|
الطائفة أم الوطن
عبدالرحمن النعيمي
الحوار المتمدن-العدد: 1182 - 2005 / 4 / 29 - 10:51
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
سؤال مطروح على ساحة العمل السياسي في البحرين.
كما هو سؤال مطروح في ساحة العمل العراقي.. واللبناني، وحيث ما تواجه قوى المجتمع العربي تحديات كبيرة لإصلاح ما أفسده الحكام الملكيون أو الجمهوريون، وبنى عليه الأمريكان حساباتهم الجديدة.
واذا كانت القوى السياسية الإسلامية «الشيعية والسنية على حد سواء» عاجزة عن الخروج من الشرنقة التي راكمتها الصراعات التاريخية منذ وفاة الرسول «ص» رغم كل الجهود والمحاولات التي بذلها الكثير من المصلحين السياسيين والروحيين على حد سواء،
فإن التحديات الراهنة في كل بلد عربي تتطلب التفتيش عن مخارج لهذا المأزق التاريخي، تركز على المهمات السياسية الراهنة والمصالح المشتركة ليس على نطاق البلد الواحد، وانما على صعيد البلدان العربية التي يبدو ـ من منظور عالمي ـ انها الأكثر عجزاً عن التكتل والتوحد في عالم لا مستقبل فيه إلا للتكتلات الضخمة من طراز الاتحاد الأوروبي والصين و«آسيان».
هل يمكن ان يكون الاصلاح الدستوري في البحرين مثلاً مطلباً طائفياً، أم انه لمصلحة طائفة دون أخرى، أم ان البعض لديه أجندات سرية تشيعها السلطة لتعميق الشرخ الوطني؟
وهل يمكن اعتبار مقاومة الاحتلال الأمريكي شأنا طائفياً عراقياً، يحق للتيار السلفي ان يوجه كل سهامه ضد الحوزات والمآتم ورجال الدين الشيعة والنصارى وغيرهم؟ وهل يمكن اعتبار كل ما يجري في المنطقة العربية من صراعات تعبيراً عن توجه إيراني لاستخدام الطائفة الشيعية لتحقيق اطماع توسعية لها في المشرق العربي، وبالتالي لابد للحركة السلفية أو التيارات القومية التقليدية ان تخلط الحابل بالنابل، ولا ترى في التاريخ إلا مؤامرة ايرانية أو أمريكية أو تقية يمارسها البعض على البعض الآخر، في زمن لم يعد ممكناً فيه اخفاء الاجندات السياسية اذا احسنا التحليل السياسي وأجدنا معرفة موازين القوى في كل بلد، ووضعنا أمامنا المهمات السياسية الاساسية التي يجب على قوى المجتمع ان تنجزها في تلك اللحظة التاريخية وإلا بتنا عاجزين عن التقدم الى الأمام، واصبحنا أسيري مخططات القوى المهيمنة أو تلك القوى التي تبني حساباتها على مواقع الضعف في المجتمعات العربية، وخاصة في المشرق.
واذا كان من المستحيل شطب المخاوف الطائفية بجرة قلم، خاصة اذا انعكست في مصالح طبقية «كما هو الحال اللبناني» فإن العمل لتأسيس وعي سياسي وفكري جديد مقرون بالممارسة العملية اليومية من قبل القوى الوطنية «التي تعتمد الوطن ساحة نضالها»، والقومية «التي تعتمد مصلحة الأمة العربية اساس حركتها، بعيداً عن النزعات الشوفينية التي تعتبر ان امتكم خير أمة اخرجت للناس، وتبنى عليها حسابات لا علاقة لها بالواقع الراهن»، والتقدمية «التي تعتبر العالم ساحة صراع ضد العولمة المتوحشة ومن أجل خير البشرية وتقدمها».
ولاشك ان الوضعية البحرينية تستحق الوقوف طويلاً أمامها، والعمل على اصلاح ما افسده التاريخ وما افسدته السياسات البريطانية والحاكمة التي اعتمدت «فرق تسد» دون ان تغفل لحظة واحدة عجز قيادات العمل الإسلامي عن التفريق بين السياسي والمذهبي في حركتهم اليومية، حيث ان من الصعوبة بمكان اقناع السلطة الحاكمة بضرورة التخلي عن النهج والتمييز الطائفي الذي تسير عليه، ولابد بالتالي من تحشيد قوى اجتماعية لها مصلحة في إلغاء التمييز الطائفي والعرقي من المعادلة السياسية وتغلي كلية فكرة أن المحرك الأساسي للاحتجاجات السياسية والمجتمعية مصدره خارجي لا يريد الأمن والاستقرار للبحرين أو منطقة الخليج، وتجد من يروج له سواء في أوساط كتبة أو صحفيي السلاطين المنتشرين بكثرة في بلاد العرب.
إلا أنه لمواجهة السلطة التمييزية يتطلب من القوى السياسية، وخاصة في «التحالف الرباعي» ان تبرهن قدرتها على التحرك الوطني البعيد عن الحسابات الطائفية، لنسج المزيد من الترابط بين قوى المجتمع السياسية والطبقية والاجتماعية، وكسر الحواجز باستمرار بين قوى المجتمع المعارضة لتتمكن فعلاً من بلورة مواقف قريبة من بعضها البعض، لاتستند على سياسة غالب ومغلوب في المقاطعة أو المشاركة، وإنما على تحليل واضح لطبيعة الصراع الدائر في المجتمع والقوى المتصارعة، وتكتيكات الأطراف الاساسية المتصارعة لكسب المزيد من النقاط الايجابية لصالح الوطن.. قبل الطائفة.. فمصلحة الوطن هو مصلحة الجميع.
تلك كانت الفكرة الاساسية التي استند إليها المؤتمر الدستوري الثاني الذي انتخب قيادة للعمل الدستوري منتخبة من المؤتمر نفسه، وضمن توافق القوى السياسية الأربع، وتلك هي نقطة البدء في تحرك الجمعيات السياسية لمواجهة فزاعات السلطة في القوانين البائسة التي طلبت من مجلس النواب مناقشتها على عجل كما كانت تفعل مع مجلس الشورى السابق، سواء قانون التجمعات والمسيرات أو قانون الجمعيات السياسية، متوهمة «أي السلطة» ان القوى السياسية لا تعرف حجم المتغيرات الكبيرة التي جرت خلال العقد الأخير، والتي جعلت هذه السلطات وأشباهها أعجز من ان تمرر هكذا مشاريع في ظل الضغوطات الدولية المستمرة للمزيد من الاصلاحات السياسية في المنطقة عموماً حتى لو ارادت السلطة عبر اعلامها المكثف والمبرمج والشمولي إيهام البعض بأن مديح بوش وبلير يعني الموافقة على دستورها وبرلمانها وما تراه اصلاحاً في مسيرتها السياسية.
ومن منطلق التأكيد بأن الوطن قبل الطائفة، تقوم الأمانة العامة للمؤتمر الدستوري بحملة للعلاقات العامة المجتمعية لتبديد ما يمكن من الشكوك والهواجس الطائفية لدى البعض، حول مطلب الحوار الدستوري أو الاصلاح الدستوري، في ذات الوقت تبيان أهمية التحرك الخارجي عبر توضيح الخط الأبيض من الخيط الأسود من المطالب الديمقراطية بين ما نطالب به وما تطالب به قوى الهيمنة العالمية.
#عبدالرحمن_النعيمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المجتمع أمام إرهاب الدولة
-
منتدى من أجل المستقبل
-
من يستطيع تخفيف الاحتقان الطائفي في البحرين ؟
-
قمة لتحصين البيت العربي أم للتطبيع مع العدو
-
هموم الناس، وسط الحديث عن الإصلاح الاقتصادي
-
الاصلاح الاقتصادي والذكرى الاربعين لانتفاضة مارس
-
البعد الاقتصادي في الاصلاح الشامل
-
كيف نصحح مسار الجدار الدستوري العازل؟
-
اصلاح المنظومة الاعلامية كجزء من الاصلاح الشامل
-
الاصلاح والتجاذبات بين القوى المتصارعة
-
مكافحة الفساد وحقوق الانسان ومجلس التعاون الخليجي!!
-
معركة الفلوجة ومدلولات حرب الابادة الاميركية في العراق
-
مسؤولية الحركة السياسية ورجال الدين والقيادة السياسية والموا
...
-
ولي عهد البحرين يعلق جسر الإنذار
-
مؤسسات المجتمع المدني ومساهماتها في صنع القرار
-
مساهمة في الحوار حول تحرير سوق العمل
-
خطط لتحرير سوق العمل في البحرين
-
هل يشعل البحر إشكالية جديدة في البحرين؟
-
عائدات النفط المتصاعدة وترابطها مع الإصلاح السياسي
-
معتقلو دول مجلس التعاون في الأجندة الأمريكية
المزيد.....
-
رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق
...
-
محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا
...
-
ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة،
...
-
الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا
...
-
قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك
...
-
روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
-
بيع لحوم الحمير في ليبيا
-
توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب
...
-
بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
-
هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|