أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - نشرنا الغسيل















المزيد.....

نشرنا الغسيل


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 4152 - 2013 / 7 / 13 - 17:13
المحور: كتابات ساخرة
    


غسلنا غسيلنا ونشرنا فضائحنا أمام كل الناس وحصل كل ما هو غير متوقع.

لقد قمنا بحجب غسيلنا عن الناس لمدة طويلة من الزمن,ولكن الكتمان والتغطية الإعلامية لم تعد تنفعنا في شيء وجاءت اللحظة التي من الواجب علينا أن نعترف أمام الناس بأن لدينا غسيل متسخ وحان وقت غسله ونشره أمام كل الناس بغض النظر عن العيب وعن الخجل.. وكنا منذ قبل نستحي من نشره أمام الناس أما الآن فالغسيل(مُصبر بالأكوام) أمام الغسالة,وقلة قليلة هم الذين شاهدوا غسيلنا المتسخ وهو معلقٌ على الحبال, وأغلب الناس حتى هذه اللحظة يخجلون من نشر الغسيل أمام الجيران معتبرين أن للملابس حرمة وخصوصا ملابس النساء ومعتبرين أن الغسيل سر من أسرار البيت لا يجوز التحدث عنه أو المساس به,وبعض الناس تعتبر الغسيل منظرا مخزيا يجب أن لا يراه الجيران لأنه مقزز للنفس ومقرف لذلك يجب غسله ونشره في داخل البيت دون أن يكون بموقع يشاهده الجيران.

ولكن كان هذا دائما ما يجري رغما عنا أما اليوم فإننا بلغنا من الجرأة مبلغا ننشر فيه غسيلنا أمام كل الناس بملء إرادتنا وقاصدون أن نظهره وأن نكشفه لكل الناس الكبير منهم والصغير,لم نعد نستحي من غسيلنا كما كنا نستحي سابقا,ولم نعد نخجل من الحديث عنه مهما كانت النوايا ومهما كانت الظروف,اليوم كل الناس تعرف عن غسيلنا معلومات خطيرة جدا نحن نجهلها,فإذا كانت الناس والمجتمعات الأخرى تعرف عن غسيلنا كل بقعة زيت وكل بقعة حليب وكل بقعة شاي!! فلماذا إذا نستحي من كشفه؟ قال لي قبل يومين أحد الأصدقاء بأنني كثير التجني على الناس والحكومات واتهمني بأنني أنشر غسيلي على كل الناس وهذا عيب جدا فمن اللازم أن لا أنشر غسيلي أمام الناس بل أن أنشره بالداخل سريا بيني وبين الناس.

احمل على ظهرك أحمالك الثقيلة, احمل سلة الغسيل وامشي فيها إلى عدة مسافات ولا تنسى أن تضع فيها الشعر الجاهلي ولا تنسى أن تقول للناس بأن عنترة العبسي كان قصة خيالية ابتكرها أبناء عشيرته بعد أن مات عنترة ب150 عاما.. أعبر بسلة غسيلك من محطة لأخرى,أدخل التاريخ بأعمالك من أوسع أبوابه, ولا تنسى أن تحمل معك سلة الغسيل في كل دائرة حكومية تدخل إليها وفي كل حارة فهنالك دائما أناسٌ مثلك يريدون نشر ثقافة الغسيل وساهم في التغيير والتنظير لمرحلة جديدة,فنحن حتى اليوم لم ندخل ولا في أي مرحلة جديدة,لا تبقى واقفا ومراقبا لما يجري من أحداث قف منتصب الجسد في سلة غسيلك واخرج رأسك من النافذة,كن أنت أول من يصنع الحدث وكن أول من يكتب الخبر بعرقه وبكفاحه,لا تستسلم لقوى الشر.. ولا تستحي من حمل ملابسنا المتسخة,دع الناس يرون البقع الصفراء على بناطيلي وعلى قمصاني وعلى حذائي, دع الناس يشتمون من ملابسي رائحة عرقي ورائحة دمي ورائحة كفاحي وحاول أن تضع شيئا على جرحي الذي يتسع كل يوم أكثر وأكثر.

توقف عن العبث بالكلمات لبعض الوقت وحاول أن تكون جادا جدا مع نفسك ودع ماضيك العفن لغيرك أن يطهروه كما طهروا جسدك,ودعهم يدخلون في سلة الغسيل ليعرفوا منها ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا المدهش الذي لا يشبه أي مستقبل,كن واثقا من هذا المسحوق الخاص بالغسيل الذي ينظف الغسيل ويجعله أكثر بياضا, نحن بحاجة إلى غسالة كبيرة أكبر من تلك الغسالة الصغيرة المتواجدة في زاوية الحمام,نحن نريد سلة غسيل أكبر وغسالة أكبر وكيس تنظيف أكبر من الكيس العادي..أغلق باب الشر نهائيا ولا تفتحه بعد اليوم لكي لا تتسلل منه الحشرات الصغيرة والروائح الكريهة, ودع الذاكرة تعمل ودع الغسالة تغسل أوساخنا, نحن متسخون جدا وبحاجة لمن يقيم لنا حملة تنظيف, ربما الاستعمار هو المناسب لنشر غسيلنا وجعله أكثر نظافة وبياضا اعرض على الناس بضاعتك وحال أن تمسك بي من خاصرتي لتعصرني عصرا عل الأوساخ العالقة برأسي تنزل مني على الأرض ومن ثم تخرج من أنبوب الصرف الصحي إلى خارج البيت إلى مكب النفايات.

حاول أن تبيع شيئا من غسيلك وأحلامك للناس, أغري الناس بالأمل واكشف لهم استعدادك الفطري لتعيش معهم أو لتموت معهم في سلة غسيل واحدة, لا تبتعد عن الناس كثيرا وكن إلى جانبهم حتى وإن تركوك وحدك وأنت في أمس الحاجة إليهم,كن بتاريخنا شعلة أولمبية وحاول أن تبيع من ذكرياتك المريرة والجميلة للناس, فهنالك دوما أناس يشبهونك في كل التفاصيل,أعبر من هذا البحر إلى ذاك البحر, ولا تستحي من غسيلك المتسخ لقد أصبح الأمر كله مكشوفا وكل الناس شاهدت غسيلنا وعرفت عنا الكثير الكثير من الأحداث والمشاكل والمصائب وجدف دوما باتجاه ربة البحر وقاتل إله الشر, واعرض على إله الخير بضاعتك إن كنت قد أحضرتها من أوروبا أو من شبه الجزيرة العربية واكشف لنا ولهم عن أفضل مسحوق للغسيل وحاول أن تعرف ما هي البضاعة الأكثر بيعا في هذا الزمن الصعب والمملوء بالمؤامرات وبالحقد...وواصل مشوارك إلى المرفأ الآخر وهنالك اعرض على الناس بضاعتك الجديدة مرة أخرى مثل الأشعار والكلمات فما زال هنالك من الناس من يحب الكلمات ويذوب فيها تماما مثل أهلنا الذين ذوبونا في الماء كقطعة سكر ومن ثم فضحونا ونشروا غسيلنا أمام(اللي يسوى واللي ما يسوى شيء) اعرض على الناس بضاعتك, انشر غسيلك وغسيلنا على كل الناس, دع الناس يحكمون بينك وبين أهلك ومن هو صاحب الغسيل الأكثر بياضا وناصعا وأيهما أكثر اتساخا وقل لكل الحضور بأنك ما كنت ولا في أي يوم من الأيام مستعدا لعرض غسيلك على الناس حتى فعلها أهلك وأصحابك وجيرانك,كنت تود أن تحتفظ بغسيلك داخل سلتك ولم تكن تحب أن تعرضه على الناس,أنا أعرفك جيدا وأعرف أنك مهتم بغسيلك جيدا وأعرف بأنك ما كنت ولا في أي يوم من الأيام على استعداد للملمة غسيلك ونشره أمام الناس.

فهنالك من يهتم بالغسيل المتسخ وبسياسة النشر,فأنا صاحب الحق في نشر الغسيل وفقا لقانون المطبوعات والنشر التي تجيز في هذه الأيام نشر ثقافة الغسيل.. وهنالك من يهتم بالغسيل وبكيفية خروجه من الغسالة نظيفا أنظف من البلاط الصيني بعد الغسيل.,وهنالك من يشتغلون علنا بغسيل الأموال وهنالك تجار يغسلون الأدمغة وهنالك عدة طرق لإخفاء الغسيل خلف الغسالة لكي لا يشاهده أحد,وهنالك طريقة مستوحاة من إحدى أفلام هوليود وهي عبارة عن تأجيل الغسيل والنشر وأيضا لدى أولئك الناس متخصصون بغسل الغسيل وهنالك فريق آخر متخصص بالنشر, فهذا يغسل وذاك ينشر وآخر يكوي الغسيل.


إلى أين المفر؟ إن الغسيل ما زال معلقٌ على أوتارك الليلية..الأعداء يحيطون بك من كل ناحية ويضيقون عليك أنفاسك من خلال إغلاقهم لكل نافذة تفتحها للتنفس وأخرى تفتحها لكي تنشر غسيلك عليها,إلى أين ستذهب بجهودك وبعرقك وبكفاحك؟كيف تخسر كل شيء ودمعتك تكاد أن تسقط منك أرضا؟أين ستأخذ نفسك هذا اليوم لتنعم ببعض الوقت كي تجلس مع نفسك جلسة حب ورضا وتسامح!! , من سيأخذ منك تخيلاتك وأوهامك؟من سيسرق منك نزواتك وأهواءك,كن في هذا الزمن شجرة لا تموت أو بقعة ضوء تمتد على مساحة جسدك أو سرابا في الصحراء الباردة ليلا والحارة نهاراً.

أين ستهرب من تحت سقف السماء؟فلو هربت مئات السنوات ستبقى تحت هذه السماء ولن تستطيع الهروب من تحتها؟ولكن سأدلك على طريق مختصرة لكي تهرب منها, خذ بعضا من جواربك الصيفية وقميص نومك الشتوي وجرعة من الأمل واحمل معك في محفظة نقودك وبعضا من الذكريات العارية وبعضا من الهواجس الليلية,ودع الأحلام ترقص ودع الأوهام تلعب في مخيلتك وكن أنت نفسك ذلك الولد الذي شرب من الفلسفة عشرات الأكواب وما زال حتى اليوم جسده لم يصب بأي حالة من حالات التسمم,اسأل نفسك هذا السؤال وأجب عليه أنت وحاول أن تعمل على زيادة رقعة الخيال عندك,أنت خيالك واسع جدا وتستطيع أن تزيد من نسبة اتساعه أكثر فأكثر عبر استدعاء الأوهام والشكوك والظنون والحيرة والضياع, ضع كل ذلك في سلة غسيل واحدة وحاول أن تشير بإصبعك إلى أي قطعة في السلة هي أوساخك لعل أحدا يقوم بتنظيفك من أوساخ السنين آهٍ من ضياعك أيها الرجل الضائع!!لم يتمكن أحد حتى اللحظة من العثور عليك؟,ما زلت ضائعا مثل إبرة في كومة من القش,ومثل حبة سمسم على وجه المحيط الهادي,ما زلت أنت نفسك لم تتغير ولم تتبدل ودائما ما تتطور إلى الأسوأ,الناس تتقدم إلى الأفضل وأنت تتراجع للوراء أكثر فأكثر ولن تثنيك عزيمتك عن خنق نفسك,أنت غابة من الأوهام,وأنت كتلة من التوقعات, أنت متسخ جدا وبحاجة إلى غسيل مخ وغسيل معدة لكي نخرج من مخك السموم ومن معدتك السموم..وأنت مصيرك هناك حيث لن تجد أحد يعرفك أو يتعرف عليك, أنت نائم على أذنيك تنتظر مصيرك الأبدي, حفنة من التراب وحفنة من رمال الصحراء وبعض المياه,ووردة جميلة وزنبقة من البحر الميت وحبة توت,هذه هي الخلطة السحرية التي خلقك الله منها,وزاد عليها الروح الهائمة والمحبة الدائمة وعشق السلام العالمي والحياة الهادئة وبعضا من التوترات التي تزيد من حدة الطبائع والتي تعمل في نفس الوقت على شحن ذاكرتك,فذاكرتك حتى اليوم لم تشحنها بالأحداث الموجعة, وقلبك منذ اليوم تراجعت دقاته شيئا ملموسا, أنت نقطة البداية ونقطة العبور من الزمن الغابر إلى المستقبل,وغسيلك منشور أو أصبح منشورا أمام كل الناس وكل الناس تعرفه وتعرفك.




#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا مليونير حقيقي
- فشلوا في تربيتي
- الكفار هم خير أمة أخرجت للناس
- نحن أكذب أمة عرفها التاريخ
- خوفي وقلقي
- أيهما أفضل المواطن المسلم أم المُلحد؟
- حقيقة الدين الإسلامي
- بين الأمس واليوم
- نحن
- عصر التنوير
- السحر الحقيقي
- بوذا والتخلص من الرغبات
- نفحات مسيحية
- العودة للتراث
- نحن أمةٌ مجرمة
- وسخ الدنيا
- من الذي سيصلح الأرض,المسيح أم المفكرون؟
- العرب الفراعنة
- دراسة نقدية عن رواية القط الذي علمني الطيران
- لماذا كان المسيح كثير البكاء؟


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - نشرنا الغسيل