|
تمرد النساء المصريات والشباب
نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)
الحوار المتمدن-العدد: 4135 - 2013 / 6 / 26 - 07:41
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
لو تأملنا الصور المنشورة لأى ثورة شعبية فى العالم غربا أو شرقا، نرى وجوه النساء والشباب فى المقدمة، إنهم أكثر شرائح المجتمع تعرضا للظلم والقهر منذ بداية التاريخ. انهم أكثر من يتعرضون للفقر والبطالة والضرب والسحل والسجن والهجرة بحثا عن العمل والكرامة والحرية والأمن، فى عالم قائم على القوة والعنف وليس العدل والمساواة. أتأمل الوجوه فى حركة "تمرد" أغلبهم شباب وشابات من الشعب المصري، قاموا بمبادرة جديدة فى الشهور الأخيرة، جددت الأمل فى المستقبل، بعد ما نالته ثورة يناير 2011، من ضربات، بيد القوى الاسلامية الأصولية المتحالفة مع القوى الاستعمارية الخارجية، وسوف يكون الأحد (30 يونيو) يوما حاسما بقوة الشعب المصرى ووحدته وتصميمه على الحرية والعدل والكرامة. أتابع النجاح الذى يحققه شباب وشابات حركة "تمرد" فى تجميع توقيعات الملايين من الشعب المصرى فى جميع المحافظات، وقدرتهم على توحيد الحركة الوطنية من كل الفئات والأحزاب السياسية، التى انقسمت على نفسها وكادت تنتهي. من أهم إنجازات حركة تمرد أنها غيرت مفهوم الكلمة "تمرد" فى الثقافة المصرية الموروثة منذ العبودية يحارب الشعب المصرى (نساء ورجالا) على مدى التاريخ، مثل غيره من شعوب العالم، ضد القهر القائم على القوة المسلحة للطبقة الحاكمة (من الرجال ونسائهم) تستأجر الحكومات الموظفين والموظفات، ليعملوا معها ضد مصالح الأغلبية من الشعب، نظير رواتب شهرية ومكافآت مالية وأدبية وجوائز الدولة، تستسلم الأغلبية من الفقراء والنساء، الذين تربوا على الخوف من العقاب فى الدنيا وبعد الموت، يصبرون طويلا طويلا، ثم ينفجرون ويفيض المكبوت فى ثورات عارمة، لا يموت فيها الا الفقراء من الشباب والشابات، الذين تربوا على التضحية بالروح والدم من أجل بلدهم، لا يفقد محترفو السياسة والأحزاب (وأبناؤهم وبناتهم) قطرة دم واحدة، يحصنون أنفسهم وعائلاتهم ضد المخاطر، ثم يقفزون الى مقاعد الحكم بعد الثورة، تجمعهم صلات الرحم والدم وروابط الثقافة والمال بالطبقة الحاكمة قبل الثورة وبعدها. ثورات الشعوب الجديدة (منذ عام 2011) شملت كثيرا من بلاد العالم، بدأ الشعب التونسى ثم الشعب المصرى ثم امتدت عدوى التمرد الى الشعوب العربية وشعوب أخرى فى أوروبا وأمريكا وإفريقيا وآسيا، منها إيران وتركيا وإسرائيل والبرازيل وغيرها. أصبح التمرد ظاهرة ايجابية، ينتقل فى الجو عبر فيروسات صحية حميدة، عابرة للبحار، قاتلة لنظم الحكم الفاسدة المستبدة. وقد دبت روح التمرد فى النساء والرجال والأطفال والشباب وكبار السن من كل الأجناس والجنسيات والأديان والعقائد. انه تمرد الأغلبية المقهورة أو تمرد الـ99% الذين لا يملكون شيئا، ضد الـ1% الذين يملكون كل شيء. وبلغة الشعب الأمريكي، الذى انتفض منذ عامين ضد الرأسمالية الجشعة وتجار وول ستريت فى مدينة نيويورك ورفع المتظاهرين شعارات تشبه شعارات الثورة المصرية فى ميدان التحرير، وكادت المظاهرات تجتاح الولايات المتحدة كلها لولا بطش البوليس فى نيويورك وتكنولوجيا الأسلحة المتطورة، واليوم ينتفض الشباب والشابات فى مدينة نيويورك يناشدون شعوب العالم التضامن معهم ضد حكومتهم برئاسة باراك أوباما، التى تعطى لنفسها حق التجسس على الحياة الخاصة لجميع الشعوب بما فيها الشعب الأمريكى (تحت اسم حمياته) رغم انتهاكها لحقوق 99% من هذا الشعب الأمريكى لمصلحة الـ1% من الطبقة الحاكمة، يكشف الثوار والثائرات الأمريكيات عن جرائم حكوماتهم ورؤسائهم، ويقولون أنه لا يحق للحكومة الأمريكية أن تعطى نفسها حق هيئة التحكيم والقضاء والتنفيذ وهى المتهمة باقتراف جرائم الحرب وعمليات القتل والتعذيب والتجسس تحت اسم القانون. لم يتقدم الجنس البشرى كثيرا رغم نضاله الطويل ضد العبودية، قانون الغابة يحكم عالمنا فى القرن الحادى والعشرين، حتى جورج بوش بجرائمه المتعددة، ولم يقدم لمحكمة العدل الدولية، بل تمت محاكمة صغار المجرمين من البلاد الافريقية الفقيرة من أتباع المجرمين الكبار فى الدول العظمي. الازدواجية والكيل بمكيالين هما سمة القانون العالمي، وقانون الدولة والعائلة كانت النساء وأبناؤهن الشباب فى مقدمة الثورات الأولى فى التاريخ ضد العبودية، فى عام 2420 قبل الميلاد قادت النساء المصريات والشباب الثورة التى عرفت باسم ثورة "منف"، حرقوا القصر الملكي، ونادوا بتكافؤ الفرص بين الأغنياء والفقرات والنساء والرجال، لكن تم اجهاض هذه الثورة وعاد الحكم الملكى الفرعونى بسطوته، ثم قامت الثورة الشعبية الثانية تقودها النساء والشباب عام 1260 قبل الميلاد، وجاء حكم الأسرة العاشرة ونظام "الرودو" الذى أعاد للمرأة المصرية حقوقها المسلوبة، تم القضاء على نظام التسري، وتساوت المرأة فى الحقوق العامة والخاصة مع الرجال، لكن تم اجهاض هذه الثورة أيضا وعاد نظام الاقطاع والبطش عام 1094 قبل الميلاد، ضاعت حقوق الفلاحين والنساء، وأصبح للرجال فقط حق الطلاق والنسب والدين (الكهنة رجال فقط) ثم ثارت النساء والشباب والفقراء مرة ثالثة عام 663 قبل الميلاد واستردوا بعض حقوقهم المسلوبة إلا أن الثورة المضادة نجحت فى إجهاض الثورة، ويستمر النضال ضد العبودية حتى اليوم. وقد تعلمت النساء المصريات والشباب من دروس التاريخ، وسوف تنجح ثورة 30 يونيو 2013، لأن المنطق غاب عن الثورة المضادة، تحت اسم الشرعية يتمسكون بالرئيس المنتخب بالصندوق، وكان مبارك أيضا رئيسا شرعيا منتخبا بالصندوق، فما الفرق بين صندوق وصندوق؟.
#نوال_السعداوي (هاشتاغ)
Nawal_El_Saadawi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البنات والأبناء يقودون آباءهم وأجدادهم للتمرد
-
الشرخ العميق فى الشخصية
-
الإبداع والتمرد والأسئلة البديهية
-
النخب المصرية وإجهاض الثورة
-
الثورة والإبداع وحرية العقيدة
-
ورقة وقلم أخطر من الطبنجة
-
الإبداع والتمرد
-
أصبح زوجها مؤدباً؟
-
أجيال جديدة متمردة فى الأفق
-
إباحة التبنى وانتصار العدل على الشرع
-
عبقرية المصريين
-
رحلة الصعود فوق الجبل
-
العدالة تنتصر!
-
الكلمة من أعماقك شعاع شمس
-
الثورة ضد العادات والأعراف والتقاليد
-
النساء والقهر الاجتماعى
-
تهذيب الذكورة في مصر وأمريكا
-
إنه الدم
-
لنساء والشعب. بين المطلق والنسبي
-
الشريعة والشرعية. وظاهرة العنف
المزيد.....
-
جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
-
رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر …
...
-
دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
-
السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و
...
-
دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف
...
-
كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني
...
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
-
-مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
-
اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|