رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 4140 - 2013 / 7 / 1 - 09:01
المحور:
الادب والفن
مكان
بين أربعة جدران نعيش، أكلها العفن لونها أصبح بني، ثم تحول إلى اسود، وكان هناك سقف تسكنه العناكب بكل أنواعها وأحجامها فلم نستطيع معرفة ماهية هذا السقف هل هي خشب أم حديد أم من الاسمنت، كانت خيوط وبيوت العناكب قد احجمتت السقف تماما .
ومع مرور الزمن في هذا المكان، قويت حواسنا فأصبحنا نسمع أصوات العناكب كأنها خطى جنود، وأصوات الحشرات الطريدة كأنها بشر تطلب المساعدة، وأصبح لنا المقدرة على فهم لغة أحشرات وعلى اشتمام رائحة جثثها العفنة، فكلما كانت تهب الريح نضع أيدنا على أنوفنا لنحجب عنا رائحتها النتانة .
وبما أننا محرومين من الحياة بكل معانيها، فقد جلبوا لنا كل ما حصل على الأرض من تكنولوجيا، راديو، تلفزيون، ستالايت، كمبيوتر، فكنا نشاهد المذيعة ذات الشعر الأشقر ونستلذ برائحة عطرها الزكية ورائحة فمها المنعنع، هكذا كنا نحس بالحياة، ونواسي أنفسنا بان لنا هذه النعمة التي وضعت لنا، فتعايشنا مع هذا الواقع إلى أن جاء ذلك اليوم الذي منعوا فيه المذيعة وكل المذيعات من العمل، و جاءوا بدل منهن بمذيعين، وانتقل هذا التغير إلى كافة المحطات الفضائية، وموكبة للتغير الجديد سميه (النهج الجديد)، فأصبحنا نشاهدهم ونشم رائحة فمهم الكريهة، و رائحة أجسادهم العفنة، وكان هناك مذيع امتاز بصوته النشاز ورائحة فمه فأسميناه النتن لما فيه، ولا ندري ما السر في هذا النتن الذي تعاقدت معه كافة محطات البث، حيث أصبح يذيع فيها بالتناوب، أما نحن ففقدنا المقدرة على تميز بين المحطات، بسبب ذلك النتن الذي نشاهده ونشم رائحة في كل القنوات، وأخذت رائحة تهدد حواسنا التي نملكها، وذلك لان الروائح الخارجة من فمه، وبدنه، وحذائه، وملابسه، أصبحت قوية فلم نستطيع تميز أي منها، حيث تمازجت معا واختلط الأمر علينا وهذا اثر على قدرة حواسنا، وتمنينا لو أننا نفقد تلك القدرات حتى لا نشتم تلك الروائح، ومر الزمن وهذا العفن يعذبنا برائحته
وبشكل فجائي توقفت المحطات الفضائية عن البث، فحمدنا الله على نعمته ورفع البلاء عنا، وما كدنا نريح أنوفنا من تلك الرائحة حتى عاد البث من جديد ، وكانت هذه أخر الكلمات سمعناها من فم العفن .
نشكر المواطنين الذين خرجوا إلى الشوارع مطالبين بعودتنا ونحن سنكون ...
رائد الحواري
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟