أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مكارم ابراهيم - مهرجان الجاز الدنماركي بانغام سورية















المزيد.....


مهرجان الجاز الدنماركي بانغام سورية


مكارم ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 4153 - 2013 / 7 / 14 - 17:00
المحور: الادب والفن
    


في كل عام من شهر تموز يوليو يعيش الدنماركيون احتفال مهرجان موسيقى الجاز ,حيث انك تجد في كل حديقة او بارك و بار ومقهى ومسرح ومنتزه اوركسترا تعزف موسيقى الجاز بنكهة بلد ما في العالم
واليوم طلب مني ابني ان اكون معه لقضاء يوم السبت في صحبته ونستمع الى موسيقى الجاز كنت مترددة بداية لان وضعي الصحي لايتلائم مع الازدحام والضوضاء ولكن وافقت دون تردد كي لايحزن ابني وكانني لااتشارك معه في نشاطاته وذهبت معه بعد ذلك الى المتحف الفني وكان خاص في الفن الفرنسي وكنت استريح بين الحين والاخر على المقاعد دون ان ابين له تعبي بل كنت اناقشه بحماس في مواضيع اللوحات الفنية وشخصية الفنانين الفرنسيين وبعد المتحف الفني ذهبنا من جديد للاستمتاع بموسيقى الجاز في كوبنهاكن حيث ينما تولوا وجوهكم تلتقي بفرقة يعزفون الجاز وهكذا في الصباح كنا في مكان في الاوستربغو حيث استمعنا لموسيقى الجاز للاطفال Folkloric Selamta med Nikolaj Hess Trioوكان ممتعا بنكهة افريقية على انغام طبول الغانا الافريقي وبعد الظهر كنا في مكان اخر في شارع الاوستربغو واستمعنا الى Mads Mathias Orchestra plays "Free Falling"
Moderne Swing
حيث عزفت فرقة دنماركية الجاز بنكهات مختلفة وبدا ثنائيات من الشباب والشابات بالرقص على انغام الجاز ومضى الوقت بهدوء دون ان اشعر بتعب وحين اتى المساء ذهبنا الى مكان اخر للاستماع الى المطربة الدنماركية Mette Juul, Alex Riel, Thomas Fonnesbech og Heine Hansenمايتا يوول واشهر العازفيين في الدنمارك وكانت البطاقة مكلفة قليلا في حين كانت بقية الاوركسترا مجانية في الاماكن الاخرى,
واخذنا اماكننا في انتظار قدوم الفرقة وهنا تدخل المغنية مايتة يوول فتاة ناعمة ونحيلة جدا لبست قميص اسود من الدانتيل الملتصق بجسدها وتحته تنورة سوداء التصقت بجسدها النحيل ورفعت شعرها الاشقر بملقط لتكشف عن وجه نقي خالي من مساحيق التجميل ولبست قرطين من حجر زهري وهي صورة طبيعية لفتاة دنماركية بسيطة في اللبس زالوجه الصافي بدون مساحيق التجميل التي نراها بكثرة على وجوه الفتيات الشرقيات هنا واحيانا لدرجة مرعبة وكأنك امام فتاة الغيشا

اما مع المغنية مايتا يوول وكانك امام حورية البحر الصغيرة التي كتبها اشهر الكتاب الدنماركيين هو سي اندرسن اخذت المغنية مايتا مكانها بين العازفين وبدات تغني بصوت رنان ومع بداية عزف العازفين بهدوء وانا استمع لكلمات الاغنية وارى امامي فتاة جميلة تغني عن القبل والحب بثقة كبيرة وتتمايل بجسدها النحيل امام الجمهور لماذا لايمكن ان تكون هذه الحورية في هذه اللحظة في العراق او سوريا او مصر لماذا لايمكن لفتيات الدول العربية ان يعشن بهذه الطريقة يغنين ويتمايلن مثل هذه الحورية تغني وتتمايل حتى انها كانت تحتسي كاس البيرة بين الحين والحين
ياالهي ماذا افكر لم استمتع بالاغنية ولابموسيقى الجاز!
كان هذا ردي لابني عندما سالني مارايك ماما بهذه الاوركسترا ؟ اليست رائعة؟ انهم افضل عازفيين في الدنمارك
لاتزعل منياذا كنت صريحة كلما كتنت الوصلات الموسيقية تتغيير بين الهادئة والصاخبة كنت اشعر بحبل يلف عنقي ويخنقني كنت اتنقل بين الدنمارك وموسيقى الجاز وبين اهلنا في الشام كيف اسمح لنفسي ان استمع لموسيقى الجاز واسترخي هنا بينما اهلنا في الشام يقتلون؟
ولكن امي انت تعلمين انه في كل لحظة يموت احدهم از تغتصب فتاة ما او ترمل امراة ما وييتم طفل ما في بقعة من بقاع الارض هذه هي الحياة تمشي رغم ان المئات من الابرياء يقتلون دون ذنب عليك ان لاتفكري كثيرا بهذه المسالة الموت يلاحقنا جميعا في كل لحظة كلنا سنموت في وقت ما وفي مكان ما, عليك ان تكوني الان هنا في الدنمارك انتي معي نستمع الى موسيقى الجاز والمغنية مايتا يوول!

وفجات تعتلي اصوات الطبل من جديد وكانه يعلن الحرب والقصف على مدينة حلب حمص دمشق درعا ياالهي متى تنتهي هذه المعزوفات او لاموت الان هنا وتخرج روحي من جسدي لارتاح من هذه الموسيقى التي تخنقني لا وماذنب الجمهور الذي جاء للاستمتاع بالسماع الى موسيقى الجاز ليرى امراة اجنبية ذات شعر اسود تسقط بينهم الى جانب ولدها الذي يسقط باكيا مرتعدا بجانب جسد والدته
كلا علي ان اجمع قوتي انا الان في الدنمارك مع ابني استمع الى موسيقى الجاز لاكون هنا لست في العراق ولافي الشام وارتعد فجاة من الخوف مع ارتفاع صخب الطبول والجاز وافكر بامي وخالاتي واهلي في الشام اين هم الان اين يسكنون لقد غيروا عنوانهم عدة مرات بسبب القصف والاعتداءات ولم اعد اذكر عنوان امي اين تسكن حاولت التذكر دون فائدة ولكن ماذا عن ابي الذي دفن في الشام ياالهي ماذا يحدث هناكلقد كان يرقد بسلام ولااظنه اليوم يرقد بسلام هناك على ارض الشام حيث اختلطت تراب الشام بدماء الاطفال والشباب كما عجنت هذه الارض بدماء الحسين وكانه حل عليا ان تروى بدماء الاطهار ياحسرتي على هذه الارض الزكية النقية ماالذي يحدث للشام سوريا الحبية الوطن الثاني للعراقيين بعد ان طردهم صدام من الوطن الام فختاروا سوريا البلد الثاني لهم لااتصور انني التقيت بعراقي هنا في الدنمارك لم يعيش في سوريا كمحطة قبل ان يرتحل للغرب هربا من القهر والظلم في الدول العربية!
وشعرت بقلبي يعتصره الغضب واردت ان اصرخ مع صوت طبول الجازالعالية اسمعوني .اياكم والاقتراب من ضريح ابي في ارض الشام حيث تركناه هناك قبل اربعة عشر عاما . كان والدي يامل يوميا انه سنعود للعراق هكذا كان يقول لنا دوما
مكارم ابنتي لاتياسي سنعود للعراق وتدرسين الهندسة المعمارية في جامعة بغداد رغم انني كنت ادرس الكيمياء الحيوية في جامعة دمشق سنة رابعة
ابي الحبيب ان مدرسة الكيمياء العضوية تريد مني ان اسافر الى باريس وادرس الدكتوراة في السوربون لانني حصلت على اعلى العلامات في الكيمياء العضوية ولكن يشترط علي ان اخذ الجنسية السورية لانني لااملك اية جنسية بعد ان تم تسفيرنا من العراق.
كلا ياابنتي لاتذهبي الى باريس ولاللسوربون لاتياسي سنعود للعراق وستدرسين في جامعة بغداد الهندسة المعمارية سترين-
ولكن ابي لااتصور اننا سنعود للعراق يوما ما .
ومات والدي في سوريا قبل ان يكحل عينه بسقوط الظالم
لاتقتربوا من قبر ابي اتركوه بسلام وهل يحرسه ملاك ام ماذا حدث لقبر ابي؟
يالحماقتي افكر بقبر ابي الميت ولاافكر بالاطفال الذين يموتون يوميا وفي كل لحظة على اصوات القنابل والصواريخ في سوريا الحبيبة والشباب والفتيات اللواتي سرقت منهم الحياة والشباب والجمال انهم يموتون بكل بساطة في شوارع سوريا تحت الحطام والابنية المدمرة تحت الشجر تحت اروقة الجوامع واجراص الكنائس
وفجاة تحولت الحورية الدنماركية الى وحش قبيح يمزق اجساد شباب واطفال سوريا لم اعد ارى جمالها وارى تمايلها
اللعنة على موسيقى الجاز ولنغام البيانو واللعنة على انغام الشيلو اللعنة على الحورية كم هي مشوهة و قبيحة الان عندما فكرت في سوريا تحولت الحورية الحسناء الى وحش اسود قبيح يقتل اطفال سوريا ويمزق قلوب شباب سوريا الطيب الابي
متى تنتهي انغام الجاز لارتاح واذا لم تسكت هذه الحورية سادع روحي تخرج من جسدي وتحلق بعيدا هناك في الشام حيث ارقد على ثرى قبر والدي واحرس امي واهلنا في سوريا وطني الذي فتح ابوابه لنا لملايين العراقيين الذي ضمد جراحنا من طعنات نظام صدام الذي قتل شعبه وامته العراقية
اذا كان هناك اله طيب ورحيم فارحم الشعوب المقهورة وارحم المعتقليين السياسيين الشرفاء في كل مكان في العالم وارحم الاطفال الابرياء ماذنبهم ماذا اقترفوا من ذنب انت خلقتهم على هذه الارض ليس ذنبهم وجدوا الان وعايشوا الموت والحرب لو كنت استطيع ان اكون اله لاوقفت الحروب وانهيت حياة الظالمين واعدت الجمال والخضرة والحياة والعادة لابناء الشام والعراق ومصر وغزة وكل الدول لكن لست اله ولن اكون ولكن يمكننا ان نزرع الخير والمحبة ونقتلع الظلم والشر لنخلق الجنة الحقيقية على كوكب الارض
سلام لتراب سوريا وشهداء سوريا سلام لتراب الرافدين وشهداء الرافدين سلام على ارواح المعتقليين السياسيين في جميع سجون الظلم والظلام يمكن لموسيقى الجاز ان تحملنا الى اوطاننا بدون فيزا وبدون تذكرة سفر فشكرا لمهرجان موسيقى الجاز الدنماركي

مكارم ابراهيم



#مكارم_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحديث الاسلام ام اسلمة الحداثة
- هولوكوست الشعب العراقي
- رفض جائزة العنقاء
- هروب رئيسة وزراء الدنمارك وزعيمة حزبه الاشتراكي من غضب الشعب ...
- هورا ماتت الساحرة
- عودة الى موضوع اسرائيل
- مرض يصيب فقط الفقراء !
- الثقافة بين المتعة الجنسية و التحرش الجنسي!
- الى الشهيد المناضل شكري بلعيد
- خشوع وابتهال الى مريريت والمجد لابطالها
- انا مالالا ولست علياءالمهدي
- يوم القيامة لايقتصر على المسلمين والمسيحيين في المشرق بل حتى ...
- الى حرامية العراق، يكفي رجاء!
- الرأسمالية والنمري !
- تحيا غزة وغازي الصوراني
- لماذا نعيش اذا كنا سنموت؟
- صراع البنات والصبيان متى ينتهي؟
- سلفي يشهر اسلامه لانه اشتهر باهانة الاسلام !
- امة ايرانية واحدة ....ذات رسالة سلفية !
- الجنس سلاح الامبريالية الغربية في اسقاط السياسيين


المزيد.....




- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...
- “تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش ...
- بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو ...
- سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مكارم ابراهيم - مهرجان الجاز الدنماركي بانغام سورية