|
شرعية مرسى ...ومرسى الشرعية ..
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن-العدد: 4142 - 2013 / 7 / 3 - 21:25
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أولا : 1 ـ موسوعة جينيز للأرقام القياسية يجب أن تتوقف فيما يحدث لمصر الآن فى ظاهرتين نادرتين : هذه المظاهرات التى استمرت بملايين تغطى العمران المصرى وبأعداد غير مسبوقة فى تاريخ البشرية . ثم خطاب مرسى ، وهو الخطاب الوحيد ـ فيما نعرف ـ والذى تجاهل هذه المظاهرات المصرية وتحدث عن شرعيته وكرر كلمة الشرعية حوالى 70 مرة ، وليس فى تاريخ العالم أن وقف رئيس يفاخر بشرعيته منكرا للواقع الهائل أمام عينيه ، ثم يكرر كلمة الشرعية حوالى 70 مرة . يجمع بين هذين الظاهرتين المتناقضتين غير المسبوقتين فى تاريخ العالم ما نطلق عليه فى هذا المقال ( شرعية مرسى ..ومرسى الشرعية ) . 2 ـ قلنا فيما سبق إن الاخوان لا يعرفون الحلول الوسط ، وأنّ كل ما يعرفونه هو المعادلة الصفرية فى الصراع ، إمّا هم وإمّا الآخر ، أى إما شرعية مرسى ، وإما أن يموت مرسى كما قال مهددا الشعب المصرى إنه سيدافع عن شرعيته بحياته . مرسى يتجاهل أن الانتخابات هى مجرد وسيلة ديمقراطية ، وأن الرئيس الذى يصل بالانتخاب يمكن الاحتكام الى الشعب فى استمراره أو إسقاطه بنفس الانتخابات ، وأن الشرعية مصدرها الشعب ، وأن الرئيس المنتخب ليس شرعية فى حد ذاته ، بل أن شرعيته مستمدة من الشعب الذى إختاره بانتخابات نزيهة حرة غير مشكوك فيها وللشعب أن يسقطه بانتخابات حرة نزيهة . ويتجاهل مرسى أن هذا الشعب بثورته هو الذى أوصله الى الرئاسة ، مع ان الاخوان عارضوا ثورة الشعب فى بدايتها ثم ركبوا موجتها وتآمروا عليها مع المجلس العسكرى ، ويتجاهل مرسى أنه حصل فى الانتخابات فى المرحلة الأولى على أقل من ربع الأصوات ، وأنه فى الإعادة وطبقا للإحصاءات المعلنة قد فاز بأغلبية ضئيلة جدا ، وأن هناك أصوات محترمة تؤكد أن خصمه الفريق شفيق هو الفائز وأن المجلس العسكرى خوفا من تهديد الاخوان بحرق البلد وبضغط من السفيرة الأمريكية أعلن فوز مرسى زورا ، ويتجاهل مرسى أن هناك ملاحقات قضائية ضده ، وأنّ شرعيته سقطت مبكرا جدا باعلاناته الدستورية وتحركاته ضد المؤسسات المصرية ودستوره المعيب بما يؤكد بأنه حنث بقسمه حين تولى الرئاسة ، وأنه حنث بقسمه أمام جماهير الشعب فى اول خطاب جماهيرى له فى ميدان التحرير وتأكيده لهم وقتها بأنهم هم مصدر الشرعية يمنحونها لمن يشاءون ويمعونها عمّن يشاءون . وبالتالى فإن هذه المظاهرات الحالية ـ بعشرات الملايين التى جردته من الشرعية وتوقيع الشعب على استمارات تمرد ـ هى اعلان رائع بسقوطه ، ولم يعد رئيسا شرعيا لمصر . مرسى يتجاهل كل هذه الحقائق ، ويكرر ضدها فى خطابه الأخير كلمة الشرعية معتبرا نفسه هو الشرعية ويعلن تضحيته فى سبيلها بحياته ، أى إنه يؤكد عقيدة أى تيار دينى يصل للحكم ، فى أنه لا حلول وسط ، ولا تداول سلطة بعد وصوله للحكم . هكذا فعل التيار الوهابى السياسى حين نجح فى الجزائر فأعلن أنها آخر الانتخابات مما عجّل بالجيش الى إستئصالهم فى مذابح متبادلة استمرت سنوات . ويريد الاخوان تكرار هذا المسلسل الدموى فى مصر ، وخطاب مرسى يدعو صراحة الى هذه الحرب الأهلية . 3 ـ نحن نكتب هذا المقال بعد انتهاء مهلة ال 48 ساعة التى اعطاها الجيش لمرسى وأتباعه ، وقبل بيان الجيش بالفترة الانتقالية وما نتوقعه من عزل مرسى . نقول أن مرسى الآن وجماعته حكموا على أنفسهم بالغياب عن الساحة ، فقد صدر ضدهم حكم الشعب . ولم يبق إلا تنفيذ الحكم بيد القوة العسكرية التى تأتمر بأمر الشعب ( الجيش والشرطة ) الاخوان الآن ـ كجماعة سياسية ـ فقدوا مصداقيتهم فى الشارع المصرى بفشلهم وسوء إدارتهم ، وقد يتبقى لهم هامش من المصداقية لو سارع العقلاء منهم بالتبرؤ من مرسى وجماعته ، وتصالحوا مع الشعب المصرى ، والتفتوا الى إصلاح داخلى فكرى ومنهجى يقرّب بين ايدلوجيتهم وبين القيم الاسمية العليا فى الحرية الدينية والعدل والسلام والتسامح . وهناك زعماء معتدلون كانوا من الاخوان وانشقوا عنهم من امثال د . محمد حبيب والاستاذ ثروت الخرباوى ، واولئك هم الأمل فى تحقيق اصلاح للاخوان يحافظون به على وجودهم السياسى فى الساحة السياسية التى يجب أن تتسع للجميع بلا استبعاد . أما لو ظل جمهور الاخوان على جمودهم الفكرى فسيخسرون كل شىء سياسيا ودعويا وجماهيريا . وسيجدون أنفسهم معزولين عن ركب التقدم ، يجترون فقه ابن تيمية وابن عبد الوهاب وابن باز والمودودى وسيد قطب . سيعودون الى التراث الماضى السلفى الذى سقطوا منه ، ولن يحزن عليهم أحد . 4 ـ آن الأوان لأن نستفيد من التجربة المريرة مع الوهابية السياسية من الاخوان فى مصر الى جبهة النّصرة فى سوريا الى القاعدة فى باكستان وأفغانستان الى الوهابية السياسية فى الجزائر . وهى ضرورة الفصل الحازم والبات بين الدين والعمل السياسى . كاتب هذه السطور هو مفكر مسلم وهب حياته دفاعا عن الاسلام ، ويرفض العمل فى السياسة . وفرضا ـ مجرد فرض ـ لو كنت أعمل بالسياسة فإنه طبقا لايمانى بالاسلام يمتنع علىّ إستخدام شعار الاسلام فى عملى السياسى مع أو ضد الخصوم والفرقاء السياسيين . وفرضا ـ مجرد فرض ـ لو أصبحت رئيسا للجمهورية فإنه وطبقا لايمانى بالاسلام يمتنع علىّ الاستشهاد بالقرآن أو بأى نصوص دينية فى أى خطبة أو تصريح أو توجيه أو عمل سياسى ، لأنه استغلال للدين فى سبيل حُطام دنيوى ، ولأننى ـ عندها ـ رئيس أخدم كل المصريين بمسلميهم وأقباطهم ، بمن فيهم من متدينين من مذاهب مختلفة وأديان مختلفة ، وبما فيهم من ملحدين ولا دينيين . وبالتالى فلا يجوز لى طبقا للشرع الاسلامى القرآنى كرئيس أن أنحاز الى دينى وأن أستخدم وظيفتى فى الترويج له ، لأن ذلك ظلم ، والله جل وعلا لا يريد ظلما للعالمين . إيمانى بالاسلام هو شأن شخصى بينى وبين ربى جل وعلا ، يخصّنى وحدى ولا أفرضه على أحد كداعية ، ولا أعرضه على أحد لو كنت فى منصب تنفيذى أخدم فيه الشعب . وإذا كنت مسلما حقيقيا فيجب أن أتمسك بقيم الاسلام عمليا فى تصرفاتى وبدون شعارات اسلامية ، أى أن أقف بقوة مع الحرية الدينية للجميع أفرادا وجماعات ، وأن أقف بقوة مع العدل السياسى ( الديموقراطية ) ومع العدل الاجتماعى والتسامح الدينى . أخيرا : أتوسّل اليكم .. أتوسّل اليكم .. أتوسّل اليكم .. أتوسّل اليكم .. أتوسّل اليكم .. أتوسّل اليكم .. أتوسّل اليكم : 1 : لا تقولوا عنهم ( اسلاميين ) بل وهابيون . يكفيكم ظلما للاسلام أن تنسبوهم للاسلام . هم وهابيون يتناقضون مع الاسلام فى عقيدتهم وسلوكياتهم وشريعتهم . هذه هى بداية التنوير وبداية العدل فى التعامل مع رب العزة جل وعلا ودينه العظيم. 2 : بتنقية التشريع المصرى دستوريا وقانونيا من كل التشريعات التى تعرقل حرية الفكر والدين للجميع لنزع هالة القداسة عن الوهابية ومعاملتها كفكر بشرى يجب مناقشته ، وبهذا يتمكن المفكرون الأحرار من مواجهة الوهابية وتنظيماتها السياسية من داخل الاسلام . خير الكلام : اصدق الحديث فى الردّ على الوهابية لعلهم يتذكرون : 1 ـ ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)( الأنبياء ) 2 ـ (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185) الاعراف) ( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (49) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50) المرسلات ) ( تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) الجاثية ) ( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ حَدِيثاً )(87) النساء ) ( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ قِيلاً ) (122)( النساء) ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ )(23) الزمر) 3 ـ (قُلْ صَدَقَ اللَّهُ )(95) ( آل عمران ). ودائما : صدق الله العظيم .!!
#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بالثورة المصرية الحالية بدأ العدّ التنازلى للوهابية
-
مصر على شفا حرب أهلية .. من هم السبب ؟
-
نداء لأهل القرآن بالاعراض عن أولياء الشيطان :
-
حوار لم يتم نشره فى إحدى الصحف الخليجية
-
إستنكارا لقتل الشيخ حسن شحاتة الزعيم الشيعى فى مصر ، وأربعة
...
-
( كتاب الحج ب 6 ف 6 ) وقائع مذبحة كربلاء ( فى الشهر الحرام )
-
( كتاب الحج ب 6 ف 5 ) :مفاوضات قبيل الاشتباك الحربى فى كربلا
...
-
نداء الى أحرار المصريين قبل 30 يونية 2013
-
(كتاب الحج ب 6 ف 4)قبيل مذبحة كربلاء:مراسلة الكوفيين الحسين
...
-
حوار عن ( الأكراد ) لم يتم نشره فى الصحف الكردية
-
تابع الرد على تعليقات على مقال ( هل كان من حق الحسين الثورة
...
-
ردا على تعليقات على مقال ( هل كان من حق الحسين الثورة على يز
...
-
( وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ
...
-
( كتاب الحج ب 6 ف 3 ) هل كان من حق الحسين الثورة على ( يزيد
...
-
( كتاب الحج ب 6 ف 2 ) قبل مذبحة كربلاء : العهد ليزيد بن معاو
...
-
درب العوالم : ردا على خصومنا فى الدين :
-
نقاش محتدم حول ( على ) والصحابة :
-
ردا على الإعتراضات علينا فى تاريخ صحابة الفتوحات(2 ) (تِلْكَ
...
-
ردا على الإعتراضات علينا فى تاريخ صحابة الفتوحات (1 )
-
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّ
...
المزيد.....
-
الرئيس الايراني يدعولتعزيز العلاقات بين الدول الاسلامية وقوة
...
-
اللجوء.. هل تراجع الحزب المسيحي الديمقراطي عن رفضه حزب البدي
...
-
بيان الهيئة العلمائية الإسلامية حول أحداث سوريا الأخيرة بأتب
...
-
مستوطنون متطرفون يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
-
التردد الجديد لقناة طيور الجنة على النايل سات.. لا تفوتوا أج
...
-
“سلى طفلك طول اليوم”.. تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصن
...
-
الحزب المسيحي الديمقراطي -مطالب- بـ-جدار حماية لحقوق الإنسان
...
-
الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس وسط العنف الطائفي في جنوب ا
...
-
الضربات الجوية الأمريكية في بونتلاند الصومالية قضت على -قادة
...
-
سوريا.. وفد من وزارة الدفاع يبحث مع الزعيم الروحي لطائفة الم
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|