|
المعارضة الافتراضية
رياض خليل
الحوار المتمدن-العدد: 4126 - 2013 / 6 / 17 - 17:03
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
المعارضة الفيسبوكية لصوص الفضاء الافتراضي : " ليس كل مايلمع ذهبا " ، وليس كل ما نشاهده في الفضاء الالكتروني الافتراضي صادقا وحقيقيا ، ولايعكس بالضرورة حقيقة الواقع الملموس الحي والمباشر للحراك الثوري السوري . حرية بلا قيود : الإبحار في الفضاء الافتراضي بات حرا ، ومتاحا لكل مغامر ومقامر ودجال ومشعوذ ومتاجر في المجالات كافة . حتى ليكاد يتحول إلى متاهة مخيفة ، وإلى مصيدة يقع فيها الكثيرون . اصبح الفضاء الافتراضي أشبه بالسوق الحرة المفتوحة لبيع وشراء كل شيء ، ولاسيما المعلومة ، التي تحولت إلى سلعة لها مواصفات تتفاوت مابين الردئ والجيد ، ومنها ماانتهت صلاحيته ، ومنها ماهو فاسد وسام وقاتل ، ومثاله الضخ الإعلامي لعصابات الأسد . وما من أحد بمنأى عن حرب المعلومات ، وصراع الجبهات الألكترونية .
المسافة الفاصلة مابين الواقع الحي ، والواقع الألكتروني : الواقع الألكتروني هو انعكاس للواقع الحي : يصدق حينا ، ويكذب أحيانا ، ويملك القدرة على الانفصال عن أصله وجذوره في الواقع الحي ، وبالتالي يخلق آليات حياته الخاصة المستقلة في كثير من الأحيان . الفضاء الافتراضي هو من إنتاج الواقع الفعلي ، والعلاقة الصحية بينهما هي التكامل والتواصل والتأثير المتبادل الإيجابي ، في سياق كينونة ثنائية متوازنة ومتكاملة وظيفيا ، ولكن الانفصال النسبي بينهما ، يخلق فرصة للتناقض مابين الأصل ( الواقع ) والصورة ( الفضاء الافتراضي ) الذي يميل إلى الانفصال والاستقلال عن الأصل . كما هو حال علوم الرياضيات التي شكلت عالمها الخاص المجرد ، وامتلكت آليات نموها وحياتها الذاتية المستقلة . وفي هذه الفجوة الحاصلة المتسعة مابين الفضاء الافتراضي والواقع الملموس ، في هذه الفجوة تشكلت وتتشكل متاهة الإدراك البشري ، التي يضيع فيها المتابع المتلقي ، ولايستطيع النجاة والخروج منها بسهولة . الجمهور الضحية : مايتلقاه الجمهور السوري عبر وسائل وأدوات الإعلام والتواصل الإلكتروني ، لايعكس الواقع بذاته ، مباشرة ، بل عبر أنواع من " الفلترة " المقصودة وغير المقصودة . ويجد الجمهور نفسه أما م حالة تشبه الحالة الفيزيائية المشهورة ب" السراب " . حيث السراب انعكاس فيزيائي لواقع محجوب عن الأعين ، ببرقع مايسمى ب" السراب" . السراب هو قناع ، هو إنتاج فيزيائي ، يخدع العين المجردة ، ويوهمها بوجود الماء غير الموجود إلا في الإدراك . . وخداع الإدراك هو المحصلة للعلاقة بين المدرك وموضوع الإدراك الماثل أما م العين المجردة . وهذا مايخلق نتائج سلبية ..
الفجوة مابين الواقع والفضاء الافتراضي : الفضاء الافتراضي هو من إنتاج الواقع الفعلي ، والعلاقة الصحية بينهما هي التكامل والتواصل والتأثير المتبادل الإيجابي ، في سياق كينونة ثنائية متوازنة ومتكاملة وظيفيا . ولكن مايحصل هو أشبه بالانفصال النسبي بينهما ، حتى ليكاد الفضاء الافتراضي يصبح مستقلا .. منعزلا عن أصله ، وامتلكت آليات نموها وحياتها الذاتية المستقلة . وفي هذه الفجوة الحاصلة المتسعة مابين الفضاء الافتراضي والواقع الملموس ، في هذه الفجوة تشكلت وتتشكل متاهة الإدراك البشري ، التي يضيع فيها المتابع المتلقي ، ولايستطيع النجاة والخروج منها بسهولة . هذه الحالة ، هي ماكينة لخلق الإشكاليات مابين قوى الثورة والمعارضة ، وخصوصا من حيث صورتها التمثيلية ، وصدقيتها ، مادفع الكثيرين إلى التشكيك في تلك الصدقية . والدفع بعدم تطابقها مع الواقع الفعلي الملموس . ولهؤلاء المشككين مبرراتهم وحججهم القوية ، والمستندة على سياق منطقي قادر على استقراء الغث من الثمين ، والحقيقي من الوهمي . إنها الفوضى السياسية ، في ظل غياب إمكانية القياس والعجز عن تطبيق المعايير ، وتفعيل صناديق الاقتراع ، وأنتاج جسم تمثيلي سياسي يعكس الإرادات الاجتماعية إلى حد مقبول
المعارضة الافتراضية : ألم تتأثر المعارضة السورية بالطوفان الافتراضي ؟ ألم تتشكل بنسبة كبيرة بناء على معطيات الفضاء الافتراضي ؟ ألا ينطبق هذا على الأجسام التمثيلية المعبرة عن المعارضة ، كالمجلس الوطني ، والائتلاف ، وغيرهما من القوى المتزاحمة والمتنافسة على تمثيل قوى الثورة والمعارضة ، وصولا للمشاركة في تقاسم السلطة الثورية ، عبر محاصصات ، وصراعات لن تتوقف بالمساومات والتفاهمات والتوافقات مابين الخصوم والإخوة الأعداء ؟ ولكل منهم الحجة نفسها : غياب ماكينة التمثيل الديمقراطية الحقيقية والواقعية ، والعجز عن تفعيل أية معايير متعارف عليها تقليديا ، كصناديق الاقتراع على سبيل المثال لا الحصر ؟ وعدم الثقة بالواقع الافتراضي الألكتروني ، وادعاءاته ومزاعمه ، ورفض كونه سندا يعتد به للقياس والاستقراء والمعايرة والتقييم المطابق نسبيا للواقع المباشر . لاتوجد آليات يمكن التثبت من خلالها من صدقية أي جهة تدعي تمثيل شريحة معارضة ما . . ولايتيح لك الفضاء الافتراضي التحقق من ذلك . ومادامت المعارضة لاتزال تتأرجح في الهواء ، وصلتها بالواقع شبه معدومة ، وغير كافية . فلايمكن التأكد من صحة وتطابق التمثيل مع إرادة الشعب ، في مثل هذه الظروف من احتلال الفضاء الافتراضي للواجهة السياسية . الأحزاب الفيسبوكية هذه ، هي أسيرة الواقع الافتراضي ، وهي عاجزة عن الخروج منه أو عبره إلى الواقع الحي المباشر ، بوصلتها الوحيدة هي الصفحة الفيسبوكية ، التي هي الممر الأرحب للنشاط الانتهازي والوصولي ، الهادف إلى ركوب الموجة ، وسرقة ثمار الثورة ، عبر مايسمى ب" ضمان " المحصول ، قبل أن يحين قطافه . إن قيادات المعارضة قد وقعت في الفخ . وتمكن الكثيرون من التسلل إليها عبر بوابة الوهم والإيهام والعلاقات العامة المريضة والموبوءة بالمقايضات والمقامرات . حيث كثيرون منهم لايمثلون أكثر من شلة من بضعة أشخاص ، شلة استطاعت أن تجمع من حولها بضع عشرات من الفضوليين والمغرر بهم ، والباحثين عن حضن سياسي دافئ . فتاجرت بهم ، وركبت صهوتهم للوصول إلى حيث يطمعون ويتمنون . وبهذه الطريقة ، تمكن أصحاب المواهب المتواضعة بلوغ هدفهم ، ونسوا بعدها الالتفات إلى الخلف ، وهو ما سيجعلهم معلقين في الهواء .. في مهب الريح التي لاترحم ، والتي مآلها السقوط العاجل أو الآجل . وعلينا أن نعلم أن الواقع الافتراضي يظل مجرد أداة ووسيلة مساعدة لصناعة الواقع الفعلي الملموس ، وليس العكس . وإن أساءة استخدام وتوظيف الأدوات الألكترونية والواقع الافتراضي ، تنعكس سلبا على مستخدميها . المطلوب : هو وضع الافتراضي في خدمة الواقعي ، و تصويب وتصحيح وترشيد وعقلنة استخدام تقنيات العمل الألكتروني لمصلحة الواقع الحي ، أما الانعزال في صومعة الواقع الألكتروني ، فيؤدي إلى الانعزال عن الواقع والانفصال عنه ، وبالتالي الدخول في حالة مرضية عصابية وفصامية مميتة .
#رياض_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سوريا : سيناريوهان أحلاهما مر
-
سوريا بين مفترسين
-
بيان لجنة المتابعة لمؤتمر: - كلنا سوريون -
-
فيسبوكيات رياض خليل : (4/5/6)
-
فيسبوكيات : (1/2/3)
-
الكذب القاتل: نخاسو الوطن والشعب
-
سورية الثورة (9): نظرية لافروف
-
سورية الثورة (8): كل عام والثورة منتصرة
-
عن المرأة : (2): حق العمل
-
عن المرأة: ربة المنزل
-
سوريا الثورة : (7) :
-
سوريا الثورة : (6): عن مخاطر انحراف الثورة ......
-
سوريا الثورة:(5): منطلقات في التطبيق والعمل الميداني
-
سوريا الثورة :(4): تتمة : مفاهيم نظرية أساسية
-
سوريا الثورة :(3) مفاهيم أساسية عن السلطة
-
سوريا الثورة : (2) : أبجديات في النظرية والتطبيق
-
سوريا الثورة : (1):أولويات المرحلة
-
ومضات: (1)
-
وهم الدولة الدينية وأسلمة الثورة السورية
-
سورية: بدء المرحلة الانتقالية وسد الفراغ في السلطة
المزيد.....
-
تمرير مشروع القانون التكبيلي للإضراب في ظل اختلال موازين الق
...
-
مصر تتجه لإلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة.. ومصدر
...
-
الخلفيات النيوليبرالية للقانون التنظيمي للإضراب
-
الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد تعبر عن اعتزازها
...
-
فرنسا: هل انهار تحالف اليسار؟
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 590
-
علماء: النحل يستطيع العد من اليسار إلى اليمين مثل البشر
-
محتجون في بنغلاديش يحرقون منزل والد رئيسة الوزراء السابقة
-
الشيوعي العراقي يدين مخطط التهجير والتطهير العرقي في قطاع غز
...
-
افتتاحية: ولأن الاعتداء كبير على الحقوق الأساسية … يكون الرد
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|