جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 4125 - 2013 / 6 / 16 - 14:44
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
لا يستطيع الماضي الدفاع عن نفسه
الذي لا يملك بيت في المكان الحاضر يخلقه في الزمن الماضي. مسالة الكرونولوجيا (التسلسل الزمني) مسألة عجيبة غريبة. طبعا لكل شيء بداية و نهاية و لكن لا يرجع احد الى البداية غير الباحث اذا حالفه الحظ و العلم و الحيادية و النزاهة. هيكل التسلسل الزمني هيكل ناقص متلاعب فيه. في التاريخ تزوير بعد تزوير يعكس كالمرآة اخلاق الانسان و ذاكرته الضعيفة. كثير من االوثائق زورت كما يقول الالماني Heribert Illig. لذا عليك الشك في كتب التأريخ و ما يقال و تسلسل الاحداث الزمنية.
عندما لا يكون لديك وطن او بيت او هوية في المكان الحاضر تحاول ان تخلقها على الاقل في الزمن الماضي. الذي ليس له بيت في الحاضر و لا يستطيع ان يشتري بيت في المستقبل يخلق بيت في الماضي لان الماضي مسكين يصمت - بسيط الهجوم عليه و التلاعب به لا يستطيع الدفاع عن نفسه. الماضي هنا مثل حلم تستطيع ان تتصوره مثلما تريد. يتلاعب الانسان بصورة عامة بالماضي الى ان يناسب تصوراته فمثلا تستطيع ان تقول ان اجدادي كانوا من الامراء و الملوك حتى اذا رجعت الى زمن لم يكن فيه ملوك و امراء.
ترجع الثقافات الفخورة بنفسها الى الماضي فقط الى الحد الذي تعتقد انها كانت على اوجها و لا ترجع خطوة واحدة للوراء بعده للوصول الى بدايتها و بساطتها. عندما لا نستطيع التحكم بالمكان نريد التحكم بالزمان و هذا يعني يحاول البشر التحكم بالزمان و المكان في آن واحد اذا استطاع و هذه قمة الغرور.
التلريخ محاولة للسيطرة على الفوضى و الوصول الى نظام. يقال ان الانسان يتعلم من التأريخ و لكن تعاسة الحياة البشرية تكشف بأنه لا يتعلم مثل الطفل الذي لا يتعلم خطورة النار الا بعد حرق اصابعه و لذلك تقول الالمانية (انا ابن خبرة - احترقت اصابعي بالمشكلة). طبعا ليس الزمن الا هيكل يبنيه العقل و كلما مكثنا في الحاضر نعمل فقط - لا نفكر لكي يبقى الحاضر حاضر و الا تحول الحاضر الى المأضي او المستقبل.
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟