|
لنجدد المطالبة برفع التحفظات عن السيداو
إيمان أحمد ونوس
الحوار المتمدن-العدد: 4127 - 2013 / 6 / 18 - 13:28
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
فرض التطور الذي وصلت إليه المرأة في جميع أرجاء الكون ضرورة إيجاد وضع قانوني دولي ينظم مسألة مساواتها مع الرجل، في ظل وصولها إلى مراتب علمية ووظيفية أهّلتها للقيام بالأعمال والأدوار المنوطة بالرجل ذاتها، وكذلك التطوّر الحاصل على صعيد حقوق الإنسان على المستوى الدولي والمحلي. فكان أن جاءت اتفاقية السيداو التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، وعرضتها للتوقيع والتصديق في 18/12/،1979 على أن يبدأ التنفيذ بتاريخ 3/9/1981. وكان الهدف من تلك الاتفاقية وصول النساء إلى حقوقهن المدنية والقانونية وسواها من حقوق حجبتها وتحجبها عنهن الأعراف الاجتماعية، مترافقة مع تمييز قانوني واضح وصارخ في العديد من البلدان، لاسيما الإسلامية منها والعربية. وقد انضمت سورية للاتفاقية وصادقت عليها بالمرسوم رقم 330 تاريخ 25/9/،2002 لكن مع التحفّظ على أهم المواد التي تُدعّم حقوق المرأة، وتعزز ضرورة مساواتها بالرجل، لاسيما في القوانين والتشريعات التي تعجُّ بتمييز واضح وفاضح. وبذلك أُفرغت الاتفاقية من هدفها الأساسي، واعتُبرت تلك التحفّظات شكلاً آخر من أشكال التمييز ضدّ المرأة، لأنها تعمّق وتُكرّس التمييز القائم أصلاً، إضافة إلى اعتبار هذه التحفّظات أشبه بعدم التوقيع والتصديق، خاصةً في المادة الثانية، والتي هي روح الاتفاقية ومغزاها، إذ تتضمن شجب الدول الأطراف جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقها على أن تنتهج، بكل الوسائل المناسبة ودون إبطاء، سياسة تستهدف القضاء على التمييز ضد المرأة. من هنا كان لا بدّ للجمعيات النسوية والناشطات/ ين في مجال حقوق المرأة من تكثيف الجهود، والمطالبة الحثيثة برفع تلك التحفظات من أجل الوصول إلى الهدف الرئيسي والجوهري من الاتفاقية. أما المواد التي تحفّظت عليها سورية فهي على النحو التالي: المادة 2 - التي ضمت خمس فقرات (أ، ب،ج، د، ه، و، ز) نصّت جميعها على إلغاء كل تمييز دستوري أو قانوني أو تشريعي قد يكرّس ممارسة تمييزية ما ضد المرأة. المادة 9- الفقرة الثانية: (تمنح الدول الأطراف المرأة حقاً مساوياً لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالهما). وهذه المادة التي تمّ التحفّظ عليها تتعارض مع المادة الثالثة من قانون الجنسية السوري القائم على حق الدم والإقليم فيما يتعلق بمنح الجنسية، والذي حصره القانون عندنا بدم الرجل السوري فقط. ولقد عملت جميع الجهات المعنية بقضايا المرأة منذ زمن بعيد من أجل تعديل المادة 3منه، بحيث يسمح للأم السورية بمنح جنسيتها لأبنائها أسوة بالرجل، فقامت رابطة النساء السوريات بحمله من أجل هذا التعديل ما بين عامَيْ 2003- ،2010 وكان مطلب الحملة الأساسي هو تعديل الفقرة أ من المادة3 بحيث تُصبح: يُعدّ عربياً سورياً حكماً من ولد لأب عربي سوري أو والدة عربية سورية. وقد تضمنت هذه الحملة من جملة ما تضمنته تقديم معروض إلى السيد رئيس الجمهورية مرفق بآلاف التواقيع على العريضة للمطالبة بتعديل القانون، وقد أحال القصر الجمهوري المذكّرة إلى وزارة العدل التي شكّلت لجنة لمناقشة المطلب وأرسلت رأيها إلى القصر بالموافقة على مطلب التعديل. كما أصدرت رئاسة الوزراء بتاريخ 11/7/2011 قراراً بتشكيل لجنة برئاسة معاون وزير الداخلية للشؤون المدنية وعضوية ممثلين عن وزارتَيْ الخارجية والمغتربين والعدل، مهمتها دراسة مشروع القانون الذي أعده الاتحاد العام النسائي، والمتضمن تعديل المادة 3 من قانون الجنسية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 267 لعام ،1969 وكذلك منح الجنسية العربية السورية لأبناء المرأة السورية المتزوجة ممن يحمل الجنسية غير السورية. غير أن الصدمة كانت كبيرة ومخيّبة لكل الآمال عندما رفض مجلس الشعب مناقشة تعديل قانون الجنسية بناءً على قرار رئاسة الوزراء المذكور، وكان من نتيجة ذلك فقدان الثقة والأمل بكل تغيير وتعديل مطلوب ما لم يتمّ بموجب مرسوم فعلي كي تكون النتائج حقيقية وفعّالة. المادة 15- الفقرة الرابعة من اتفاقية السيداو: تمنح الدول الأطراف الرجل والمرأة الحقوق نفسها فيما يتعلق بالتشريع المتصل بحركة الأشخاص وحرية اختيار محل سكناهم وإقامتهم. والتي تم التحفّظ عليها، لأنها تسمح للمرأة باختيار محل سكنها وإقامتها على حدّ سواء مع الرجل، وهذا ما يتعارض مع المادة 70 من قانون الأحوال الشخصية، التي تُجبر الزوجة على السفر مع زوجها إلاّ إذا اشتُرط في العقد غير ذلك، أو وجد القاضي مانعاً من السفر.. إضافة إلى تعارضها مع الأعراف الاجتماعية التي ترى المرأة ظلاً وتابعاً للرجل في كل حالات صلتها به. المادة 16 التي سأوردها مفصّلة، باعتبارها تتعلق بقضايا الزواج والأسرة، كما تبيّن ضرورة وجود قانون أسرة يلائم المتغيّرات الحاصلة على وضع الأسرة الحديثة: 1 - تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية، وبوجه خاص تضمن، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة: أ - الحقوق والمسؤوليات نفسها أثناء الزواج وعند فسخه. ب - الحقوق والمسؤوليات نفسها بوصفهما أبوين، بغض النظر عن حالتهما الزوجية، في الأمور المتعلقة بأطفالهما وفي جميع الأحوال، يكون لمصلحة الأطفال الاعتبار الأول. ج - الحقوق والمسؤوليات نفسها فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم، أو ما شابه ذلك من الأعراف، حين توجد هذه المفاهيم في التشريع الوطني. وفي جميع الأحوال يكون لمصلحة الأطفال الاعتبار الأول. د - الحقوق الشخصية نفسها للزوج والزوجة، وبضمن ذلك الحق في اختيار اسم الأسرة والمهنة ونوع العمل. 2- لا يكون لخطوبة الطفل أو زواجه أي أثر قانوني، وتتخذ جميع الإجراءات الضرورية، وبضمن ذلك التشريعي منها، لتحديد سن أدنى للزواج ولجعل تسجيل الزواج في سجل رسمي أمراً إلزامياً. وبالتحفّظ على بعض فقرات هذه المادة، يتضح أن المجتمع وبعض القوانين والتشريعات، وبضمنها قانون الأحوال الشخصية، ترى أن لا حق للمرأة سوى الإنجاب فقط، لأنه حق بيولوجي فرضته طبيعتها الأنثوية الخارجة عن إرادة المشرعين وقوانينهم، أما بخصوص أي حق إنساني آخر مرتبط بالطفل الذي أنجبته، فهو رهن وجودها وتبعيتها أساساً للرجل، فهي لا يحق لها لا في الطلاق ولا حتى في حال وفاة الأب الاحتفاظ بهذا الطفل، إلاّ وفق أصول تُلغي وجودها الإنساني، بعيداً عن أيّ ارتباط (الزواج مثلاً)، وذلك دون حقها في الوصاية عليه، رغم أنها أحق الناس بتلك الوصاية، من خلال أمومتها وعلاقتها الطبيعية والتربوية بذلك الطفل. أما التحفّظ على المادة ،29 الفقرة 1: فهو مستثنى من مطالبتنا برفع تلك التحفّظات، باعتباره من صلاحيات السلطة السياسية في البلد. إن هذه التحفظات تنسجم انسجاماً مباشراً مع قانون الأحوال الشخصية السوري الذي ما زلنا نسعى جاهدين لتغييره بما ينسجم مع وضع المرأة السورية الراهن على صعيد العلم والعمل، وكذلك مع وضع الأسرة التي طرأت عليها تبدلات وتغيّرات تفترض وجود قانون خاص بها يحمي حقوق جميع أفرادها، وفيهم الرجل، الذي لم يعد بمفرده قادراً على القيام بجميع الواجبات والمسؤوليات التي كان يحملها سابقاً كتأسيس مسكن الزوجية، وتأمين المهر الذي فاق اليوم بارتفاعه كل حدٍّ معقول، إضافة إلى مهمته الأساسية على مدى العمر، وهي تأمين لقمة العيش لأسرته مع تأمين مستقبل الأبناء منفرداً حسب العرف والتقليد الاجتماعي والشرعي. إن مطالبتنا بإلغاء التحفظات على اتفاقية إلغاء جميع أنواع التمييز ضد المرأة تحمل في طياتها مطالبة مشروعة بتعديل جميع مواد القوانين والتشريعات التي تحمل تمييزاً ضد المرأة (قانون الأحوال الشخصية، العقوبات والجنسية)، وهذا ما بدأت به اللجنة التي عُينت منذ مدة قريبة، من أجل إعادة النظر في القوانين السورية التمييزية ضدّ المرأة، والتي نأمل أن تكون نتائج عملها إيجابية، على عكس لجنة تعديل قانون الجنسية التي رفض مجلس الشعب مناقشة عملها. ولكن، إذا استمر الوضع على ما هو عليه من رفض رفع تلك التحفّظات، وتجاهل كل التغييرات التي ذكرناها، لا يمكننا إلاّ الشعور بخيبة الأمل، وبأن المشرّع والحكومة مصرّين على بقاء المرأة رهينة عقلية ذكورية تسعى دوماً لعودة المرأة إلى داخل أسوار (الحرملك)، وبقاء وجودها رهن طبيعتها الأنثوية المفضية إلى الإنجاب وإمتاع الرجل. إضافة إلى أن بقاء تلك التحفّظات هو انتقاص من حقوق المواطنة لدى المرأة، كما هو تناقض مع الدستور الذي ساوى بين المواطنين جميعاً في الحقوق والواجبات.
#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المجتمع السوري.. والحاجة إلى إعادة التأهيل
-
كيف نتصدى للأزمة والغلاء وجشع التجّار؟
-
الحكومة تُدربنا على رفع الدعم..!!!!
-
في عيد العمال العاملة السورية بين الواقع والتحديات
-
الاغتصاب أحد أسلحة الحروب تداعياته.. وآلية التعامل مع الضحاي
...
-
الأمم المتحدة تُقرُّ إعلاناً لإنهاء العنف ضدّ النساء والعنف
...
-
قضايا المرأة في بوتقة الشأن العام فلتكن حاضرة في كل تحرّك وط
...
-
أمهات سوريا.. وقفة خشوع لصبركن العظيم
-
شروخ الأزمة السورية تنتهك كيان الأسرة
-
في عيد المرأة.. نساء بلادي المعمّدة بالدم يتشحن بالذلّ والحز
...
-
أخلاقيات مشوّهة في أزمات قاتلة
-
الأنوثة بين سندان الحاجة ومطرقة القيم والقانون
-
التحرّش الجنسي.. أخلاقيات شاذّة منحطّة
-
إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة جريمة لا تُغتفر
-
وللرجل- الحاضر الغائب- متاعبه وهمومه
-
الراتب خلفنا، والغلاء أمامنا..فأين المفر؟
-
في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة فليعلُ صوت النساء ع
...
-
البطاقة العائلية... ومعضلة استحقاقات المرأة
-
الآثار الاجتماعية والنفسية للنزاعات المسلحة على المرأة
-
نظرية ما بعد البنيوية والنسوة في الشرق الأوسط، هل ندور في حل
...
المزيد.....
-
وصول امرأة لمشفى العودة اصيبت بنيران آليات الاحتلال قرب مدخل
...
-
وكالة التشغيل تحسم الجدل وتوضح الحقيقة: زيادة منحة المرأة ال
...
-
هيئة تحرير الشام.. قوة أمر واقع تهدد مكتسبات النساء السياسية
...
-
بيدرسون: يجب ان تكون المرأة السورية جزءا من العملية الانتقال
...
-
حـدث تردد قنوات الاطفال 2025 واستقـبل أحلى الأغاني والأفلام
...
-
معاناة النساء في السجون.. وزير العدل يوجّه بتخفيف الاكتظاظ و
...
-
قائد الثورة الاسلامية:على الجميع وخاصة النساء الحذر من اسالي
...
-
قائد الثورة: الزهراء (س) هي النموذج الخالد للمرأة المسلمة في
...
-
الحقيقة وراء تأثير وسائل منع الحمل على وزن النساء
-
قائد الثورة الاسلامية يستقبل الآلاف من النساء والفتيات بمناس
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|