أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - الكبير الداديسي - الوزيرة والرئيس انتهى عرض الغزل سيدي














المزيد.....


الوزيرة والرئيس انتهى عرض الغزل سيدي


الكبير الداديسي
ناقد وروائي

(Lekbir Eddadissi)


الحوار المتمدن-العدد: 4139 - 2013 / 6 / 30 - 19:24
المحور: كتابات ساخرة
    



أثارني وأنا أتصفح بعض المقالات اتهامُ الرئيس الأمريكي بالتمييز الجنسي عندما قال عن وزيرة العدل في ولاية كاليفورنيا : (إنها جميلة ) واعتبر كلامه تحرشا وحكما على شكل المرأة دون النظر إلى كفاءتها وذكائها ، فأوحت لي هذه الملاحظة بمحاكمة شعراء الغزل في تاريخنا بمنطق العصر ... بعد أن أصبح موضوع التحرش من أكثر المواضيع إثارة في يومنا ...
إذا كانت طرق التحرش حسب منطق العصر كثيرة ومتنوعة منها ما يكون باللفظ ، والنظر واللمس وقد يصل حد الاغتصاب ، فهل من حدود فاصلة بين الغزل وبين التحرش ، وهل يمكن اعتبار ما وصلنا من أشعار في الغزل جرائم ؟ وهل يمكن محاكمة هؤلاء الشعراء بقوانينا كما حاكم الإسلام شعراء الجاهلية بقوانين لم يكن لهم علم بها فقال الرسول (ص) في امرئ القيس وهو شاعر جاهلي لم يعاصر الإسلام : (سيأتي يوم القيامة ومعه لواء الشعراء إلى النار ) ؟
إذا ما اعتبرت جملة ( أنت جميلة ) التي تلفظ بها أوباما رئيس أهم دولة في العالم إساءة للمرأة ، وكان وصفه تقزيما لدورها في المجتمع ، فأكيد أن كل أشعار الغزل العربي وهي في غالبها صادرة عن شخصيات كانت هامة في عصرها - منهم الحكام و الأمراء والوزراء والأعيان - تدخل في نفس الخانة، وتتضمن بمنطق العصر إهانة للجنس اللطيف ، ذلك أن شعراء الغزل لم يتركوا شيئا في المرأة إلا وصفوه دون استشارتها ، بل وصف عدد منهم امرأة بعينها وذكر اسمها في تحد لقيم مجتمعها،وفي تناقض تام مع قيمنا ، ومنهم من اعترض سبيلها وقال فيها ما سارت به الركبان وتغنت به القيان ، وبما أن طبيعة المقال هنا لا تسمح لنا بذكر كل ما في الذاكرة من أشعار وأمثلة فسنكتفي ببعض الإحالات على أننا سننشر درسة مفصلة في الموضوع ...
لقد وصف شعراء الجاهلية نساء كثيرات ، فذكر الأعشى تفاصيل هريرة ووصفها بالبدانة وطيب الرائحة وفصل في مشيتها وحركتها ( غراء فرعاء مصقول عوارضها، تمشي الهوينى، يصرعها الكسل ..) كما خلد عنترة عبلة في صور خالدة رغم معارضة والدها ، والتقط امرؤ القيس أدق تفاصيل فاطمة فوصف عنقها (وجِـيْـدٍ كَـجِـيْـدِ الـرِّيـمِ ...) ووصف شعرها ،ساقها وكشحها (وكَـشْــحٍ لَـطِـيـفٍ كَـالـجَـدِيْـلِ مُخَـصَّرٍ) وهذا ذو الرمة يقدم وصفا دقيقا في قوله :
لها بشر مثل الحرير ومنطق رقيق الحواشي لا هراء ولا نزر
وعينان قال الله كونا فكانتا فعولان بالألباب ما تفعل الخمر
ويستطرد ذو الرمة في وصف مفاتن المرأة من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها مرورا بالوجه والصدر والخصر والفخذان .. يقول :
الوجه مثل الصبح مبيض والشعر مثل الليل مسود
ضدان لما استجمعا حسنا والضد يظهر حسنه الضد
والصدر منها زانه نهد حلو كحق العاج إذ يبدو
وبخصرها هيف يزينه فإذا تنوء يكاد ينقد
والتف فخذاها وفوقهما كفل يجاذب خصره النهد
بل من الشعراء الأمراء والأعيان من تجاوز ما يقبله الذوق السليم في القول والفعل ، فهذا امرؤ القيس يتطاول على فاطمة بعدما صدته ومنعته فيقول لها :
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع فألهيتها عن ذي تمائم محول
إذا ما بكى من خلفها انصرفت له بشق وتحتي شقها لم يحول
وهو في هذه الأبيات يعترف لفاطمة أنه ضاجع نساء كثيرات أحسن منها فيهن الحامل و المرضعة ، والاعتراف سيد الأدلة . وذاك عمر ابن أبي ربيعة شاعر مكة يروي في أشعاره حكايات كثيرة يتغزل فيها بنساء كثيرات شريفات في مكة وهن يطفن بالكعبة ولم تسلم من لسانه حتى فاطمة بنت الخليفة عبد الملك بن مروان وزوجة عمر بن عبد العزيز ، ومن الشعراء من تجاوز ذلك إلى اللمس فقال مجنون ليلى :
تكاد يدي تندى إذا لمستها وينبث في أطرافها الورق الخضر
وكثير من الشعراء تغزلوا بالغلمان والذكور والأطفال كأبي نواس ومسلم بن الوليد ووالبة بن الحباب ... كان كل ذلك بمنطق العصر تحرش مكشوف وجرائم يعاقب عليها القانون ، وهي أمثلة تجعل عبارة أوباما المكونة من كلمتين يتيمتين لا قيمة لها أمام ذلك الكم الهائل من أشعار الغزل ...
ونتذكر في نفس السياق فضيحة ستراوس كان الذي فقد وظيفته كرئيس للبنك الدولي ومستقبله كمرشح فوق العادة لرئاسة الجمهورية الفرنسية رغم عدم اعترافه بالتحرش ...
أن هذه الأمثلة وغيرها كثير تبين مدى التغير الكبير الذي طرأ على القيم وعلى نظرة الرجل للمرأة ، لقد كانت المجتمعات القديمة تقليدية ومع ذلك كانت تفتح مجالا للخيال وحرية التعبير فوجدنا الأمير امرئ القيس رجل يعترف بمضاجعة الحوامل والمرضعات في ذاك الوقت فيما تميزت الحضارة المعاصرة بنوع من التشدد في موضوع المرأة رغم الانفتاح و التحرر فوجدنا ستراوس كان ينكر وكانت المحاولة سببا في تخريب حياته ومستقبله
الغزل في مظهره نوع من التحرش الجنسي ،يعاقب عليه القانون . وأكيد أن جزءا من أشعار الغزل سبب لعدد من النساء في تاريخنا أزمات عائلية ونفسية ،إذ تكاد تتفق معظم الدراسات حول كون التحرش المتكرر وفي فترات طويلة الأمد يشعر المتحرش بالخذلان العام ويوحي له بالرغبة في التوقف عن أداء وظائفه و إنجاز مهامه في الحياة، لأنه يتولد لديه الخوف على نفسه من الخروج ،من المشي في الشارع، من الجلوس في حديقة أو مقهى؛ خوفا على نفسه وجسده من الأذى المحتمل . ويزداد قناعة بأنه يجب عليه حماية جسد الكل يرغب فيه فيفقد الثقة في نفسه لكن يجب التمييز بين الغزل الذي يكون بين الأحبة والخلان ويكون فيه الطرفان "في عيشة راضية " والمرأة تطرب لكلماته ويعجبها سماعها ، وبين التحرش كفعل غير مرحب به على الأقل من طرف المتحرش به ، وسلوك مشين يقوم على أساس التمييز الجنسي ويشعر المتضرر بعدم الأمان لذلك اعتبرته بعض القوانين جريمة يعاقب عليها القانون ، وقد يكون ذلك سببا في اختفاء غرض الغزل من أدبنا ...



#الكبير_الداديسي (هاشتاغ)       Lekbir_Eddadissi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من البنية التبعية إلى البنية العبودية
- تأثير الساعة المضافة على التلاميذ
- بيان المغرب بعد صدور القرار الأممي حول الصحراء
- الدم من القداسة إلى النجاسة
- هزيمة المغرب أمام طنزانيا رب ضارة نافعة
- هل اقتربت ساعة الأغنية المعصرية في المغرب
- أكبر من صدفة أن يقطع رأس طه حسين والمعري في نفس الوقت
- الإقبال المتزايد على البضائع والملابس المستعملة
- التقبيل بين الحب والتضليل
- كرتنا التي تنهزم بشرف
- عارك عليك أستاذ
- المغاربة يخلدون رأس السنة الأمازيغية في غياب أي احتفال رسمي
- منظر بيداغوجا الأهداف والكفايات والإدماج في المغرب يتنكر ... ...
- العنف المدرسي يغير جلده في المغرب
- هل أتاك حديث الدستور الذي قسم المصريين
- الدولة متهمة بقتل الفكر الإنساني مع سبق الإصرار
- دستور مصر العجلة والاستعجال
- مصر تصنع فرعونها الجديد
- عيد عاشوراء الثنائيات المتناقضة
- أغرب توصية في مناظرة


المزيد.....




- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...
- “تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش ...
- بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو ...
- سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - الكبير الداديسي - الوزيرة والرئيس انتهى عرض الغزل سيدي