|
الدفاع عن الينينية دفاعاً عن الشيوعية /الجزء الثاني / لينين ونظرية الحزب الثوري
عبد الحسن حسين يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 4114 - 2013 / 6 / 5 - 17:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كنت قد كتبت في الجزء الاول مقالة تحت نفس العنوان وكانت تلك المقالة دفاعا عن مؤلف لنيين (الدولة والثورة) التي حاول فيها البعض من الماركسين اعتبار هذا المؤلف خروج عن الفكر الماركسي والآن احاول ان اكتب عن مفهوم لينين عن التنظيم الثوري معتمداً على مؤلفه المهم (ما العمل) وهل ان هذا المؤلف يتناقض مع الفهم الماركسي للتنظيم ام لا؟ .رغم ان الكثير من الماركسيين الكبار في زمن لينين اختلفوا معه الا انهم جميعا لم يعتبروا لينين خائن او محرف للنظرية الماركسية بل هو خلاف ثوريين فيما بينهم يحاولون الوصول الى اسلم الطرق لانتصار الثورة وبناء النظام الشيوعي عكس ((الماركسيين )) اليوم الذين يحاولون تحميل لينين تبعات كل الاخطاء في العمل التنظيمي التي حدثت بعده . اريد ان اقول ماذا اراد لينين من التنظيم الثوري؟ وهل هدف لينين القيام بثورة اشتراكية ام لا؟ وهل كان يعتقد ان بناء دولة بيروقراطية هو الطريق لهكذا ثورة وهل ان لينين فعلا لا يريد اعطاء الثورة للمنتجين الحقيقين بدعوى قصورهم الفكري وعدم امكانيتهم بناء الاشتراكية؟وهل كان لينين يريد فعلا ان يحل الحزب محل الطبقة العاملة وحلفائها في بناء المجتمع القادم ويريد اختزال الصراع بين الحزب واعدائه وليس بين الطبقة العاملة واعدائها؟ وهل كان فعلا لا يؤمن بشعار البيان الشيوعي (تحرير العمال من صنع العمال انفسهم) وهل كان يعتقد ان واقع الطبقة العاملة منفصل عن وعيها ويعتقد ان الطبقة العاملة ليس لها القدرة على تحرير نفسها فكريا من فكر البرجوازية؟وهل كان لينين فعلا يؤمن بالمراتبية أي التسلسل الهرمي للتنظيم الى الحد الذي اعتقد ان قيادة الحزب والقائد الاوحد يفكر نيابة عن الجميع؟ ان الاجابة عن هذه الاسئلة بالايجاب كفيل باخراج لنيين من قائمة الثوريين ليحل محله احد هؤلاء المتمركسين.. لا اعتقد اني سأجيب اجابة شافية لكل الاسئلة التي طرحتها ولكنها محاولة متواضعة لاثارة نوع من النقاش قد يوصلنا لبعض ما نريد وليس كل ما نريد. سأحاول جهد الامكان ان لا اتخندق بالنصوص وان حاولت ان استشهد في بعظها فقناعتي انها تستجيب لاسئلة يطرحها الواقع المعاش فقط . لقد حافظ لينين من حيث الجوهر على النظرية الماركسية واستطاع تخليصها من كل التفسيرات الميكانيكية وقد اثبت ان العامل الموضوعي لا يساوي شيئا امام ارادة الانسان وبذلك استطاع الدمج بين العامل الموضوعي والعامل الذاتي واعطى دورا لكل منهما وقد اثبت ان التغيير الثوري لا يتم الا بالتنظيم الثوري والستراتيج والتكتيك الصحيحين وقد اثبت لينين كما اثبت لنا الواقع الآن ان الحركة الجماهيرية العفوية قاصرة عن الوصول الى الهدف وان الطبقة العاملة ثورية من الناحية الموضوعية ولا يمكنها انجاز ثورتها بدون هيئة اركانها وهو الحزب الثوري الذي يستمد قوته منها ويكون الترابط بين هذا التنظيم والطبقة العاملة ترابط جدلي وليس ترابط تابع ومتبوع يستمد قوة كل منهم من الاخر وليس لكل واحد منهم خطه المنفصل وقد اثبت لينين كما هو الواقع المعاش ان الحركة الجماهيرية العفوية بدون الحزب لا تستطيع الوصول الا الى المطاليب النقابية فقط .وقد اشترط لينين ان على الحزب الثوري جهوداً ضخمة لا في قيادة الطبقة العاملة فقط بل والتفاعل معها ومساعدتها لامتلاك وعيها وتتحول الى طبقة تعمل لنفسها وتملك زمام الميادرة لبناء دولتها الاشتراكية التي تضمحل تدريجياً امام أي خطوة نحو الشيوعية حتى تصل هذه الدولة الى مكانها الطبيعي في متحف التاريخ جنب الفاس والمحراث اليدوي .ان الطبقة البرجوازية بما تملكه من خبرة وامكانيات مالية ضخمه تحاول بكل جهودها تجهيل الطبقة العاملة لانها تريدها (طبقة لها) وليس طبقة واعية مستقلة تناضل من اجل مصالحها ولهذا ضربت عليها حصارا ايدلوجيا كاملا وما محاولتها فصل هذه الطبقة عن تنظيمها الثوري تحت شتى الذرائع من بينها محاولة ادعاء استقلاليتها عن تنظيمها الثوري الا جزء من هذا المخطط وقد كان لينين واعيا لهكذا اطروحات وكان يتسائل كيف تستطيع الطبقة العاملة ان تحقق اهدافها بدون حزب ثوري ويكون هذا الحزب ذو نظرية ثورية وتوجه اممي متماسك بمبادئه ولا يساوم على نظريته ويكون طليعتها وشديد الالتحام بها ويحاول جمع كل وسائل الاحتجاجات ويجمع كل التيارات المعادية للرأسمالية للمساعدة في عملية التغيير الثوري .لقد عمل لينين ان يكون التنظيم الثوري مرناً ويعمل تحت كل الظروف ويقوم بكل المهام من توزيع المنشور وحتى الثورة المسلحة . يحارب الانتهازية والتحريفية واليسار المتطرف وتكون جريدته منفاخ حداد هائل تكون داعية جماعي ومحرض جماعي ومنظم جماعي .يقوم بتطهير نفسه من كل انواع الانتهازية بدون رحمة ولا هوادة .هذا هو منهج الحزب الثوري الذي اراده لينين وبهذا الحزب استطاع لينين ان يقود الحزب في ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى وان انحراف الاتحاد السوفيتي ومن ثم سقوطه ليس بسبب الحزب اللينيني بل بسبب الانحراف عن الحزب اللينيني وعدم الالتزام بشروط الحزب اللينيني وسيطرة البورقراطية والغاء الراي الاخر.اختلف كثيرا من الماركسين الكبار مع مفهوم لينين للحزب وكانت روزا لكسمبرغ من اهم هؤلاء وقد اتهمت لينين بالبلانكية والخروج عن الفكر الماركسي ووصفت صيغة لينين للحزب على انها اشبه بالفرقة الدينية منها للحزب ولكن صراعاتهم الفكرية لم تتجاوز الصراع الرفاقي ولم تتهم لينين بالخيانة مثل ما يقول الان المتمركسين ولكن لو عدنا لجذور الاختلاف بين الاثنين لكان هو الاختلاف فى العلاقة بين العامل الذاتي (الوعي,الحزب,النظرية) وبين العامل الموضوعي ولوجدنا ان اختلافهم ليس قطيعة مطلقة بل هو خلاف بين رفاق طريق واحد فلم ترفض روزا وجود الحزب الثوري بل انها اعطت دورا للعامل الموضوعي اكبر من العامل الذاتي مما دعاها للتقليل من دور الحزب لحساب الحركة الجماهيرية العفوية ورغم انها في كتابها (الاضراب الجماهيري ) قالت (ان الاشتراكيين الديمقراطيين هم الطليعة الاكثر وعياً من بين البرولتاريا لذلك لا يستطيعون ولا يجرؤن الانتظار بطريقة قدرية وباذرع مكتوفة تطور المجتمع الثوري) ورغم ذلك فان تقليل روزا لكسمبرغ من قيمة الوعي المنظم لصالح العمل الجماهيري العفوي لم يثبت صحته من خلال التطبيق .فقد تحولت كثير من الحركات العفوية الجماهيرية الى حركات محافظة اندمجت في نهايتها مع الفكر البرجوازي واصبحت مدافعة عنه مثل بعض نقابات العمال في الغرب الراسمالي الآن وان كثيرا من الاحزاب الثورية تحولت الى احزاب محافظة ورجعية وبنفس الوقت ان احزاب ثورية استطاعت الاستمرارفي نهجها الثوري ولهذا لا يوجد شيء مطلق .. من هذا المنطلق يبقى راي المتمركسين الان مقطوع الجذور ولا يعول عليه .. ان روزا لكسمبرغ استطاعت تشخيص المرض ولكنها بدل اعطاء علاجه القت نفسها في أحظان العفوية الجماهيرية الامر الذي جعل اطروحة لينين محافظة على قيمتها الفكرية . ان انجاز الثورة الاشتراكية يتطلب اتقان في التنظيم وكل انواع فنون النضال وبالمناسبة ان اهم اسباب فشل الثورة الالمانية في عشرينات القرن الماضي هي الضعف التنظيمي وقلت الاعداد الثوري المسبق وسيادة العفوية على التنظيم الثوري وان فشلها يثبت صحة نظرية لينين في التنظيم الثوري ..لقد كان ماركس يعتقد ان الثورة قفزة نوعية وقد اثبت لينين ان العامل الذاتي (الحزب .الوعي.النظرية) شرط وجود هذه القفزه .لقد اثبت لينين انه لا يوجد هناك عفويه صرفه اذ لا يوجد هناك انسان ليس لديه تصور مسبق عن ما يحيط به من احداث ودور الحزب هو تجميع وتشذيب هذه الاحداث وتحويلها الى نظرية متماسكة قادرة على تجميع الجماهير حولها من اجل القيام بالثورة .لقد اثبت لينين في نظريته التنظيمية ان كل فرد لديه علاقات اجتماعية وانتاجية وفكرية مع غيره ولديه افكار خاصة به انها كما يقول غراميشي بعد ذلك (افكار تحوي عناصر من افكار انسان الكهف وعناصر من كل التكوينات التاريخيه السابقه له) ولهذا ان افكار غراميشي رغم محاولات البعض ايجاد تناقض بينها وبين افكار لينين الا انها من حيث الجوهر لا تختلف كثيرا عن افكار لينين الا في بعض الصياغات البسيطة لان الاثنين متفقين ان من اهم واجبات الحزب الثوري هو نشر الوعي بين الجماهير والعمل على الانسجام والوحده لمختلف النشاطات .. ان فهمهما للتنظيم يكاد يكون واحد ويريد الاثنان رفع مستوى الوعي للطبقة العاملة ومساعدتها على العمل باستقلالية حقيقية من اجل بناء المجتمع الا طبقي لذلك رفض ماركس ومن بعده لينين الاوضاع العفوية للجماهير . انهما يرفضان ان ينصاع اكثر العناصر وعيا لاكثر العناصر تخلفا ..خلاصة القول ان حزب لينين هو تنظيم ثوري حديدي من ثوريين محترفين في نظام مركزي صارم في العمل السري ونظام ديمقراطي مركزي في العمل العلني .يملك ثوريين محترفين على اعلى درجات الانضباط والالتزام يملكون الوعي والخبرة وحسن الادارة لكل حالة يمر بها الحزب من الناحية الذاتية والموضوعية لتامين التفوق على العدو في كل المجالات ..ان التجربة العملية قد اثبتت صحة موضوعات لينين في مجال العمل التنظيمي الا ان ايجابية الحزب اللينيني او سلبيته لا تتولدان تلقائياً من طبيعة الحزب بالذات بمعنى ان بناء الحزب على الطريقة اللينينية لا يكون ناجحا تلقائيا بل ان ظهور البيروقراطية واستخدام المركزية الشديدة قد يتولدان من هذا الحزب في بعض الحالات وان انحراف احزاب الاممية الثالثة وانهيار ما كان يسمى بالمنظومة الاشتراكية دليل على ذلك .هذا يعني ان البذور السلبية و الايجابية موجودة في التنظيم ويعتمد نجاحها وانهيارها على القائمين عليها ولكن اذا كان هناك نقاش يجب ان نقوله هو كيفية الاستفادة الايجابية من المفهوم اللينيني للتنظيم وتجاوز السلبيات للقيام بالثورة الاشتراكية ..ان اتهام لينين بانه خلق البيروقراطية الحزبية ومن المطالبين بالمركزية الشديدة في كل الاوقات غير صحيح لانه من الرافضين للانصياع الاعمى لقيادة الحزب اذا كانت هذه القياده تقود الحزب الى طريق خاطئ وقد طالب دائما ان يكون الحزب مستعدا لنقل الصراع من الحزب واعدائه الى داخل الحزب اذا شعر ان قيادة الحزب انحرفت عن المباديء الاساسية للنظرية و تخبطها وعدم امكانية ازاحتها بالاسلوب الديمقراطي ..ان على الجميع كما يقول لينين عدم الخوف من الانقسام لان الانقسام خير من الوحدة مع قيادة سيئه ومتخلفة وخط تنظيمي وتكتيك وستراتيج خاطئين .هذه هي المباديء الاساسية للتنظيم اللينيني وان محاولة البعض الهجوم عليه بطريقة التسقيط حتى وان ادعوا اخلاصهم للماركسية انهم في حقيقتهم لا يصبون الحب الا في طاحونة اعداء التقدم والشيوعية ......
#عبد_الحسن_حسين_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدفاع عن اللينينية دفاعا عن الشيوعية (الجزء الاول)
-
رسالة تحية الى (( قامات العراق الباسقات )) السيد المالكي وال
...
-
قضية المرأة في المجتمع الرأسمالي ومشكلة تحررها
-
الدكتور جعفر المظفر البعثي الصفوي يحارب طواحين الهواء
-
عتوي الخليفة
-
ان شاء الله صخل
-
العلاقة بين الحكومة العراقية وحاتم الطائي
-
التي تحكمنا اليوم في العراق هي الملاية حمدية
-
رسالة الى صديقي الارهابي الكادح ع.ح مع التحية
-
الحزب الثوري وعلاقته بالبرجوازية في البلدان المتخلفة
-
الاحتلال الامريكي للعراق الاسباب والنتائج
-
السلطات الحاكمة العراقية ووقفة العز الوهمية
-
ذكريات لا يمحوها الزمن (ايام في معتقل قصر النهايه)(الحلقة ال
...
-
ذكريات لا يمحوها الزمن (ايام في معتقل قصر النهايه)(الحلقة ال
...
-
ذكريات لا يمحوها الزمن (ايام في معتقل قصر النهاية) (الحلقة ا
...
-
ذكريات لا يمحوها الزمن (ايام في معتقل قصر النهايه)(الحلقة ال
...
-
ذكريات لا يمحوها الزمن (ايام في معتقل قصر النهايه)(الحلقة ال
...
-
ذكريات لا يمحوها الزمن(ايام في معتقل قصر النهاية)الحلقة السا
...
-
ذكريات لا يمحوها الزمن (ايام في معتقل قصر النهايه)(الحلقة ال
...
-
ذكريات لا يمحوها الزمن(ايام في معتقل قصر النهاية) الحلقه الث
...
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|