|
-يناير- الذي تجدَّد في -يونيو-!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 4140 - 2013 / 7 / 1 - 21:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
جواد البشيتي وفي الثلاثين من يونيو، استأنفت مصر الخامس والعشرين من يناير؛ وإيَّاكم أنْ تظنوا، أو تتوهموا، أنَّ قيادة "جبهة الإنقاذ" هي التي أنزلت شعب مصر العظيم، وشبابه الثائر، إلى الشارع، وصَنَعَت هذا الحدث التاريخي، وقادت ملايين الثائرين في ميادين مصر، وفي مقدَّمها "الميدان ـ الرمز"، ميدان التحرير؛ وإنِّي لمتأكِّد تماماً أنَّ الرئاسة المصرية (مع قيادة جماعة "الإخوان المسلمين") وقيادة "جبهة الإنقاذ"، وأخصُّ منها بالذكر البرادعي وموسى، قد تساوتا دهشةً واستغراباً وحيرةً وتفاجؤاً؛ أمَّا هذا الشعب العظيم، الذي أبرق وأرعد في الميدان، وأبرق عن روحه الثورية الأبية، وأبرق بسيفه البتَّار، والذي هو "الفيتو (الشعبي)"، فها هو يُبْرِق إلينا قائلاً: إنَّ "الربيع العربي" بألف خير؛ فلا تقنطوا من رحمة ثورة شعوب خرجت من رَحْم القهر والذل والهوان والعسف.. ولن تعود إليه! باسم حملة "تمرُّد" نُسجِّل هذا "الاختراع (الثوري العظيم)"، ولا بدَّ من منحها "براءة هذا الاختراع"، ألا وهو "جَمْع تواقيع الشعب"، والذي ما كان له أنْ يتحقَّق (في هذه الطريقة، وعلى هذا النحو، معطياً هذه النتيجة) لولا هذا المناخ السياسي الملائم في مصر، والذي أوْجَدته ثورة الخامس والعشرين من يناير. إنَّ جَمْع ما يشبه "التواقيع الصحيحة للشعب" هو أسلوب ثوري جديد جيِّد، يؤسِّس لشكل جديد لـ "الشرعية الثورية"، التي لا تعلوها شرعية، ولا حتى "الشرعية الدستورية". أعْلَم أنَّ قادة حملة "تمرُّد"، والتي هي حملة للشباب الثوري الخلاَّق المُبْدِع، قد جمعوا "تواقيع الشعب" لغايةٍ هي "انتخابات رئاسية قبل أوانها"، وأعتقد أنَّهم تفاجأوا بهذا الكم الهائل من التواقيع؛ لكنَّ "الدافِع الأكبر والأهم" الكامن في إقبال الشعب على "التوقيع" كان "الرَّفْض"، الرَّفْض الشعبي القوي لاستمرار الأحوال والأوضاع المصرية السَّيِّئة بمعيار مصالح الشعب، و"الرَّغبة العارمة في التغيير"، في تغيير كل الأحوال والأوضاع بما يسمح للشعب بقطف ثمار ثورة الخامس والعشرين من يناير. ولو كان للرئيس مرسي، وهو أوَّل رئيس مصري مدني مُنْتَخَب، ويتمتَّع بـ "الشرعية الانتخابية والدستورية"، التي أَفْقَدَتها "الشرعية الثورية" لـ "ثورة الثلاثين من يونيو" كثيراً من وزنها وأهميتها، أنْ يُفاجئ الشعب الذي فاجأه لتصرَّف الآن بما يؤكِّد اعتراقه وإقراره بأنَّ "مصر بعد الثلاثين من يونيو" ليست "مصر قبل الثلاثين من يونيو"؛ فـ "الأولى" ودَّعَت "الثانية"، وبما يؤكِّد، أيضاً، أنَّه عازِمٌ كل العزم على أنْ يَنْظُر إلى كل هذا الذي اختلف في حال مصر وشعبها (بين عشية وضحاها) بعينين مختلفتين. وحتى يُحْسِن الرئيس مرسي التصرُّف، ويَخْرُج من جلده، الذي مُكوِّنه الأساسي من "المادة الفكرية والسياسية" لجماعة "الإخوان المسلمين"، ينبغي له أنْ يتمثَّل أوَّلاً معنى هذا "الفيتو" الشعبي؛ فالشعب بنزوله إلى الشارع إنَّما أراد أنْ يقول إنَّ حُكْم مرسي (بمحتواه وشكله وأسلوبه وطريقته) كان أضْيَق، وأضْيَق بكثير، من أنْ يتِّسِع لمطالب وغايات ثورة الخامس والعشرين من يناير، التي لو نَظَرْنا إلى صلة مرسي ومعارضيه بها، بعيون ثورية لا تغشاها أوهام الطَّرفين المتصارعين على "السَّطْح" من هذه الثورة العظيمة، لتساءلنا في دهشةٍ واستغرابٍ قائلين: كيف لهذا الجبل (الشاهق الضخم العظيم) أنْ يتمخَّض، فيلد فأراً؟! الشعب قالها صراحةً "نرفض بقاء الأوضاع على ما هي عليه"؛ وقالها ضِمْناً "الطرفان (حكم مرسي، وكثير من معارضيه) لا يصلحان لتمثيل الجوهر من ثورة الخامس والعشرين من يناير؛ وإنَّه (أيْ الشعب) سيستمر في النزول إلى الشارع، وفي إشهار بطاقة الفيتو الحمراء، إلى أنْ يأتي حُكْم له عيون وأذان تشبه عيون وأذان الشعب؛ وهذا الحكم الذي يريده الشعب، ويسعى إليه، هو الذي يؤسِّس للدولة الديمقراطية المدنية". سلاحان استعملهما، وأجاد استعمالهما، الشعب، وهما: "السِّلْميَّة" في خوض الصراع، و"الكتلة (الشعبية) النوعية"، أيْ الكتلة الشعبية التي لعِظَمِها تُحْدِث فَرْقاً نوعياً، فَرْقاً في موقف خصمها منها، وفي طرائق وأساليب ووسائل صراعه ضدَّها. ويكفي أنْ نرى الشعب على هذه الهيئة، أيْ على هيئة "الكتلة الشعبية الثورية النوعية"، المتركِّزة في ميدان، أو ميادين، حتى لا يبقى لدينا من خيار إلاَّ الخضوع والاستخذاء والتسليم؛ فالسلطة هي في هذه الحال في أيدي أصحابها الشرعيين، الذين هُمْ وحدهم مَصْدَر الشرعية التي لا تعلوها شرعية؛ وعلى الحكم أنْ يمتثل لهذه الإرادة، وعلى المعارَضَة أنْ تتشبَّه بكل ما ينادي به الشعب في الشارع، وعلى الشرعية الدستورية أنْ تنحني أمام الشرعية الثورية إجلالاً واحتراماً. إنَّ الشعب في هذه الحال هو وحده الذي يحق له إعادة خلق كل شيء. ومع ذلك، تبقى "ثورة الثلاثين من يونيو" في أزمة، هي عينها أزمة "ثورة الخامس والعشرين من يناير"؛ وهذه الأزمة إنَّما هي "أزمة القيادة الثورية"؛ فهل من أزمة أشد وأعنف وأعظم من أزمة ثورة شعبية عارمة تَفْتَقِد قيادة ثورية (قيادة فكرية وسياسية منظَّمة) كافتقادنا البدر في الليلة الظلماء؟! وإلى أنْ تَسْتَحْدِث هذه الثورة قيادة لها، منها ولها، سيظل المرجل المصري يغلي، وسيطول زمن الانتقال الثوري، وستظل مصر تغيِّر جلدها في استمرار، فلا الحكم يحكم، ولا المعارضة الموجودة الآن تقود "الشارع"، ولا الجيش يجرؤ على أنْ يكون "البديل".
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عندما تُزيَّف حقيقة الصراع في مصر!
-
مصر التي توشك أنْ تودِّع مصر!
-
هل سمعتم ب -الطلقات الخنزيرية-؟!
-
-جنيف 2- كما يراه المعلِّم!
-
ظاهرة اشتداد الطَّلَب على الفتاوى!
-
الثلاثون من يونيو!
-
لماذا -المادة الداكنة-؟
-
بينيت وقصة التملُّك بالاغتصاب والأسطورة والجريمة..!
-
حربٌ وقودها الأحياء ويقودها الموتى!
-
-مِنْ أين لكَ هذا؟-.. عربياً وإيرانياً!
-
إطالة أمد الصراع في سورية هي معنى -الحل السياسي-!
-
حركة الزمن عند تخوم -ثقب أسود-
-
ما معنى -بُعْد المكان الرابع- Hyperspace؟
-
-الخطأ- الذي تحدَّث عنه عريقات!
-
ما سَقَط في سقوط القصير!
-
الصحافي والسلطة!
-
أين -الربيع العربي- من -السلطة القضائية-؟!
-
مصر هِبَة النِّيل لا هِبَة أثيوبيا!
-
جوهر التفاهم بين كيري ولافروف
-
أسئلة -جنيف 2-
المزيد.....
-
فيديو جديد يظهر لحظة الكارثة الجوية في واشنطن.. شاهد ما لاحظ
...
-
عملية سرقة مجوهرات -متفجّرة- في متحف.. كيف نفّذها لصوص الفن؟
...
-
-قلق من جيش مصر-.. سفير إسرائيل يثير تفاعلا بحديث عن القوة ا
...
-
حماس وإسرائيل.. إطلاق سراح الرهينتين عوفر كالديرون وياردين ب
...
-
-واشنطن بوست-: ترامب يطهر FBI.. إنذارات بالاستقالة أو الفصل
...
-
الرئيس الصومالي يعارض اعتراف واشنطن بأرض الصومال
-
رسوم جمركية جديدة يفرضها ترامب على الصين، فما تأثيرها؟
-
جدل في ألمانيا - هل سقط -جدار الحماية- من اليمين الشعبوي؟
-
تقرير: أكثر من 50 ألف مهاجر قاصر مفقود في أوروبا
-
مظاهرة في ساحة الأمويين بدمشق تطالب بإنهاء سيطرة -قسد- على ش
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|