أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سلامة كيلة - الثورة التونسية ما هو التكتيك الضروري الآن؟















المزيد.....



الثورة التونسية ما هو التكتيك الضروري الآن؟


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 4142 - 2013 / 7 / 3 - 15:18
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    




(دراسة كتبت قبل انتخابات المجلس التاسيسي، وتشير في آخرها إلى ما حدث، حيث نجحت النهضة والليبراليين، لكنها تطرح السؤال حول مهمات الماركسيين)
الانتفاضة في تونس هي التي فتحت كل هذا الفيض من الثورات في الوطن العربي، وكأن برميل البارود هذا كان ينتظر حريق الجسد الذي فعله محمد بوعزيزي لكي يحدث كل هذا الانفجار. لكن يبدو أن الثورة تتعثر، ويجري الالتفاف عليها، حيث لا يشعر الشعب بأن شيئاً قد تغيّر، وأن دم الشهداء قد أحدث ما يوازيه من تغيير يحقق مطالب الطبقات الشعبية.
وإذا كانت الطبقة المسيطرة تعمل على إعادة بناء سلطتها بعد أن اهتزت تحت وقع ضربات الشعب، ولازال رجالاتها ممسكون بمفاصل السلطة، ويعملون على امتصاص الانفجار الشعبي من خلال تحقيق تغييرات شكلية تطال البنية السياسية للسلطة ولا تلمس النمط الاقتصادي أو العلاقات الخارجية، خصوصاً الارتباط بالإمبريالية الأميركية. وهو الأمر الذي انعكس على عدم ميل الشعب للتسجيل في قوائم الناخبين لانتخاب المجلس التأسيسي رغم مفصلية هذه الخطوة كما هو مفترض، لأنها الخطوة التي يتعلق بها "إعادة بناء الدولة". وكذلك في استمرار كل مظاهر الاحتجاج والتذمر.
وهو الوضع الذي أطلق تعبير الالتفاف على الثورة (وفي مصر سرقة الثورة)، حيث بدا وكأن دم الشهداء وقوة الشعب قادت إلى أن يلتف قادة الجيش على الثورة، ويعملون على تكريس بنى السلطة القديمة، أو التنازل الجزئي تحت ضغط الشارع. فرغم حل البوليس السياسي لازال يمارس دوره وإنْ بتسمية أخرى. ورغم حل الحزب الحاكم فقد نبت في أحزاب عديدة، والتحق جزء من أعضائه في حركة النهضة والحزب الديمقراطي التقدمي. والمحافظين لازالوا يعينون من الكادر القديم. ولم يتغير وضع الأجور، أو تتحسن فرص العمل، أو يجري التفكير في تعديل الوضع الاقتصادي.
إذن، هذه الثورة الهائجة قد خمدت دون أن تطيح بالسلطة كلها، أو حتى دون أن تهزها أو تغيّر في بنيتها. رغم أن الحراك السياسي بات كبيراً، والتواصل الشعبي بات يسيراً، وحركات الاحتجاج لا تتوقف. وبالتالي فالصراع لازال قائماً، وإنْ ليس على شكل الانتفاضة الهائلة تلك التي أجبرت قادة الجيش على ترحيل بن علي. ولازالت حيوية الشعب كبيرة، وميله للصراع لم يتراجع، وهو يراقب ويتأمل ويتلمس ما يجري.
وفي هذا الوضع تضيع الأمور بين متابعة الانتفاضة أو المشاركة في انتخابات المجلس التأسيسي. ويصبح تحديد السياسة الضرورية أمراً مهماً. فهل أن تكتيك المشاركة في الانتخابات هو الصحيح؟ أو أن التعويل على الانفجار الاجتماعي من جديد هو ما يجب أن تُبنى السياسة على أساسه؟ وهل من الممكن العمل على هذا وذاك معاً؟
لفهم السياسة العملية الآن لا بد من تحديد الأرضية العامة التي يجري الصراع انطلاقاً منها. أي لا بد من تحليل مبدئي للواقع القائم من أجل فهم التكتيك الضروري انطلاقاً منه. لهذا سوف أتناول مستويين، الأول يتعلق بالتحليل المبدئي للواقع، والثاني يتناول السياسة الراهنة. حيث ليس من الممكن تحديد السياسة الراهنة دون ذلك.
المستوى المبدئي
وهو يتعلق بتحليل الواقع، وتحديد ممكنات تحقيق مطالب الشعب.
ما يجب أن يكون واضحاً، في البدء، هو طبيعة الأزمة التي أفضت إلى نشوء الانتفاضة. فهذا الفهم هو الذي يسهم في تحديد ممكناتها والآفاق التي يمكن أن تصل إليها. وهل أن ما حدث هو انفجار عابر، لحظي، نتيجة أزمة عابرة، أو أنه نتج عن تكوين اقتصادي ومجتمعي بات عاجزاً عن الاستمرار؟
الالتفاف والإجهاض ممكنان حين يكون الانفجار الاجتماعي لحظي، وجزئي، وبالتالي يمكن أن تمتصه الطبقة المسيطرة من خلال السلطة. أما حين تكون الأزمة مفصلية فيكون من المستحيل الالتفاف عليها أو سرقتها، حتى وإنْ أخّرت الطبقة المسيطرة تحقيق الانتصار، أو لم تكن الطبقات الشعبية قد بلورت بديلها فندخل في مرحلة بناء ذاتي حتمي يقود إلى تبلور البديل وانتصاره. فالأزمة هنا تولّد مفاعيل تجاوزها من خلال تطوير الدور الذاتي للطبقات الشعبية، وفي سرعة كبيرة نتيجة الحراك المباشر والفعل السياسي المكثف.
بالتالي لا بد من تلمس الوضع الذي فرض نشوء الثورات هذه، لكي نحدد الأفق الذي يمكن أن تسير فيه، أو تحتمل أن تسير فيه.
لقد حدثت انتفاضات في العديد من البلدان العربية منذ انتفاضة 18/19 يناير/ كانون الثاني سنة 1977 في مصر، إلى انتفاضات في السودان وتونس والمغرب لأكثر من مرة، ثم في الجزائر والأردن والمغرب سنة 1990. ولقد استطاعت النظم امتصاص مفاعيلها، ووقف توسعها، من خلال التراجع عن قرارات كانت الشرارة التي فجّرت هذه الانتفاضات، وتعلقت برفع أسعار الخبر في الغالب. كانت النظم تمتلك من المرونة ما يجعلها تتراجع، وكانت أزمة الطبقات الشعبية لازالت في بدايتها، لم تصل إلى حد العجز الشامل عن العيش. لقد أحست بالعجز عن العيش فانتفضت، لكن السلطة تراجعت فعادت إلى وضعها "الطبيعي".
أما منذ ما بعد نهاية الحرب الباردة بعد انهيار النظم الاشتراكية فقد جرت تحوّلات عميقة في بنية الاقتصاد والتفارق الطبقي أنتجتا وضعاً لا يمكن أن يستمر. فقد فرضت السيطرة التي أصبحت للنمط الرأسمالي الإمبريالي، وللطغم المالية فيه، تكوين البنية الاقتصادية المحلية انطلاقاً من هيمنة الطغم المالية هذه، يقوم على النهب وليس على "الاقتصاد الحقيقي" (أو الاقتصاد الطبيعي)، ويتمحور حول قطاعات ريعية، هي الخدمات والعقار والسياحة والاستيراد، وأسواق الأسهم التي باتت منفذ نهب المال المحلي من قبل الطغم المالية الإمبريالية. هنا تشكل قطاع "اقتصادي" نشط، وينمو بمعدلات عالية، وهو ضيق ويستوعب جزءاً ضئيلاً من السكان (ربما 20%). وأصبح هناك اقتصاد منهار ومهمش، هو الاقتصاد الحقيقي (الزراعة والصناعة)، يشمل الكتلة الأضخم من السكان (ربما 80%).
في هذا الوضع أصبحت البطالة سمة "طبيعية" في التكوين الاقتصادي، والعشوائيات صورة واضحة (مدن الصفيح). وإذا كانت الثروة قد تمركزت في يد فئة قليلة تحكمت بأكثر من ثلث الاقتصاد المحلي، فقد شهدت الطبقات الشعبية انهياراً مريعاً في وضعها المعيشي. وهو الوضع الذي أوجد اختلالاً في مجمل التكوين الاقتصادي، وأسس لتناقض طبقي لا فكاك من حله. حيث لا يمكن أن يستمر تكوين اقتصادي لا يستطيع استيعاب المجموعة البشرية فيه، من خلال توضعهم في هذا التكوين، لأن التهميش سوف يفرض التمرّد بالضرورة، وهذا هو حال الكتل الكبيرة من العاطلين عن العمل، والذين لا يلمسون إمكانية للعمل أصلاً لأن النمط الاقتصادي النشط مستوعب، ولا توسعاً في وجود فرص العمل نتيجة "موت" الاقتصاد خارج ذاك القطاع الريعي. كذلك لا يمكن أن تستمر طبقات مفقرة دون أن تتمرّد بعد أن تكون قد وصلت إلى "حافة الموت جوعاً"، وتراكم الاحتقان إلى الحد الذي جعلها لا تجد فارقاً بين الحياة والموت.
لكن الأهم هو أن الصراع هنا لا يتوقف قبل أن يحقق تغييراً عميقاً يعيد التوازن في البنية الاقتصادية، وفي الوضع الطبقي. هذا ما حدث بعد الحرب العالمية الثانية حينما نهض الريف المفقر والمسحوق بفعل الاضطهاد الإقطاعي العنيف، والذي كان يتهمش. وكانت الإفقار يجعل العمال يخوضون الصراع الطبقي، وطموح الفئات الوسطى بالتحرر والتطور يتصاعد، كل ذلك يفرض التغيير العميق في التكوين الاقتصادي. والذي فرض نشوء الشكل الذي يحقق التغيير حين غابت الأحزاب السياسية التي تحمل مشروع التغيير.
الوضع الآن هو في هذه اللحظة، لحظة التغيير العميق. التغيير الذي يعيد صياغة التكوين الاقتصادي بما يعيد دمج كل هذه الكتلة الاجتماعية، ويحقق لها وضعاً معيشياً مريحاً يجعلها تتجاوز البطالة والإفقار. فهي لن تتوقف قبل الوصول إلى ذلك لأنها لم تعد تحتمل وضعها على الإطلاق، والسلطة لم تعد قادرة على صوغ الوضع بما يحقق الاستقرار. لم تعد تمتلك المرونة من أجل تقديم تنازلات هي ضرورية من أجل الاستقرار. فالتنازلات باتت تطال بنيتها وأساس وجودها. بالتالي فإن طرفي التناقض تشكلا في تكوين تناحري لا حل له سوى بالتغيير العميق.
وفي وضع عالمي يشهد أزمة رأسمالية عميقة لازالت تتصاعد، ولا يبدو أن أفقاً واضحاً لها. وهي الأزمة التي تزيد من تعمق المشكلات المحلية، ويدفع إلى تجاوز الرأسمالية. فضخامة الأزمة الإمبريالية تؤدي إلى النهب الفظيع لكل بلدان الأطراف، وشعوب المراكز، ووضع الشعوب تحت عبء المضاربة على السلع والخدمات مما يرفع أسعارها بشكل لا يتوازن مع الأجور، بل يفرض تدميرها. وهو ما يجل الرأسمالية المافياوية المحلية في وضع حرج وصعب كذلك، لأنها تسهّل عملية النهب الإمبريالي، لكنها تواجه من قبل الطبقات الشعبية.
وهذه مسألة لا يجوز تجاهلها، أو الاعتقاد بأن الرأسمالية قادرة على المناورة.
هذا الوضع يوصل إلى أننا دخلنا في "عقد من الثورات"، "عقد ثوري"، ربما. بمعنى أن ما بدأ في سيدي بوزيد هو أبعد من أن يكون بداية موجة عابرة، بل هو بداية صراع حقيقي، تخوضه الطبقات الشعبية، لا يمكن أن ينتهي دون نهاية النمط الاقتصادي القائم، وبالتالي النمط الرأسمالي. حيث ليس من الممكن إنهاء الاقتصاد الريعي الذي تبلور، والعمل من أجل إعادة إحياء الزراعة وتطويرها، وبناء الصناعة، وتحديث التعليم والاهتمام بالصحة، دون الصدام مع الإمبريالية ذاتها. فالشكل الريعي هو المطابق لمصلحة الطغم الإمبريالية، وكل تغيير يفرض الصدام مع هذه الطغم، حتى وإنْ كان الهدف هو تحسين الزراعة من أجل الإحلال بدل الاستيراد، أو بناء صناعات بسيطة، أو العودة إلى التعليم المجاني، والمؤسس على قاعدة علمية، أو حتى الالتفات إلى صحة الشعب. فالشركات الاحتكارية الإمبريالية تريد الأسواق من أجل تصدير السلع الصناعية والزراعية. والطغم المالية تريد القطاعات التي تدرّ الربح الأعلى، والتي تحقق النهب الأوسع، وهي هنا السياحة والبنوك وأسواق الأسهم والخدمات والمضاربة في العقارات.
وإذا لم يكن تجاوز النمط الاقتصادي يعني تحقيق الاشتراكية الآن، فإنه يعني بأن كل تغيير لا بد من أن يسقط الطبقة الرأسمالية المسيطرة، وبالتالي التصادم مع الإمبريالية، وأيضاً البدء في بناء اقتصاد منتج تلعب الدولة دوراً محورياً فيه (نتيجة التكوين الريعي للرأسمالية أساساً).
الخلاصة هي أنه مهما كانت نتيجة هذه الموجة من الثورات فإن الانتفاضات مستمرة، وليس من الممكن أن يجري الالتفاف عليها مهما حاولت الرأسمالية المافياوية الحاكمة، أو الطغم الإمبريالية راعيتها. وهذا هو معنى "عقد ثوري"، حيث سيستمر الصراع، وإنْ هدأ قليلاً، أو اتخذ شكل إضرابات جزئية، وأشكال احتجاج متفرقة. فالانفجار من جديد قادم بالضرورة. وهذا ما يجب أن يكون في أساس كل إستراتيجية يبلورها الشيوعيون. المحور هو تطوير الصراع، وتنظيم العمال والفلاحين الفقراء، سواء في حزب أو في نقابات واتحادات، وكذلك تنظيم الفئات الوسطى في نقابات واتحادات. والانتباه لموجة الصراع في تراجعها الجزئي أو تصاعدها، من أجل التقاط اللحظة التي تعود حالة الاحتقان إلى نقطة الانفجار.
وكل سياسة أخرى هي تكتيك لا بد من أن يخدم هذه الإستراتيجية.

السياسة الراهنة
ما هو التكتيك الضروري؟
الآن على صعيد الوضع الراهن، كيف تجري الأمور؟ وما هو التكتيك الضروري للقوى الماركسية؟
لم توصل الانتفاضة إلى إسقاط النظم كما طالبت الطبقات الشعبية، حيث لم تفرض في السلطة بديلاً عن الطبقة الحاكمة، رغم أنها أسقطت رموز الحكم السابق. وما هو واضح أن البنية الأمنية للنظام القديم لازالت تمسك بكل الأمور، وأن مؤسسات السلطة لازالت تنحكم لرجالات "العهد البائد". وأن السياسة المتبعة تنطلق من إعادة إنتاج النظام القديم في شكل جديد فقط، ينطلق من تغيير الأشخاص وضم أحزاب كانت في المعارضة لا تختلف في المصالح عن مصلحة الطبقة الرأسمالية المافياوية المسيطرة.
بمعنى أن السلطة تعيد إنتاج ذاتها في شكل جديد ولا تريد أن تتنازل حتى عن السيطرة التامة على الحيّز السياسي من خلال تأسيس دولة ديمقراطية. إن مسألة الدولة الديمقراطية المدنية باتت مطروحة للتساؤل، وما يجري لانتخاب مجلس تأسيسي يصيغ دستوراً جديداً يُدفع نحو نجاح قوى تعبّر عن جوهر النظام القديم لأنها تترابط مع الطبقة الرأسمالية المسيطرة، من بقايا الحزب المنحل وبعض أحزاب المعارضة السابقة الليبرالية والإسلامية، من أجل أن يصاغ الدستور وفق المصالح ذاتها وفي الحدود التي تضمن السيطرة الطبقية ذاتها. ومن الواضح بأن حدود الديمقراطية الممكنة ستكون ضيقة لأن الرأسمالية التي تشكلت على أساس مافياوي، وأسست دولة بوليسية هي في التصاق ضروري بنشاطها، وفرضت تهميش الطبقات الشعبية وإفقارها وتعميم البطالة لديها، ليست معنية بأن تفتح على حريات وآليات ديمقراطية (غير الانتخابات التي ستكون شكلية تحت وطأة الدولة البوليسية) وتقوم على مبدأ المواطنة وإرادة الشعب، والحق في النضال المطلبي والنقابي، وما إلى ذلك.
وإذا لم تكن قوى الثورة تسمح بطرح مسألة تغيير النمط الاقتصادي نتيجة غياب الفعل السياسي الذي يحمل هذا المطلب الجوهري، حيث كان دور اليسار غير قيادي رغم فاعليته إلى حدّ ما، فإنه يتبيّن بأن القوى الليبرالية التي كانت في المعارضة لا تحمل مشروعاً ديمقراطياً، ومن الطبيعي ألا تحمل القوى الإسلامية هذا المشروع. ولهذا لا يبدو بأن الصراع مستمر حتى من أجل فرض دولة ديمقراطية من قبل هذه القوى، حيث تتسابق من أجل التفاهم مع بقايا الحزب المنحل لكي تدخل المجلس التأسيسي وتصبح هي المعبّرة عن هذه الطبقة المافياوية. وستنجح نتيجة قدرتها على التنظيم السريع لأسباب متعددة، وأيضاً لأن التسريع في الانتخابات كان لا يمنح قوى الانتفاضة الوقت لكي تتبلور، وكان هذا هو هدفه بالأساس.
إن الأمور تهيأ في المرحلة الانتقالية لسلطة لا تختلف كثيراً عن السلطة السابقة، وتعتمد على "بنيتها الصلبة" المتمثلة في كادرات الدولة والبوليس السياسي والجيش، مع شكل "ديمقراطي" يتبلور على ضوء الانتخابات القادمة.
إذن، ما يمكن قوله هنا هو أن الرأسمالية المافياوية تقاتل من أجل إعادة إنتاج السلطة القديمة التي تعبّر عن مصالحها، لكن في شكل جديد أشرت إليه للتو. وهي متمسكة بذلك لأنها لا ترى إمكانية لأن تسيطر أو تنهب، أو تسهّل النهب الإمبريالي، خارج هذه الصيغة "البوليسية"، والتي لا تسمح بحريات حقيقية، أو تنافس متكافئ، أو انتخابات عادلة.
ولاشك في أن الانقسام السياسي الذي حكم العقود السابقة قد انتهى، حيث انتهى الحزب الدستوري، وتفككت المعارضة السابقة إلى أحزاب سارعت إلى الاندماج بـ "النظام الجديد"، وأخرى استمرت في صراعها من أجل تحقيق مطالب الشعب التي تبدأ بتغيير بنية السلطة كلها، وتغيير الخيارات الاقتصادية والسياسية بما يحقق مصالح الشعب.
بعض أحزاب المعارضة كانت أقرب إلى أن تكون ناقدة لسلطة بن علي ولم تفكّر في إسقاط النظام، مثل حركة التجديد وحزب العمل الوطني الديمقراطي (الذي كان يهدف إلى التحصّل على الشرعية خلال حكم بن علي)، والحزب الاشتراكي اليساري (وكانت تشكّل تحالفاً فيما بينها). ولقد كانت أقرب إلى طرح تصوّر إصلاحي في إطار سلطة بن علي.
وأحزاب أخرى كانت في صراع مع نظام بن علي، مثل الحزب الديمقراطي التقدمي وحركة النهضة وحزب العمال الشيوعي التونسي (وكانت تشكّل تحالفاً فيما بينها هو تحالف 18 أكتوبر)، وكانت تعمل على تغيير النظام وتأسيس دولة ديمقراطية. ولقد لعب حزب العمال الشيوعي دوراً مهماً في الانتفاضة، ولعب شباب الحزب الديمقراطي التقدمي دوراً أيضاً (والحزب عموماً)، أما حركة النهضة فلم تلعب أي دور فيها، وكان السبب المطروح هو نزوح أعضائها إلى الخارج نتيجة العنف الذي مورس ضدها.
وإذا كانت حركة التجديد قد مالت إلى الالتحاق بالسلطة منذ أن أعلن بن علي "إصلاحاته" ليلة خلعه، فإن الحزب الديمقراطي التقدمي قد فعل الشيء ذاته، حيث دعم الإصلاحات. ولهذا التحقا مباشرة بعيد رحيل بن علي بالحكومة التي شكّلها رئيس وزراء بن علي، محمد الغنوشي. وأصبحا جزءاً من "النظام الجديد". ونلمس بعد عودة حركة النهضة بأنها تميل إلى التوافق مع "النظام الجديد" وتعتقد بأنها ستكون بعد انتخابات المجلس التأسيسي هي القوة الأساسية فيه. وبالتالي نلمس بأن هذه القوى أصبحت تتصرّف وكأنها هي "النظام الجديد"، بعد أن ضمت (فيما عدا حركة التجديد) عناصر كثيرة من الحزب الدستوري، وباتت تعمل لأن تكون البديل عنه بأعضائه.
وهنا نلمس تشكّل وضع سياسي جديد يقوم على تحالف سلطوي من بقايا الحزب الدستوري والقوى الليبرالية والإسلامية من أجل أن تشكّل النظام من خلال انتخابات المجلس التأسيسي، الذي سيجعلها تصيغ الدستور الجديد، وتشكل الحكومة الانتقالية التي تشرف على الانتخابات البرلمانية القادمة. وهذه القوى لا تطرح موقفاً مختلفاً فيما يتعلق بالنمط الاقتصادي (سوى بعض الإصلاحات ربما)، وتتكيّف مع "المستوى الديمقراطي" الذي يتشكّل الآن في ظل سيطرة "الجهاز القديم". وبالتالي ستقبل في دولة ديمقراطية شكلاً، وستدافع عن هذا الشكل الديمقراطي الهش. وهي تحشد الآن، وتجيش مدعومة من كبار المافيات (الحزب الديمقراطي التقدمي خصوصاً)، والرأسمالية التقليدية (حركة النهضة)، وتسعى لأن تسيطر على المجلس التأسيسي.
وإذا كان "الجهاز القديم" يعيد ضبط الوضع، فهو يعمل على ترتيب الأغلبية التي يجب أن تشكّل المجلس التأسيسي، وهو هنا يدعم ويتوافق مع القوى الليبرالية والإسلامية، لكنه سيدعم قوى من بقايا الحزب الدستوري، ليشكّل كل هؤلاء "النظام الجديد". وهو يشتغل بجد من أجل أن تنتج الانتخابات هذه القوى، خصوصاً وأن الآليات القديمة لم تتغيّر على الإطلاق.
الآن، ما هو وضع الطبقات الشعبية؟
ما يبدو واضحاً هو أن الطبقات الشعبية لا ترى بأن شيئاً قد تحقق فيما يتعلق بمطالبها، حيث لم ترتفع الأجور ومشكلة العاطلين عن العمل لم تحل. وكل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الأخرى لم يحدث فيها تغيير يُذكر، سواء تعلق الأمر بالتعليم أو بالصحة، أو بالخدمات العامة، أو بحركة الاقتصاد، وما إلى ذلك. لهذا بدأت تصاب بخيبة أمل، وتتساءل عما حققته الثورة، وما هي الفائدة من التغيير الذي جرى؟ انعكس ذلك في عدم ميلها للتسجيل في انتخابات المجلس التأسيسي، لكن أيضاً في استمرار حركات الاحتجاج والتظاهر، والتحفز لاستمرار الصراع مع "النظام الجديد".
في الوقت ذاته، الذي تتلمس الفئات التي سعت لبناء دولة مدنية وتحقيق الديمقراطية بأن بنى السلطة القديمة لازالت قائمة، وأن الانفراج المتحقق هو نتيجة حراك الشارع وليس نتيجة تغيّر في بنية النظام، على الرغم من التصريح للأحزاب، والتحضير للانتخابات، والسماح بالتظاهر والاحتجاج. فالبوليس السياسي الذي حُلّ (كما هو مفترض) لازال يمارس صلاحياته، وحيث لم تجرِ عملية إعادة بناء "العقيدة الأمنية" على أسس جديدة. ولازال رجالات النظام القديم في المواقع الأساسية في الدولة. كما لازالت متابعة الأحزاب والصحفيين قائمة، في ظل "الجو البوليسي" ذاته.
بمعنى أن الطبقات الشعبية تتلمس إشكالية تمسك الطبقة المافياوية بموقعها السلطوي، وتلمس بأن هذه الطبقة لا تريد التنازل عن موقعها المسيطر، وأيضاً لا تريد تحقيق إصلاح جدي يلبي بعض مطالبها. ولهذا نراها تحبط أو تنتكس، أو تستمر في الصراع من أجل تغيير أعمق. وهو الأمر الذي يفرض تكتيكاً يلمس كل ذلك، ويؤسس لإعادة توحيد نشاط الطبقات الشعبية هذه، ونزع حالة الاحباط والانتكاس واليأس لمصلحة أفق يقنعها بأن الصراع لازال في بدايته، وأن الحل يكمن في تغيير كلية الطبقة المافياوية المسيطرة، وتهديم دولتها لمصلحة دولة مدنية ديمقراطية تحقق مصالحها.
إذن، سنلمس بأن جوهر الصراع لازال هو ذاته، بين رأسمالية مافياوية من جهة، والطبقات الشعبية من جهة أخرى. الرأسمالية المافياوية تحاول الالتفاف من أجل الحفاظ على مواقعها، وإن احتاجت تقديم تنازلات فسوف تكون لفئات رأسمالية أخرى، ولقوى سياسية تلتزم النمط الاقتصادي الذي تقيمه. ويبدو الإصرار على استمرار النمط الاقتصادي واضحاً من قبلها، ومن قبل الرأسمال الإمبريالي. كما يبدو أن معظم قوى المعارضة تميل لأن تكون ليبرالية، وتدافع عن اللبرلة، بما في ذلك قوى تقول بأنها ماركسية، أو كانت ماركسية. وأيضاً بما في ذلك الإسلاميين، الذين "سيحللون" هذا النمط، ويدافعون عنه بكل الآيات الممكنة، من سورة الكرسي إلى آيات الفيء. وهنا ستفرز المعارضة السابقة بشكل واضح، وخصوصاً أن الصراع ذاته سيتوضح بكونه ليس من أجل الديمقراطية فقط، بل –وبالأساس – من أجل تغيير النمط الاقتصادي لكي يكون ممكناً تحقيق مطالب الطبقات الشعبية. ولا شك في أن انتخابات المجلس التأسيسي في الظروف التي تؤسسها "السلطة الجديدة" لن تأتي سوى بتحالف القوى الليبرالية، من بقايا الحزب الدستوري إلى الأحزاب الليبرالية التي كانت في المعارضة، إلى الإسلاميين، إلى بعض "اليسار" الذي بات ليبرالياً. وهو الأمر الذي يعني استقطاب شريحة صغيرة من الفئات الوسطى ويقوي موقع بعض الرأسماليين الذين همشتهم السيطرة الشاملة لمافيا بن علي. وهي قاعدة ليست كافية لتقوية "النظام الجديد".
في المقابل سوف يستمر صراع الطبقات الشعبية، حتى وإنْ خفت فسيكون ذلك مؤقتاً نتيجة أن سبب الثورة لازال محفزاً لاستمرار الحراك إلى الوقت الذي تتحقق فيه مطالب هذه الطبقات، بعد أن كسرت حاجز الخوف ولمست بأن الصراع هو الخيار الوحيد لديها لكي تستطيع العيش. ربما تحبط، أو تتوه في أوهام مؤقتة لحلول معينة، لكنها لا تمتلك ترف العودة إلى الوضع الذي كانته في كل الأحوال. وبالتالي من هنا يجب أن تتأسس إستراتيجية الماركسيين، وليس من أي مكان آخر.
الانفجار العفوي إذن انتهى، وأصبح واضحاً أننا في وضع ثوري يفرض تطوير صراع الطبقات الشعبية. وبالتالي فإن العفوية هنا قاتلة، الأمر الذي يفرض وضع إستراتيجية واضحة لكي يصبح نضال الطبقات الشعبية منظماً وينطلق من أهداف واضحة، ومن بديل ثوري ممكن. وإذا لم تستطع القوى الماركسية توقع الانتفاضة، فإنها الآن في وضع ملموس، وممارسة مكشوفة من قبل الطبقات الشعبية، تشير إلى دور ثوري تقوم به ويحتاج إلى الوعي والتنظيم. هذا من مهمات الماركسية. مهمتها الأساس اليوم والآن.
عن تكتيك الماركسية
هذا يطرح السؤال حول السياسة التي يجب أن يتبعها الماركسيون. وحول أهمية المشاركة في انتخاب المجلس التأسيسي. حول الاستمرار في الصراع مع الشعب من أجل تغيير أعمق، وتوسيع تنظّم العمال والفلاحين الفقراء خصوصاً، في المستوى النقابي وفي المستوى السياسي، واستمرار تصعيد الحراك المطلبي والنقابي والسياسي.
في هذا الوضع ما هو دور الماركسيين؟
أولاً، من الواضح بأنه حتى تحقيق دولة مدنية ديمقراطية ليس ممكناً في ظل سيطرة رأسمالية ذات طابع مافياوي لا يستطيع النهب إلا عبر قوة بوليسية، لأنه يهمش كتلة كبيرة لا بد من قمعها. ولهذا لا يبدو أن المرحلة الأولى من الثورة سوف تحقق استقراراً معيناً، حتى عبر تحقيق متنفس ديمقراطي حقيقي، وليس تحقيق مطالب الطبقات الشعبية التي لا تبدو في البرنامج، وليست ممكنة في ظل سيطرة هذه الرأسمالية المافياوية.
ثانياً، وهذا يعني استمرار حركات الاحتجاج والإضراب والتظاهر، وليس من الممكن التراجع عنها. وفي وضع كهذا سيكون تطوير صراعها هو السياسة التي تعمل على أساسها القوى الماركسية، بهدف إفشال "المرحلة الانتقالية" كما تصيغها الرأسمالية المافياوية. والدفع نحو تجذير الثورة، وفرض مطالب أعلى، منها الدولة المدنية الديمقراطية، ومنها المطالب الشعبية بالعمل والأجر والتعليم والصحة.
ثالثاً، إن الصراع لازال هو أساس كل فعل ماركسي، وأن الاستقرار ليس قريباً، وأن الطبقة الرأسمالية المافياوية وكل تمظهراتها السياسية لا تمتلك حلولاً للمشكلات العميقة. فما يجري في الواقع لا يغيّر من وضع العمال والفلاحين الفقراء، ولا حتى من وضع الفئات الوسطى. فليس من أفق لإيجاد فرص عمل أو زيادة في الأجور تفي بعيش كريم، ولا ميل لتطوير التعليم وفرض مجانيته أو تحسين وضع الصحة، أو حتى الشروع في بناء دولة مدنية ديمقراطية.
بالتالي ما هي السياسة التي يجب أن يتبعها من أجل التحضير لتحقيق الانتقال إلى المرحلة الثانية التي تفرض استلام السلطة؟
الأساس هنا هو الدفع لتطوير صراع العمال والفلاحين الفقراء، وضمان استمرار تحفزهم للمشاركة في كل أشكال الاحتجاج، وضمان نشاط كل الفئات الأخرى التي لم تتحقق مطالبها. وهذا يفرض جهداً كبيراً من أجل تنظيم العمال والفلاحين الفقراء، وكل الطبقات الشعبية، في نقابات وهيئات تدافع عن مصالحها. فهذه هي مرحلة تنظيم هؤلاء، وتطوير معرفتهم بمصالحهم، وتطوير صراعهم. فالصراع بدأ، وليس من حل له الآن، وبالتالي سوف يستمر، بغض النظر عن كل الترتيب القائم من أجل إعادة صياغة النظام القديم في شكل جديد. ومن ثم الدفع من أجل التحوّل إلى قوة قائدة لهذه الطبقات.



#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سمات النشاط الجماهيري ووضع الحركة الماركسية*
- الأسلمة في الثورة السورية
- نحو تأسيس ماركسي جديد
- النشاط العفوي وأهمية التنظيم
- عن التدخل في سورية ملاحظات على ملاحظات
- التدخل الدولي في سورية
- الاشتراكية والثورة في العصر الإمبريالي
- التوافق الأميركي الروسي و... نظرية المؤامرة
- عن «جبهة النصرة» وإنسانيتها وانضباطيتها
- عامان من الثورة
- لماذا يسيطر الإسلاميون؟ لكن أين اليسار؟
- هذه ليست حرباً ضد عصابات بل حرب انتقام من الشعب
- رهاب النخب والخوف من الإسلاميين؟
- وضع الثورة المصرية وإستراتيجية العمال والفلاحين الفقراء
- «المنطق الفلسطيني» وفهم الثورات العربية
- لماذا أخفق اليسار في فهم المسألة السورية؟
- هل من حل بغير رحيل السلطة؟
- «هدنة العيد» وإدارة «الأزمة» السورية
- أي معنى للشعب وأي منظور له؟
- الثورة السورية في عالم جديد


المزيد.....




- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
- تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل ...
- في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو ...
- التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل ...
- السلطات المحلية بأكادير تواصل تضييقها وحصارها على النهج الدي ...
- الصين.. تنفيذ حكم الإعدام بحق مسؤول رفيع سابق في الحزب الشيو ...
- بابا نويل الفقراء: مبادرة إنسانية في ضواحي بوينس آيرس
- محاولة لفرض التطبيع.. الأحزاب الشيوعية العربية تدين العدوان ...
- المحرر السياسي لطريق الشعب: توجهات مثيرة للقلق
- القتل الجماعي من أجل -حماية البيئة-: ما هي الفاشية البيئية؟ ...


المزيد.....

- الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل / آدم بوث
- الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها ... / غازي الصوراني
- الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟ / محمد حسام
- طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و ... / شادي الشماوي
- النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا ... / حسام عامر
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ... / أزيكي عمر
- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سلامة كيلة - الثورة التونسية ما هو التكتيك الضروري الآن؟