أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم محمود - وقال لي الآخر














المزيد.....

وقال لي الآخر


إبراهيم محمود

الحوار المتمدن-العدد: 4113 - 2013 / 6 / 4 - 13:15
المحور: الادب والفن
    




وقال لي الآخر الذي هو أنا في بعض منه: ها قد تداعت البلاد والعباد، وأنت في مخاض صروف الدهر، اختلط عليك الزمان والمكان، كما تداخلت الجهات، فلا أنت بسندباد لتحكي حكايتك، ولا أنت براوية لتقنع كاتبك على الإصغاء إليك، سوى أنك تسترشد ببعض من المتوفَّر في جغرافيتك الناطقة بلسانك، وربما بتاريخ يؤانسك، رغم حالة اللاضمان، وأنت في اللامستقر بينك وبين نفسك، بينك وبين مرئيّك، بينك وبين أنفاسك،بينك وبين حلمك، بينك وبين بقايا من بقايا مأثور عما يخص البلاد والعباد،بينك وبين جدوى أن تعيد للأشياء أسماء تعينك على الكتابة، وأنت البعيد عن" أنت" وعن" هو" بعدك عن " أناك" التي استلهمتك كثيراً، وأنت وسط وحولك الكثيرة، ومجاورة الكثير الكثير من الذباب والبعوض والفئران، وعتمة جل الجهات، سوى أنك كنت المشدود إلى جهة ما، وها قد سقطت مرساتها في هاوية يستعصي عليك تقدير عمقها أو التكهن بآفاتها.. إذ لذ بـ"أناك" الجديدة، وقر عيناً ببعض من الأشياء التي وفَّرت لك أسماءها، أو إمكان تطعيمها بأسماء أخرى، لتمكين آخرك من اللوذ بالمكان الجديد والزمان الجديد ودفق الحياة المستجد..
وقالي لي الآخر مجدداً، والذي هو أنا في بعض آخر منه: الق بمرساتك في الهواء المسترسل من حولك، أو في الماء المستبحر داخل جماع قواك، أو رؤاك، استدع حياتك التي تناثرت في بعض جهاتك الأخرى، استشر بعدوى الخيال في جهات حدودك التي أودعتك نِسَباً من حنانها الكردي، قر روحاً لتمكّن روحك من الانفراد بجغرافية أنت في حضرتها، أقر بما أنت عليه، بح ببعض بعض مما لديك، لتصل إلى المتواري خلفه، علَّك تستدعي جلَّك في هذا المنقلب في المكان والزمان، والأشياء التي تلح عليك بأسماء تتبعها، أو أسماء تودعها، وما أنت إليه راحل، صحبة خيال، تعاشرتما كثيراً، في إقامة تواجهك بمسياتك وخلافها..

وقال لي الآخر القريب البعيد،البعيد القريب دقةً، حيث أُستكثَر بأسمائه، صاحباً أكثر من صاحب: لا بأس عليك، والحياة إليك، وهي تمد أكثر من يد تدر هواء نقياً خلل الأنامل، وربما، جرَّاء فلترة روح هي ذاتها تعيش نهب المكان المعنَّى به، أو هي هكذا، توازي بين الجهات، وتسعى ما وسعها جهدها إلى ابتكار جهتها، أكثر من سنن عمر أو وجوه تداخلت لديه، كما لو أنه يستخلص وجهه المنفي منها..
وقال لي الآخر الذي يعول على عويله كثيراً، كما يحصل من بعد، كما لو أنه يلملم جراحات تسمّيه وتعنيه وتكفيه لكتابة سيرة حياة تستفز ظلال كثيرين: حنانيك يا الآخر مني بدوره، ترو في ارتياد نواحي الألم ومناحي دهشة الاكتشاف لمن كانوا وما كانوا، ومن صاروا كأنهم ما كانوا، وصاروا حيثما دارت بهم ظلال الغير، عضضت على جانب خفي من روحي، لحظة سماع هذه الطلعة النافذة من عويل معتد بنسبه بين بلاد تتضور موتاً وبلاد تمهل موتها القديم بدفعة من حيوات خفية، أسلست قياداً لخيال غير معهود، وأنا أشارف قائمة جراحاته التي تسرب جموحه، ولذت بحياة ربما واتتني فرصة معاقرتها بمهماز من قول الآخر العتي فيَّ..

وقال لي الآخر، وما أبعده مكاناً، ما أقربه احتواءاً، وبيننا تعج مسافات لا تطوى كما يُظن، سوى أن وده البعيد المقرَّب، اختصر الكثير، وأنا أتلمسه في قرب القرب:
العهد هو أن توجد عهدك في زمن يزيّف العهود، أن تتابع مسيرتك، وإن كنت مثقلاً بأزمنة وأمكنة ابتدعها قيافو الأثر سيئو الصيت، وحرت في أمر لغته الدقيقة، وأنا أستأنس بلغتي وادعة خلفها أو طيَّها، فاختفت المسافات القصية، لأهنأ بوجهه الذي كان وما زال، وأنا أستعيد بعضاً من أنفاسي، لأستشرف تفاصيل اللقيا، وصوتي يسابقني: آه يا صاحباً لي، كالذي كان، يا صاحباً، يوائم بين لغة وأخرى، ولا تعدو المسافة أن تكون تنويهاً دون تنويه، صافحني، كما لو أنه تجاوز النبض فيَّ، وأنا في غربة تريني شقاوتها، رغم سلاسة المكان في بعض وافر من المستعذب فيه..

وقال لي الآخر، وفيما يشبه الوثبة أو شهقة الحربة: أين بلادك وعبادك يا عبد المستوفى منه، وما هو في الانتظار؟ أين حدودك التي شهقت بك، وأنت في عراء يعلمنا باسمك، فأجفل إثر سماع هذا الآخر المركَّب، مسائلاً هذا التكاثر في أسمائه وفي سرعة تحولاته، والتنكر لنسَب ما، يقرّب ما بيننا.. بغتة أو دونها، أستعيد ذاكرة لبلاد وعباد، ووجوه أعيت بلاداً وعباداً، وها هي في سرعة التنقل، في سرعة التحول، إخلاصاً لما هو مرَّتب عن بلاد وعباد ذات مردود يعنيها ليس إلا، ثبتُّ نظري في هذا الآخر المشهود له بالتحول، كما لو أنه هو البلاد والعباد..

استعنت بأكثر من آخر، يلهمني صبر المكابدة، ويشد في أزر روح، منثورة في حمى بلاد وعباد، صحبة آخرين آخرين، كرداً أقحاحاً، إن لم تخني البصيرة..
قلت: شكراً يا هذا الآخر، في الكثير منك، وقد أثريت قليلي إذ يكفيني مداد حياة مرتقبة، شكراً يا هذا الآخر، أو بعض الآخر، لأعزز بعضاَ من الآخر فيَّ وأحيا..



#إبراهيم_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعتذار مضاعف إلى الراحل آرشف أوسكان: روحاً وجسداً
- التاريخ المهدور للبَلوُش-قراءة في كتاب: البلوش وبلادهم في دل ...
- الشاعر شاهد عيانه لزوماً: أحمد نامي نموذجاً
- نصوص شعرية كردية
- والآن إعلان نعْي الثقافة الكردية
- سؤال المثقف الكردي
- القفا ولعبة الخازوق الكردي
- بيان ثقافي أول إلى
- داخل التاريخ.. خارج التاريخ «إلى أصدقائي التاريخيين حيث هم، ...
- منشور غير سياسي معمَّم
- المثقف الكردي؟ وخيانة الوصايا!-
- نتهاك حرمة الرموز الكردية كردياً-
- الوعي القومي الكردي البائس-
- الورقة المحروقة للسياسي الكردي- نموذج صلاح بدرالدين ثانية-
- درس تاريخي في الجغرافيا
- مؤتمر للمجلس الوطني الكردي على كوكب- خَوْنِستان-
- تصريف الدولار كردياً ( الإقليم الكردي العراقي نموذجاً)
- واقعة دفن حزبيٍّ كردي لا على التعيين
- تجريد الدكتور عبدالباسط سيدا من كرديته-
- الأكراد وصراعاتهم


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم محمود - وقال لي الآخر