أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جواد بشارة - الجوكر الأمريكي في مباريات النفوذ العالمية















المزيد.....

الجوكر الأمريكي في مباريات النفوذ العالمية


جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي

(Bashara Jawad)


الحوار المتمدن-العدد: 293 - 2002 / 10 / 31 - 03:21
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


 باريس

أياً كانت مواقف الدول العظمى والدول الأعضاء في الأمم المتحدة فإن الولايات المتحدة الأمريكية ماضية في تنفيذ خطتها الاستراتيجية مهما كان الثمن ومهما كانت ردود الأفعال الدولية حيالها.
الطموحات الأمريكية الخفية تنضح برائحة النفط واستعراض العضلات وفرض الهيمنة بالقوة. وبواسطة القوة العسكرية تريد واشنطن أن تسيطر على عجلة الإنتاج النفطي العالمي بكل مراحلها من البحث إلى التسويق مروراً باستخراج النفط وتكريره وبيعه في الأسواق العالمية.
إن السوق النفطية العالمية اعتادت على حالات الغموض والترقب والتقلبات والتهديدات والحروب خاصة تلك التي تفرضها آفاق اندلاع عملية عسكرية أمريكية ضد العراق والتي لم يسبق لها أن شهدت مثل هذا التوتر والكثافة.
وهذا أمر طبيعي، فالعراق يحظى بأهمية خاصة على رقعة الطاقة الدولية ويحتل موقعاً متميزاً على الخريطة النفطية العالمية[ لا ننسى أنه يضم تحت أرضه 10% من احتياط النفط في الكوكب] ولهذا فهو يستقطب الاهتمام ويجذب نحوه صراع المصالح.
" لا أحد، عدا الولايات المتحدة الأمريكي، لديه مصلحة اقتصادية في نشوب صراع مسلح بين واشنطن وبغداد. فقد تؤدي هذه المواجهة العسكرية إلى ارتفاع صارخ في أسعار النفط الخام يتجاوز الـ 30 دولار للبرميل الواحد، وتقود إلى حالة من الكساد والركود الاقتصادي العالمي التي قد تشهد تفاقماً إذا لم يجد المجتمع الدولي لها مخرجاً"، على حد تعبير أحد الخبراء.
فبالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية السيناريو يختلف في حيثياته وتفاصيله وأهدافه غير المعلنة. فواشنطن ترغب بشدة في إيجاد بديل للنفط السعودي الذي تعتمد عليه في تزودها بالنفط ودعم احتياطياتها النفطية الاستراتيجية ، إن البديل الأرخص والأكثر سرعة يمر عبر الهيمنة الكاملة على العراق اقتصادياً وسياسياً، وربما عسكرياً.
فإذا كانت بغداد لاتنتج حالياً سوى 2 مليون برميل في اليوم ـ وهذا الرقم بعيد عن القدرة الانتاجية السعودية التي بلغت 7 مليون برميل في اليوم ـ فإنها تمتلك نفطاً كامناً قابلاً للإستغلال الفوري يقدر بمليون برميل في اليوم. وفي حالة دفع البنى التحتية النفطية إلى حدودها القصوى  فإن هذه الطاقة الانتاجية الكامنة يمكن أن تصل إلى 6 مليون برميل في اليوم خلال 18 شهراً والبعض يفضل وضع سقف زمني أكبر يتحدد بخمس سنوات لتشييد بنية تحتية نفطية صلدة ومتينة للتأكد من إمكانية تحقيقها .
ومن باب المقارنةليس إلاّ، في هذه المنطقة بالذات تنتج إيران 2 مليون برميل في اليوم أمام الكويت والإمارات العربية المتحدة اللذين ينتجان كل منهما أقل من 2 مليون برميل في اليوم وقطر التي تغلق سقفها الإنتاجي  بـ 650000 برميل في اليوم.
فالمنشآت النفطية والتجهيزات والمعدات العراقية تعرضت للضرب والتخريب خلال فترة الحرب العراقية ـ الإيرانية من 1980 ـ 1988 ثم أجهز على ما تبقى منها وتم تدميره كلياً في حرب الخليج الثانية 1991 . لذلك فهي تحتاج اليوم إلى استثمارات مالية ضخمة جداً تقدر مابين 25 و 30 مليار دولار ، لاسيما وإن إعادة إعمار البلد تتجاوز بكثير مجرد إعادة البنية التحتية للمنشآت النفطية ولا تقتصر على المجال النفطي على حد تعبير أحد الصناعيين الذي ذكر بأن العراق شيد خلال عشرين عاماً عشر صناعات نفطية ومئات المشاريع الصناعية والزراعية الأخرى التي تحتاج للترميم.
ولكن من يعتقد بأنه يكفي أن يحقق الأمريكيون إنتصاراً عسكرياً على نظام صدام حسين لكي يسيطروا على النفط العراقي ويتحكموا به كما يحلوا لهم يكون واهماً، كما يقول جان فرانسوا جيانسيسني أحد كبار مهندسي المعهد الفرنسي للنفط الذي يواصل قوله:" في العراق كما هو الحال في باقي الدول المجاورة له والمطلة على الخليج، يعتبر النفط ملكية عامة أي ملك للدولة وحكر عليها عبر شركات وطنية التي لاتتقبل بسهولة تدخلات الأجانب في شؤونها . وحتى لو سقط صدام حسين فمن الوهم الاعتقاد إن العراق سينظر بعين الرضا والخنوع لسيطرة الولايات المتحدة على نفطه مهما كان نوع النظام القادم " . هذا إلى جانب عدم إغفال ردة فعل الشارع العراقي . فالشعب العراقي ، حتى لو كان معرضاً للمجاعة، والفقر منذ سنوات طويلة على يد الحكم الديكتاتوري، فإنه مازال يحمل حساً وطنياً عالياً ويعارض أي نزعة تسلطية أو هيمنة أجنبية على مقدرات بلده.
يعتقد عدد من المراقبين إن الولايات المتحدة لن تهتم للإستياء الشعبي المتوقع ولا الرفض الجيو ـ سياسي الذي سيبديه هذا البلد ودول المنطقة الأخرى، فطريق النفط من الأهمية بمكان حتى أنه يرقى إلى مستوى  المصلحة الحيوية  للولايات المتحدة الأمريكية. ففي كل يوم يمر  برميل من أصل 5 براميل نفط في العالم عبر مضيق هرمز ليخرج من الخليج العربي ـ الفارسي أي محوالي 15 مليون برميل يومياً أو مايعادل مليار طن من النفط سنوياً. من هنا تنبع أهمية تعزيز المواقع الأمريكية في المنطقة في الوقت الذي تفقد فيه المملكة العربية السعودية حظوتها لدى الدولة الأعظم في العالم التي صارت تتهمها علناً بأنها الممولة للحركات الإرهابية من طراز القاعدة.
وفيما يخص تهديدات حرب قد تؤدي إلى قطع طريق إمدادات النفط العالمية فهي غير موجودة نهائياً والتاريخ خير شاهد على ذلك, فعلى مدى نصف قرن كانت المنطقة خلالها مسرحاً لصراعات دامية وقصف للمنشآت والمصافي والآبار والناقلات ، لكن مضيق هرمز لم يغلق أبداً أمام الملاحة الدولية.
بإنتظار ما ستتمخض عنه هذه الحملة المسعورة لاتوجد هناك اية سيناريوهات متوقعة بين واشنطن والرياض حتى في ظل إحتمالات سقوط النظام العراقي وإطاحة صدام حسين  وعلاقات العراق القادم مع منظمة الأوبك . فبالرغم من كون فالعراق عضو  مؤسس في المنظمة إلاّ أنه كان موجوداً خارجها من الناحية العملية منذ تطبيق العقوبات الدولية ضده . ولكن ما أن يعود العراق للطريق السوي ويندمج مع المجموعة الدولية كعضو طبيعي، هل سيتمكن من الإندماج بنفس السرعة مع الاقتصاد العالمي ومع المنظمة الدولية ، ومع منظمة الدول المصدرة للنفط؟.
يمكن للولايات المتحدة، إذا ما احتاج الأمر لذلك، بعد أن تكون قد أحكمت قبضتها على العراق ، أن تلعب ورقة هذا الأخير ضد الأوبك وتثير عمداً توتراً بخصوص أسعار النفط في العالم كما يعتقد أحد المحللين . ولكن هل يمكن أن نتخيل السعوديين، الذين يحتاجون بصورة ماسة لبيع نفطهم بسعر معين لتمويل خططهم الاقتصادية وميزانيتهم الوطنية ،يتفرجون صامتين على تدمير اقتصادهم، وهل من المعقول أن يقفوا مكتوفي الأيدي؟.سندخل في هذه الحالة في لعبة خطرة وسيجد النظام العراق القادم نفسه بين نارين، فمن جهة الولايات المتحدة الأمريكية التي نصبته في سدة الحكم ، و من جهة أخرى المملكة العربية السعودية والأوبك.
ليس السعودبون وحدهم الذين سيتحركون وينفعلون إزاء تحكم الأمريكيين بعجلة الانتاج النفطي العالمي وزيادة كميات الانتاج وكسر الأسعار. فروسيا ستتحرك بدورها بعد أن منحت بغداد ديناً بلغ 10 مليار دولار تعتقد أن من حقها أن يكون لها موقعاً متميزاً وأولوية في السوق النفطية العراقية التي ستعود لحالتها الطبيعية، وكذلك فرنسا التي تعتقد أن من حقها أن تحافظ على امتيازاتها النفطية في العراق واسترجاع ديونها منه، من هنا ستندلع حرب المصالح بين مختلف الأطراف ولن تكون حرباً هادئة. لهذه الأسباب مجتمعة يتعين على النظام العراقي القادم أن يحافظ على مجال مناورة ولو طفيف إزاء واشنطن ليتكيف بنفسه بوتيرة إعادة الإعمار للصناعة النفطية العراقية في إطار كونستوريوم دولي تتمثل فيه جميع الدول الخمسة الدائمة العضوية في مجلس الأمن وأن يجد التمويل الاستثماري في مختلف المصادر المالية غير الأمريكية. وإلاً لن يتمكن من الخروج من هذا المأزق . أما اليابان التي تستهلك الكثير من بترول الشرق الأوسط فسوف تضمن استمرار تزويدها منه بفضل موفقتها على تمويل تكاليف الحرب الأمريكية المتنظرة ضد العراق  والتي تقدر بين 100 و 200 مليار دولار، من خلال شرائها بأموال الإدخار اليابانية ، سندات الميزانية الأمريكية . فالأمن الأمريكي ليس له ثمن  والولايات المتحدة الأمريكية مستعدة لدفع هذا الثمن من أجل  أمنها القومي على حد تعبير آلان غرينسبان مدير البنك الفيدرالي الأمريكي.     

 



#جواد_بشارة (هاشتاغ)       Bashara_Jawad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمريكا وأوروبا والطموحات الاستراتيجية في عهد الرئيس الأمري ...
- قبل وصول اليورو إلى الجيوب
- الإسلام ماله وماعليه - الجزء الاول
- النظام القانوني لمشروعات البوت B.O.T. البناء ـ التشغيل ـ نقل ...
- مقابلة مع الدكتور إسماعيل قمندار - كتاب اللهجات الكردية الجن ...
- مقابلة مع القاص العراقي جبار ياسين
- قصة سطوع وأفول نجم في سماء باريس السياسية فضيحة ابن الرئيس ...
- محرك الحرب الأمريكية ضد النظام العراقي
- هل هناك حقاً إتصالات بين بن لادن والنظام العراقي؟
- وقفة مع شاعر السينما الراحل اندريه تاركوفسكي
- مقابلة مع مؤلفي كتاب : - 11 أيلول/سبتمبر: لماذا تركوهم ينفذو ...
- الإتحاد الأوروبي وإشكالية التضامن مع الولايات المتحدة الأمير ...
- فرنسا ومعضلة التواد الإسلامي على أراضيها بعد أحداث 11 أيلول ...
- تقرير عن النفوذ الفرنسي في أفريقيا
- الحادي عشر من سبتمبر / أيلول 2001 لماذا سمحوا لقراصنة الجو ...
- " إختيار كبش الفداء " أضواء جديدة على كتاب "بروتوكولات حكم ...
- مشاريع التسلح العراقية: واقعها ومخاطرها
- د. نصر حامد أبو زيد ومسألة التأويل وفلسفته
- أبعاد الحملة الإعلامية ضد المملكة العربية السعودية
- العراق: لعبة القط والفار في تهريب النفط العراقي


المزيد.....




- الحكومة الإسرائيلية تقر بالإجماع فرض عقوبات على صحيفة -هآرتس ...
- الإمارات تكشف هوية المتورطين في مقتل الحاخام الإسرائيلي-المو ...
- غوتيريش يدين استخدام الألغام المضادة للأفراد في نزاع أوكراني ...
- انتظرته والدته لعام وشهرين ووصل إليها جثة هامدة
- خمسة معتقدات خاطئة عن كسور العظام
- عشرات الآلاف من أنصار عمران خان يقتربون من إسلام أباد التي أ ...
- روسيا تضرب تجمعات أوكرانية وتدمر معدات عسكرية في 141 موقعًا ...
- عاصفة -بيرت- تخلّف قتلى ودمارا في بريطانيا (فيديو)
- مصر.. أرملة ملحن مشهور تتحدث بعد مشاجرة أثناء دفنه واتهامات ...
- السجن لشاب كوري تعمّد زيادة وزنه ليتهرب من الخدمة العسكرية! ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جواد بشارة - الجوكر الأمريكي في مباريات النفوذ العالمية