أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - صبحي حديدي - أبقار نووية














المزيد.....

أبقار نووية


صبحي حديدي

الحوار المتمدن-العدد: 1186 - 2005 / 5 / 3 - 14:19
المحور: القضية الفلسطينية
    


الحاخام يسرائيل أرئيل، رئيس «معهد الهيكل» في القدس القديمة وأبرز وجوه الجيل الشاب الذي يقود تيّارات التطرّف اليهودي والإرهابي في إسرائيل هذه الأيام، لا يدعو إلى هدم المسجد الأقصى لتحقيق هدف وحيد هو عرقلة خطة الإنسحاب من غزّة، كما يُشاع عادة. هدفه الأوّل، الجوهري والعقائدي والتوراتي الأسبق والأبرز، هو الهدم من أجل إعادة بناء الهيكل الثالث الشهير، إذْ لا غنى عن فعل التدمير هذا لكي يتمّ التشييد، خصوصاً وأنّ عدداً من الترتيبات والشروط والمقتضيات الأخرى باتت في متناول اليد.
بينها، مثلاً ، ذلك الشرط الجوهري الحاسم بدوره والذي لا يقلّ أهمية: البقرة الحمراء!
ففي الإصحاح التاسع عشر من سفر «العدد» في العهد القديم، يكلّم الربّ موسى وهارون ويفرض الشريعة التالية: «كلّمْ بني إسرائيل أن يأخذوا إليك بقرة حمراء صحيحة لا عيب فيها ولم يَعْلُ عليها نير، فتعطونها لإلعازار الكاهن فتخرج إلى خارج المحلة وتذبح قدّامه. ويأخذ إلعازار الكاهن من دمها بإصبعه وينضح من دمها إلى جهة وجه خيمة الإجتماع سبع مرات. وتحرق البقرة أمام عينيه، يحرق جلدها ولحمها ودمها مع فرثها. ويأخذ الكاهن خشب أرز وزوفا وقرمزاً ويطرحهن في وسط حريق البقرة».
بذلك باتت هذه «فريضة دهرية»، على حدّ التعبير الذي يرد بعدئذ في سفر «العدد»، والطقس الضروري لتطهّر الكهنة الكبار قبيل دخولهم إلى الهيكل. استطراداً، اكتسبت البقرة الحمراء مكانة بالغة الأهمية في الفقه التوراتي اللاحق، أو بالأحرى ذلك الفقه كما طوّرته الفرقة اليهودية المتشددة التي تعرف باسم «الحاسيديم» بصورة خاصة، وكما طوّرته أيضاً وعلى نحو لا يقلّ تشدداً تلك الفرق المسيحية التي تحدد علائم مفصّلة لقدوم المخلّص Messiah في طور المجيء الثاني. وهذه الفرق الأخيرة تؤمن أن رماد البقرة الحمراء لا غنى عنه لتطهير الموقع الذي سيقام عليه الهيكل الثاني استعداداً لوصول المسيح المخلص.
وهكذا، على المنوال ذاته، فإن القسّ غاي غارنر، راعي أبرشية بورترديل في ولاية جورجيا الأمريكية، يشرف منذ سنوات على تربية قطيع من الإبقار الحمراء لكي يشحنها إلى الأراضي المقدسة في الوقت المناسب. والمزارع الأمريكي كلايد لوت قرأ عن هذه الأبقار الحمراء، ثمّ اكتشف أنّ مزرعته تعجّ بها، فاتصل بمَن يهمّه الأمر من الإسرائيليين، وتعاقد معهم على تربية وتوريد 200 من الأبقار الحمراء الحوامل، مقدّر لها أن تلد 100 ثور و100 بقرة، سوف يتشكّل منها قطيع التطهير الضروري.
وفي خريف 1996، تواترت في الصحافة الأمريكية والإسرائيلية تقارير تتحدّث عن أعجوبة «ميلودي»، العِجْلة الحمراء التي ولدت في مستوطنة كفار حاسيديم، وأطلقت من جديد تلك النار المشتعلة في أفئدة غلاة اليهود المنتظمين في أكثر من 20 منظمة متطرّفة إرهابية: تهديم المسجد الأقصى لإخلاء الموقع الدقيق الذي سيقوم عليه بناء الهيكل الثالث، الذي دمّره الرومان سنة 70 قبل الميلاد. وكان ميلاد «ميلودي» بمثابة نذير لا يقبل الدحض عند هؤلاء، سيّما وأنّ «أرض الميعاد» لم تشهد ولادة بقرة حمراء منذ أكثر من ألفي سنة، و«ميلودي» سوف تكون بالضبط البقرة الحمراء العاشرة في تاريخ بني إسرائيل!
وكما حدث مؤخراً، حين كرّست صحيفة «هآرتس» ملحقها الإسبوعي للتحذير من أخطار مخططات نسف الأقصى، فإنها كانت سبّاقة إلى قرع جرس الإنذار عند ولادة «ميلودي»، فحذّرت الإسرائيليين العلمانيين من عواقب هذا النذير: «الأذى الكامن في هذه العِجْلة أكبر بكثير من الآثار التي تخلّفها قنبلة نووية إرهابية»! وآنذاك أيضاً دوّنتُ في مفكرتي الشخصية عبارة نقلتها صحيفة «ليبيراسيون» الفرنسية على لسان غيرشوم سولومون، أحد زعماء المتطرّفين: «اقتربت الساعة، ولينتظر الجميع معجزات الرب»!
برزت، مع ذلك، مشكلتان سبّبتا القلق الجدي لحاخامات الحاسيديم: الأولى أن ولادة البقرة المعجزة تمّت عن طريق إخصاب صناعي وباستخدام حيوانات منوية لثور أوروبي غريب، ولد وتربى ويواصل العيش في سويسرا، ولم يسبق له أن ذاق طعم الكلأ المبارك في الأرض المباركة. وهو بهذا المعنى ثور «غوييم» كما كان مناحيم بيغين سيقول. المشكلة الثانية أنّ بعض الشعيرات البيضاء الخفيفة أخذت تظهر على ذيل «ميلودي»، وأن رموشها بدأت حمراء قانية ولكنها أخذت تنقلب تدريجياً إلى السواد، الأمر الذي أخذ يهدد بانكشافها كبقرة عادية لا بالحمراء ولا بالقرمزية. وهذا ما حصل بالفعل، إذْ حلّ سوء الطالع بـ «ميلودي» وتواصل نموّ الشعر الأبيض في ذيلها أيضاً، الأمر الذي أسقطها من قداسة موقع البقرة الحمراء العاشرة، وأعادها إلى المرعى دون إبطاء!
لكنّ خيبة واحدة لا تفلّ في عزيمة أحفاد الكاهن العتيق إلعازار، وهم ــ إلى جانب إعداد المتفجرات والموادّ الناسفة ــ يتابعون تحضير خشب الأرز وعشبة الزوفا ومحلول القرمز!



#صبحي_حديدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بشار الأسد بعد الإنسحاب من لبنان: اختبار النار؟
- العراقي الطائر
- القيادة السورية: أيّ انقلاب أبيض يصلح البنية المستعصية؟
- غسان كنفاني... شكراً
- أمثولة مجزرة قانا: الماضي جثّة ثقيلة على صدر الحاضر
- مَن يعبأ بالصدى؟
- السودان والقرار 1593: مَن يتذكّر رادوفان كراجيتش؟
- سياسة الروح
- أيّ تغيير «من الداخل» تريد واشنطن في سورية؟
- «أشغال» الوكالة
- قمّة الجزائر: هل يمكن للنظام العربي الرسمي أن ينحطّ أكثر؟
- سطوة الحكاية
- عروس مجدل شمس
- يهود سورية: «التطهير العرقي» وصناعة الخرافة
- غلطة السيد... بألف ممّا نعدّ
- تظاهرة دمشق «الشبابية» واستئناف الهستيريا القديمة ـ المقيمة
- هويات غير قاتلة
- زائر غير منتظر في انتفاضة لبنان: رفعت الأسد
- واشنطن وحقوق الإنسان: لا عزاء للدالاي لاما و-الثورة الصفراء-
- إيهاب حسن وعذابات إدراك الأدب ما بعد الحديث


المزيد.....




- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...
- نجل شاه إيران الراحل لـCNN: ترامب و-الضغط الأقصى- فرصة لإنشا ...
- -لقد قتلت اثنين من أطفالي، فهل ستقتل الثالث أيضا؟-: فضيحة وف ...
- كيم: المفاوضات السابقة مع واشنطن لم تؤكد سوى سياستها العدائي ...
- الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص ...
- ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
- مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
- إيران متهمة بنشاط نووي سري
- ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟ ...
- هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - صبحي حديدي - أبقار نووية