|
دموع ماري
علي شايع
الحوار المتمدن-العدد: 1189 - 2005 / 5 / 6 - 08:53
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
من رأى منكم دموع ماري؟. شاهدتها بعيني هاتين..وعلى رأسها راية ترفـرف.. قالت مذيعة فضائية الجزيرة،الذئبية الوجه، وبغنج لا يصلح للمناسبة؛إنها لسرايا معاذ بن جبل..وهذه الصحفية اسمها ماري جين. قلتُ: ويحهم، والنبي قال عنه؛ "هو أعلم الناس بالحلال والحرام". فهل ثمة من يعلم أي حلال وحرام في سبي تلكم الصحفية الرومانية المسكينة تحت أسمه ؟. لم سبوها.. اصرخ ولا أجد من يـُسأل؟. لم ستذبح مثل ماركريت حسن..؟ من يتذكر دموع ماركريت؟. ومن سينسى دموع ماري؟ اصرخ وأنا اضرب على جهاز التلفاز؟..من أين أخذتم كلّ هذه الوحشية؟..من أين؟..أمن معاذ بن جبل؟. لا..... سيقول التأريخ الذي قرأتُ. وأسأل ثانية:هذه السرايا التي تبث الرعب في مَ رهانها ؟..هل تريد تحرير العراق من الصحفيين والمتابعين لمعاناة الشعب العراقي؟!.. أم تريد إيصال رسالة الى العالم من إنّا أمة لا تقيم اعتباراً للصحفيين،وإنّا "امة أمية لا نقرأ ولا نحسب.." مثلما يصرّ البعض على إثبات ما ورد في حديث صحيح يرويه البخاري..أقول لهم :لسنا أمة أميّة،إنما الأمي من يظن بالقتل والفتك حلاً،وبالرعب والإرهاب طريقاً رسالياً؛ يستهلك عبره كل رموز الخير وأسماء أهله.. أي معاذ..إنهم يتجرؤون رعباً وإرهاباً تحت رايتك و أسمك..فكيف قال بن مسعود: إن معاذاً كان أمَّة؟.. هل نحن أمة قتل ورعب؟!. إنهم يستهلكون اسمك حين يستخدمه القتلة وسيلة رخيصة،وهو فعل طاغية العراق يوم استهلك في حروبه السابقة أسماء صحابة وقادة وحروب إسلامية ،حتى صار أسم قائد مسلم منفراً ومثيراً للرعب،وبالطبع سيحصل أكثر من هذا حين يصبح أسم شرحبيل بن حسنه عنوانا للجنة عسكرية تكرّر فحص جنود مصابين لتعيدهم الى محرقة الحرب. بل المسألة تعدت لديه هذا الحد لتمسّ المقدّس العربي والإسلامي بعد مكة؛ يوم أسمى جيش الرعب الداخلي والرشوة والمحسوبية والعصابات البعثية بجيش القدس. تلك أسماء سمّاها هو ومن والاه ما أنزل بها للحق من بيان،فطالما سمعنا سخرية الشارع العراقي وملله من ركام الطاغية الإعلامي،وها الملل ذاته في رؤية هذه البضاعة العتيقة مسوّقةً في فضاء عربي صار يكرّر ذات النغمة،ولا زال حتى هذه الساعة يجد وقتاً شاسعاً للتهريج الاحترافي،ولعلّ المتابع لتخرصات هؤلاء سيعذر تقززي من عمق البغضاء وانحدارها في نفس صحفي مصري شاهدته يوم أمس متشدقاً بجملة شعارات وكوابيس عن الأمة والمقدس والجهاد والعراق!،في خلطات جزيرية يتفنن فيها مذيع محترف يدير الحوار معه، هذا المذيع يأتيه مدد الباطل من بين يديه ومن خلفه، وعبر مراسلات وشبكة صارت تكبر وتكبر.. يزبد ويعربد هذا الصحفي المصري وهو يحرّض القتلة على جعل كل وافد الى الأرض العراقية هدفاً، حتى وإن كان صحفيا،فلا ضير في ذلك..وأضع علامة استفهام كبيرة خلف هذه الفتوى من لدن صحفي عربي.
كان هذا قبل يوم واحد من غزوة الانتحاري الطائر من فوق جسر أكتوبر- في يأس من قلة حيلة الطيران على الطريقة الريادية لأبن لادن- ولا ادري كيف يتعاطى هذا الصحافي مع الخبر الدموي والأعمال الإرهابية في القاهرة؟. وأسأل بمرارة: حتى مَ يصمت الشارع العربي عن هؤلاء،و هم يدمرون الحياة،والثروات؛ فبتحريضهم يشتعل النفط العراقي هدراً وهباءً ،وبمزايداتهم العروبية الفارغة يـُؤخذ نفر ضال ليتخذوا من الصحافيين هدفاً لرخيص المطامع.وبتحريضهم يستهدف نفط مصر الآن؛ومصر نفطها كلّه في سياحةُ مجاميع تنشد الشمس والأمن ورؤية التاريخ. هكذا نرى الى المشهد اليوم،وعلى كل إنسان عربي أن يدركها قبل سماعها من أي عراقي: إن من استهدف السياح في مصر،استهدف ماري الصحفية الرومانية بقصدية أشدّ،لأنهم لا يريدون مستقراً في كلّ مكان مهما كلّفهم الثمن.و مع هذا فأن مشكلتنا الحقيقية ليست مع هؤلاء القتلة فعملهم معلن وواضح وأدوات مواجهته مشخـَّصة وبيـّنة للقاصي والداني. مشكلتنا الحقيقة مع قتلة يستترون بالإعلام والصحافة،ومتاح في أيديهم سيف من الفتوحات الإسلامية الإعلامية! وحروب تحرير تلفزيونية وتكفير فضائي!،وأرصدة بميزانيات دول كبرى. إنها حقائق كلما تكشـَّـفت خباياها كلما ازددنا هلعاً. فهل أكثر رعباً من دفع دولة قطر الجزية لشبكة القاعدة،و بملايين الدولارات لأن على أرضها قواعد أمريكية، الأكثر رعباً من هذا والأغرب؛ان المؤسسات الصحافية والإعلامية العربية تتعامل مع هذه التفاصيل بطرق لا نكاد نجد لها باباً على منطق؛ فخبر الجزية الذي أوردته الفينانشيل تايمز تجاهله الإعلام العربي ،بل ان القنوات الفضائية العربية أفردت هذه الأيام وقتاً لمحللين ومتابعين يناقشون موضوعة حصول الصحفي الأمريكي الذي فجر جزءاً من فضيحة أبو غريب على جائزة في المانيا،واعتبروا هذا منجزاً يستحق ان ينسى مقابله نداء الصحفية الرومانية واستغاثاتها المريرة،التي تشكّل برأيي أولوية مصيرية في المناقشة والحوار لأن فيها رهان حياة إنسان أولاً،ولأن فيها مسؤولية ضمير صحافي ثانياً،وثالثاً ...ورابعاً... والى ما لا يحصى من أسباب إنسانية تميّزنا كبشر عن وحشية القطيع. آه .. أن لعيون ماري الدامعة في نداء استغاثتها أسئلة توجـّه لكل صحفي في العالم،وهي كلمات لي أيضا قد طفح الكيل بها إلا أن تــُسمع، فالعالم أصبح يزداد سوءاً بالتعامل والصحفيين في السنتين الأخيرتين،وإن الصحافة كانت ولا تزال تشكل مجسات اختبار للحرية والأمن في تعامل الحكومات والشعوب وتعاطيها مع الجهد الصحافي،ولكنـَا في عالمنا العربي المتأخر عن الركب لن نجرؤ على القول بوجود صحافة أو إعلام حقيقي،فالفضائيات اذ لم تكن حكومية فهي أماكن مشتراة للإعلان والاتجار والمتداول باطلاً. وإلا فكيف نفسر عدم اهتمامهم وتجاهلهم الكبير لقضية الصحفية تلك. المضحك المبكي إن إعلاناً عرضته قناة الجزيرة- بعد الخبر مباشرة - يظهر السجين تيسير علوني مع دعوات ومناشدات لإطلاق سراحه،فأن كان تيسير علوني قضية َ محطة ٍ بعينها فاعتقد ان الشرف الإعلامي يفرض على الجميع أن تكون قضيتهم في هذه الساعة مأساة ماري جين،وإن كان لابد من حساب عن السبب والمبرّر والدافع لهذا ،فثمة ما لا يحصى من الأسباب تصلح للقول ببراءة هذه الإنسانة وتجنيات المختطفين عليها؛ فهذه الصحافية غير معروف عنها كتابات لها ضد العرب وقضاياهم المركزية،بالعكس وحسب مصادر مطلعة قيل ان لديها آراء جريئة في مساندة الشعب الفلسطيني. أيضا لا يروى عن هذه الصحفية انها حرّفت الوقائع بغير حقيقة ما يدور على الأرض العراقية،لذا فهي غير مدانة بشكل أساس بسبب عمل أو رأي،ولا يقبلها أي منطق ان تزر وازرة وزر أخرى حتى تؤاخذ هي ومن معها بجريرة بلد أرسل قواته الى العراق،وهذه القوات موجودة الآن بموافقة مجلسه المنتخب في الجمعية العمومية.لذلك ستنتفي بكل تأكيد أسباب اختطافها،ولأن مثل هذا التصرف الغير إنساني- مهما كانت ضروراته- لا يليق ببلد وشعب مثل العراقيين؛ قد خبروا الأعراف وتوارثوها،وليس في تقاليدهم الحربية ولا اليومية،مثل هذه الحكايا المخجلة ،وأني لأسأل إن كان هذا من الجهاد بشيء، فهل يطاع الله من حيث يعصى؟.
لا تقتلوها واقرؤوا- تسامحا وعفوا- في دموع هذه المرأة الرومانية قول المسيح المكتوب على باب كنيسة عراقية: أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم أحسنوا إلى مبغضيكم.
#علي_شايع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقال منعه موقع إيلاف من النشر
-
الحصان الملكي وحيداً
-
عندما يصمت المغني
-
وماذا عن الجنجاويد البعثي،والآخر الإعلامي؟
-
المربد العراقي ومرابط الكلام
-
الدجيلي وباطل القول بأفضال الأردن على الشعب العراقي
-
!أكان سيفعلها ملك الأردن؟
-
المكيال أردني
-
أيها العراقيون:آثاركم في المزاد الهولندي
-
اضحك مع الإعلام العربي
-
الإعلام العربي والشراكة في الجرم !
-
حكاية رئيس تحرير
-
! مؤامرة القول بنظرية المؤامرة
-
عاليا يا سبابة التشهد الديموقراطي
-
حوار أثار استغرابي
-
دعوة لإحراق السفن
-
رسالة الى الشيخ بن لادن في العام الجديد
-
ما كان الحوت ذئب يونس ..يا أيها السفير
-
هل يستحق محمود درويش تلك الجائزة؟
-
قبل أن يبطشوا بسيد القمني
المزيد.....
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|