أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فوزي بن يونس بن حديد - الصراحة في زمن المجاملة














المزيد.....


الصراحة في زمن المجاملة


فوزي بن يونس بن حديد

الحوار المتمدن-العدد: 4126 - 2013 / 6 / 17 - 20:39
المحور: كتابات ساخرة
    


تبدلّت الأحوال وتغيّرت القيم في زمن انقلب فيه الحال من حال إلى حال وتسيّدت المجاملات العلاقات الاجتماعية حتى اضطر الصديق أن يكذب أحيانا على صديقه أو يستخدم الحيل المتنوعة أو الكلام المنمّق ليجعل الطرف الآخر يصدّقه، وصدّقوني إنه لا يصدقه ولكنه يجاريه حتى لا يخسره في يوم من الأيام، ولأن الزمن قد تغيّر وسادت المصالح أحوال الناس، فقد أصبحت الصداقة مبتغى كل حليم حيران وتائه في ظلمات الدنيا التائهة أصلا، ولعل السبب الرئيس الذي جعل الدنيا تنقلب رأسا على عقب، فتبدّل على إثرها نمط الحياة غياب الصراحة بين القلوب، ولأن الوسواس قد تغلّب على القيم الروحية والوازع الديني لم نعد نرى الصراحة راحة كما قيل بل أصبحنا نمجّها وكأنها ضرب من الإحراج والتدخل في شؤون الغير.
ما أحلى الصراحة بين صديقين أو زوجين أو بين الأبناء والآباء والأمهات، فهي التي تجعل البيت آمنا والصحبة قائمة والعدل بائنا، هي التي تبني المجتمع على أسس من الأخلاق الرفيعة وتبين مواقع الزلل وتفرش البساط وتكشف الأوراق، وهي التي تدخل السرور وتغلّف القلوب بالحب والودّ والوئام، فما عاش أجدادنا سعداء إلا لأنهم كانوا صرحاء، وعندما غابت الصراحة في زماننا هذا رأينا التعاسة والبؤس على الوجوه رغم التطور الذي حصل، ورغم العيش الرغيد الذي وجد.
ولكن الذي يحدث أحيانا عندما تحب الصراحة، وتعتقد أنها أفضل شيء في الحياة، تصطدم بموقف من تصارحه، فإذا ذكرت له عيبه كأنك لطمته على خدّه فيتلوّن وجهه، وقد يقصيك من قائمة أصدقائه لأنك لم تعد مرغوبا لديه، وأنت تشعر أنك خسرت صديقا كان في وقت إلى جانبك يساندك ويحكي لك ما تجيش به نفسه، وعلى حين غرّة تتغير الأحوال وتصبح في نظره إنسانا متصلبا لا تفقه من الحياة شيئا ولا تعرف أصول التعامل مع الناس وأنك أصبحت فظّا غليظ القلب، لا يولّ أحد وجهه نحوك لأنك قد ارتكبت في نظره حماقة لا تغتفر، حماقة عددتها أنت حذقا ومحاولة لإصلاح نفس دأبت على هذا النوع من التعامل، ولأن النفس أمارة بالسوء فقليل منا من يقبل صوت الآخر حينما يخبره بخطئه وحينما ينبّهه إلى عيبه وحينما يريد أن يصادقه، بل إن كَبْت الفكرة قد تنفجر يوما فتصبح نكرة رغم أنها معرفة، ورغم الارتياح الذي يشعر به الإنسان عندما يصارح الآخر فإنه قد يجني من ورائه عداوة وبغضاء وربما حقدا وكراهية.
الصراحة راحة وهي ساحة وواحة لمراجعة النفس ومحاسبتها، فهاهو الخليفة الأول للمسلمين أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول وهو يقود أمة إذا أحسنت فأعينوني وإذا أخطأت فقوّموني، ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: رحم الله امرؤا أهدى إليّ عيوبي، تلك هي كلمات العظماء الذين عرفوا معنى الحياة ورسّخوا مفاهيم العدل والقسط بين الناس فعرف كل فرد حدوده وما له وما عليه فعاش الجميع عيشة هنية وماتوا ميتة سوية.
مع الأسف اليوم صارت الصراحة وقاحة، وأصبحت سلوكا مرفوضا، وكل من سلك هذا الطريق قوبل بسخط شديد وعداوة بغيضة ليس لها حدود، وكلّ من عرف هذا النهج وهذا المنهج كان مصيره الصدود، وبالتالي أصبحنا وكأننا نعيش مسرحية لها وجوه متعددة وكلّ بطل فيها ينافس الآخر حتى يحظى بشعبية أكبر ويحصل على أصوات أكثر، وتظل المَشاهد تتعقد مرة بعد مرة حتى تصل إلى النهاية المأساوية وهي نهاية كل مسرحية، ربما بموت البطل وربما تنتهي بانتصار العدو ويظل المُشاهد يتشبث بالنهاية المؤلمة وهي نتيجة طبيعية لكل عمل حسن.



#فوزي_بن_يونس_بن_حديد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قناة العربية في الهاوية
- أردوغان... كما تدين تدان
- معذرة ... الأشياء في أماكنها
- أمريكا تمارس الإرهاب الخفي
- سوريا على خطى النصر
- كل من تآمر على سوريا وقع في الجُبّ
- العربية قناة تافهة
- ماذا تفعل العربية وأختها الجزيرة؟
- رؤساء بلا هيبة
- بكاء الطفل .... متعة
- أمي... قرة عيني
- أمي .. قرة عيني
- في رحاب الفكر
- وقاحة جنسية
- البراءة تتألم
- قد شغفها حبّا
- وكشفت عن ساقيها
- لغة القتل تتواصل
- ثقافة التغريب
- قصتي مع ذبابة


المزيد.....




- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فوزي بن يونس بن حديد - الصراحة في زمن المجاملة