أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين لمقدم - العرس 5














المزيد.....

العرس 5


ياسين لمقدم

الحوار المتمدن-العدد: 4135 - 2013 / 6 / 26 - 00:32
المحور: الادب والفن
    



"لِيلْتْ أَمْبَطُّو"

وحتى قبل أن تشرق شمس اليوم الأول من الثلاثة الأخيرة والرئيسية لهذا الزفاف، كان الجميع في مدشر أهل العريس على أتم الاستعداد لإتمام باقي التحضيرات في جو مفعم بالنشاط والتفاؤل. وعلى نفس الحصائر التي ناموا عليها كيفما اتفق، قُدِّمت للجميع وجبة الإفطار المتمثلة في الشاي والذي تطوع لتهييئه من شهد له الحضور بدُرْبتهِ في ذلك. ومن أجل هذا قُدِّمت لأحدهم "رْبِيعَة" للسكر وثانية للشاي وأخرى للنعناع الأخضر مع مِجْمَرٍ عليه غلاية الماء. ومع الشاي الساخن سيتناولون الخبز الذي تطوعت بعض النساء لتهييئه قبل فجر يومهم هذا لكي يكون جاهزا مع وقت الإفطار. وتقدم شخص آخر لنزع الغطاء الخشبي عن جرَّتي سمن وعسل مستعينا بسكين "بُوضَلْعَ" الذي لا يخلو جيب منه.

وبعد أن انفض الجميع إلى مهامهم المحددة، اختلت الأم بإبنها تناصحه عن الحياة وسبل مجابهة تحدياتها، وحدثته عن تجارب فاشلة وأخرى أثبتت نجاعتها في بناء الأسرة السليمة، ومثَّلتْ له عن ذلك ببؤس واحد من القبيلة لم يحسن رعاية بيته فآل إلى الخراب بعد أن ورثه عامرا عن والده. وكان يصغي إليها بكامل الود والامتنان وكأنه يستكشف في وجهها المتجعد أديما آخر. ولما شعرت بحرارة الدمع تغرغر داخل مِحْجَريْها دعته إلى الالتحاق بشباب المدشر وهم منهمكون في انشغالاتهم، بينما استرسلت الأم بالدعاء الصالح له، فانحنى على رأسها بلثمة ثم أعقب ذلك بقفزة طويلة من فرحه أشعرته وكأنه شارف السماء.

وبعد عصر هذا اليوم، وبعد التحاق كل الضيوف بمدشر العريس، قادمين من الدواوير القريبة والبعيدة، وكلٌّ يقدم هديته والتي في غالبها عبارة عن بضعة رؤوس من الماعز أو الأغنام أو قوالب السكر وعلب الشاي، إلاَّ قليلا منهم تبرعوا بجرر السمن أو العسل، أو حتى "تَلالِيسًا"*** ملأوها شعيرا وقمحا. وكلما وصل وفد استقبلته الجموع بالأهازيج والعناق. وكان من بين المستقبِلين شيخٌ يصدح بالتَّبْرِيحَةِ فيعدد خصال الضيوف مذكِّرا الناس بمرتبتهم القبلية وفضائل أجدادهم.

مر باقي اليوم في الرقص والغناء وتوزيع الكثير من كؤوس الشاي إلى أن شارفت الشمس على المغيب، عندئذ ستُقَدَّم للناس وجبة "الشَّرْشَم" المُنتظرة، فتتسابق الأيادي إلى القِصَعِ الخزفية لتملأ الأفواه النهمة بالقمح اللذيذ المطبوخ مع الفول والحمص.
ولما انتهت الوليمة نهض العريس من وسط المتحلقين، يرافقه بعض العُزَّاب من أصدقائه ليودع والديه، فالأعراف تقتضي أن يتوارى عن أنظارهما من ليلة الفراق هذه إلى يومين إثنين بعد الزفاف.

وبعد هذا، سيتفرق الناس إلى مجموعات للتسامر، وآخرون سيخلدون إلى النوم في خِيم الضيافة .وبعضهم سيلجؤون إلى أماكن بعيدة وراء الأشجار مُستتِرين عن الأنظار ليقضوا ما تبقى من ليلتهم الملتمعة تحت بريق النجوم في خلوات غير بريئة .

يتبع...
--------
هامش
*ليلث أمبطُّو : بالأمازيغية وتعني ليلة الفراق
**رْبِيعَة : أنية معدنية.
***تَلالِيسًا : ج تلِّيس، بردعة محوكة بالصوف وشعر الماعز أو شعر ذيل الأحصنة والبغال.



#ياسين_لمقدم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرس4
- العرس III
- العرس الجزء II
- العرس /الجزء II
- العرس
- تجارة موجهة في أغلبها إلى الأطفال
- صانع السفنج
- الجزء الأخير
- الجزء V
- فقيه القبيلة ، خياط للعامة
- الجزء III
- الوفاء للصامدين على رصيف الموقف*
- فقيه القبيلة
- إمام القبيلة
- وتتوالا حكايات الوفاء
- البحر ضريخه
- لقطات لا تنسى
- مقهى السي إدريس
- ولك أوفياء يا حفيد الذئب
- وتستمر حكايات الوفاء


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين لمقدم - العرس 5