أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - وليد الحلبي - عندما تمنيت أن يأكلني الدب القطبي














المزيد.....

عندما تمنيت أن يأكلني الدب القطبي


وليد الحلبي

الحوار المتمدن-العدد: 4122 - 2013 / 6 / 13 - 22:34
المحور: كتابات ساخرة
    


سمعت من أساطير قبائل الأسكيمو، التي تعيش في الدائرة القطبية الشمالية، أنهم كانوا إذا شاخ الرجل أو المرأة عندهم، فإنهم كانوا يضعونه في قارب عائم على سطح المياه التي ذاب جليدها بفعل ارتفاع درجة حرارة الصيف، ثم يدفعونه باتجاه المنطقة التي يعيش فيها الدب القطبي لكي يأكله. أتذكر هذه الأسطورة كلما قرأت إعلاناً عن مسابقة ثقافية في القصة القصيرة، فأول مرة صادفت هذا الإعلان، استبشرت خيراً وقلت في نفسي: (ها قد جاء الفرج بعد طول انتظار، ولا بد أن تكون قصتي هي القصة الفائزة بالجائزة الأولى)، وبدأت بمطالعة شروط المسابقة:
1- أن تكون مطبوعة على الآلة الكاتبة: فمع أنني أجيد الطباعة بسرعة 5 كلمات في الدقيقة بسبابة يدي اليمنى، إلا أنني أستطيع مضاعفة هذا العدد فيما لو استخدمت سبابة يدي اليسرى، وهكذا حققت الشرط الأول بجدارة .
2- ألا يتجاوز عدد كلمات القصة القصيرة الألف كلمة: هنا صُدِمْتُ،،،فماذا تراني فاعلاً بقصصي التي لا يقل عدد كلمات أقصرها عن الألفي كلمة. ولكن لا بد أن أحقق هذا الشرط الثاني، فعمدت إلى قصة قابلة للتشذيب والتهذيب، وهي التي كنت أعتقد أنني قد أطنبت في كثير من جملها وأسهبت، فعمدت إليها حاذفاً جملة من هنا وكلمة من هناك، فقرة من هنا وملاحظة من هناك، حتى أتيت على ألف كلمة وأكثر، وتبينت عدد ما بقي منها بالعداد المساعد في الكمبيوتر، فوجدت أنها قد تقلصت إلى 999 كلمة، ولكي أبقى في الجانب السليم وأدخل المسابقة، حذفت جملة طويلة لم أجد لبقائها مبرراً، فنزل عدد الكلمات إلى 985 كلمة، فهدأت نفسي المضطربة، فقد اجتزت الشرط الثاني.
3- هنا كانت – لا أراكم الله – الفاجعة، فقد اشترط منظمو المسابقة ألا تزيد أعمار المشاركين فيها على الثلاثين عاماً، فأُسقِطَ في يدي، فقد ولدت بعد عام الفيل ببضع سنين، وبلغت الثلاثين منذ أكثر من ثلاثين، فما السبيل إلى تجاوز هذه العقبة ؟. فكرت أن أتجاهل الأرقام، وأن أقرن يوم مولدي بحدث تاريخي عربي جلل، واستعرضت تاريخنا منذ مئة سنة، فلم أجد غير باقة من الهزائم، تزينها مجموعة من المجازر التي تصلح كل منها تاريخاً فاصلاً بين عهدين. فكرت أن أقول أنني من مواليد مذبحة دير ياسين، فوجدت ذلك كثيراً على شبابي الذهني المتوقد، فعزمت على القول بأنني من جيل كارثة كامب ديفيد عام 78، لكنني عندما طرحت هذا الرقم ( 1978) من 2013 تبين لي أنني سأكون أكبر من المطلوب، أما تأريخ ميلادي بذكرى مصيبة أوسلو فسوف يكون مضحكاً، إذ ليس مسموحاً في عرف العبقرية العربية أن تُشَجَّعَ مواهب من هم في هذه السن الصغيرة، هؤلاء عليهم أن ينتظروا. وأخيراً رسا قراري على إخبارهم بأنني قد ولدت في اليوم التالي لاستشهاد والدي في مجازر صبرا وشاتيلا، ( ولهم أن يخمنوا متى حدثت )، وقبل يوم واحد من استشهاد أمي بنفس تلك المناسبة، علهم يشفقون على يتيم قضى والداه شهيدين خلال 48 ساعة من أجل القضية، لكنني – وبعد التمعن في الأمر - رفضت هذه الأفكار جميعها، فماذا لو اشترطوا لتسليمي الجائزة - التي سأفوز بها حتماً - أن أُعرَضَ على خبير مُسَنِّنٍ ليقدر سني من عدد أسناني، هذا إن وجد منها شيئاً، عندها ستكون الفضيحة، فألغيت فكرة الاشتراك في المسابقة من أساسها، وعمدت إلى القصة التي شوهتها، فأعدتها إلى حالتها الأصلية، ومزقت الإعلان.
فكرت في أمر هذه الأمة، فوجدتها – ويا للمهزلة - تقصُر الإبداع الأدبي على من هم بين سن الخامسة والعشرين، والخامسة والثلاثين، وتقصر الإبداع السياسي على من هم بين سن الثمانين، والمئة والعشرين، فأدركت سر مكانتنا في العالمين، ومنذ ذلك اليوم، وفي كل مرة أقرأ فيها إعلاناً عن مسابقة ثقافية، أتمنى لو أنني كنت قد هرِمتُ في بلاد الأسكيمو، فأكلني الدب القطبي.





#وليد_الحلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عمى الاتجاهات
- خدعونا ورب الكعبة
- آيات الذكر الحكيم بين التفسير والتنبؤ
- هل هي عبقريتهم؟، أم هي سذاجتنا؟
- سيناء، وعصمة الزعيم
- (ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)
- هل نحن مقبلون على كارثة أخلاقية؟
- يتلاعبون حتى في أحكام الله


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - وليد الحلبي - عندما تمنيت أن يأكلني الدب القطبي