلات من السلاح ما يكفي لتسليح جيش..!! وللأسف لايظهر كل هذا الجبروت الا في زعرنات داخلية واستعراضات سيئة السمعة أما في مواجهة الاحتلال فلا وألف لا..!!
نعم وبكل ماأوتيت من صراحة..أقول سأكون أول من يصفق لقرارات الرئيس إذا كانت تخدم مصلحة الفقراء من أبناء شعبنا . سأكون أول من يصفق للرئيس إذا نزل إلى الشوارع والحواري واستمع إلى أنات الغلابا والمطحونين ... وسأكون أول من ينتقد الرئيس إذا اكتفى بهالة الدولة وبمراسيم حرس الشرف واستقبال الوفد الفلاني والوزير العلاني ...تاركا الحبل على الغارب كما حارة "غوار" الرئيس..أي رئيس يسمو ويخلد بحب الجماهير الكادحة وثقتها ويخبو ويذهب إذا احتجب عنها وحاصرته بيروقراطية المكاتب بتقارير جامدة .. لسان حالها (تمام أفندم) . هذه النصيحة من العبد الفقير ...
#توفيق_الحاج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
..!!أنا اسمي عبد الصمد
-
أهربي مني..!!
-
أغنية للمقتول عشقا..!!
-
صعلوك بين الملوك
-
بين الحداثة والعبث..!!
-
حوار العشق والممنوع
-
أحببتها ..ولازلت..
-
لو أتشرف بقتله..!!
-
تعريفات 4
-
تعريفات-3-
-
تعريفات 2
-
تعريفات-1-
-
هل أخون وطني..!!
-
أم سليمان..!!
-
ديمقراطية عرب لاند..!!
-
النفاق سيد الأخلاق..!!
-
انتحابات عراقية
-
نرفانا..!!
-
مرايا..!!
-
خروج الى سعدي يوسف
المزيد.....
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|