فراس عبد الحسين
الحوار المتمدن-العدد: 4136 - 2013 / 6 / 27 - 18:14
المحور:
الادب والفن
المقهى
كان يجلس امام شاشه التلفاز متثاقلا وبملل يستمع لغليان الماء وصرير المراوح القديمة المتدلية من السقف مع نداءات الباعة الشعبيين سمفونية حياته الأزلية, ينش الذباب بيده وبطرف اليشماغ احيانا وهو يتراقص من منضده لأخرى وعلى رؤوس المسنين الجالسين هنا وهناك.
كان ابنه يرتب مقاعد المقهى وينظمها ويمسح المنضدات ويرش الأرضية, تحضرا لتوقيت لعبه كره القدم. وبدا الشباب يدخلون المقهى تدريجيا حتى امتلئ عن اخره مع الهرج والمرج والفوضى من الدومنه والطاولة والدخان الذي يملئ المكان, حتى المقهى كان ينتفث دخانه من شبابيكه الصغيرة بصعوبة ويسعل اصوات النارجيلة المنتشرة بكل ارجائه.
مع صافره الحكم ساد الصمت تماما وتسمر الجميع امام شاشه التلفاز الا من بعض التعليقات هنا وهناك, والكل بغايه الانتباه والترقب, ماعدا بعض المسنين غير المبالين يتبادلون اطراف الحديث وينفخون الدخان من فمهم وانوفهم بتعاقب.
كوووول صرخ الجميع مبددين الهدوء وبدا التصفيق والرقص, جفل الشيخ ونهض من مكانه بعد ان قطع الصراخ سلسله افكاره. وصاح :اشششششش كافي صايح عيب. ثم صاح صاحب المقهى والابتسامة على وجه : اششششش على كيفكم يابه بلا صايح, جلس الجميع وهم يضحكون يتهامسون ويتلمزون وعاد الهدوء من جديد, وعاد الحاج لقرقره دخانه وافكاره.
ماهي الا برهه جاءت صرخة مدويه مزقت جدار الصمت الذي كان مستمر لدقائق كوووووول مع الضحك و الرقص على المقاعد والمناضد وبشكل جنوني .نهض الشيخ وترك استكان الشاي ولف خرطوم نارجيلته, غادر مكانه وهو يصيح: طيح الله حظكم . مع صرخات صاحب المقهى وهو يضحك: اششششش كافي عيب يابه دوختوا الحجي, رد عليه الحاج والانزعاج والامتعاض على وجه: وطيح الله حظك وياهم. غادر المقهى واستمرت ضحكات الجميع متواصلة لحين صافره الحكم.
عم الهدوء والملل من جديد الا من اصوات الباعة و قرقره نارجيلة بعض المسنين هنا وهناك.
#فراس_عبد_الحسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟