أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيحاء السامرائي - فصل














المزيد.....

فصل


فيحاء السامرائي

الحوار المتمدن-العدد: 4121 - 2013 / 6 / 12 - 07:40
المحور: الادب والفن
    


لماذا يلحقه ويظل ماشياً وراءه؟ لا يدري...
يطوف في مدينة فارقها منذ زمن طويل، ثلاثون عاماً وثلاثون وجعاً وثلاثون تشرداً، ومع هذا يحسده أصدقاؤه على غيابه وغربته:
- عمّي إحمد ربك، خلصت من الهمّ
جسر المدينة (الجديد) شاخ ومازال محتفظاً بصفته، حتى النهر تغير، تقلص كثيراً وزحفت الى شاطئيه نباتات غريبة... يطلع على سياجه الحديدي ويرمي من فمه نوى تمر يراقبه وهو يهبط نحو النهر...يتجرأ ويخوض في مياهه حين يرفع دشداشته القصيرة ويتبول، ثم يبلل أطرافها بمائه في محاولة لأظهار مقدرته على العوم، لأقران له، يعيبون عليه خشيته من الماء...هذا النهر شاهد على كل خطاياه الصغيرة، يسرق تفاحة من حقيبة زميل في صفه ويروح يقضمها هناك باستمتاع ...يستمني عنده في بعض الليالي، دون وجل من كبار يعيبون عليه زغب ذقنه وتكسّر صوته، وحين يشتدّ عوده، يستلقي قرب شاطئه وينفث دخان سجائر بين كل جرعة عرق يتناوله سراً...وحين تكتمل شواربه، يجري نحو النهر، يحرق على جرفه منشورات مريبة ويودع أسرارها عند مياه صامتة تجرف أحزان مدينته ومتاعب ناسها...
هاهو يتبعه أينما ذهب، هل ينوي هذا الغريب الهجوم عليه؟ يتعمد ترك مسافة بينهما، في وقت يخطو هو فيه خطوات عريضة وفي أزقة وشوراع مدينة يألفها، لكن ليس كما اليوم.
يلعب في تلك الشوارع لعبته المفضلة، يضرب الكرة نحو الحائط ويهتف بصوت طفولي احتفاءً بفوز يتخيله...تثقل خطواته عليها صباحات الذهاب الى مدرسته مع حقيبة تتكاثر فيها عدد وحجم كتب يحفظها داخلها كلما يكبر... تئنّ نفس الشوارع من خطوات صبية صبورة له، وهو ينتظر عبور حبيبة لا يعرف أين هي اليوم، وحين تهلّ من بعيد، يدير وجهه صوب قلبه ويرقب دقتاّت متواثبة تكاد تشّق قميصه...يلتقي عند ناصياتها أصدقاءً يبعثرهم زمن طاعن في قسوة ولؤم...
يخطو الأرصفة ونصفه هائم في ماض كالطيف، ونصفه الآخر يتملى ماحوله...تكتظ أمامه رايات سوداء ولافتات وغبار وحفر وقمامة، ومن فينة لأخرى يصم أذنيه عن منبهات سيارات حديثة وقديمة تطلق ضجيجها بفوضى لايطيقها، ويرتفع صوت قارئ لدعاء أو لنواح على أئمة استشهدوا من قرون ومازالوا في ذاكرة شعبه أحياء بمآثرهم، وبشعور ذنب خلفوهم بعدهم... يرفع رأسه ومن باب الفضول، يقرأ أسماء لدكاكين تفسد نظره وذوقه: " آيس كريم موسى الكاظم" " فيترجي كافل الحوراء" " باجة مسلم ابن عقيل"...
يرقبه بطرف عينه بارتياب... ماذا يبغي منه هذا الرجل الذي يلحق به؟ يرعبه شعور رهبة كلما يحسّ أن هناك من يترصده، مسكون بلعنة المراقبة، هل هو مخبر سرّي؟...
يراقبه أحدهم حين يدخل ويخرج من مخبئه، يضطر الى تغييره في الحال، وإن ير أحد خلفه، يظل ينتظر بهاجس أن لابد أن يمسكوا به لأنه منبوذ هارب ساخط خائن ومناوئ...ويختبأ كجرذ لايمكنه المرور في شوارع تحكمها قطط تعكف على نهشه...حتى في منفاه، يسير متلفتاً، يتحسب من خطوات خلفه، وحين ينام وكوابيس توقظه لأشخاص يطاردونه، دائماً هناك من يطارده...وأهله هنا يقولون، أن كل غريب وأجنبي صيد سهل، يحذرّونه من السير بمفرده، وفي الخصوص ليلاً، يرافقه الخوف الى هنا، لن يتخلص منه.
يجيء الى مدينته بعد زمن تغيير أوضاع وانقضاء كوابيس، ويأتي أحد ما ويتعقبه!...ربما يخطط هذا لاختطافه وطلب فدية من أهله...لايعلم، كل شيء يقع اليوم ضمن دائرة شك وظن وتحسب.
ينتهي به الدرب الى فرن صمون صديق وجار له، فينتفض ذاك غضباً:
- شكله ليس من أهل مدينتنا، هل تريدني أن أشج لك رأسه بهذه الخشبة؟
تنتهي مناقشة طويلة حادة بين صاحبه وبين الغريب الذي التحق به شخص آخر، الى ما يشبه تهديد يقرب من شجار غيرمتوازن...يفهم من كل ما يدور بينهما، بأن من يتبعه يريد منه شيئاً أو حقاً كما وضّح، ولمّا يستفسر أكثر، يعلم أنه حينما كان واقفاً على الجسر الجديد، نظر الى الرجل نظرة أصرّ الغريب بأنها (خزرة) باحتقار، لا يدري كيف ومتى حدث هذا، ربما أنه نظر الى الرجل دون قصد إزدراء أو إهانة.
يباغته الغريب بما لايتوقعه:
- خلص أنت خزرتني، ورداً للإعتبار أنا أطلب فصلاً، ، انتهى الأمر وصار بيد العشيرة الآن.
فيحاء السامرائي



#فيحاء_السامرائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 1979
- جهشات الفراشات
- في الطريق
- مسرحية (ليالي عربية) بسماء ثورية
- عاتم أنوار
- سينما من اجل التغيير
- هلاوس
- المقامة الدمشقية 2-3/3
- المقامة الدمشقية
- المضطرمات في العُقد
- كل النساء جميلات
- روميو وجوليت في بغداد، مسرحية تثير الجدل
- شعارنا، لا حرامي ولا اوبامي
- آنيت هينمان...صوت يعلو على أصواتنا
- حمندي
- و...يحمل آلام القصيدة
- العودة الى الوطن
- السينما العراقية بعد 2003...رحيل وتذكر - الرحيل من بغداد
- سيدة الشرفة
- البعد الانساني في فيلم (إبن بابل)


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيحاء السامرائي - فصل