|
لماذا أنا متفائل؟
محمود عبد الغفار غيضان
الحوار المتمدن-العدد: 4138 - 2013 / 6 / 29 - 19:41
المحور:
كتابات ساخرة
- لأننا شعب لا حدود لتوقع ما يمكنه القيام به وفي أحلك الظروف. هذا الشعب الذي يقسمه الكثيرون ويصنفونه إلى فئات ويجلسونه على الكنبة وكأنه لا حول له ولا قوة قادر على ابتلاع كل تيارات الإسلام السياسي وفئات معينة من المعارضة عند تأكده أنها تُحرق مصر بالفعل.
- لأننا شعب يتعلم بالممارسة عندما يتجاهل التاريخ أو يتناساه. يتعلم أن سقف توقعاته وأحلامه بعد الثورة كان عاليًا ومبالغًا فيه ويقدّر الآن أننا في حاجة لزمن للإصلاح وهو مستعد للصبر لكن بشرط أن يرى من في الحكم يبذل جهدًا من أجل مصر لا من أجل جماعته وأهله وعشيرته. وبالمناسبة في الخطابات الأخيرة للرئيس اختفت هذه الجملة "الأهل والعشيرة" لأنه بدأ يفهم الدرس، لكن كعادة الحكام العرب يفهمون في الخمس دقائق الأخيرة قبل وصول البوليس.
- لأننا كنا نخاف من التعبير عن آرائنا حفاظًا على أرواحنا وأهلنا وأعمالنا. الآن لا أحد يخشى شيئًا. يعلمون أنهم قد يموتون وينزلون للشوارع لأنهم لا يرضون بالحياة الكريمة بديلاً.
- نحن شعب لم يعش في عصره الحاضر الخلافات الإيدلولوجية الحادة تحت حكم العسكر منذ أكثر من نصف قرن. يعني الجدل عندنا كان عادة رفاهية مثقفين وفي قضايا محدودة طوال الوقت، وأحيانا النظم الحاكمة كانت تستغلها لتحقيق مصالح معينة. فتظهر في فترات بعينها ظواهر أو قضايا تثير الجدل بشكل واسع ثم تختفي ليحل غيرها محلها وهكذا كان هناك صناع للأزمات والجدل بمهارة وخبث يفوق كل خبرات الشياطين ودهائهم. وبالتالي فدون جدل حول قضايا كبرى مثل الوجود المشترك في وطن واحد لا يمكن بحال من الأحوال أن أعرفك وتعرفني. قد نتصادم ونتعارك لكننا ككباش أدماها التناطح وأرهقها وأوهن أجسادها التدافع ستهدأ شاءت أم أبت لتلتقط الأنفاس وساعتها سترى مختارة أو مجبرة الأمور من زاوية أخرى قد تغير كل شيء.
- المحروم من الطعام لفترة طويلة سيأكل حتى يسقط مغشيًّا عليه. العطشان في الصحراء قد يشرب من أول بئر رطب يصادفه حتى الموت. وبالتالي أتصور أن كل هذا العنف اللغوي والجسدي في الشارع سيهدأ مع الوقت. سنتعلم أننا يمكن أن نتجادل دون أن نتقاتل وسنتعلم أن المواطنة لا تعني الوصايا على سلوكيات الآخرين إلا فيما يتعلق بما يقومون به من أفعال تؤثر مباشرة على وجودي أنا الشخصي في هذا الوطن. فأن تذهب للمسجد أو الكنيسة هذا شأنك الشخصي لكن أن تكسر سماعة التليفون العمومي في الشارع فأنا لن أتركك حتى تدفع ثمن إصلاحه لأنه ملك لنا جميعًا.
- نبرة زج الدين في كل شيء وتكفير كل من يقول بفشل نظام حكم ينسب نفسه للإسلام ستنتهي لأنها حققت غرضها مرة أو مرتين في الاستفتاءات أو الانتخابات لكنها لن تُجدي مع الشعب المصري مستقبلاً. إنها تشبه التعبيرات الرمزية الحلوة التي تذهلنا وتدهشنا في قصيدة معينة. فما أن يرددها كل الشعراء في قصائدهم حتى تصير ركيكة وتفقد معناها ويتحول تأثيرها إلى النقيض. الشعب المصري ذكي ومتدين بالفطرة. يحب الإسلام والمسيحية باعتدال وسماحة ووسطية. الشعب المصري لن يكون نموذجًا لأي بلد عربي آخر- مع احترامي للجميع- لأنه باختصار هو الذي علم الجميع وقادهم للتنوير في العصر الحديث.
- نبرة التخويف من الإسلام. وتأطير كل المسلمين بأنهم متخلفون ومتعطشون للدماء وخونة وعملاء لمشاريع وأجندات معينة ولو على حساب الوطن هي الأخرى لن تنجح لأن كثيرين ممن ينتمون لتيارات الإسلام السياسي- وتحديدًا الشباب- في منتهى الوطنية والوعي والرهان عليهم لن يؤدي للخسارة أبدًا.
- مصر لن تقوم فيها حرب أهلية. لن يحكمها سوى نظام مستقر معتدل وسطي سمح يقدمها كبلد ويقدم شعبها بكل طوائفه على أي مصالح خاصة أو حزبية أو طائفية. - أيها السادة نحن الآن في زمن المسائلة ووضع كل شيء موضع الاختبار. هذا كان من المستحيل أن يحدث زمن مبارك أو تحت حكم العسكر. وهذه نعمة من الله سبحانه وتعالى. نعم. أنا في حاجة لاختبار كل ما أعتقد به وأصدقه حتى أعرف موقعي منه وموقفي كذلك. كل العقلاء الذين يراقبون ذواتهم من الداخل والخارج بضمير وأمانة سيتغيرون أو على الأقل سيتغير فيهم شيء ما للأحسن في هذا الزمن. ومن فاته قطار التغيير فهو باختصار لم يعش من زمن الثورة سوى المشاهد الركيكة المفبركة على اليوتيوب بلا صاحب ولا هوية. المتشددون والمنفتحون على الحدود القصوى للانفتاح سيتغيرون. سنتعلم جميعًا بقوة الدفع الذاتي التي يقودها هذا الشعب العبقري كيف نتعايش معًا في دولة ديمقراطية يحكمها القانون ويحمي دعائمها ديننا الحنيف الذي يبدأ وينتهي بالسلام.
- أيها السادة. أنا بالفعل وفي هذه الظروف الصعبة جدا جدا التي تمر بها مصر متفائل. وأترك لحضراتكم مساحة لتضيفوا إلى ما كتبته ما يدعونا جميعًا للتفاؤل. حفظ الله مصر وأهلها جميعًا من كل سوء.
#محمود_عبد_الغفار_غيضان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دخلت الجيش؟ لأ. شفته فيديو
-
عمرُك سبعون! إذن، اترك مقعدك لأني أكبر منك!!
-
علمتمونا صغارًا أن -الحركة- بركة!!
-
الدكتور سونغ وحكاية -دع الخلق للخالق-
-
آخر الكلام لأهلي وعشيرتي
-
عندما يكون التعامل مع تفاصيل الحياة البسيطة ثقافة: -بابا! ما
...
-
لحظة انهزام الخريف
-
بين -دروس- العقل و-ضروس- الحياة
-
عزيزي اللص. جزاك الله خيرًا.
-
مِن تأبَّطَ شرَّ إلى تأبَّط -سنجه- إلى المتأبطين أكياسًا.
-
ما لك وما ليس لك هنا .... بسبعة أرواح (1)
-
أحنُّ إلى زمن المصاطب
-
من دفتر نوادر الأجانب مع العربية
-
سلوى وتلصصٌ خاص على فرجينيا وولف
-
أنا وابن خرداذبة في مدح كوريا سواء
-
كوريا وثقافة الوجود داخل جماعة
-
لهم -فيسهم- ولنا -فيس-.
-
التاريخ يهزم الجغرافيا
-
صعودهم لأعلى وصعودنا أبدًا لا يليق بنا
-
أنت -رايح جاي- أم -اتجاه واحد-؟
المزيد.....
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|