|
سبيل إلى مجهول مرعب..الطائفية.
سالم اسماعيل نوركه
الحوار المتمدن-العدد: 4144 - 2013 / 7 / 5 - 13:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
شهدت البشرية حروب كانت مغلفة بغطاء طائفي لتمرير سياسات وأطماع ولتمرير شرعية القتال ولتعزيز شرعية مصالح ومطامع مثل الحروب التي عرفت بحرب ثلاثين عام في أوربا 1618-1648 بين بروتستانت والكاثوليك بشكل متقطع بعد أن دبت في الكنيسة المسيحية إنشقاقات عنيفة وبمشاركة دول أوربية متحالفة مع هذا الطرف أو ذاك حسب مقتضيات المصلحة وتحالفات لأسقاط أسر حاكمة ولصعود أسر وكلفت الأوربيين خسائر جسيمة بالأرواح والممتلكات وأفقرت الأطراف التي شاركت فيها وخلفت مجاعات وأمراض وقللت النفوس مثل ألمانيا من 20 مليون نسمة إلى 13.5مليون نسمة في ذلك الوقت وفي أراضي برادنبورغ بلغت الخسائرالنصف وفي بعض المناطق مات ما يقدر بثلثي السكان كما أنخفض عدد سكان التشيكية بمقدار الثلث وهي سلسلة صراعات دامية مزقت اوربا ،أستمرت الحرب لمدة ثلاثين عام ولكن الصراعات التي نجمت عنها أستمرت لزمن أطول بكثيروإن إنتهت بمعاهدة مونستروهي جزء من صلح وستفاليا الأوسع عام 1648م،وأذكر هنا إن مجزرة سانت بارتيليمي الشهيرة صفق لها بابا روما آنذاك غريغوري الثالث عشر وأعتبرها بمثابة (إنتصار الإيمان الصحيح على الكفر والزندقة)! ربما لم يعلم بأنه يصفق لمجازر ويجرم بحق أرواح أبرياء سحقت والمتتبع لحروب أوربا الطائفية يدرك بأنها في باطنها كانت حروب مصالح ومطامع وفي ظاهرها حروب طائفية بأمتياز والملفت للنظر في هذه الحروب هو أطراف وقفت مع الطائفة الأخرى ضد طائفتها نتيجة للمصلحة كما يحصل في أسطفافات اليوم والحروب التي دارت بين الصفويين والعثمانيين كانت لتثبيت سياسات ومطامع وإن غلفت بغطاء طائفي و في الزمن القريب كانت الأيدلوجيات مثل الأديان والمذاهب والطوائف أنقسم العالم حولها وتعصب كل فريق لأيدلوجية كما يتعصب المتدين لدينه أو مذهبه ،والتعصب في كل شيء يؤدي إلى ردود أفعال قوية ،فعل سيء يقابله رد فعل أسوء ربما فكما يحصل إنشقاق على أسس دينية يمكن أن يحصل على أسس أخرى مثلما حصل في الحرب الباردة المثقفون كانوا يلعنون بعضهم البعض كما يفعل أكثر رجال الدين اليوم أو كما فعلوا في القرون الماضية وفي مصر اليوم أنقسم الشعب وإن كان أكثرهم من دين واحد ومذهب واحد إلى كتلتين يتوعد أحدهما بأسقاط الآخروكلا الكتلتين يتصور بأنها صاحبة الشرعية في حماية الثورة التي يرى مفجروها بأنها أنحرفت عن مسارها من (الكمنجة إلى أخونتها) فهبوا ثانية لتعديل المسار بتجمع منقطع النظير لسحب الشرعية من حكامهم ،حيث لا شرعية فوق شرعية الشعب وأحس قيادة الجيش بأن الأرضية أصبحت صالحة لنزع الشرعية من الحكام الشرعيين الذين أرادوا سرقة ثورة الشعب من بوابة الديمقراطية وبمباركة غير معلنة من الخارج حصل ما حصل وكاد الموقف ينفجر إلى قتال بين الشعب الواحد لولا أصطفاف الجيش مع تطلعات الشعب كما حصل، يبدوا إننا بين فترة وأخرى نكون ضحية أسس جديدة نختلف فيها نتيجة لتغير أنماط الحياة أو التطور الذي يجلب معه قيم وأسس جديدة أو نتيجة للفهم الخاطيء للديمقراطية من قبل من يصل إلى السلطة إلى أن نهتدي لأسس الإتفاق الجديد فالمشاكل تتطلب الحلول والتي أحيانا تأتي متأخرة وفي كل عصر يظهر (وعاظ السلاطين)بجلباب جديد مهمتهم الشحن والتطرف والتعصب وصب الزيت على النار والأبرياء من كل الأطراف يدفعون ثمن جهلهم وتصريحاتهم الغير المسوؤلة وخصوصا نحن نعيش عصر سرعة الأتصال ونقل الخبر بضغطة زر. أرى إن المشكلة الحقيقية إننا لا نفهم التاريخ !فبدلا من تجاوز مشكلاته نعمل على أحضار كل مشاكل التي أرتكبت بالأمس من قبل غيرنا وكأنها أرتكبت اليوم ،لا أعلم لم ندرس التاريخ!إذا لم تكن هذه الدراسة في خدمة اليوم فما الجدوى من تصحف التاريخ من أجل ماضي يجلب لنا المآسي!!إن لم يكن تلك الدراسة من أجل الحاضر. إذا أردنا تجنب المآسي ومنها الطائفية ،قبل كل شيء علينا أن نغلق (الأفواه)التي تصب الزيت على النار وقطع (الخيوط)الشر التي تمتد للداخل بحجة نصرة طرف على أخرى وعلى الشعب أن يعزل السياسي أو الحزب الذي يعمل (برمونت كونترول)من الخارج ويدعي الوطنية وإذا كانت حروب طائفية لم يقودها سياسيون ورجال سلطة وحكم ؟!وفي الواجهة يظهر( رجال دين )خارجون من (الكهوف المظلمة)للدفع بأتجاه الفوضى والشحن والتعصب الطائفي وعندما يطلب من طرف يقود مجاميع من تلك الطائفة طرح مظلمته فأنه يطرح مجموعة من النقاط عبارة عن سياسة وطلب مكاسب سلطوية وتغير صيغة إدارة الدولة والعفو العام لمجاميع اودعوا السجون لأسباب بعيدة عن المسائل الطائفية وبعضهم أجرم بحق الشعب ونسجل هنا بأننا ضد إيداع الأبرياء في السجون ونطالب بسرعة الأفراج عنهم مع تعويضهم ماديا ومعنويا ونسجل أيضا رفضنا لأستخدام أساليب العنف والتعذيب لأنتزاع الأعترافات. مرت أوربا بعصر غاب فيه العقل والبصر وتغلب فيه أو أمتزج فيه الطائفية والتعصب مع المصالح والمطامع وكان الثمن حروب دامية والقتل على الهوية وطحنت كفاآت وهجرت عقول ففرنسا مثلا خسرت الكثير في هذا الجانب نتيجة للقمع الطائفي وهي اليوم خجلة من ذالك التاريخ . البعض ممن نصب نفسه كرجل دين يمارس السياسة من بوابة الدين ويدفع بالجموع نحو حرب إن وقعت سوف يحرق اليابس والأخضر والبعض من السياسيين الفاشلين لأنه لا يفهم بالسياسة مزجها بالطائفة والطائفية وبأنه(إنما بعث لحماية الطائفة)من أعدائها (المارقين)! وهناك جمهور من الشعب يزداد عددا يفهم بأن من مهام من يقودون الدولة هو تقديم الخدمات وحسن إدارة الدولة وحسن إدارة المال العام وحسن توزيعه وتوفير فرص العمل ومحارية الجهل والتخلف وتحقيق التقدم الإقتصادي وتحقيق الأستقرار السياسي ومحاربة الفساد المالي والإداري بعيدا عن لغة الطائفية وبعيدا عن الخطابات الرنانة ومشاريع وهمية ووعود كاذبة (بجنة)لا يدخلها إلا السياسيين من خلال رواتبهم وأمتيازاتهم الخيالية وكلما زاد هذا الجمهور أختفى القادة الطائفيين . علينا أن لا نكون جزء من صراع طائفي تشهده المنطقة لأننا إن فعلنا سنتمزق من الداخل لأن الداخل أيضا يتكون من طوائف ومن مكونات و(الخيوط) التي نمدها للخارج لمساعدة طائفة ما سوف تمد إلينا بشر نحن في غنى عنه . إن الذي يريد بناء الدولة والكلام غير موجه لشخص بعينه عليه أن يكون حريصا على سلامة الوطن وأن لا يتخذ من طائفة ما سلم للسمو السياسي ،بل عليه أن يعزف على أوتار المواطنة القوية وأن يكون حريصا على مصلحة الوطن في كل خطواته وأن لا يفكر يعيش من خلال الأزمات ..والتعامل مع الأزمة شيء والعيش من خلال اختلاقها شيء آخ إن لم نحارب الطائفية والطائفين فأننا سوف نشارك في تمزيق الوطن وننسف الأمان ونحطم الأقتصاد ونقضي على الأستقرار السياسي ونعطي للفاشلين بالأستمرار في حكمنا والمضي بنا صوب المجهول فالطائفية سبيل إلى ذلك المجهول المرعب.
#سالم_اسماعيل_نوركه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنت فقط فرحتي...
-
ساعديني...
-
المنهج الدراسي إعداد للإمتحان أم للحياة!؟
-
خطيئة...
-
العالم ينهار مسرعا نحو الهاوية...
-
من أين لكم هذا يا رؤسائنا...؟!
-
ربما...
-
المفسدون (يقصفون مشاريع الحاضر والمستقبل)!!
-
أنت من نعم الله...
-
يقولون لا تبعد وهم يدفنونني!!
-
كفانا إيمان بالرجل السوبر!
-
سيادة الشعب نظام حكم متطور.
-
الأمس (أرضعنا حليب الدكتاتورية حد الفطام)!!
-
المادة 140 من الدستور وعلبة المعلبات!
-
المادة140 وعلبة معلبات!
-
إنتهى زمن التخدير...
-
متورطة بانهياري...
-
أنا الجاني...
-
فراشة الربيع...
-
زيديني عشقا ..زيديني ..أنا أقدم عاصمة للحزن..!!
المزيد.....
-
السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات
...
-
علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
-
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
-
مصادر مثالية للبروتين النباتي
-
هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل
...
-
الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
-
سوريا وغاز قطر
-
الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع
...
-
مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو
...
-
مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|