أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمود عبد الغفار غيضان - عمرُك سبعون! إذن، اترك مقعدك لأني أكبر منك!!














المزيد.....

عمرُك سبعون! إذن، اترك مقعدك لأني أكبر منك!!


محمود عبد الغفار غيضان

الحوار المتمدن-العدد: 4136 - 2013 / 6 / 27 - 16:57
المحور: كتابات ساخرة
    



أكثر أصدقائي في الصالة الرياضية التي انتظمتُ فيها قرابة العامين بنصائح صحية للتخلص من ارتفاع ضغط الدم كانوا بين الخمسين والستين من العمر- جملة اعتراضية طويلة: نرث من بلادنا وأحوالها وما يدور حولنا فيها ولو في الغربة ما لا يعرفه من أفراد الشعوب الأخرى إلا في أواخر الخمسينيات من أعمارهم، وأقصد هنا تحديدًا العادات الغذائية وكيفية التعامل مع أجسامنا بشكل عام، اهتمام الناس هنا بالرياضة ليس من باب الرفاهية وإنما من منطلق أنَّ الأداة التي نعيش بها هي أجسامنا وعلينا الاهتمام بها إن كنا نريد أن نعمل ونكسب النقود ومن ثم نستطيع الاستمتاع بالحياة - كان هناك الكثير من الشباب بالطبع. كما أن الصالة الرياضية هنا مثلها مثل صالونات الحلاقة لا تعرف فرقًا بين رجل وامرأة. لا يتحدثون الانجليزية. لا يتحرجون من بدء الحديث مع ذلك الأجنبي على عكس الشباب الذي يتردد طويلاً قبل أن يقترب منك. فإن بدأك السلام يومًا. وجدته يقتربُ بشكل غير متوقع ويسأل عنك لو غبت أو تأخرت.

ذات مرة سألتُ ذلك الرجل الذي أحببتُ إخلاصه في التدريب- وكان في منتصف السبعينات- عن سر اهتمامه بالرياضة. قال لي " أنا أدخر بعض العضلات الآن لزمن قادم لن أستطيع فيه أن أكون أي عضلات"!!!! يا الله. في الخامسة والسبعين ويحلم وما يزال يريد المزيد من الاستمتاع بالحياة. كبار السن هنا وأقصد من فوق الستين ليسوا عالة على أحد. على الأقل صحيًّا. يتريضون ليل نهار. يأكلون جيدًا. يتعلمون فن التغلب على الوقت بالمرح والانضمام لمئات النوادي الخاصة بهم؛ نوادي طلوع الجبال، السفر، الغناء الجماعي، العزف، الدعوة الدينية، تنظيف المدينة مقابل أجر. سيكون مألوفًا لك وأنت خارجٌ من منزلك صباحًا أنْ ترى عددًا كبيرًا من كبار السن بسترات من اللون نفسه. كل منهم يُمسك كيسًا بلاستيكيًّا، وملقاطًا كبير من الحديد لجمع الأوراق والقمامة من الأرض. لو دخلت المطاعم التقليدية، ستجد العشرات من كبار السن في العمر نفسه تقريبًا يأكلون ويضحكون. لن تجد لهم وجودًا تقريبًا في مطاعم البيتزا أو المطاعم الحديثة على الطراز الغربي أو المقاهي.. حيثما وجدتهم؛ ستسمع جلبة لطيفة وفي غاية الطرافة وستضحك كثيرًا لو كنتَ تتكلم اللغة الكورية. ففي مقاعد كبار السن في المترو مثلاً؛ أحيانا يتعاركون- بشكل في منتهى خفة الظل- لأن أحد الواقفين فوق السبعين يتهم ذلك الجالس بأنه أصغر منه سنًا ثم يسأله بلغة تتجنب مستوى التبجيل والاحترام كما لو كان يكلم طفلاً صغيرًا عن عمره. ثم يطلب منه أن يترك المقعد لأنه أكبر منه!

كنتُ ذاهبًا إلى العاصمة خلال فترة امتحانات الدكتوراه. كنتُ منهمكًا في مراجعة بعض المعلومات طيلة الطريق. مقعدي كان المقعد قبل الأخير. المقعد الأخير صفٌ من خمسة كراسٍ أعلى من كل الكراسي الأخرى على جانبي الباص. كان يجلس عليها خمس سيدات في الستينات. حديثهن كان مبهجًا عن الأيام الخوالي والحب الأول والزواج. ضحك وغناء. وفجأة قالت إحداهن: لقد أزعجنا هذا الأجنبي. هو يريد أن يقرأ. فلنسكت قليلا. كان هذا بعد أكثر من ساعة ونصف تقريبًا! " نظرتُ إليها قائلاً بالكورية: " لا بأس يا خالتي. أنا في الحقيقة عندي امتحان لكني مستمتع جدًا بحديثكن." بعد اندهاش من ردي عليها بالكورية وأني فهمت كلامهن. تمنت لي النجاح. وأذكر أني أديتُ أربع امتحانات في ست ساعات بينها نصف ساعة استراحة بشكل متميز ولله الحمد.

كبار السن هنا لا يسندهم أحد. لا ينتظرون الموت بل يبحثون عن الحياة. كثيرون منهم ورثوا تقوسًا حادًّا في العمود الفقري. لكنهم يدفعون عربة كعربات الأطفال- تستخدم فقط للمساعدة على حفظ الاتزان والسير بسهولة- ويذهبون للحدائق والمتنزهات. أما عن خفة ظلهم. فحدث ولا حرج؛ ذات مرة. كنتُ في الأتوبيس داخل المدينة. ركبت تلك العجوز ووضعت عملات معدنية في المكان المخصص لمن لا يحملون كروت المواصلات. أشار العداد أنها ناقصة "مائة وون كوري". فقال لها السائق: ضعي بقية النقود لو سمحت. وكرر السؤال بعد أن تظاهرت بالتجاهل. فسألها: أين تنزلين. قالت: الباب الجانبي الثاني لجامعة "تشونام". فقال لها. ضعي "مائة وون لو سمحت". قالت: ليس معي. لكني أستطيع أن أنزل عند سوق "مال باو" لو كان هذا سيرضيك". ضحك الجميع. وسكت السائق. هذا السوق يسبق المحطة التي ذكرتها أولاً بثلاث محطات. ضحكتُ أكثر من اللازم. ليس لأنها عرضت مثل هذا الحل الظريف. ولكن لأني كنتُ متأكدًا أنها ذاهبة إلى ذلك السوق أصلا!!!

محمود عبد الغفار غيضان
27 يونيو 2013م



#محمود_عبد_الغفار_غيضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علمتمونا صغارًا أن -الحركة- بركة!!
- الدكتور سونغ وحكاية -دع الخلق للخالق-
- آخر الكلام لأهلي وعشيرتي
- عندما يكون التعامل مع تفاصيل الحياة البسيطة ثقافة: -بابا! ما ...
- لحظة انهزام الخريف
- بين -دروس- العقل و-ضروس- الحياة
- عزيزي اللص. جزاك الله خيرًا.
- مِن تأبَّطَ شرَّ إلى تأبَّط -سنجه- إلى المتأبطين أكياسًا.
- ما لك وما ليس لك هنا .... بسبعة أرواح (1)
- أحنُّ إلى زمن المصاطب
- من دفتر نوادر الأجانب مع العربية
- سلوى وتلصصٌ خاص على فرجينيا وولف
- أنا وابن خرداذبة في مدح كوريا سواء
- كوريا وثقافة الوجود داخل جماعة
- لهم -فيسهم- ولنا -فيس-.
- التاريخ يهزم الجغرافيا
- صعودهم لأعلى وصعودنا أبدًا لا يليق بنا
- أنت -رايح جاي- أم -اتجاه واحد-؟
- مينا ومارك وبيتر وشم النسيم مع الكوري الجنوبي -شادي-
- خامس المستحيلات في أساليب الانتقاد بين الكوريين والعرب.


المزيد.....




- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمود عبد الغفار غيضان - عمرُك سبعون! إذن، اترك مقعدك لأني أكبر منك!!