مدينة بلا انسان

محمد سيف المفتي

الحوار المتمدن-العدد: 4152 - 2013 / 7 / 13 - 02:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

مدينة بلا انسان
في الاسبوع الماضي وقع حادث مأساوي في مدينة الموصل, قاد سيارته المفخخة خلف موكب الزفاف و ابى أن يكون بعيدا عن سيارة العروس. و عندما اصبح قريبا من نقطة الجيش توجه اليهم وفجر نفسه. وبقيت اشلاء العريس و قطع من ملابس العروس التي قطعت يديها و جثث اقاربهم على قارعة الطريق.
في النرويج في 26 .كانون الثاني 2001 تم قتل شاب اسمه أجنبي اسمه بنيامين, تعرض له و لصديقه ثلاثة اشخاص يحملون كرها للاجانب, في نفس اليوم تم القاء القبض على اثنين منهم و القي القبض على الشخص الثالث في الدانمارك و تم تسليمه للنرويج لاحقا.
في الموصل انتظرت في اليوم التالي انتظرت مترقبا لاصحاب المبادرات الشخصية او منظمات المجتمع المدني أن تدعو لمظاهرات ضد هذه النتيجة المؤسفة.
بعد اربعة ايام من الحادث خرج في اوسلو 40000 شخص في تظاهرة عفوية تمثل 10% من عدد سكان المدينة, كنت مشاركا فيها, الغريب في الامر أنه بالرغم من كون درجة الحرارة في ذلك اليوم كانت زمهريرا, (ناقص 23) خرج النرويجيين مع اطفالهم الرضع الى الشوارع لأهمية الامر بالنسبة لهم.
النرويج وفقا للتعريف الاسلامي هي دولة كفر, حيث ان عدد المسيحيين الملتزمين لايتجاوز 5% و البقية لايؤمنون بالله بل يؤمنون بالانسان و القيم الانسانية الصحيحة. و عندما اقوم بترجمة هذه الاخلاقيات اجدها أخلاقا اسلامية بحتة.
أما في الموصل فمعظم ابناء المدينة من المؤمنين الذين يؤدون صلاتهم في المساجد و الجوامع. الا أننا قد فقدنا ابسط القيم الاسلامية, على سبيل المثال المرافق العامة على الطرق الخارجية في النرويج انظف بكثير من الجامع الذي يؤدي فيه التجار و صاغة مدينة الموصل صلاتهم فيه. هذا الوضع يؤكد ما قاله المرحوم علي الوردي بأن ما يثير الغرابة أن العراق اصبح أكثر طائفية و في نفس الوقت بعيدا عن الدين ).
تحليل القتل
القتل مرفوض وفقا لكل الاديان السماوية, لكن في العراق الكل يجيز القتل لطالما هي جزء من العملية السياسية بدليل عندما يكون هناك خلاف سياسي بين الكتل الكبيرة يزداد القتل و الارهاب, و بمجرد الاتفاق يتوقف كل شيء لفترة وقد تطول الفترة او تقصر حسب المفاوضات و نتائجها بين الكتل المختلفة.
ما يثير الغرابة هذا الكم الكبير من المنتحرين, و الذين ليس لهم ناقة أو جمل في هذا الصراع. في الغرب يبحثون عن الدافع للانتحار مهما كان عنصريا دينيا أو عرقيا لكي يجدوا الاسباب و ليتعاملوا معها.
أما في العراق فالكل يعطي المسوغات للقتل و يعطيها صفة الشرعيىة, بدليل أن المدينة لم تبد أي رد فعل على هذا الحادث المأساوي, مهما كان الدافع و مهما كانت مسوغاته الا أن نتيجته كانت كارثة انسانية.
أريد أن أختم كلامي أن هناك سبب جعلنا نفقد ديننا السمح و نفقد انسانيتنا و عليه يجب البحث عن هذه الجرثومة التي باتت تفتك بانسانيتنا وقيمنا و التي قد تكون الفقرأو عدم المساواة بين الناس. إني ادعو كل منظمات المجتمع المدني أن تعمل حثيثا لأصلاح ما تم تخريبه على يد ايديولوجيات مريضة.

#محمد_سيف_المفتي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات