|
لهذا السبب أقول لا وألف لا لمبارك
أمنية طلعت
الحوار المتمدن-العدد: 1185 - 2005 / 5 / 2 - 13:20
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
جلست منذ أيام أحاول تفنيد الأسباب التي من أجلها أقول لا لمبارك ونظامه الحاكم، بالطبع رددت كل ما يتم ترديده في كل المقالات التي تكتب في هذا الشأن بداية من الاقتصاد المنهار وحتى قانون الطوارئ وقتل الحريات وامتهان الكرامة الإنسانية للمواطن المصري، لكن عندما غصت في أعماقي أكثر اكتشفت أنني لا أرفض فقط مبارك كرئيس لمصر بسبب ساساته الخاطئه لا أنا أكرهه ولا أرى فيه سوى كذاب كبير ونصاب أكبر فلقد كذب علي وسرقني بصفة شخصية. أرجوكم تمهلوا قبل أن تصدروا قراركم بشأني وهو اتهامي بالجنون فأين يمكن قد أكون انا الأمة الفقيرة إلى الله أن أقابل بسلامته وعظمته حتى يسرقني أو يكذب علي بصفة شخصية؟ الحقيقة انا لم أقابله في حياتي ولا مرة واحدة بل أنني لا أحب لقاؤه ولا أتمنى ذلك ولم أتمناه يوما بل أنني بصفتي أديبة وصحفية لا أشعر سوى بالاحتقار تجاه كل أديب أو صحفي ينكر كل قناعاته ورفضه الداخلي لهذا الحاكم بمجرد أن تأتي له دعوة من سيادة الرئيس لحضور لقاء معه في معرض الكتاب أو أي مناسبة تخص الإعلاميين او الصحفيين، فينسى الصحفي أو الأديب كل ما كان يتشدق به من رفض واستنكار لكل أفعال حسني وشخصه ويهرول لتلمس البركة من سيادة الحاكم بأمره حسني مبارك. حتى لا تتشعب مني الأمور أعود للنقطة الرئيسية ألا وهي ماذا فعل بي حسني مبارك بشكل شخصي حتى أرفضه ... إليكم القصة يا سادة.... نشأت في منزل ناصري، يحب عبدالناصر بلا منطق لدرجة أن والدتي حفظها الله كانت تغني لي ولأختي في المهد قائلة ( ملايين الشعب تدق الكعب تقول كلنا جاهزين كلنا جاهزين) أو ( ناصر كلنا بنحبك ..ناصر وهنفضل جنبك .. ناصر يا حبيب الكل يا ناصر) وإلى آخره من الأغاني الناصرية الصرفة، لكنني في الوقت نفسه اعتدت أن أغني في حفلات الحضانة والمدرسة فيما بعد أغاني لبابا أنور السادات، ونظرا يا سادة لكوني فقدت أبي حتى من قبل أن أرى نور الدنيا، فقد اعتقدت لفرط طفولتي البريئة أن السادات هو بابا فعلا، فأحببته بشكل شخصي بعيدا عن المناقشات الطاحنة في منزلنا بين أخوالي وجدي حول عظمة عبدالناصر في مقابل سوء السادات(عذرا هذا ليس رأيي لكني أوضح جو النقاشات في منزلنا الناصري جدا) وأخذت أمارس حياتي كطفلة أغني لبابا سادات في المدرسة وأنام على أغاني عبدالناصر في البيت حتى وقعت حادثة المنصة وكان عمري حينها ثمانية أعوام وفوجئت بالربكة التي حدثت في عمارتنا بعد انقطاع البث التليفزيوني على عرض احتفالات السادس من أكتوبر، حيث أتى جارنا رامي الذي يقطن في الدورالأخير ليقرع بابنا وبالطبع كان يمر على كافة أبواب العمارة التي تسبقنا ليقول لوالدتي التي فتحت الباب مسرعة ( السادات انقتل اسادات انقتل) وهكذا التصق جميع من في منزلنا بالراديو للتأكد من الخبر عبر إذاعة البي بي سي .. بعد أن تأكدنا من الخبر انطلقت والدتي تهتف الله أكبر الله أكبر وعمت الفرحة منزلنا بينما انخرطت أنا وحدي في البكاء مما أدهش والدتي التي نظرت لي متسائلة عن سبب بكائي فأجبتها( بابا سادات مات يعني ما بقاليش بابا) ساعتها انزعجت والدتي من رد فعلي وقالت لي ( السادات مش أبوكي ده رئيس مصر وكان ظالم وبيحب اسرائيل واليهود أكتر من مصر ومننا وعشان كدة ما تعيطيش عليه) .. وليكن فلنتوقف عن البكاء طالما هذا الرجل ليس والدي وطالما هو يكره المصريون ويحب اليهود .... لكن السؤال من أحب؟ طبعا عبدالناصر الذي ظلت عائلتي تبحث عن صفاته في شخص السيد حسني مبارك الذي تولى الحكم بعد ذلك والحقيقة أنه خدع الشعب المصري ببعض الإجراءات التي توحي للناس بأنه سيسير على نهج عبدالناصر فعلا. واستمرت الخديعة فترة لدرجة أن والدتي رغم أن حسني مبارك لا يتمتع بوسامة عبدالناصر الآثرة لها حيث تحب فقط التطلع لصور عبدالناصر بل أعتقد أنه يكفيها أنه كان وسيما وليس مهما ما فعله كرئيس لمصر لصالح المصريين، رغم ذلك كانت تتابع بانتظام كافة خطابات حسني مبارك في بداية حكمه وكنت أجلس جوارها منصته علي أجد فيه الأب فأغني في المدرسة بابا حسني بدلا من الراحل بابا سادات..... وتمر الأيام حتى يعلن السيد حسني مبارك حملته ( الصحوة الكبرى) التي دعى فيها المصريين للتكاتف من أجل تسديد ديون مصر وامتلأ التليفزيون بإعلانات حكومية تطلب مننا التبرع حتى ولو بقرش واحد( كان القرش له فائدة في هذه الأيام) ... وهنا أخذت أمي تشجعني أنا وأختي على أن لا نصرف مصروفنا اليومي والذي كان تقريبا يتراوح بين القرشين والخمسة قروش حسب قدرات والدتي المادية....وبالفعل نظرا لأننا فتاتين وطنيتين بالرضاعة والجينات قررنا أن نقطر على أنفسنا ولا نلتفت للحلويات التي تباع أمام بوابة المدرسة( لم يكن لدينا كانتين إنما كانت تفترش الفلاحات الغبراء أمام المدرسة لبيع الحلوى المصنوعة بأيديهن) وهكذا أخذنا يوما إثر يوم نضع القروش فوق بعضها حتى استطعنا توفير مبلغ مهول في ذلك الوقت وصل لحوالي ثلاث جنيهات أو خمسة لا أذكر الرقم بالتحديد لكنه كان مبلغا كبيرا جدا في نظرنا آنذاك ..... انتظرنا بعد ذلك حتى تأتي تلك اللجنة التابعة لحملة تسديد ديون مصر لنعطيها النقود التي وفرناها او بمعنى أصح قطرنا على أنفسنا وأعلنا الصيام عن كل المغريات من أجل توفيرها لتسديد ديون مصر بلدنا العظيمة التي يجب أن لا تكون مديونة لأحد.... . حتى جاءت اللجنة وذهبنا لها مفاخرتين بما قمنا به من مجهود بذلناه فقط من أجل مصر الجميلة بلد الحضارة والعلم .. بلدنا أم الدنيا. أذكر أنني ظللت أعوام طويلة مؤمنة تماما أننا سددنا ديون مصر حتى أتى يوم قرأت في جريدة الأخبار وكنت آنذاك في المرحلة الإعدادية أن ديون مصر تفاقمت وبلغت رقم كبير جدا جدا ..... حينها صرخت قائلة ( الله أمال راحت فين فلوسي التي دفعتها لتسديد ديون مصر؟). راحت فين فلوسي يا حسني مبارك؟ راحت فين فلوس جميع المصريين اللذين هبوا يقتطعون من لحومهم الحية ليدفعوا كل ما يمتلكون من أجل تسديد ديون مصر؟ راحت فين فلوسنا التي دفعناها من أجل أن يعيش وطنا حرا غير مديون لأحد؟ أين نقود المصريين الذي هبوا في صحوتك الكبرى لنجدة وطنهم؟ راحت فين الفلوس يا حسني ؟ لهذا ولهذا فقط ودون الدخول في أي أسباب وأفعال أخرى قام بها حسني مبارك منذ توليه الحكم لمصر أقول له لا...لا......لا......لا...... لاوألف لا يا حرامي التلاتة جنيه بتاعتي.
#أمنية_طلعت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإعلام المصري بدأ بث رسائله المسمومة
-
عالم الانترنت وحرية الرأي المفقودة
-
مجرد كلام لإخراج شحنة غيظ
-
في بلدي أصبح الناس يموتون جوعا
المزيد.....
-
شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا
...
-
جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
-
زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
-
كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
-
مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
-
ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
-
مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
-
جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|