أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نعيم عبد مهلهل - للقلب دموع وللبصل ايضا














المزيد.....

للقلب دموع وللبصل ايضا


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 1186 - 2005 / 5 / 3 - 14:08
المحور: كتابات ساخرة
    


للروائي الألماني الحائز على جائزة نوبل لعام 2000 { غونتر غراس } قصة رائعة بعنوان قبو البصل ، يتحدث فيها عن ضياع الأحساس وفقدان العاطفة في الشخصية الغربية بعد متغيرات العصر ودخول الآلة في كل مجالات الحياة ، مما أدى بالأنسان الى فقدان الكثير من موجودات الروح والتي كانت تمثل جوهر وجوده ، ومن هذه الموجودات عدم قدرته على عكس مشاعره أتجاه مايحدث أمامه مما أفقده القدرة على البكاء ، فشحت في عيونهم الدموع ، وفكروا أن يحتفظوا بدموع من يبكي بصدق في أواني من زجاج تقديراً لهذا الذي أستطاع أن يشحن مشاعره ويفجرها رغماً على أنف الريبورت والحاسوب. وقصة قبو البصل لغونتر غراس تتحدث عن رجل يستقبل زبائنه في قبو مطعمه ولكي يحقق لهم المتعة المفقودة ـ عدم قدرتهم على البكاء ـ هيأ لهم { رؤوس بصل من الحجم الفحل ، وسكاكين } ثم يطلب منهم تقشيره ، ولأن البصل ذو نفاذية قوية ، تبدأ دموعهم بالأنهمار ، ولكنها دموع بصل تسقط بفعل مؤثر كيمياوي وليس بفعل مؤثر الروح ، لهذا فهي دموع كاذبة لاتشبه دموع القلب ، تلك التي نراها تضيء في عيون أمهاتنا مثل { عقيق أبيض } وهن يودعن حقائبنا المسافرة الى جبهات الشمال والجنوب في أزمنة الحرب الخاسرة . وهكذا يبان الفرق ، حيث تظل عاطفة الأنسان الشرقي رقيقة وحساسة لموجودات الكون ومقتربة من فعل السماء أكثر من أي عاطفة أخرى ، فهي كنز لدموع جميلة تلك التي بنى عليها الشعر أجمل هواجسه ، وقامت قيامة النواح والتعازي والمراثي ، وأشهرها تلك التي نحبت مع نحيب الحسين ع في طف كربلاء ، ولولا الدموع لما أستطاع الأنسان أن يكتشف المفردة ، أذ يقال أن الكلمة ولدت بدمعة حزن ربما هي ذاتها التي أطلقها أبونا آدم ع يوم رأى المعصية الأولى التي صنعها بعله حواء ، وبها أستطاع الأنسان أن ينقل مشاعره وبصدق وأن يدون مايريد أن يتحدث به قلبه ، لذا فالشرق هو بيت الحس الأول والمدرك الذي يقف عنده الأنبياء كي يصلوا مع دموعهم الى الله ، ويتذكر الناس دمعة أيوب ع عندما وصل به الصبر الى آخر مدارج الألم ، فنادم ربه بدمعة وقال : ألهي شكوتك بدمعي لا بلساني . فأستجاب الله الى دموعه وشفاه من مرضه .
أن الدموع خاطرة كل تدوين ، وهي رؤيا الروح وأنعكاساتها ، وهي كمال الحس عندما يريد الأنسان أن يصل الى راحة لاتوصف فلقد كان دمع القلب هو من يصبرنا على كل بلية ، ومنها تلك التي تحمل آلام ربايا بنجوين وشمس بحيرة الأسماك . كانت جسراً بين قلوب الجنود وأميرات سكن ليل أور والشنافية وبهرز والحي وحديثة وسميل وراوندوز . هو الدمع الذي أستكان بعاطفة أقداح الشاي وحانات الليل ورسائل الحب وسجادات التوحد مع الأفق السابع حيث النور الأزلي ، وهو الشوق الأزرق الذي علمنا أبجدية السياسة والطفر على بيوت الجيران والأستنكار العلني لموت بابلو نيرودا . وهو أيضا أفتضاح عاطفة { اليطغات } ووسائد الريش والخبز الخالي من الشوائب والحصى الناعم . دموع القلب ، أزلية مثل كتاب مقدس . ودموع البصل آنية تنتهي مع أنتهاء فصل التقشير . لذلك تبقى دموع القلب هي الكاشف الحقيقي عن الذات المؤمنة أما دموع البصل فهي ثوب يرتديه تجار الحصارات ، ومالكي معاول المقابر الجماعية ، ومنتفعي رهانات الخيول المسيسة لتعيش في كل آن وأوان ، هم أثرياء البصل ونحن أثرياء القلوب . ولكي لانفكر في حياتنا أن ندخل قبواً لتقشير البصل علينا أن نجعل من دموعنا نهر سماحة تغرق فيه كل فراشات الوطن .



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- امراة تتحدث مع وردة
- الذكورة والأنوثة بين الثقافة التقليدية والعولمة ...رؤى مؤسطر ...
- معزوفة ليل تحت جفن أمراة
- أتحاد أدباء العراق الصامت كحجر
- حمامة بيكاسو وحمامة كاظم ابو زواغي
- الحرب وأجنحة الفراشات ..فصل من مذكرات العريف كاستون باشلار
- عقيل علي طائر لن يتوارى وآدم باق في جنائنه
- مارواه الطبري عن العشق السومري
- ماركيز يكتب عن شاكيرا وأنا أكتب عن ماركيز وشاكيرا
- الأصول الأرضية والسماوية للطائفة المندائية
- الحرب بين تهديم الذاكرة وبناءها
- البيت المندائي أشعل قلب الوردة بالحب
- الاهوار ذاكرة البط والميثولوجيا ..الحرب
- غاليلو يتأرجح من بندول ويتصل بالهاتف المحمول
- السابح في العطر
- ماتخيله ماكس مالوان في مقبرة أور المقدسة..محاكاة لعودة الأنك ...
- يوم تولد الشمس علينا أن نفطم القمر
- لتفاصيل السرية للحظة موت أبي
- تصور بنزرتي لموت روائية وأميرة
- أناشيد مندائية ..عندك يتوقف رقاص الساعة وينسى العالم أوجاعه


المزيد.....




- خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع ...
- كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...
- -هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ ...
- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نعيم عبد مهلهل - للقلب دموع وللبصل ايضا