نعيم حيماد
الحوار المتمدن-العدد: 4116 - 2013 / 6 / 7 - 20:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الآن وقد سقط الحق المزعوم للحاكم المستبد، و تلاشى حق الاستعباد، فلا بد من العودة إلى اتفاق أول، يكون أصلا للعلاقة بين الشعب و زعيمه. و لا بد من الاشارة هنا إلى الفرق بين سقوط الحاكم المستبد، و استبدال زعيم بزعيم آخر عقب الانتخابات، ففي الحالة الأولى غالبا ما يترك الحاكم وراءه مملكة متهاوية، أما في الحالة الثانية، فالمملكة تبقى ثابتة الأركان. إن هذا التمييز يطرح تساؤلين أحدهما حول الفعل الذي به ينتخب الشعب ملكه، و الثاني حول الفعل الذي به يكون الشعب شعبا، و سأنطلق من الشعب لأنه الأساس الحقيقي للمجتمع.
لنعد تفعيلا لمنهجنا إلى الحالة البدئية، أي قبل ظهور المجتمع، سنجد الناس في حالة من السعادة و الحرية. و ما يزالون كذلك حتى تقف أمامهم العقبات لتهدد وجودهم الطبيعي. و لم يكن أمامهم سوى أن فكروا بتغيير شكل وجودهم، و إلا هلكوا جميعا. لقد اختاروا توحيد قواهم، و جعلها تتصرف بشكل متناسق لأجل البقاء. فماذا لديهم غير قوتهم و حريتهم ضمانا لبقائهم؟ ألن يقيد هذا الاتحاد قوتهم و حريتهم فيلحقوا الضرر بأنفسهم؟ و كيف يمكن لهذا الاتحاد أن يحمي القوة و الحرية المشتركين للأشخاص بالاضافة إلى أموالهم، بحيث يبقى الأحرار أحرارا لا يطيعون إلا أنفسهم؟ يجيب روسو عن كل الأسئلة في العقد الاجتماعي، و لعلنا نستطيع أن نفهم إجابته بالوقوف على أهم القضايا الوجودية التي يثيرها هذا العقد.
نشير بداية إلى أن تنازل أفراد الشعب عن قوتهم لصالح الاتحاد، يعد شرطا أساسيا للعقد الاجتماعي، بحيث يتلاشى الحق الخاص لكل فرد، و لا يبقى لأي أحد شيء يطالب به، و هكذا يكون الاتحاد قد اكتمل، فيغدو هو الحكم لدى الجميع. و لما و هب كل فرد نفسه للجميع، فهو لم يهب نفسه لأحد. بل إن الأفراد بدلا عن ذلك كسبوا القوة للحفاظ على اتحادهم. و نلخص الميثاق الاجتماعي في عبارات ل روسو : " يسهم كل منا في المجتمع بشخصه و بكل قدرته تحت إدارة الارادة العامة العليا، و نتلقى على شكل هيئة كل عضو كجزء لا يتجزأ من الكل".
بهذه الطريقة يتحول الشعب إلى صاحب السيادة، و يتجه إلى تحقيق مصلحته التي لن يتعارض معها بحال من الأحوال. إلا أن هذا الوضع المنسجم لن يمنع الرعايا من الاخلال بالتزاماتهم، و في هذه الحالة فإن الهيئة بأكملها ستجبر كل من يتنصل من الاتفاق على الوفاء بالتزاماته. إنها حسب تعبير روسو "تجبره على أن يكون حرا" بحيث تخضعه للاتحاد - الذي يحميه من الخضوع لوجوده المستقل، كما كان في حالة الطبيعة- بعد أن أصبح صاحب السيادة.
#نعيم_حيماد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟