|
كلمة لشعب مصر قبل بداية الطوفان 30 يونيو
عبدالله محمود أبوالنجا
الحوار المتمدن-العدد: 4130 - 2013 / 6 / 21 - 23:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تروج العديد من وسائل الاعلام والفضائيات المعبرة عن القوى السياسية المعارضة لاستبداد جماعة الاخوان بحكم مصر ، أن يوم 30 يونيو 2013 هو يوم فاصل فى حياة المصريين على أرض مصر كلها ، لأنه حسب تصورهم وتبعاً لأمنياتهم سوف يكون ثورة شعبية عارمة ، تجتاح مصر من أقصاها الى أقصاها ، مما يدفع بمؤسسات الدولة جميعها وعلى رأسها الجيش والشرطة والقضاء للانحياز الى الثورة الشعبية ؛ الأمر الذى يتصورون معه أن محمد مرسى العياط سوف يخرج على الشعب ببيان يشبه بيان حسنى مبارك فى 11 فبراير 2011 والذى أعلن فيه تنحيه عن حكم مصر ، وتسليم السلطة الى المجلس الأعلى للقوات المسلحة أو الى رئيس المحكمة الدستورية العليا لادارة شئون البلاد كفترة انتقالية لحين اعداد دستور يعبر عن جميع الأطياف السياسية للمصريين ، ويصوغ شكل نظام الحكم فى البلاد ، بارادة شعبية حرة ، وتجرى على أساسه انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة نزيهة وشفافة تحت رقابة دولية ! هكذا يتصور الكثيرون من القوى السياسية المعارضة لحكم جماعة الاخوان المسلمين ، أن يوم 30 يونيو 2013 هو اليوم الأخير لمحمد مرسى العياط وأهله وعشيرته فى حكم مصر ! وعلى الطرف الآخر يتصور مؤيدو جماعة الاخوان من تيارات الاسلام السياسى والجماعة الاسلامية والسلفيين والجهاديين والارهابيين ، أنهم هم الذين يملكون الشارع ، وأن يوم الثلاثين من يونيو سوف سيقتصر فيه الخروج الى الشوارع والميادين على القوى السياسية المناهضة لحكم محمد مرسى العياط وجماعته ، وأن بقية الشعب المصرى سوف تلتزم الحياد ، وتجلس فى مقاعد المتفرجين ، وبالتالى سوف تقوم ميلشيات الاخوان ، والتيارات المؤيدة لمحمد مرسى وجماعته ، باجهاض تلك التظاهرات ، كما فعلت فى المرات السابقة ، فى حالة لم تنهى تلك القوى المعارضة تظاهراتها بنهاية يوم الثلاثين من يونيو ، وهم بالطبع معتمدين فى ذلك على رضا واشنطن عن الجماعة ، وغضها الطرف عن الجرائم الوحشية التى ترتكبها مليشيات الجماعة وميلشيات المؤيدين لها فى حق المعارضين السلميين مادامت تلك الجماعة ومؤيدوها يحافظون على مصالح واشنطن وحلفائها فى المنطقة ! وبحسبة بسيطة ومحايدة نجد أن المعارضة استطاعت سحب البساط من تحت أقدام مرسى العياط وجماعته ومؤيديه من قوى الاسلام السياسى الأخرى ، وذلك باستغلال الأخطاء القاتلة التى وقع فيها مرسى العياط وجماعته فى سعيهم نحو أخونة الدولة المصرية ، على حساب الاحتياجات والحاجات الحياتية الملحة والضرورية لغالبية أبناء هذا الشعب المطحون داخلياً وخارجياً ، وكذلك باستغلال أقوال وأفعال رموز الجماعة وقيادييها ومؤيديها والتى تدور كلها فى فلك : [ اما استمرار مرسى العياط فى الحكم أو الفوضى والقتل والدمار لكل من يجرؤ على ابداء أدنى معارضة لحكم مرسى العياط وجماعته حتى ولو كانت كل جموع المصريين وكل مؤسسات دولتهم من جيش وشرطة وقضاء ! ] نفس استراتيجية أى نظام حكم ديكتاتورى استبدادى أسكرته نشوة السلطة وأعمته عن رؤية حجمه الحقيقى وسط خضم بحر هادر وبركان ثائر لا يعبأ بالكلمات النارية أو التصريحات العنترية التى ينتج عنها بعض السلوكيات الهمجية البربرية ضد من يطالبون بحقوقهم الكاملة والمشروعة فى الأرض وفى الوطن الذى هم مُلاكه ، والنابتين من طينته أسياداً أحراراً ، لا يملى كائن من كان عليهم أية سياسات أو رؤى أو أطروحات لا تلبى مطالبهم أو طموحاتهم فى العيش الحر الكريم على أرض وطنهم ، أو تلك التى تخدم أجندات اقليمية ودولية على حساب حقوقهم العادلة والمشروعة فى مقدرات وطنهم ! كلا الطرفان إذن – المعارضة ونظام الاخوان – يتفقان فى الاعلان عن أن يوم الثلاثين من يونيو 2013 ، هو يوم فاصل فى تاريخ كلٍ منهما . الاخوان ومؤيدوهم يقولون أنه سيكون يوم نهاية المعارضة الكافرة كما يصفها بعض رموز تيارات الاسلام السياسى وهذا الوصف ليس دخيل على أيديولوجية تلك التيارات التى ينطلقون منها فى نظرتهم للحكم وللحاكم . أيديولوجيتهم تقوم على أن من يخرج على الحاكم المسلم يعتبر كافر حسب تفسيرهم وتأويلهم لبعض الأحاديث والنصوص الدينية المستمدة من التراث الاسلامى الذى يعتمد نظام الشورى فى الخلافة والذى يختلف عن النظام الديمقراطى الحديث فى الحكم وادارة شئون الدول . الخلافة قائمة على الاستخلاف كما فعل أبوبكر الصديق حين شعر بقرب أجله فاستخلف على الناس عمر بن الخطاب أو على الشورى كما فعل عمر بن الخطاب فى طعنته التى مات فيها ؛ عندما رشح ستة من صحابة محمد (علي بن أبى طالب وعثمان بن عفان وسعد بن أبى وقاص والزبير بن العوام وعبدالرحمن بن عوف وطلحة بن عبيدالله (1) ) ، ثم أوصى صهيب أن يصلى بالناس ثلاثة أيام ، وأن يُدخل علياً وعثمان والزبير وسعداً وعبدالرحمن وطلحة ان حضر ، بيت عائشة ، وأن يُحضر عبدالله بن عمر وليس له من الأمر شىء ، ويقيم على رؤوسهم ، فإن اجتمع خمسة على رأى واحد وأبى واحد ، يشدخ رأسه بالسيف ، وان اجتمع أربعة فرضوا ، وأبى اثنان ، يضرب رأسيهما ، فإن رضى ثلاثة رجلاً وثلاثة رجلاً ، يُحكموا عبدالله بن عمر ، فإن لم يرضوا بعبدالله ، يكون الناس مع الذين فيهم عبدالرحمن بن عوف ويقتلوا الباقين ، إن رغبوا عما اجتمع عليه القوم وخرجوا . ! (2) . مؤيدوا حكم محمد مرسى العياط من تيارات الاسلام السياسى ، يستلهمون هذه التجارب من التراث الاسلامى ، والتى تعتبر من يحصل على الأغلبية حاكماً مطلقاً لكل الشعب ومن يعترض عليه يجب قتاله وقتله ان أمكنهم ذلك ، فقد أوصى بذلك عمر بن الخطاب عندما أخبر الناس أن يشدخوا رأس السادس الذى يعارض اجماع الخمسة الباقين على خلافة واحد منهم ؛ أن يشدخوا – يشقوا – رأس السادس المعترض عليه بالسيف ، وان اجتمع أربعة من الستة على تولية واحد منهم الخلافة واعترض الاثنان الآخران ، على الناس يضربوا رأسيهما بالسيف ، فإن اختار ثلاثة من الستة رجلاً منهم ، واختار الثلاثة الآخرون رجلاً منهم وتساوت الكفتان ، يلجأوا الى تحكيم عبدالله بن عمر ، فإن رفض الطرفان حكمه ، ينحاز الناس الى الكفة التى فيها عبدالرحمن بن عوف ويقاتلوا الكفة الرافضة ويقتلوهم ! هكذا !!!! هذا هو فكرهم وتلك هى أيديولوجيتهم التى ينطلقون منها فى نظام الحكم ويعلنونها على الملأ وفى كافة وسائل الاعلام ، ولكن :
ولكن ماعلاقة ذلك التراث وتلك الأيديولوجية التى ينطلق منها هؤلاء فى دعمهم وتأييدهم لحكم مرسى العياط وجماعته ، والنظام الديمقراطى الحديث الذى قبلت جماعة الاخوان ومؤيدوها خوض الانتخابات الرئاسية وفق معاييره ومتطلباته الديمقراطية والتى من أول أبجدياتها أن المعارضة شريك رئيسى لا غنى عنه فى ادارة شئون الدولة ؟ ليس منصوصاً فى الدول الديمقراطية ولا فى دساتيرها على اعتبار المعارضين من الأعداء المارقين الخارجين على الشعب ودولته ودستوره . بل تكفل الدساتير للمعارضة حقوقها كاملة فى الاعتراض على النظام القائم واظهار كل سلبياته وتجاوزاته فى حق الشعب أو تغوله على السلطه وتعسفه فى اصدار القوانين الجائرة على حقوق الشعب بمافيها المعارضة . الدساتير فى الدول الديمقراطية تكفل للمعارضة الحق فى ممارسة جميع الأنشطة السياسية فى اطار القانون والدستور لبيان مساوىء وعيوب وتجاوزات النظام أو الحزب الحاكم بما فى تلك الوسائل الاعتصامات والتظاهرات والعصيان المدنى ! وكما أن هدف الحزب الحاكم استقطاب الأغلبية من جموع الشعب باستخدام كل الأساليب المشروعة وفق القانون والدستور ، فكذلك من حق المعارضة العمل على استقطاب الأغلبية العظمى من جموع الشعب بكل الطرق والوسائل المشروعة وفق الدستور والقانون ، سواء بالندوات والمؤتمرات التوعوية التى تفضح الممارسات الخاطئة والتجاوزات الجائرة على الدستور والقانون بما يضر بالدولة والشعب ، أو بقيام المعارضة بمنافسة الحزب الحاكم بتقديم كل أشكال الخدمات والدعم الذى يرتقى بمستوى الوطن والمواطن . أين محمد مرسى العياط وأهله وعشيرته ومؤيدوه ، من هذا الفهم للحكم فى النظام الديمقراطى ؟ وهل ممارسته لدوره التنفيذى فى ادارة شئون الدولة متطابقة دائماً مع أحكام الدستور والقانون بمايحقق مصالح الشعب ويحافظ على أمنه واستقراره وسلامه الاجتماعى ؟ وهل ممارسته لمهامه الرئاسية تؤكد وفائه باليمين الدستورية التى أقسمها أمام الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية بكامل هيئتها ، بأن يكون محافظاً على النظام الجمهورى ، وأن يحفظ الدستور والقانون ، وأن يرعى مصالح الشعب رعاية كاملة ، وأن يحافظ على الوطن وسلامة أراضيه ؟
عندما يصمت محمد مرسى العياط وجماعته وأهله وعشيرته عن تصريحات بعض رموز تيارات الاسلام السياسى التى تصف المعارضين لسياساته أو سياسات جماعة الاخوان بأنهم كفار ويجب قتالهم وقتلهم ، وهو أعلم من غيره بما لتلك التصريحات من ردود أفعال تؤدى الى تهييج واثارة المتطرفين والمتشددين الاسلاميين وقيامهم بأفعال قد تصل الى حد الاغتيالات أو اطلاق الرصاص الحى على النشطاء السياسيين من المعارضين لسياساته ، فإن صمته وسكوته ذلك لا يعنيان الا أحد أمرين : إما أنه عاجز عن اتخاذ اجراءات قانونية بحق هؤلاء لحماية المجتمع من التشرذم والاقتتال اللذان يضران أبلغ الضرر بمصالح الشعب التى أقسم اليمين على رعايتها رعاية كاملة أو أنه يتغاضى عن تلك التصريحات لأنها تلقى هوىً فى نفسه ، وفى كلتا الحالتين يعتبر ذلك اخلالاً بمهامه التى كلفه به من انتخبوه وقبل به من لم ينتخبوه احتراماً لارادة الأغلبية التى حاصل عليها بفارق كسور فى المائة ! خلاصة الكلام : 30 يونيو 2013 هو بداية ثورة الشعب المصرى الحقيقية التى لن يسمح لأى قوة كانت أن تسرقها منه باللعب على وتر الشعارات الدينية أو غيرها ! بقلم / عبدالله محمود أبوالنجا عضو مؤسس فى حزب المصريين الأحرار القاهرة 12 يونيه 2013
(1 ) كان غائباً عن المدينة وقت ترشيحه الى جانب الخمسة الآخرين (2 ) الجزء الخامس من كتاب ابن عبدربه الأندلسى المسمى [ العقد الفريد ] فى صفحة 28
#عبدالله_محمود_أبوالنجا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأزمة السورية وصراع النفوذ
-
الأصابع القطرية وسدود النهضة الاثيوبية وخراب مصر !
-
نهضة اثيوبيا .... وخراب مصر !!!
-
[ شاعرٌ فاق َ الذُّرىْ ]
-
قصيدة بعنوان [ شاعرٌ فاقَ الذ ُّرى ْ ]
-
[ خماسيات]
-
[ ياويلَ قلبى ]
-
قصيدة [ ياويحَ ماقالتْ ]
-
قصيدة [ نَبْعُ السِّحْر ِ ]
-
قصيدة شعر ( حَوراء )
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|