|
حركات الإسلام السياسي : بين الصعود و السقوط
فضيل التهامي
الحوار المتمدن-العدد: 4144 - 2013 / 7 / 5 - 01:30
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بداية يجب الإشارة أن الحركات الإسلامية في العالم العربي ظهرت في سياق انتشار المد الوهابي الذي غذاها بكافة الوسائل : عقائديا و لوجيستيكا ، لترسم معالم مشروعها الأصولي الذي يذهب الى رسم أفق استراتيجي وحدوي ( مشروع الدولة الدينية مقابل المشروع الحداثي الديمقراطي " مشروع الدولة المدنية " ) ، رغم كل الاختلاف و التناقض التي تحملها هذه القوى على مستوى أجندات و استراتيجيات عملها . وبعد الإقصاء الذي تعرض له الإسلاميون من طرف الأنظمة العربية "البترومونيالية " تراجعوا الى الوراء للملمة صفوفهم ، مقتصرين على نشر الاديولوجية الدينية ، في أفق توفر الشروط الذاتية و الموضوعية للظهور في الساحة السياسية . و فعلا تأتى لهم ذلك في خضم الحراك الاجتماعي الذي اجتاح العالم العربي بأسره بعد خروج المتظاهرين للمطالبة بالحرية و الكرامة و العدالة الاجتماعية ، و المطالبة في النهاية بسقوط رؤوس هذه الأنظمة ، بعد دخولها في مواجهات دامية مع رجال السلطة. وعكس باقي التيارات السياسية و الاديولوجية ( ليبراليين _ ماركسيين _ قوميين ) عمد الإسلاميون إلى اتخاذ الحذر من الحراك ولم يشاركوا فيه ، سالكين استراتيجة " الملاحظة من بعيد " إلى حين اتضحت الخارطة السياسية ، وظهور مؤشرات على حسم المعركة لصالح الشعوب و بداية انهيار رؤوس الأنظمة . ففي مصر تحفظ الإخوان المسلمون على المشاركة في الحراك الذي اجتاح ميدان التحرير، باستثناء خروج بعض الأفراد بصفتهم الشخصية و ليست" الاخوانية "حسب تعبيرهم ، ونفس السيناريو تكرر أيضا في المغرب ، بحيث ظهر الموقف الرافض لحزب العدالة و التنمية للحراك تحت ذريعة عدم وضوح مساراته و الفئات التي تحركه ، مما أحدث شرخا داخلها ، بعد أن فضل بعض أعضاءها الخروج كأفراد كذلك....وبعد تطور الأوضاع ، ووصول وقت الانتخابات تقدم الإسلاميون إليها معتمدين كل الوسائل لتحقيق التقدم و خلق الحدث ، بعد أن استفادوا من خطابهم الأخلاقي و الديني لحشد اكبر عدد ممكن من الأصوات و المؤيدين ، مستغلين كذلك الأمية المتفشية بشكل كبير في العالم العربي ، و حضور الوازع الديني لهذه المجتمعات ، إضافة الى الأخطاء الاسراتيجية التي ارتكبتها القوى التقدمية بعد إثارتها لقضايا حساسة عبر وسائل الإعلام كمسألة حرية المعتقد ، و ميراث المرأة ، ليكون بهذا قد قدموا دعاية مجانية و معاكسة لصالح القوى الإسلامية. وإضافة إلى ما سبق أقدم الإسلاميون بعملية إدماج خطابهم الاديولوجي بما يصطلح علية " بالمطلبية الاجتماعية " ، الشيء الذي جعلهم يستملون عدد كبير من الجماهير ، كما ذهبوا أيضا ( الإسلاميون ) إلى استيعاب و إقحام مجموعة من المقولات اليسارية " التقدمية " كمفهوم " البرجوازية الكمبرادورية " ، و ثورة الطبقات المسحوقة ، ليروجوها في خطاباتهم السياسية ، و بطريقتهم الخاصة ، مستندين إلى النص الديني غالبا...كلها عوامل أعطت للقوى الإسلامية في العالم العربي الوصول إلى السلطة....فماذا بعد ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ففي الوقت الذي انتظر فيه الإسلاميون سنين طويلة للوصل الى السلطة ، لم يلبثوا إلا أكثر من سنة حتى تهاو ( حالة مصر ) ، ( وليس من المستبعد أن تكون نهاية المشروع الاخواني الأصولي في باقي الدول العربية الأخرى كتونس التي تمهد إستراتيجية تمرد على حكم " الترويكا " التي تقوده حركة النهضة الإسلامية ) ، ومرد ذلك إلى مجموعة من الأخطاء الإستراتيجية التي ارتكبتها القوى الإسلامية أهمها انفرادهم بسلطة القرار السياسي و الاقتصادي ، و اعتبارهم لباقي التكتلات السياسية و الاديولوجية ( العلمانيين خصوصا ) مهددين للمشروع الإسلامي في هذه الدول ، والسبب في ذلك تناسيهم أنهم يناورون في محيط سياسي و ليس ديني ، وليكون بهذا قد انساقوا وراء الجناح الدعوي تطبيقا لأجندة المرشد الأعلى كحالة مصر. ومن جهة أخرى لم تكن لهم القدرة حتى على التنسيق مع باقي التيارات الحاملة للمرجعية الدينية ( وجود خلافات بين حركة الإخوان في مصر و السلفيين _ خلاف أيضا بين حركة النهضة التونسية و السلفيين ) ، إضافة الى إقصائهم لأقليات دينية و عرقية كالأقباط في الحالة المصرية ، و تورطهم في المجزرة التي ارتكبتها عناصر من الإخوان في حق المسحيين...دون أن ننسى السياسية التطبيعية الذي نهجها الإسلاميون مع الكيان الصهيوني ، وهدم الأنفاق الحدودية في صحراء سيناء المصرية ، تعزيز الخلاف بين السنة و الشيعة في منطقة الشرق الأوسط ، وقطع العلاقات الدبلوماسية الغير المحسوبة مع سوريا ومهاجمة محور ايران _ حزب الله... كلها عوامل ساهمت في تهاوي القوى الإسلامية في مصر رغم الإصرار الأمريكي الذي دعم حركات الإسلام السياسي إلى أخر لحظة و حاول الضغط على الجيش المصري ، باعتبار أن القوى الإسلامية ستؤمن امن إسرائيل بعد أن حافظت على اتفاقية " كامب ديفيد " لكن الضغط الأمريكي باء بالفشل ليكون بذلك الجيش المصري قد ضحى بمحمد مرسي و انقد مصر من الدخول في متاهات غامضة.... وفي الأخير لا بد أن نتساءل كم من الوقت تحتاج القوى الإسلامية لإعادة قراءة أخطاءها و العودة من جديد الى الساحة السياسية بعد هذا السقوط ؟ وهل ستجد الأرضية لذلك ؟ خصوصا أن المجتمعات العربية تعيش تحولات نحو الحداثة وتنامي الفكر النقدي اتجاه الاديولوجيات و الميتافيزيقا....
#فضيل_التهامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
خطيب المسجد الأقصى يؤكد قوة الأخوة والتلاحم بين الشعبين الجز
...
-
القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام
...
-
البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد
...
-
البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا
...
-
تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
-
شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل-
...
-
أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
-
مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس..
...
-
ابو عبيدة: قررت القسام الافراج غدا عن الاسرى اربيل يهود وبير
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|