|
تهنئة للشعب المصري على انتصار ثورته
حسقيل قوجمان
الحوار المتمدن-العدد: 4145 - 2013 / 7 / 6 - 13:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اليوم صباح الخميس الرابع من يونيو بعد الانتصار التاريخي الذي احرزه الشعب المصري ليل امس بازاحة مرسي والاخوان من على صدور الشعب المصري والبدء بحياة جديدة مختلفة في حياة الشعب المصري اهنئ الشعب المصري وقيادة الشعب المصري التي لم يعترف بوجودها احد، قيادة حركة تمرد، واهنئ الجيش المصري على موقفه البطولي الرائع الى جانب شعبه، موقف لم يعرف في اماكن اخرى حيث تنجح الطبقات الحاكمة في زج جيوشها ضد شعوبها الثائرة. واهنئ شعوب العالم كله بالمثال الذي برهنت عليه الثورة المصرية لان انتصار اي شعب في احراز انتصار ثوري هو انتصار لجميع الشعوب المكونة للقرية الانسانية الصغيرة التي نعيشها. واهنئ قيادة ثورة الثلاثين من يونيو لانها نجحت في تحقيق الاهداف التي حددتها سلفا لشكل الحكومة التي يجب ان تتحقق لدى انتصارها ولم تقع في نفس الخطأ الذي جرى في ثورة يناير حين سمحت للرئيس المخلوع ان يعين الفئة التي تقوم بحكم البلاد بدلا منه وهو ما لا يحق له. وما نجم عن ذلك من اغتصاب الثورة وضرورة القيام بثورة اخرى للتخلص من الاخوان المسلمين الذين اغتصبوها. واهنئ قيادة ثورة الثلاثين من يونيو لانها نجحت في تحقيق اعظم تجمهر شعبي في تاريخ البشرية مستغلة الثورة التكنولوجية وثورة المعلومات التي جعلت بامكانها ان تخاطب وتنظم الملايين في وقت قصير لم يكن بالامكان التفكير بمثله في الماضي. اقوم بهذه التهنئة بدون تجاهل ما يمكن ان يحدث من الصدامات كرد فعل للفشل الذي حل بالاخوان المسلمين الذين احرزوا فرصة حياتهم التي كانوا يريدون تحقيقها كدولة الخلافة وتحقيق ما يسمونه تطبيق الشريعة رغم كل التدابير الاحتياطية التي اتخذها الجيش لمنع حدوثها. نؤمل ان ينجح الجيش المصري والشرطة المصرية في منع او حصر مثل هذه المصادمات بين فريقين من الشعب المصري تتفق مصالحهما الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية ولا يفرقهما سوى التزمت الديني المزيف والمتطرف. مع ذلك اسمح لنفسي بابداء بعض الملاحظات حول ثورة الثلاثين من يونيو رغم اني لست مصريا. ولدت ونشات وتربيت وتثقفت في احضان الشعب العراقي وعند نضوجي انتميت الى الحركة الشيوعية وناضلت في صفوف الشعب العراقي وعانيت من السجون والتعذيب والاضطهاد ما عاناه ويعانيه الشعب العراقي. ورغم هروبي من العراق لتلافي اعادة سجني قبل حوالى ستين عاما ما زلت في مشاعري واخلاقي وعواطفي وطعامي عراقيا كما كنت اثناء حياتي في العراق. وقد نجحت في اسرائيل بكتابة رسالة الماجستير باللغة العربية رغم ان الجامعة تتطلب كتابتها باللغة العبرية حول الموسيقى العراقية وكتبت اطروحة اخرى في جامعة لندن حول نوع خاص من الموسيقى العراقية اسمها المقام العراقي ولهذا السبب تكونت لي صداقات مع اغلب الموسيقيين الذين يزورون لندن واخرين لم يزوروا لندن. واحد من اهم المبادئ الشيوعية هو الاممية. كل شيوعي حقيقي يجب ان يكون امميا. ومعنى ان يكون الانسان امميا هو اولا ان يعتبر جميع شعوب العالم بلا استثناء شعبه يتاثر بكل ما يصيب كل الشعوب من ماس ويشعر بالنصر حيثما تحرز الشعوب انتصارا في طريق تحررها من الاضطهاد والاستغلال والفقر والجوع والجهل والمرض. ولهذا اشعر اليوم بالبهجة ككل مصري بهذا الانتصار. وتعني الاممية ان انتصار اي شعب انتصارا ثوريا يؤثر على شعوب العالم كلها كانه انتصارها. وهذا يعني ان شعوب العالم كلها انتصرت نتيجة الانتصار العظيم الذي احرزه الشعب المصري في ثورة يونيو. ثورة يونيو تختلف عن جميع الثورات الكثيرة التي انجزتها شعوب العالم طوال تاريخها. كانت الثورات التي عرفتها البشرية سابقا تبدا بتشكيل احزاب تناضل من اجل تثقيف الشعوب وتوعيتها وقيادتها نحو تحقيق الثورة. ولكن ظروف الاتصال بالشعب كانت تجابه صعوبات جمة لصعوبات الاتصال بالجماهير ومقاومة السلطات الحاكمة لكل حركة ثورية وما يرافق ذلك من سجون وقتل ومشانق ونفي وتشريد. ومع ذلك نجحت الشعوب في انجاز مئات الثورات لان الثورات ضرورات تاريخية يحتمها تطور المجتمع البشري. ثورة يونيو كانت تختلف عن جميع تلك الثورات لانها حدثت في ظروف تختلف كل الاختلاف عن الظروف التي انجزت فيها الثورات السابقة. ان الظروف التي تعيشها الشعوب قد انهت جميع الصعوبات التي كانت تواجه العناصر الثورية في الاتصال بالجماهير. ثورة يونيو لم تتطلب انشاء حزب ثوري يعمل على الاتصال بالجماهير ومجابهة الصعوبات التي تجابهه في سبيل ذلك بل حدثت في ظروف اصبح فيها بامكان القيادة الثورية ان تتصل بالملايين خلال دقائق. وقد نجحت قيادة ثورة يونيو، قيادة حركة تمرد، التي لم تظهر بالطريقة القديمة من تشكيل حزب تقليدي ونضال مستمر من اجل تحريك الجماهير، بل نجحت في تحريك الشعب المصري كله في فترة وجيزة بحيث لم تشعر القيادات التقليدية القديمة حتى بوجود قيادة لهذه الحركة. قيادة نجحت في جمع اثنين وعشرين مليون قوقيع على استمارة تطالب بتنحي مرسي عن الحكم في شهر وانجاز كهذا مستحيل بدون قيادة حكيمة ونشيطة، قيادة حقيقية قادرة على تحقيق مثل هذا الانجاز الهائل. واكثر من ذلك نجحت في انزال شعب مصر كله الى الميادين بصورة لا سابق لها في تاريخ البشرية. ان مثل هذه القيادة لم تعرف سابقا وانها بعد ثورة يونيو اصبحت مثالا يمكن ان تحذوه شعوب العالم قاطبة . وهذا يظهر عظم الدرس الذي تعلمته شعوب العالم من ثورة يونيو. وضعت هذه القيادة شكل الحكم الذي تريد تشكيله بعد نجاح الثورة في تحقيق هدفها واعلنته وهو ما تحقق فعلا فور نجاح الثورة فكلف رئيس المحكمة الدستورية لرئاسة الدولة مؤقتا الى حين تحقيق الاهداف الاخرى التي حددتها قبل الثورة، اولا الدستور، ثانيا قانون انتخاب يوضع على اساس الدستور وانتخابات تجري بموجبه وهو ما اجري بالعكس بصورة مقصودة لكي تسيطر حكومة الاخوان على الحكم. والسؤال الذي يتبادر الى الذهن هو هل ثورة يونيو هي حقا ثورة حسب المفهوم العلمي للثورة؟ في الحقيقة ليست ثورة يونيو ثورة بالمفهوم العلمي للثورة. الثورة بالمفهوم العلمي هي الثورة التي تغير نظاما للكحم اصبح عائقا ومعاديا لتطور المجتمع بنظام جديد يكون مساعدا لتطور المجتمع. وعلى سبيل المثال كانت ثورة يوليو مجرد انقلاب عسكري لم يستغرق سوى عدة ساعات ولم ينزل فيه الى الشارع انسان واحد ولكنه مع ذلك ثورة بالمفهوم العلمي للثورة. لانه ازال نظام حكم استعماري اقطاعي واحل محله نظاما راسماليا. بينما ليست ثورة يونيو التي حققها ثلاثون مليون مصري نزلوا الى الميادين ثورة بالمفهوم العلمي للثورة لانها اسقطت حكومة فاسدة في نظام راسمالي لكي تاتي بمكانها بحكومة غير فاسدة في نظام راسمالي. انها اسقطت حكومة راسمالية لكي تستبدلها بحكومة راسمالية. كتبت في مقالي السابق حول ثورة يونيو ما يلي: ويشير المقال الى ان ثورة التمرد توجه هجومها نحو العدو الخطأ ايضا. اي انها توجه هجومها الى ازاحة محمد مرسي وتامل في تشكيل هيئة حاكمة افضل مما تحقق في ثورة الخامس والعشرين من يناير تحقق بعض اهداف الثورة على الاقل. ويشير المقال الى ان ثورة التمرد حتى في حالة نجاحها التام لن تمس العدو الحقيقي لانها تنجح في ازاحة اداة من ادواته فقط. فالعدو الحقيقي للثورة، الطبقة الراسمالية، تبقى هي الحاكم الحقيقي بعد الثورة كما كان الحال بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير. فهل ادى نجاح ثورة يونيو الى تغيير ما جاء اعلاه؟ لا اعتقد ذلك. فقد تحقق ما حددته قيادة تمرد سلفا بكل دقة واصبح رئيس المحكمة الدستورية رئيسا مؤقتا للجمهورية ومن المفروض بعد تكوين حكومة جديدة ان يبدأ تعديل الدستور او وضع دستور جديد. ولنفرض ان لجنة وضع الدستور هي اكفأ لجنة لهذا الغرض وهي مخلصة اتم الاخلاص في وضع دستور ملائم للمجتمع المصري القائم. من المحتم ان يكون هذا الدستور دستورا راسماليا يضمن مصالح الطبقة الراسمالية الحاكمة في البلاد. قد يحتوي الدستور الجديد بعض المواد التي تحقق بعض الحقوق للجماهير لا تضر كثيرا بمصالح الطبقة الراسمالية ولكنه لن يكون دستورا يضمن معالجة كل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي هدفت الثورة الى تحقيقها. تهدف الثورة مثلا الى تحقيق تحسين الاجور لعمال المشاريع الراسمالية المصرية او الاجنبية. الذي يعمل على ابقاء الاجور على مستواها الواطئ هو الراسماليون لان مصالحهم تقتضي تخفيض الاجور من اجل زيادة الارباح. وتهدف الثورة الى مساواة المراة والرجل في اجور العمل المتشابه ولكن الراسماليين هم الذين يميزون في اجور النساء والرجال ويفضلون استخدام النساء باجور اقل من اجور الرجال لزيادة ارباحهم. وكذا هو الامر في جميع المطالب الثورية كمكافحة البطالة ومحاربة الامية واستخدام الاطفال وغير ذلك من المطالب الشعبية. ولا الدستور ولا الحكومة التي ستنتخب بعده قادرة على تحقيق كل هذه المطالب لان تحقيقها يحد من ارباح الطبقة الراسمالية المصرية. اعتقد ان الشعب المصري سيحتاج الى الكفاح المباشر ضد الراسماليين مباشرة لتحقيق مثل هذه الاهداف كما كان الامر طوال وجود الطبقة الراسمالية كطبقة حاكمة وسيبقى ما دامت الطبقة الراسمالية طبقة حاكمة. ولكن الاسلوب الذي اتبعته حركة تمرد في جمع وتنظيم وانزال الشعب كله الى الميدان باستغلال الثورة التكنولوجية والمعلوماتية هو اسلوب جديد لم تعرفه الثورات من قبل وهو درس عظيم لجميع شعوب العالم وللشعب المصري في ثورته القادمة وان شعوب العالم اجمع تعلمت من الثورة المصرية درسا عظيما لا مثيل له. اهنئ الشعب المصري الذي تحتم علي الاممية ان اعتبره شعبي ثانية بالانتصار العظيم الذي حققه في ثورة الثلاثين من يونيو واتمنى له دوام الانتصارات في المستقبل.
#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حول -حسقيل قوجمان في أعلى مراحله-٣-;-
-
راي من بعيد حول الثلاثين من يونيو (تتمة)
-
راي من بعيد حول الثلاثين من يونيو
-
حول -حسقيل قوجمان في أعلى مراحله-٢-;-
-
حول ماركسية يعقوب المحنطة
-
حول -حسقيل قوجمان في أعلى مراحله-۱-;-
-
تحية الى زينة محمد
-
الامبريالية هي الراسمالية في اعلى مراحلها۷-;-
-
الامبريالية هي الراسمالية في اعلى مراحلها6
-
الامبريالية هي الراسمالية في اعلى مراحلها٥
-
الامبريالية هي الراسمالية في اعلى مراحلها٤
-
الامبريالية هي الراسمالية في اعلى مراحلها٣
-
الامبريالية هي الراسمالية في اعلى مراحلها٢
-
الامبريالية هي الراسمالية في اعلى مراحلها١
-
هل ثمة برجوازية طفيلية وبرجوازية لا طفيلية؟٢
-
العمل الانتاجي والعمل اللاانتاجي
-
هل ثمة برجوازية طفيلية وبرجوازية لا طفيلية؟١
-
سلمية!...سلمية!!...سلمية!!!؟
-
تطور الانتاج الراسمالي والشيوعي ۷
-
تطور الانتاج الراسمالي والشيوعي ٦
المزيد.....
-
السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات
...
-
علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
-
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
-
مصادر مثالية للبروتين النباتي
-
هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل
...
-
الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
-
سوريا وغاز قطر
-
الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع
...
-
مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو
...
-
مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|