|
مصر الجديدة الى أين ؟
طاهر مسلم البكاء
الحوار المتمدن-العدد: 4133 - 2013 / 6 / 24 - 00:27
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
بعد فتح قناة السويس أزداد تكالب الدول الكبرى آنذاك على مصر وبروز أهميتها في التجارة العالمية ،وفي نهاية المشوار تمكنت أنكلترا من الانفراد بمصر ثم أتخاذها قاعدة للأنطلاق نحو أفريقيا . أستمرت مصر تعيش في الظل حتى ثورة عبد الناصر ،ومعلوم أنه لايمكن أن تذكر مصر في عصرنا القريب دون أن يذكر عبد الناصر ، والسبب الرئيس هو أن ثورته كانت ثورة مصرية عربية خالصة وجاءت ردا" على أحداث 1948 . ومن أكبر الأدلة على ما ذهبنا اليه ،ما أثير في طريق هذه الثورة من مشاكل وتحديات وصلت الى أثارة الحروب المباشرة مع مصر، فالصهاينة كانوا أكبر ما يخافونه ظهور مصر كدولة قوية يقودها زعيم ، لا يتمكن الغرب من توجيهه حسب متطلباته ومصالحه ،وليس هذا فقط بل أنه برز كزعيم جماهيري في بلاد العرب والعالم الثالث الذي كان قد بدأ يظهر واضحا" في تكتل عدم الانحياز ،وقد ظهر توحد للمشاعر القومية للعرب جليا" في العدوان الثلاثي على مصر ،كما ظهرت بعض التكتلات الوحدوية العربية تأخذ طابعا" عمليا" وواقعيا" بعد ان كانت مجرد شعارات . لقد أعطى جمال عبد الناصر ،وقتها ، للأمة العربية المنكسرة أمام الصهاينة أنموذجا" عن قوة الأمة وقدرتها على المواجهة والأنتصار فيما لو توافرت الظروف الطبيعية غير الفاسدة ، كما أنها جاءت في وقت كانت فيه أغلب الدول العربية والاسلامية تحت الأحتلال مما أعطى دفعا " وروحا" نضالية لحركات التحرر الناهضة . واليوم فثورة مصر مشابهة لثورتها بالأمس ،فهي قد جاءت في ظروف وتحديات مصيرية للأ متين العربية والاسلامية ،فلقد كبلت مصر بأتفاقات كامب ديفيد وأخرجت نهائيا" عن محيطيها العربي والاسلامي ،وأخذت تجاهر بالعمل في الاتجاه المضاد ففي وقت يحاصر فيه شعب فلسطين بحصار وحشي لايشابهه الأ ما مر به شعب العراق ،تعمل مصر على زيادة وطأة هذا الحصار وتبني جدارا" عازلا" بينها وبين شعب فلسطين يشابه الجدار الذي بناه الصهاينه بينهم وبين الفلسطينين ،ولم يكتفوا بهذا بل دخلوا الى داخل وحدة شعب مصر ليوجدوا صراعات دينية ومذهبية وغير ذلك كثير ،وأخذ حسني مبارك ،بعد عجزه عن تحسين احوال المصريين ،يطالبهم بتخفيض النسل أذا طالبوابتوفير المساكن ،وكذلك تقليل استهلاكهم للخبز لأجل خفظ أستيراد الحنطة إذا طالبوا بتحسين الظروف المعاشية . أما خارج مصر فقد ساءت الامور كثيرا" فهناك دول عربية أستخدمت الديمقراطية لتفكيكها وتقسيمها الى دول ،بدلا" أن تكون سبيلا الى وحدتها وقوتها ،وهناك دول أخرى أحتلت بمسميات عصرية ، وكل من يقف في وجه اليهود ودويلة الصهاينة فأن له علاج اليوم ، كما في مسرحية المحكمة الدولية والتي حاولوا فيها محاصرة اللبنانيون وتفكيك وحدتهم ، وما هو مستمر اليوم من تدمير لسورية وتهجير أهلها ،وكأننا نرى فلسطينا ثانية في طريقها للتقسيم وكأننا نرى أن حدودا جديدة في طريقها للترسيم لكي ينسى العرب الحدود القديمة التي كانوا ينادوا بها كأضعف الأيمان وهكذا بى ان العرب يتجهون الى تفكيك دولهم بينما يتجه العالم الى الكتل الكبيرة ، أنها تحديات مصيرية ومفترق طرق فما أشبه اليوم بالبارحة . جاءت ثورة مصر، ثورة جبارة أهتزت لها عروشهم وأختل تفكيرهم فلم يفلحوا في مساندة الدكتاتور والذي يساندونه بالضد من طروحاتهم في الديمقراطية وحرية الشعوب ويرضون لمصر ما لا يرضونه لشعوبهم فكم رئيس جاء ورحل في اميركا مثلا" وحسني مبارك جاثم على صدور المصريين . وبعد ان حسم شعب مصر الأمور بسلام ،وأستبشر الجميع وكلنا أمل أن مصر عادت من جديد ، ولكننا نرى مصر عادت تغلي ،وبرزت نزعات تفرد على حساب طموح المصريين بالأنعتاق والحرية ،ومحاولات لقولبة شعب مصر في قالب واحد ضمن معتقدات الساسة الجدد،ومحاولتهم البروز على الساحة العربية ولكن بماذا ؟ بالأبقاء على كامب ديفيد وقطع العلاقات مع العرب !أنها بالفعل أفعال مضحكة مبكية لاتليق بدور مصر ومكانتها بين العرب و العالم ، كان الأولى بحكام مصر الجدد الأهتمام بترصين الوضع الداخلي المصري والأهتمام بمطالب الشعب المصري الذي يسكن بعضه في مقابر القاهرة ويعيش اغلبه الغربه في أصقاع الأرض بحثا ًعن لقمة العيش ، كان يمكن للحكام الجدد البحث عن حلول لمشكلة مياه النيل ، حيث عمل الصهاينة بخبث طيلة سنوات طويلة على ايجاد قطيعة بين الدول الأفريقية التي فيهامنابع النيل وبين مصر بعكس ما كانت علاقاتها ايام عبد الناصر ، لقد عمل الصهاينة على تحسين علاقاتهم مع هذه الدول وليس فقط هذا بل قدموا الأستشارة والخدمات لهذه الدول لبناء سدود على منابع النيل بخبث ودهاء وعملوا على اقامة دويلة كرنك في الجنوب السوداني التي تكمن خطورتها كونها دويله على النيل كما أن أطماعهم معلنة وليست خافية في مياه نهر النيل ،بينما كان حسني مبارك منهمكا ًفي علاقاته مع الصهاينة وكيل المديح لهم ! نقول الحذر الحذر يا شعب مصر من الانعطاف بالثورة وحرف مسارها تحت أي مسمى ولأي سبب كان ، فقد تؤدي مثل هذه الظروف الى تدمير البلاد وأنهاك بنيتها ،كما يحصل لسورية اليوم ، وقد أثبتت لكم السنين الطويلة الماضية أنه لن يفيد شعب مصر سوى شعب مصر الموحد الصامد،وبقيا دة تمثل كل المصريين ،دون الأنسياق الى الفئوية ،وهذا ما يخدم مصر ويعيدها الى امتها كقائدة لنضالها وداعمة لوحدتها وقوتها ، ويعيدها الى دورها الحضاري الاصيل ،وأعادة دورها الزاهر وتقوية علاقاتها مع الدول الأفريقية وايجاد حل لمشكلة السدود على منابع النيل قبل قوات الأوان والاّ ستضظر مصر الى مفاوضة اسرائيل للحصول على كمية من المياه لنهرالنيل .
[email protected]
#طاهر_مسلم_البكاء (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محنة بلد يملك آخر برميل نفط
-
لحظة السلام يكون الوقت قد فات
-
الديمقراطية في العراق
-
البطل من يربح السلام
-
السياسة والطوبة
-
أزمة ثقة وليست سانت ليغو
-
سوريا ..حرب كونية جديدة
-
بين الجميلي وبرلمانيوا الناصرية
-
مشكلة فلسطين .. الحل الوحيد
-
هل اصبحت لدينا سياسة ؟
-
الأحزاب في العراق بين المكابرة والتصحيح
-
الأرهابيون والمسالمون
-
حزيران ذكرى لأستعادة الأمة وعيها
-
فلسطين ضحية للدجل و تحريف التاريخ
-
ما ذا أستفادت الدول التي صالحة أسرائيل
-
عرس دم تحت علم الأمم المتحدة
-
ادارة الصراع الأيراني الغربي
-
اردوغان ..من يزرع الريح يحصد العاصفة
-
حان دور الربيع الأسلامي
-
قتل الزوج وأغتصاب العروس
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|